تحرك المجلس الدستوري لم يتم إلا بعد مراسلة الملك

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

الحوار المتمدن-العدد: 2001 - 2007 / 8 / 8 - 05:51
المحور: مقابلات و حوارات
    

حوار مع مصطفى الحيا/ برلماني سابق عن الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية

كان مصطفى الحيا إحدى ضحايا تزوير الانتخابات في عهد الحسن الثاني وبالضبط في انتخابات شتنبر 1997، حيث زورت نتائج الدائرة التي ترشح فيها وهي دائرة مبروكة "البلدية السلامة" لصالح الاتحادي محمد حفيظ، المفاجأة هي أن حفيظ رفض أن يكون برلمانيا مزورا ولم يحضر افتتاح البرلمان وهو الأمر الذي أدى إلى بقاء هذا المقعد شاغرا لما يزيد عن سنتين ونصف إلى أن اضطر المواطنون إلى مراسلة الملك لكي يمتعهم بحقهم الدستوري بتمثيلهم داخل البرلمان.

- هل صادفتكم حالات مفضوحة لتزوير الانتخابات في عهد الحسن الثاني؟
+ التزوير في الانتخابات خاصة في المرحلة السابقة كان حقيقة واقعة، وخير دليل على ذلك ما وقع في دائرة "مبروكة البلدية السلامة"، وما وقع في دائرة الفداء/ اسباتة وفي دوائر أخرى إلى درجة أن بعض المزور لصالحهم، أعلنوا في اليوم الموالي أنهم غير معنيين بالنتيجة التي زورت لصالحهم وأنهم يرفضون أن يكونوا نوابا برلمانيين مزور لهم، وأقصد هنا الشاب النبيل محمد حفيظ الذي رفض بكل صراحة ووضوح مقعدا مزورا في دائرة مبروكة البلدية السلامة، وكنت قد فزت عليه برقم تجاوز 4800 صوت.
- أقاطعه، بمعنى أنكم كنتم ضحية تزوير؟
+ نعم، كان ذلك في انتخابات شتنبر 1997، حيث حصلت على 6373 صوت، في حين حصل حفيظ على 1549 صوت، أي ما يعادل 4800 صوت كفرق، وهذه نازلة معروفة، تدرس الآن في القانون الدستوري، "ظاهرة الحيا وحفيظ"، فهي معروفة لدى طلبة السلك الثالث، المهم أن الأمر تطور إلى درجة أن المعني قال "أرفض أن أكون برلمانيا مزورا" ورفض أن يذهب إلى البرلمان ما يقرب من ثلاث سنوات. وبقيت الدائرة فارغة ويبدو أن المجلس الدستوري الموقر رغم أن قانونه التنظيمي يحث على الحسم في الدوائر بعد أن تصبح جاهزة في أجل 60 يوما فإنه لم يبث فيها إلا بعد مرور سنتين ونصف، ويبدو أنهم كانوا ينوون تركها فارغة إلى نهاية المدة لكن بعدما أبدى المجلس الدستوري أنه لن يحرك ساكنا رغم أنه الجهة المختصة، إذ ذاك عملنا على جمع توقيعات من قبل المواطنين الذي استنكروا هذه العملية، وجمعنا ما يزيد عن 6 آلاف توقيع رفعت إلى صاحب الجلالة محمد السادس، وتقول هذه الرسالة: "نرفع إلى جناب صاحب الجلالة أننا غير ممثلين في مجلس النواب وأن المجلس الدستوري الموقر لم يبث في دائرتنا رغم أن قانونه التنظيمي ينص على أن يحسم في 60 يوما فقط، وبما أن صاحب الجلالة هو حامي حقوق المواطنين فإننا نلتمس منه أن يمتعنا بحقنا الدستوري في التمثيل النيابي وأن يبت في الدائرة المعنية بأي اتجاه كان"، وفعلا تحرك المجلس الدستوري بعد ذلك وحدد تاريخا جديدا للانتخابات، وفي سنة 2000 تعرضت لهذه الانتخابات وشاركت فيها من جديد وقضيت سنتين في البرلمان وذلك بعد مرور ثلاث سنوات بقي فيها المقعد شاغرا.
فهذا خير دليل على أن التزوير كان ساري المفعول، وهذا مثال فقط رغم أنه مرتبط بالتزوير، لكن هناك حالات أخرى مثل حالة محمد أديب من الاتحاد الاشتراكي الذي زور لصالحه هو الآخر، حيث أنه كانت هناك إرادة لإنجاح حزب الاتحاد الاشتراكي وذلك في إطار إعدادهم لتولي الحكومة.
- أقاطعه، في أي دائرة كان أديب مرشحا؟
