|
ابن لادن وجورج بوش وجهان لعملة واحدة
سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1980 - 2007 / 7 / 18 - 10:45
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في لقاء جرى صدفة مع الشاعر والأديب السوري نزار بريك ، جرى الحديث ، ومن جهتي ، عن التيار الفكري الليبرالي ، وعظمته ، وتسامحه وحضارته ، وتطرفنا الى الإعجاب بالنظام الأمريكي ، وكل هذا حديثي . وقاطعني الدكتور نزار قائلا: أقبل منك كل شيء ، الا أن تكون أمريكا ، تحمل فكرا متسامحا ليبراليا . أمريكا هي الشر كله ، وستتذكرني في يوم من الأيام . واليوم ، أتأكد من أن كلام الدكتور نزار كان صوايا ، وكل حديثي وفكرتي عن النظام الأمريكي كانت خاطئة. السويد أوستراليا ، سوريا ، الأردن ، تستقبل المهجرين العراقيين ، ضحايا الإرهاب الأصولي والإرهاب الأمريكي . وأمريكا ، أمريكا ، التي هجرت وشتتت ، الملايين من الشعب الأمريكي ، وقتلت وفجرت الملايين من أفراد الشعب العراقي ، تأنف من استقبال عراقي واحد في بلادها . قسيس بروتستانتي قادم من العراق ، جاء منذ يومين ، الى سوريا ، وزارنا ، وطلب تسهيل دخوله الى لبنان ، وعندما استفسرنا منه عن السبب الذيمن أجله يريد الذهاب الى لبنان . قال: أريد أن أذهب الى لبنان لأحذر رؤساء الطوائف المسيحية ، من الخطر الأمريكي الداهم ، والذي يعمل على ترحيل اللبنانيين المسيحيين ، من أحل توطين الفلسطينيين ، في لبنان . قلنا له : بإمكانك أن تذهب الى مطران الموارنة في باب توما ، وتُبلغه رسالتك ، وهو ينقلها الى سيدنا صفير ، فيما لو بقي في مركزه لعام آخر .
هل يمكن اجراءمقارنة بين ابن لادن ، وجورج بوش وفيما لو جرت تلك المقارنة ؛ فما يتشابه به الأثنان أكثر بكثير مما يفترقان عليه . ابن لادن قاتل مجرم سفاح . بوش قاتل مجرم سفاح . القاعدة تعمل على ذبح وتهجير وتكفير المسيحيين والشيعة والصابئة والايزيديين . بوش أيضا يعمل على ذبح وتهجير وترحيل المسيحيين والصابئة والايزيديين وباقي الطوائف الصغيرة . ابن لا دن ينشر الكره والحقد والتكفير . وبوش ينشر ثقافة الحقد ويُشعل الفتنة ، وينثر بذور التفرقة والتقسيم . هل أصبح خيار البشرية اليوم : الشر مع الأمل . أو الشر بدون أمل . وهل أُقفلت كل الطرق ما عدا هذين الطريقين ، والمؤديين كلاهما الى الشر , في القرن الواحد والعشرين ، في عصر الحضارات ، والفنون، والاختراعات ، والتكنولوجيا الحديثة . نتعرف على ثقافة جديدة تسمى أدب المعتقلات ، والتي أنشأتها أمريكا في غوانتانامو ، وعدد من الدول الشرقية . ويبدو أننا أصبحنا نتعايش معها ، بأن نصم آذاننا ونغمض أعيننا ، ونغض الطرف لأننا ما زلنا من نمير ، عن كل هذا الاضطهاد الانساني ، والذي ترتكبه أمريكا ، وعلى عينك يا تاجر ، وكل ذلك لأنها أمريكا . والتي تحارب الشر بالشر . ان معتقلات غونتانامو ، تبقى اتهاما قاسيا ، عند ما يسمى بالإنسان المتحضر ، وتشير الى أنه بلا أخلاق . ويبقى وصمة عار أبدية وإدانة واضحة المعالم للحضارة الغربية ، لأنها وكيفما نظرنا اليها ، فإن هذه الوسائل الغربية والمنفذين لها كانوا من ممكنات هذه الحضارة والاحتمالات التي تحققت . ولكن هل من المعقول ، أن نقف اليوم لندافع عن الإرهابيين المعتقلين في غوانتانامو ؟ لم نكن بالأمس ، نتدخل في هذا الموضوع ، وكانت الفكرة الشائعة ، هي أن هناك في أقفاص غوانتامو ارهابيين ومفجرين ومرتزقة . ولكن تبين بعد قليل من الوفت ، أن القتلة والإرهابيين والمفجرين والمجرمين ، هم خارج غوانتانامو ، وهم من يسجن هؤلاء ، والأحرى أن يدخلوا معهم في الأقفاص ، لا أن يقفوا خارجا ، وهم المجرمون الحفيفيون . كل دولة إيدبولوجية ، تؤدلج أتباعها ، وتفرض نمطا واحدا من التفكير والاعتقاد ، ولكن ما نجده اليوم ، من أدلجة للفكر الأمريكي على يد جورج بوش ، أصبح مريعا جدا . اختفى أي نظام للقيم ؛ فبوش يطلب من شعبه ، بأن يقبلوا كل يوم ، ويرهنوا على بعض الحقائق الجديدة وفقا لمصلجة أمريكا نفسها لا لمصلحة العراق . فالمسيرات المناهضة للحرب ، والتي تخرج من واشنطن وغيرها من المدن الأمريكية ، يعترض فيها المتظاهرون على زيادة عدد القتلى من الجيش الأمريكي ، ولا يعترضون ، على تهجير المسيحيين والصابئة والبزيدية وغيرهم من الطوائف الصغيرة ، يعترض المتظاهرون ، عن الإعاقات التي تُصيب الجنود الأمريكيين ، ولا يعترضون ، على آلاف المعاقين الأطفال والشيوخ العراقيين .فما هو سائد اليوم في الثقافة التي يديرها بوش يتعارض جذريا مع الأسس الماضية والتي بُني عليها الدستور الأمريكي . الحقيقة التي لها أهمية عالمية أن النظام الأمريكي لم يجد في ذاته مكانا للثقافة الإنسانية ، فهو في صراع وصدام مع كل الأمم ، وفي القارات الأربع ، وأصبح مثل العلقة ، يعيش ويتغذى على دماء كل الشعوب .
اضطهاد الأقليات في العراق وذبحها وتهجيرها ، هو وصمة عار كبيرة ، في جبهة اديمقراطية الغربية ، حيث يتم قتل وتهجير مئات الآلاف من الأقليات ، تحت سمع وبصر الجميع . انه أكبر تجاهل لحقوق البشر ، وللقانون، في هذا العصر . ويتمثل ، بفتح الباب على مصراعيه للأكثرية المسلمة الإرهابية ، والذين لا يقف في طريق ارهابهم وهمجيتهم شيئا . وبدعم ومباركة من كل الديمقراطيات الغربية العلمانية الليبرالية والسؤال اليوم ، اذا كان الشر ، بجناحيه ، القاعدة من جهة وبوش من جهة ثانية ، يقود البشرية . فما هو المصير الذي ينتظرها ؟ وفيما اذا كنا ننتظر الخلاص والتقدم الحقيقي ، فإن علم الأخلاق يجب أن يصاغ من أنقى أنواع الفولاذ لا من المطاط والشر . لأن أمريكا والقاعدة واللذين تعرضا لإغراء الشروع بالتملص من الأخلاق كلها ، فإنهما لن يعرفا متى يتوقف هذا الشر وكيف وأين ؟.
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين الكرامة والسفاهة رد على صحيفة النهار اللبنانية
-
معذرة سيدنا اجراس بكركي لن تقرع
-
اعاصير دمشق4 الانقلاب الثالث نهاية الحناوي واستلام الشيشكلي
-
العائلة التي دمرت لبنان
-
اعاصير دمشق 3 بوادر الانقلاب الثالث
-
اعاصير دمشق-انفلابات سوريا- 2-مقتل الزعيم والبرازي
-
اعاصير دمشق قصة الانقلابات السورية بقلم شاهد عيان 1
-
انفختت الطبلة وتفرق العشاق
-
انسحاب معارض شرس والنظام يترنح في سوريا
-
واحبيبي نبيل واحبيبي صفاء
-
لاهوت التحرير الأفريقي 4 في اطار التحليل الماركسي
-
لاهوت التحرير--3--لاهوت التحرير في أفريقيا
-
لاهوت التحرير 2- الألم الذي يعانيه الانسان الأسود
-
قراءة في فكر ديزموند توتو -1--لاهوت التحرير---لاهوت السود
-
طبول المنافقين تغطي على همس المتآمرين
-
برسم بعض الكتاب السوريين؛ مع الود
-
رسالة الى النظام السوري عبر موقع الحوار المتمدن
-
من بسيئ الى المعارضة السورية اليوم ؟؟؟
-
المغرر بهم والضالين آمين !!
-
قراءة في فكر هانس كينغ34 مقاييس وانحرافت في الاديان
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|