أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حميد هيمة - دور الإستعمارالفرنسي في إعادة ترتيب التركيب الإجتماعي بالمغرب















المزيد.....

دور الإستعمارالفرنسي في إعادة ترتيب التركيب الإجتماعي بالمغرب


حميد هيمة

الحوار المتمدن-العدد: 1979 - 2007 / 7 / 17 - 04:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


دور الإستعمارالفرنسي في إعادة ترتيب التركيب الإجتماعي بالمغرب

إدا كانت الذات المغربية في القرن التاسع عشر، قد تميزت بتعطل العقل وشلل الإرادة و الفعل ، مع ما استتبع ذلك عن عجزها على تطوير بنياتها الاجتماعية وقاعدتها الاقتصادية ، والانزياح على أفقها الثقافي التقليداني ‘
وإذا كانت السلطنة المغربية قد فشلت في ترميم معمارها السياسي وعدم قدرتها على التحكم وضبط مجالها الترابي - رغم تعدد الوصفات الإصلاحية- فإن التطور التصاعدي للرأسمالية الأوربية لم يغفر للمغرب واقع التخلف والتأخر عن هذه الدينامية ، وبالتالي كان عليه -المغرب- تسديد ضريبة واقعه : سياسياً ، اقتصادياً...اجتماعياً.

ولإدراك التحولات العميقة التي أحدثها الرأسمال العالمي في التركيب الاجتماعي ولفهم الشروط المادية-الاجتماعية التي جعلت السيطرة ممكنة تاريخياً ، نقترح إعادة تركيب ملامح الخريطة الاجتماعية للبادية المغربية ، خلال القرن التاسع عشر ، باستثمار المعطيات التاريخية المتحصلة عن المرحلة وبالاستعانة بباقي فروع العلوم الإنسانية ذات الصلة بالموضوع.

1- النظام الاجتماعي والاقتصادي للبادية المغربية في القرن التاسع عشر :

