محمد الفخاري
الحوار المتمدن-العدد: 1986 - 2007 / 7 / 24 - 09:08
المحور:
الادب والفن
على باب القصيدة يقف حارس الرمز
صامتا، مكفهر الوجه، كالعادة عند كل إنذار
وكلبه المدرب على رصد الحزن
ما زال يلهث من شدة الانتظار.
كلاهما مثل شرطيين يقتسمان الشك في كل شيء:
عيون واسعة في حالة استنفار
تتأهب لصد حرف من حروف الزيادة
أو عبارة من عبارات الخوف
كلما بسط الحب جناحيه وطار،
ولا تبارح المكان أبدا
مهما تعاقب الليل والنهار.
المارة يشحذون فضولهم بسرعة
ويعرفون أن شريان المعنى لن يقطع بسهولة
حتى لو ضرب بالحديد والنار.
وأنا بين هذا وذاك أتابع ما يجري في ذهول.
اقتربت قليلا من المشهد
علني أصبح جزءا من البطولة
لكن الصورة تجمدت في دمي
فتناثرت من حولي كلمات مفخخة
تزرع الفتنة في اللغة
لترديها طفلة لا تعرف الكهولة.
سألت حارس الرمز عني
فلم يجبني،
لكنه صاح في وجهي:
- ابتعد، قد تنفجر الدلالة في أي لحظة.
وسألت الكلب عن حارس الرمز وعني
فلم يجبني،
لكنه نبح في وجهي وكأنه يقول:
- لا تعبث بالرمز إذا بقي لك منه ومضة.
ثم سألت القدر عن الكلب وعن حارس الرمز وعني
وهو كذلك لم بجبني،
لكنه ثار في وجهي قائلا:
- كن أنت المعنى وانتشر عبقا في كل روضة.
وعدت أجر خيبتي وراء قلبي وأبكي
مثل لاجئ ثكله وطنه
فأصبح عبئا على الهوية.
لا سفر يغنيه عن غربته
ولا كأس تسقيه ماء الحرية
كما كان في وطن ذا وقار.
بيني وبين نفسي يغرق الوجود في بحر من العبث
وتصير اللحظة عنوانا للأبدية،
أصارعها كعاشق هائج سئم الحصار
في حلبة الوحدة لا لشيء
سوى لأتلذذ بالشوق في أعين المتفرجين.
هنا، حيث اللامكان،
ينتصب التاريخ شاهدا على الدمار
ويختزل الزمان في اللازمان.
كأني أرى الدلالة النائمة في حضن الغموض
عن لحيتها تنفض ما بقي من الغبار
كي تتذكر طريق العودة إلى الديار.
هنا إذاً لا شيء ما عدا هنا،
يتجسد التجلي في صورة ملاك أرهقه الوجع
كئيبا، ترسم الحيرة على وجهه ابتسامة باردة
لا يراها إلا من مر من هنا
ذات قصيدة، بعد أن كانت روحه شاردة
أو امتلأ قلبه الصغير من الهلع.
لكن القصيدة قصيدة وإن ضاع المعنى
بين الأسطر أو امتصه البياض.
#محمد_الفخاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