+ في دائرة الفداء/ الإدريسية، حيث رفض في البداية التزوير الذي حصل لصالحه لكنه لم يثبت في موقفه كما ثبت حفيظ، لأنه في آخر المطاف التحق بالبرلمان وحضر الجلسة الافتتاحية، وتناولته الصحافة وشوه تشويها لا نظير له.
- ما هي الآليات المتبعة لتحقيق تزوير ما يقارب 4800 صوت؟
+ بالنسبة للآليات فهي متعددة تبدأ بمرحلة الترشيحات ووضع الملفات، كل من يريدون أن يشجعوه يساعدونه، بتقبل ملف ترشيحه بسهولة، والذي يرفضونه يدخل في دوامة الذهاب والإياب حتى آخر لحظة حيث يدخل الحملة وهو على أعصابه. هذا في البداية، أما أثناء الحملة الانتخابية طبعا فمن تريده السلطة والجهات المسؤولة يشتغل معه المقدمون والشيوخ في المدن والقرى أي تشجيع إرادة سياسية واتجاه معين ضدا على من يسير عكس الاتجاه السائد فيصير المناضل مثلا في الاتحاد الاشتراكي أو التقدم والاشتراكية يشتغل مع المقدمين والشيوخ وهذا شيء أصبح معروفا، أما الطريقة المشوهة التي يلجؤون إليها فهي تغيير النتائج بعد أن جربوا كل العراقيل بدعم مرشحين بعينهم ومنع آخرين من ممارسة أنشطتهم أثناء الحملة ورغم ذلك يصوت الناس عليهم، فيلجؤون آنذاك إلى تغيير النتيجة.
- أقاطعه، هل من الممكن أن توضح لنا كيف يتم تغيير النتيجة؟
+ يتم ذلك بمكاتب التصويت بحيث أنهم يطردون أحيانا المراقبين التابعين للهيئات السياسية ويسرقون الصناديق ويدخلون إليها عددا كبيرا من الأوراق، ويطفئون الأضواء أحيانا، وهذه حالات معروفة لكن الأدهى هو لجوؤهم إلى قلب النتيجة، فمثلا في دائرة مبروكة/ البلدية، وهي دائرة حضرية وليست قروية، عملوا على إعطاء الأصوات التي حصل عليها مصطفى الحيا إلى محمد حفيظ وأصوات حفيظ سجلت باسمي، ورغم أنهم قاموا بهذه العملية بقي الفرق كبيرا لأنهم استطاعوا أن يزوروا في مكتب مركزي واحد ولم يستطيعوا ذلك في المكتب المركزي الآخر لأنه كان لدينا المكتب المركزي 41 والمكتب المركزي 83، حيث أنه بالنسبة للمراكز من 1 إلى 41 لم يستطيعوا التزوير، وأنا هنا أحب أن أحيي بعض الموظفين النزهاء الذين لا يمتثلون للأوامر لأن بعض الموظفين الضعاف لهم قابلية للسير في ركاب المزورين وهذه نماذج موجودة، فعدم امتثال جميع الموظفين لعملية التزوير هو ما صعب عليهم الأمر. في حين تم التزوير في المكتب 83 ولكنه كشف لأن الوقت أدركهم، وبدأوا يكتبون الأرقام فوق الأرقام وارتبكوا الخطأ لأن الوقت محدد وتأخر ذلك المكتب، فقط المراقب الذي كان يمثلني هناك كان ذكيا بحيث آتاني بالمحضر الذي يؤكد تشطيب الأرقام وظهر عند الخاص والعام التزوير أي لم يظهر فقط التشطيب وإنما كتابة أرقام فوق أرقام إلا في حالة الحيا وحفيظ، فكشف الأمر وكانت صفعة قوية لوزير الداخلية وأيضا صفعة أكبر لرئيس قسم الشؤون العامة بعمالة ابن مسيك سيدي عثمان لأنه هو الذي تولى كل هذه العملية وفضح فضيحة كبيرة جدا وكانت نازلة تناولتها الصحافة الدولية.
- ما الدافع لتزوير الانتخابات؟
+ كانت هناك رغبة في أن يكون لحزب الاتحاد الاشتراكي عدد كبير من النواب البرلمانيين لكي يكون أغلبية برلمانية وليكون أغلبية حكومية.
- وفي الانتخابات التي سبقت 97، لماذا تم التزوير؟
+ أنا أتكلم عن انتخابات 97، لكن فيما قبل كان هامش الديمقراطية ضيقا جدا وكان يتجلى ذلك في التضييق الممارس داخل مكاتب التصويت وبدأ يخف الأمر تدريجيا، فالاتحاد الاشتراكي الذي كان ضحية تزوير فيما مضى أصبح اليوم يزور له فيما بعد وسبحان مبدل الأحوال.
- قلتم إن انكشاف التزوير في حالتكم أنت ومحمد حفيظ كان صفعة قوية لوزير الداخلية السابق إدريس البصري وهذا يزكي مقولة إنه كان موهوبا في فن التزوير، هل هذا صحيح؟