بداية، نتساءل عن أنماط الإنتاج القائمة في المجتمع المغربي قبل الفتح التجاري الأوربي ؟
-هل المجتمع المغربي مجتمع أبوي أم قبلي ؟
-هل المجتمع المغربي مجتمع « فيودا لي» أم قائدي؟
ليس أحد أنماط الإنتاج المذكورة هو المهيمن ، وإنما هناك مجموعة من الأنماط الإنتاجية ساهمت في بناء التشكيلة الاجتماعية المغربية : نمط الإنتاج الأبوي ، القبلي ، القائدي...
ولتكثيف هذه الوضعية يلاحظ المرحوم « بول باسكون» "أن نماذج عدة من التنظيمات الاجتماعية ...تتصارع داخل هذا المجتمع (المغربي)، لسنا أمام مجتمع معين بل أمام مظاهر جزئية من مجتمعات متراكبة". فما هي الملامح البارزة لهذه الأنماط الإنتاجية المتراكبة ؟
استناداً إلى خلاصات تحليل طبيعة خلية الإنتاج بالبادية المغربية[ القرن التاسع عشر]، استنتج أحد الباحتين أن علاقات الإنتاج السائدة ، في هذا المجال ، هو نمط الإنتاج الأبوي الذي يتأسس قاعدياً على الأسرة الأبوية /الممتدة ،المتألفة من عدة أفراد ينتسبون لعدة أجيال من سلالة أب واحد ويديرون ملكية مشتركة تعتمد في نشاطها الإنتاجي على اقتصاد الكفاف الطبيعي [ إنتاج قوتي]،كما أنها تشكل نواة صلبة في تأسيس الكونفدرالية القبلية ،والتي تمكنت بتطورها التاريخي ، وبنضج شروطها الذاتية والموضوعية إلى فرز :الأرستقراطية القبلية .
غير أن غزو البضائع الأوربية للسوق المحلي نجم عنه تدمير الأسرة الممتدة ،كقاعدة اقتصادية ، أدى إلى تفكك القبيلة وتراجع علاقات التضامن العشائرية والقبلية.
وإذا كان لزاماً أن نذكر أن مراتب السلم الاجتماعي في هذا المستوى من التطور [ الارستقراطية القبلية] لم تكن مبنية على فروق « طبقية» وإنما فروقاً فردية تراتبية معيارها يعتمد على صفات وخصائص ينبغي توفرها في الفرد كي يحتل مرتبة اجتماعية مرموقة ومتميزة ،ومن هذه الخصائص : الشجاعة ، الإقدام ، الذكاء ، التدين...قوة العصبية.
ومن الأشخاص الذين تمتعوا بسمعة وشرف اجتماعي داخل المجتمع القبلي نجد :
الكبار في السن ، شيخ القبيلة ، نشطاء حركة الزوايا...
إن الصلاحيات التي تمتع بها شيخ القبيلة والاحترام والتقدير الذي تكنه القبيلة لشخصه ، وامتداد علاقاته خارج الإطار الطبيعي للقبيلة ، جعله محط اهتمام ومراقبة من طرف السلطة المركزية ( المخزن المغربي في ق 19 م ) ، التي ستعمل على استقطابه لفائدتها ، وستمنحه التزكية القانونية والهيبة المخزنية ، مما سيؤهله لتحقيق امتيازات ومكتسبات مادية ،وبالمقابل كلف بتثبيت أقدام المخزن في المجال المحلي والتحكم فيه وضبط بؤر التوتر وإحلال السلم وجبي الضرائب .... وبذلك تكون القبيلة قد أفرزت من ذاتها قائداً، سينضم تدريجياً إلى الهيكل ألمخزني . هذا التطور هو الذي سيفرز لنا فئة اجتماعية جديدة وموحدة المصالح: الفئة «الإقطاعية» .
وإذا كان « روبير مونطاني» قد أقر بتواجد شبه كبير بين النظام الاجتماعي-السياسي المغربي [ القرن التاسع عشر] والنظام الفيودا لي الأوربي، فإن المفكر «بول باسكون» يرفض أي تصنيف جاهز في خانة معدة مسبقاً ، وفي نفس الآن دحض آراء « روبير مونطاني» مفضلاً نحث كلمة جديدة التي تراعي خصوصية المجال الثقافي المغربي ).
وهكذا يشير إلى النظام القائدي كتشكلة اجتماعية واقتصادية مهيمنة على المجال البدوي ، وأيضاً كامتداد إداري وإيديولوجي للنظام السلطاني المركزي –بتعبير عبد الله العروي.

ولتدعيم آطاريحه سطر «بول باسكون» « بعض الخطوط التي تميز وبشكل قاطع ونهائي ، القائدية المغربية عن الفيودالية الأوربية» .

