|
اغترب تصبح ثريا أو عبقريا
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 1990 - 2007 / 7 / 28 - 06:24
المحور:
كتابات ساخرة
ما أزال حتى كتابة هذه السطور أحاول أن أجد جوابا على سؤال ، ليس صعبا ، ولكنه شائك ، فإجابته تمسّنا مسّا مباشرا .. كما أن لهذا السؤال (توابع ) من الأسئلة ، أظنّ بأننا جميعا ، نعرف إجابتها ، ولكننا نهرب منها ، لا لصعوبتها ، ولكن لأنها من نوع [ السهل الممتنع ] ! وإليكم السؤال وتوابعه : لماذا يتفوّق (العربي ) خارج وطنه فقط … أما في وطنه فيُحبط ، وينتكس ؟ هل يعود ذلك إلى العربي كفرد ، أم إلى مَن يحيطون به ، أي عشيرته ووطنه وقومه ؟ وإذا كان المرجح هو العشيرة والأهل والوطن فما السبب في ذلك ؟ وهل المسؤولية تقع على الموروث ، أم أنها تقع على الراهن ؟ وما السرّ في نجاح (العرب) كأفراد ، وفشلهم حين ( يتمأسسون ) أي ينضوون تحت مؤسسة ؟ وهل برامجنا التعليمية هي المسؤولة ، أم أن الأنظمة السياسية [ المشرّعة] بكسر الراء ، هي المسؤولة ؟ أم أن المسؤولية تقع على عاتق الطرفين ؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة يحتاج إلى أكثر من باحث ، وبالطبع أكثر من مقال … وحسبي أن ألقي الضوء على (بعض ) الإجابات . إن للأنظمة التعليمية ، والبرامج الوطنية أثرا كبيرا في " نبوغ العربي في وطنه " فقد أشرت سابقا إلى أن عقول أبنائنا " تجاوزت " [ توابيت ] المقررات و [ محنطات ] البرامج التعليمية .. وما تزال [ مواد النبوغ والتفوّق ] تخضع لمراقبة مستمرة من جهات (خفيّة) !، ومن المعروف أن مواد النبوغ والتفوق المطلوبة لحضارتنا الراهنة هي " الفيزياء ، والكيمياء ، والرياضيات ، والعلوم التطبيقية . هذه المواد جميعها تخضع لرقيب وحسيب ، وسأذكر مثالا على أنماط الرقابة في مدارسنا .. والمثال هو ( المعامل العلمية ) .. هذه المعامل في أكثر مدارسنا " هياكل عظمية " ومستحثّات أثرية قديمة ، ليست فيها سوى تجارب من القرن الثامن عشر .. وبعض المدارس تخصص للمعامل (هيكلا فقط) ، وتملؤه بالأدوات ، وتعيّن على بابه حارسا ، أو أمينا ، وتجعل كل ما فيه من آلات وأدوات " عهدة" مسترجعة في نهاية العام ، ويعتبر النقص في محتوياته خللا إداريا ، وكان مفروضا أن يكون النقص دلالة على النشاط !.. وهذه المؤامرة على المعامل المدرسية ، ليست عفوية في أكثر مدارسنا في العالم العربي ، بل إنها تقع ضمن المخطط ، وهو إقصاء المبدعين عن أوطانهم ، لينتفع الآخرون بإبداعاتهم . وقد تحولت (العلوم المتفجرة ) المخيفة في أكثر الدول [ النائمة ] إلى أناشيد ومحفوظات للنظريات العلمية التجريبية التطبيقية . يقول د. أحمد زويل العالم العربي المصري ، الحاصل على جائزة نوبل : " ما أزال أتذكر [ القفل ] على باب المعمل المدرسي ، وقد كان هذا القفل دافعا لي كي أتغرّب وأبدع .. وهأنا قد آمنت بأن جائزة نوبل ، التي منحت لي ، لم تكن إلا بفضل مائة وخمسين باحثا يعملون معي ، في غرف ليس بها [قفل ] واحد " لألبرت أنشتاين العبقري قصة أخرى مع مدرسته : تقدّم أنشتاين لامتحان دخول "معهد البولتيكنيك " في سويسرا .. ورسب بجدارة في هذا الامتحان ( الذي يفترض أن العقل ،ليس سوى صندوق ، مغلق بقفل ).. وانقطع عن الدراسة عاما كاملا .. وانتقل إلى ميونيخ حيث النظام التربوي "المتفتّح " فظهر نبوغه وقال عن ذلك :" شكرا للروح العقلانية لهذه المدرسة ، فقد كان المدرسون لا يستغلون نفوذهم ، بل قدراتهم ومهاراتهم " إذن فالجهد [ المؤسسي ] الذي يشترك فيه عدد كبير هو الجهد الذي " ينجب " التفوّق والإبداع ، إذ أن الجهود الفردية ،ليست الغاية ، بل هي وسيلة لإثراء النبوغ العالمي .. فمجال نبوغ د. أحمد زويل هو اكتشافه " لأسرع تصوير " الفيمتو غراف " وهذا يتيح للعلماء معرفة التغيرات في الخلايا . ما نزال نحن في عالمنا العربي محكومين بعقدة شاعرنا : نحن أناسٌ لا توسّطَ بيننا …………. لنا الصدر دون العالمين أو القبر ! فإما أن نكون مديري المؤسسة ، أو رؤسائها ، أو خزنة بيت مالها ، أو مموليها ، أو مشرفيها ، أو مستشاريها ، أو أباطرتها الفخريين .. وما عداه … فياللعار …… واذلاه !!! إنها عقدة [ شيخ القبيلة ] القديم ، الذي تحول في صيغته الجديدة إلى [ المختار] ! قال أحدهم : تُرى ! لو بقي د.زويل في وطنه ، وأنشتاين في سويسرا فماذا كانا سيكونان ؟ قلت : إنك توجه اللوم على " الإطار " المحيط أو البيئة ، والمجتمع ، والقوم ، وأنت محقٌ في ذلك ، إذ أن البيئة هي المسؤولة عن النابغين .. ولكنك قد تسقط في جدلية " البيضة والدجاجة " أليس العباقرة هم المسؤولين عن "تشكيل " الأوطان وإعادة صياغتها ، وفق نظرية " توماس كارليل ، الذي يؤمن بأن صياغة التاريخ لا تكون إلا بواسطة الأبطال .. وكانت تلك جوهر نظرية فردريك نيتشه ؟ إجابات سريعة جدا _ كل وطن لا يملك " دستورا " لمستقبله ، وطن مصاب بفقدان الذاكرة ، لا يستطيع تعيين موقعه في العالم ! _البلاد التي تتخلص من أبنائها النابغين ، بلاد تحيا في غرف الإنعاش المركّزة ! _ العمل الجماعي والمؤسسي المبني على القوانين [ مزيل فعّال وأكيد ] للقبلية والمخاتيرية . _ [ التربية والتعليم ] مصنع لإنتـــــــاج " روح " الأمة _ إذا كان المثقفون والمفكرون في عالمنا العربي " عوالق اجتماعية ،تثير الشفقة ، فإن المثقفين والمفكرين في العالم المتقدم ، هم سائقو عربة الأمة ، ومقررو مصيرها ! _ شائعة في الأوطان الهزيلة ، أصدرتْ جكما بالإعدام عليها ، والشائعة هي[ اغترب ، تصبح ثريّا ، أو عبقريا ]
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اغترب تصبح ثريَّا أو عبقريا
-
عصر الانتداب التجاري
-
هل معظم الأحزاب العربية أحزاب ( نكاية) ؟
-
من إنسان ( متفجر) إلى إنسان متحرر.
-
من الإنسان المتفجر إلى الإنسان المتحرر
-
إسرائيل أكبر مهدد للديموقراطية في الشرق الأوسط !
-
إسرائيل أكبر مهددة للديموقراطية في الشرق الأوسط
-
أوهام السلام الإسرائيلي
-
انتهاك الديموقراطية في فلسطين
-
اغتيال النشء الفلسطيني
-
العملاء واغتيال الروح الفلسطينية
-
رسالة من غزة إلى حفيدي
-
رسالة إلى حفيدي
-
الغيرة وما أدراك ؟!!
-
هل هناك مؤامرة على الترجمةإلى اللغة العربية ؟
-
من فنون اللجوء الفلسطيني
-
عجائب ثقافية
-
بلاد الفرز ... والحراسات
-
ابتسم .. أنت في غزة
-
وجادلهم ..... بالمتفجرات
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|