+ تزوير الانتخابات وفق خطة يرسم ملامحها البصري هذا أمر ليس فيه شك، ولكن انقلب السحر على الساحر، والبصري الذي تحدثي عنه ليس شخصا، البصري مرحلة وحين تغيرت المرحلة تغير البصري لأنه لو وجد البصري اليوم بين ظهرانينا لما استطاع أن يحكم ولما استطاع أن يزور ولما استطاع أن يتعامل بهذه الطريقة مع المغاربة الذين تغيروا.
لقد كثر الكلام عن حقوق الإنسان وأصبحت هناك روح جديدة بعد تولي محمد السادس حيث تصالح المغرب مع ماضيه، وللإجابة عن سؤالك لماذا يزور؟ يزور ضد العدالة والتنمية والحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية إذ ذاك والإسلاميين بصفة عامة لأن هناك إرادة من البصري شخصيا أن لا يكون لديهم فريق نيابي، لماذا زوروا لي شخصيا لأن لا يكون للعدالة والتنمية الآن والحركة الشعبية الدستورية سابقا قبل أن يتغير الاسم، وحتى لا يكون لديهم فريق نيابي ويكون لديهم مجموعة نيابية فقط.
والمجموعة النيابية تتشكل مما دون 12، ولو لم يزور علي وعلى عبد الرزاق توفيق ومحمد معيط الذي زور عليه في سيدي عثمان لصالح مرشح استقلالي وهو الدكتور مهادي، المهم أنه كانت هناك إرادة راسخة أن لا يكون لذى الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية فريق برلماني لأن الفرق بين الذي له فريق في البرلمان وبين الذي له مجموعة نيابية هو كالفرق بين الحي والميت، المجموعة ليس لديها لا حقوق ولا مقر ولا كتاب مساعدين ولا شيء، إخواننا كانوا إذا أرادوا أن يرسلوا فاكس إلى وزارة من الوزارات مثلا، إما أن يطلبوا اللجوء السياسي عند فريق آخر من الأحرار أو غيرهم من الذين لديهم فريق أو أن يخرجوا إلى الشارع، تصوري نائبا برلمانيا يخرج إلى الشارع من أجل إرسال فاكس عمومي إلى وزير ما، وهذا كان مقصودا أي حرماننا من فريق برلماني.
- ما تأثير التزوير على مؤسسات الدولة، على أن هذه المؤسسات لا تحظى بأية شرعية فعلية في ظل نظام قائم على التزوير؟
+ هذا هو الإشكال ونحن صدمنا بما جرى وما نعيشه اليوم من عزوف المواطن المغربي عن المشاركة في الانتخابات والذهاب إلى صناديق الاقتراع بسبب التزوير في إرادته السياسية، والآن الجهات المسؤولة ترفض إعادة النظر في اللوائح الانتخابية لأنهم يعرفون أنه إذا ألغيت هذه اللوائح سيسحب البساط من تحت أرجلهم، لأن هذه اللوائح كلها مليئة بالتزوير وبإشكالات عدة منها أموات يبعثهم الله فيصوتون ثم يرجعون وهذا هو الإشكال الكبير، ولكن الذي يحز في النفس هو بعض المناضلين أو الأحزاب المناضلة التي ظلت تقول إنها ضد التزوير هي التي نجدها اليوم قد استمرت "واستحلات الكراسي" مع كامل الأسف لأن اليوسفي حينما جاءه خبر التزوير وقف ضده وقوفا إيجابيا لكن حينما تأكد له بالملموس بأن عدد المزورين لصالحهم داخل حزبه كثر وجاؤوه بالمحاضر وبتقارير لجن التقصي الاتحادية التي كان من بين أعضائها خالد السوفياني وهو من أحرار الاتحاد الاشتراكي الذين يرفضون تزوير التاريخ المغربي، قيل لهم بأن يغلقوا الملف لأن المزورين كثر وسيسقط السقف كله. يقولون إنهم حصلوا على 57 لكنهم لم يحصلوا حتى على 20 "صحيحة" ولو كانوا يحترمون أنفسهم لما قبلوا بتزوير داخل حكومة اليوسفي التي كانت محترمة من قبلنا ومن قبل غيرنا، فما أدراك بالذين جاؤوا بعده فهم أبعد وأبعد وهم أدهى أن يستبرئوا كراسي التزوير فليهنئوا بها.

#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات