عامر صباح المرزوك
الحوار المتمدن-العدد: 1989 - 2007 / 7 / 27 - 08:53
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
صدر مؤخراً الجزء الثاني من كتاب (قصتي مع المسرح) للرائد المسرحي بدري حسون فريد عن دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 2007م في (308) صفحة من القطع الوزيري .
وكانت الدار المذكورة قد اصدرت الجزء الأول منه في عام 2006 ، وهذا الكتاب سياحة مسرحية لحياة مسرحي نذر نفسه للمسرح وكتب قصته المسرحية بكل سلاسة وثقة ، دون ان يضيف او يزركش او يزين ، بل نقلها بصدق وحب ووفاء وهذا ما جعلنا نندمج مع الكتاب دون تركه جانباًَ والتعرف على محطاته المثيرة ، اذ يقول المؤلف : ((لقد كتبت سطور كتابي هذا بتلقائية وعفوية وصدق دون زركشة أو حذلقة بلاغية مقصودة ، وابتعدت قدر الإمكان عن أسلوب المنهج الأكاديمي الحاد الصارم ، لأنه ليس كتاباً منهجياً اكاديمياً بالمعنى المفهوم وإنما هو تجارب وحكايات ومعالجات وشؤون وشجون ، ودروس وعبر وذكريات .... انه (بانوراما) للمسرح العراقي من خلال رافد واحد (تجربتي الشخصية) .... انه سجل حياتي المسرحية كوثيقة فنية خالصة وهديتي المتواضعة لكل الأجيال القادمة في العراق والوطن العربي ....)) .
استمر المؤلف في هذا الجزء استكمال لما انتهى اليه في الجزء الأول في الحديث الذي خصه فرقة شباب الطليعة للتمثيل حيث قام المؤلف بتقويم عملها في عشر نقاط موضوعية ومنها ينتقل للحديث عن دراسته في معهد (كودمان شيتر) في شيكاغو ـ أمريكا وهي المحطة الأولى التي ينطلق منها الجزء الثاني .
ضم الكتاب فصلين اثنين وهما الثاني والثالث ، احتوى الفصل الثاني (الذهاب إلى أمريكا للدراسة والاشتراك في انتاجات مسرحية 1961ـ1965م) ويقع هذا الفصل في (148) صفحة مقسمة على (23) مبحثاً ، لكثرة المواقف والمتاهات والصعوبات التي واجهها الفنان في هذه المرحلة الصعبة من حياته ، والخص بعضها :
* تأخر عن دراسته ستة أشهر بسبب زوجته الأولى (الراحلة) التي منعته من السفر رسمياً وكادت ان تلغى بعثته لولا إقناعها بشرط عدم اصطحاب الزوجة الثانية (باسمة) وطفلها .
* عندما صعد إلى الطائرة كان جائعاً ولا يحمل النقود الكافية ، بعد فترة طيران ساعتين سألته المضيفة هل تأكل شيئاً ؟ تشرب ؟ فأجاب كلا ، وكان يظن ان الطعام والشراب بثمن ، وهو يرى الجالسين بجنبه يأكلون بشهية كبيرة .
* عند دخوله بناية معهد كودمان شيتر بعد عناء ومشقة طويلة كان هناك عرض مسرحي للأستاذ (إبراهيم جلال) سأله رجل ذات ملابس رسمية في بوابة البناية من أنت ؟ وماذا تريد؟ فأجاب انا من العراق قال له تعرف (جلال) ، فأجاب نعم فأخذه الرجل لقاعة العرض واخبر (جلال) بأن هناك زائراً عراقياً اسمه (بدري) وهو اللقاء الأول لبدري وإبراهيم في شيكاغو .
* يروي لنا حادثة طريفة انه في احد الأيام ذهب لاقتناء معلبات من البقال الذي يقرب منزله بأقل من خمسمائة متر من مسكن إبراهيم جلال ، فوضع العلبة على نار هادئة وكانت تحتوي على قطعة لحم مدورة مع الطماطة وبعد الانتهاء من (الأكلة الشهية) جاء (إبراهيم) إلى غرفته وسأله اعمل لك الطعام فقال له : لقد تناولت غذائي الآن من هذه العلبة الشهية ، نظر إبراهيم إلى العلبة المعدنية واندهش ثم بدأ يضحك ضحكته المعروفة ، وقال : ان هذه العلبة مخصصة لطعام الكلاب ، الم تقرأ ما هو مكتوب على الغلاف المعدني للعلبة !
* يثيرنا ويثيره الاهتمام الذي لاقاه من استاذه (إبراهيم جلال) الذي أدهشه كثيراً لانه يعامله كأخ عزيز ، يحرص عليه من كل الجوانب ويعطيه النصائح الحياتية والفنية ، حتى سقطت دموعه وهو يشاهد بدري في أول عمل مسرحي في شيكاغو وأعجب به اساتذته ليترشح في عمل مسرحي كبير بعنوان (الطريق إلى الهند) 1963.
* بعد التمكن من مفردات اللغة والسيطرة عليها وبعد معرفة المخرجين لادائه العفوي عمل ممثلاً لعدة اعمال مسرحية : (المليونيرة) ، (كريستوفر 20) ، (سور الصين) ، (الام شجاعة) ، (مجنونة شايو) ، (القبعة القشية الايطالية) ، (هو الذي يصفع) ، (انا كارنينا) .
اما في مجال الإخراج المسرحي فقد قام باخراج ثلاث مسرحيات : (رحلة طويلة إلى الوطن) ، (The Trysmy Place) ، (الشارع الملكي) .
* رغم وجود الفتيات الجميلات لكنه لم يكون علاقة قريبة أو بعيدة الا بفتاة تدعى (ايرانا) تعرف بها في ناد للطلاب في جامعة (روزفلت) كانت فتاة ناضجة ذات نظرات طبية جمالها الحقيقي في عفويتها وبساطتها وانسانيتها ، كانت صديقة وفية ومخلصة علمته الكثير من مفردات اللغة الانكليزية ، حتى كانت تنقل له المحاضرات من الأشرطة وتكتبها على الآلة الطابعة وتعطيها له ، من الصعب ان يجد إنسان في امريكا بهذا الوفاء والإخلاص للصديق ، ظلت علاقته بها حتى 1967م حيث انقطعت الرسائل بينهما .
* حصل على شهادة البكالوريوس في الإخراج المسرحي من معهد كودمان شيتر في 14/6/1964م . وشهادة الماجستير في الإخراج المسرحي في 11/6/1965 بمرتبة (الشرف) اذ كان الأول على دفعته وأول من ينال (مرتبة الشرف) في اختصاص الإخراج المسرحي في المعهد .
* يقول المؤلف في الأسطر الأخيرة من الفصل الثاني : ((كنت اعتقد ان تعبي وكفاحي وامتيازي في دراستي سوف يفتح لي الطريق المعبد والمفروش بالورد والرياحين ، كنت اعتقد أنني عندما رفضت كل المغريات في أمريكا ، سأجد في بلدي التعويض الروحي والنفسي والتقدير العالي الرسمي ولكن الذي حدث غير هذا مطلقاً)) .
اما الفصل الثالث فقد تناول فيه موضوع (العودة إلى الوطن 1965ـ1975م) ويقع هذا الفصل في (160) صفحة مقسمة على (9) مباحث . اخرها اخراجه لمسرحية (الجرة المحطمة) 1975م .
وكان يظن انه سوف يلاقي مايلاقي من ترحاب وسعة صدر ، ولكنه فوجئ وهو يتقدم إلى (التعيين) بمساعدة الفنان (جعفر السعدي) الذي رافق دربه الشاق الروتيني حتى وصلا بالمعاملة الى (تعادل الشهادتين) ، ولكنهما تفاجئا بعدم تصديق الشهادتين لأنهما اقل مدة من الفترة المحددة لدراسة البكالوريوس والماجستير والمتعارف ان لا تقل عن ست سنوات او سبع في حين الدراسة في امريكا للشهادتين استغرقت ثلاث سنوات ونصف .
وبعد انهاء (خدمة الاحتياط) اجتمعت لجنة التعادل من جديد بعد إرسال كتاب رسمي يثبت ذلك من رئيس القسم الثقافي في معهد كودمان شيتر الى وزارة التربية عودلت شهادتاه وعين مدرساً في معهد الفنون الجميلة براتب (ستة وثلاثين ديناراً) وهي صدمة أخرى له .
قام بعد عودته باخراج عدة مسرحيات لفرق متعددة منها : (عدو الشعب) 1967 معهد الفنون الجميلة ، (الساعة الأخيرة) 1968م لفرقة المسرح الشعبي ، (بيت ابو كمال) 1969م لفرقة المسرح الشعبي ، (الجائزة) 1969م لفرقة المسرح الشعبي ، (الحصار) 1971م للفرقة القومية للتمثيل ، (مركب بلا صياد) ، 1973م لأكاديمية الفنون الجميلة ، (بطاقة دخول الى الخيمة) 1974م لفرقة المسرح الوطني ، (الجرة المحطمة) 1975م لأكاديمية الفنون الجميلة
وهنا يقف المؤلف عند عام 1975م على امل ان يكمل قصته مع المسرح في اجزاء قادمة كي يمتعنا بصراحته المعهودة ويوثق مرحلة مهمة من تاريخ المسرح العراقي ميدانياً .
#عامر_صباح_المرزوك (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