إن غياب نمط إنتاج جامع وسائد أدى إلى تدرج مراتبي لايستند على دعامة مادية أوتضامن فئوي ، بل يستند على أساس فوق «طبقي» تاريخي ، زعماتي ، فقهاوي ، وشرفاوي ...
التركيبة الاجتماعية في منطقة الغرب ( القنيطرة ، سيدي يحي الغرب والنواحي )
لقد سادت علاقات شبه «إقطاعية»/قائديه ،جسّدها بامتياز القوّاد المخز نيون ، حيث ستفرز القبائل الكبرى(التوازيط ، أولاد بورحمة ، أولاد سلامة...) قواد مخزنيون، كلفوا بترسيخ تواجد المخزن في مجال سلطتهم وإحلال الأمن وجبي الضرائب والفصل في المنازعات بين أفراد القبيلة والاقتصاص من المعتدين...
وتذكر الدراسات التاريخية الدور الكبير للقواد المخزنيون المنتمون لقبائل بني أحسن في تأمين طرق التجار المتجهة إلى فاس أو الرباط عبر مناطق نفوذهم ، أو في صد هجمات قبائل زمور المتصارعة مع قبائل بني أحسن على مجال النفوذ.
والواقع أن الصلاحيات المخولة لهم من طرف المخزن المركزي وسمو مكانتهم داخل القبيلة بفضل القوة، العصبية...،قد مكنهم من تحقيق امتيازات ومكتسبات عقارية كبيرة:
فحسب ما تتداو له الذاكرة الشعبية فإن القائد الكداري أو العروصي أو العسلوجي والقايد إدريس ...قد عملوا على تحويل أرصدة عقارية لفائدتهم ، وأجبروا السكان على العمل فيها بشكل جماعي ومجاني [ التويزة]، بدون أدنى رادع قانوني او سلطوي يلجم تعسفا تهم وظلمهم..
كما أن يد القايد قد تمتد إلى جميع الممتلكات ؛ فالقا يد العروصي ، تسجل إحدى الروايات الشفوية، كان يجبر السكان الخاضعين له على التخلي عن زوجاتهم أو بناتهم لفائدته ، بدون أي ضابط أخلاقي . ويحكي ، في هذا الصدد ،أحد الشيوخ أن والده اضطر إلى الفرار وترك ممتلكاته خوفاً من أن تمتد يد القائد لزوجته، وقد كانت مرجة أولاد عامر ملجآ آمناً له ولزوجته .
علاوة على تعسف القواد ، عانى السكان من انتظام سنوات القحط والمجاعة والأوبئة المرتبطة بالمرجآت (حمى المستنقعات)، ونذرة موارد العيش بسبب امتصاص الفائض الفلاحي من طرف اليهود المتمركزين بمدن وازان ، سلا ...وتصريفه إلى الخارج عبر موانئ : الرباط ، العرائس ، طنجة ، وفي هذا الصدد يورد«جون لوكوز» عن «ميشو بلير» أرقام معاملات منطقة الغرب مع الخارج ودور اليهود في ذلك ، وتداعيات ذلك على السكان .

خلاصة :
الباحث المغربي "عبد السلام المؤذن" رصد هذه الصيرورة التطورية في سياقها العام ؛ إذ استخلص" أن نقط ضعف المجتمع الحاسمة ،،، تكمن على الصعيد المادي في بنيته الاجتماعية القبلية المتخلفة ، إن الحضارة المغربية حضارة هشة تفتقد إلى القاعدة المادية الصلبة ، فلأنها قامت على عائدات التجارة البعيدة ، ولأنها ،، لم تستند إلى انقسام اجتماعي .. يسمح بظهور طبقة اجتماعية منتجة ".
وإذن أمام ارتكاز الدولة المغربية على أساس ديني ورمزي، وافتقادها لدعامة اقتصادية-مادية ثابتة ، والاكتفاء بامتصاص الريع الضريبي من البادية المغربية - فطبيعي أن تسيير هذه الدولة بخطى ثابتة نحو الانهيار في سياق دولي متميز بتطور نمط الإنتاج الرأسمالي وتوسعه وراء حدوده الوطنية ؛ إذ أصبح البحت عن المستعمرات المنفذ الوحيد والاتجاه المضاد للأزمة لرأسمالية المتنامية .



#حميد_هيمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروافد الثقافية و الفكرية للإرهاب
- الأمازيغية في منظور الدساتير المغربية -1908-1996: مقاربة كرن ...
- الأسباب / العوامل المنتجة للفعل الإرهابي : ثقل الفكر الديني ...
- 1-الأسباب / العوامل المنتجة للفعل الإرهابي : العوامل الثقافي ...
- نظرة حول التحقيب التاريخي المعتمد بالمقررات المغربية
- قراءة أولية للوسائل التعليمية التعلمية في دروس تاريخ الممالك
- قراءة أولية للوسائل التعليمية التعلمية في دروس تاريخ الممالك ...
- المدرس في ظل واقع ذاتي وموضوعي متغير :المغرب نموذجا
- قراءة نقدية للبعد المعرفي لدروس تاريخ الممالك الأمازيغية-الم ...
- التاريخ والثقافة الأمازيغيان: بين المقاربة الدستورية والتناو ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حميد هيمة - دور الإستعمارالفرنسي في إعادة ترتيب التركيب الإجتماعي بالمغرب