سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1989 - 2007 / 7 / 27 - 08:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
"بحار العطش" .. فيلم تسجيلى، سيناريو وإخراج الفنانة المدهشة عطيات الأبنودى، تم تصويره عام 1981، أى منذ 26 عاماً.
الفيلم يرصد ويسجل – بالصوت والصورة – تفاصيل الحياة اليومية لأهالى قرية برج البرلس فى ذلك الزمان البعيد. ونجد فى مقدمة هذه التفاصيل شكوى من عدم وجود المياه. أى أن معاناة أهل هذه القرية المنكوبة قديمة جداً، وحرمانها من "ماء المحاياة" كارثة مزمنة تمتد سنوات وعقود.
وعندما تعرض عطيات الأبنودى فيلم "بحار العطش" اليوم، فإنها فى الحقيقة تقدم وثيقة بالغة الأهمية تكاد أن تكون عريضة اتهام للحكومات المتعاقبة التى أمسكت زمام الأمور فى البلاد، وأطلق كل منها طوفانا من التصريحات الوردية، لكن هذه التصريحات كانت كلها بدون رصيد فى قرية برج البرلس، وفى العشرات والمئات من القرى والمدن المماثلة.
ناهيك عن أن حكومات الحزب الوطنى، التى لم تتداول السلطة مع أى أحزاب أخرى لا سمح الله، انفردت بالتفاخر بمشروعات البنية التحتية، وبالذات المتعلقة بالمياه والصرف الصحى، واعتبرتها إنجازها الأكبر، بل اعتبرتها "المشروع القومى" للبلاد بأسرها.
إلى أن انفجرت "ثورة العطش" فى الأسابيع الأخيرة، ليكتشف الشعب الحقيقة المرة.
هذه الحقيقة المرة، أو بالأحرى الفضيحة المدوية، كفيلة بأن تطيح بحكومات فى أى بلد متحضر، وان تتشكل بسببها لجان تحقيق على أعلى مستوى، من أجل تقصى الحقائق وتحديد المسئولية السياسية عن هذه الكارثة.
والكارثة الأكبر هى أن "ثورة العطش" لم تكشف فقط كذب الحكومة ، وسوء إدارتها لشئون البلاد والعباد، وإنما كشفت كذلك تخلف المعارضة التى لم يكن لها أى دور سواء فى التنبيه لهذا الوضع المأساوى لآلاف وملايين الفلاحين المحرومين من مياه الشرب ومياه الرى على حد سواء، او فى تنظيم وقيادة احتجاجهم المشروع.
أى أن ثورة العطش إذا كانت بمثابة لطمة للحكومة فإنها تجاوزت أيضا ثرثرة المعارضة وعجزها عن المبادرة.
ولا نهاية للدرس.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