رشا الطيار
الحوار المتمدن-العدد: 1977 - 2007 / 7 / 15 - 06:42
المحور:
كتابات ساخرة
لا تكمن خطورة الوضع الامني في العاصمة بغداد في استمرار مسلسل التفجير بمختلف انواعه , ولا بتزايد حدة القتال الطائفي بين السنة والشيعة,بل في القتال داخل نفس الطائفة ( شيعي- شيعي) و(سني -سني ),مع غياب واضح للاجهزة الامنية الحكومية لردع هكذا اعمال.
ومن الغريب ان تذكر الحكومة في اكثر من مناسبة وعلى لسان رئيس الوزراء نوري المالكي بانها (قطعت اشواطا على الصعيد الامني بعد تطبيق خطة فرض القانون, و تمكنت من تقليل نسبة العمليات العدائية التي تحصد اروح المواطنين في شوارع بغداد).
اي شخص غادر العاصمة لفترة قصيرة يصيبه الذهول حالما يدخلها مرة اخرى , ا ذ انه سيرى تقسيمات جغرافية (طائفية) جديدة حولتها الى مناطق معسكرات طائفية, تغلق شوارعها الفرعية بالكتل الكونكريتيه وتلال من الاتربة , مع تمركز السيطرات الامنية في الشوارع الرئيسية وبقاء القوات الامريكية داخل المنطقة الخضراء.
فالنرى مايقول البغداديون عن مدينتهم :
ابو محمد 53سنة محامي" تركت بغداد نهاية العام الماضي وعدت اليها في الشهر السادس
اصابتني الدهشة والذهول حال خروجي من مطار بغداد ,فالساعة 2ظهرا والشوارع خالية من البشروالجسور مفجرة,كانها مهجورة"
سكان بغداد يصفون مدينتهم ب(المرعبة), فقد تحولت الى مدينة اشباح تقل حركة المارة فيها بعد انتصاف النهار وتغلق اغلب المحال التجارية ابوابها في الساعة الثالثة ظهرا.
امل سعيد 38 سنة بياعة في احد محال التجميل بحي المنصور الراقي تقول" بغداد مرعبة انا في عملي اتوقع باي لحظة وقوع انفجار قرب المحل,او مهاجمتي من قبل مسلحين ,فحركة الناس قليلة وتنعدم في وقت الظهيرة ,انتظر الساعة 2لاغلق المحل واعود للبيت".
فقدان الامن يشكوه اهالي الكرخ والرصافة في العاصمة, الا ان الكرخ يعد الاخطر, تقع فيه اغلب المناطق الساخنة (الدورة , العامرية, الغزالية,السيدية,حي الجامعة ,قاطع المنصور) ويسكنها غالبية من الطائفة السنية وقيادات رفيعة المستوى في حزب البعث المنحل في حكومة النظام السابق صدام حسين ,تلك المناطق احتضنت النازحين من الجماعات المسلحة من تنظيم القاعدة بعد مطاردتهم من قبل القوات المشتركة( الامريكية والعراقية) طيلة الاربع اعوام المنصرمة في مناطق غرب العراق .
شرمن عباس اعلامية (سنية, كردية ) قتل زوجها (شيعي) بعد ان اوصلها الى بيت اهلها في منطقة العامرية تقول"قتل مسلحين عادل لانه شيعي واعلامي ايضا , بعد الحادث لم اتمكن من العيش في هذه المنطقة لانها اصبحت خطرة حتى على السنة لذلك تركنا بيتنا مغادرين خارج العراق".
ساكني المناطق السنية تركوا مناطقهم رغم انهم من نفس الطائفة ,ام عمر من حي الجامعه تقول"لم نعد ننام الليل فلمسلحين لا يتركونا بحالنا قتلو ابن اختي وهددو اولادي بالموت ان بقينا في المنطقة ,خرجنا بحقيبة الملابس فقط , فالجثث ترمى على المزابل تاكلها الكلاب وقوات الامن تخشى التقرب منها لان المسلحين يستخدموها كمينا للايقاع بهم ".
يبدوان الخلافات داخل الفصائل المسلحة من العرب السنة,التي تقاتل الوجود الامريكي مع تنظيم القاعدة على انه (محتل) , اسفرت عن انشقاقها عن القاعدة, وهذا لا يروق لها خاصة بعد الاعلان عن قيام (دولة العراق الاسلامية ) , حيث اعلنت في الفترة الماضية قتل عراقيين سنة من أهالي حي الدورة السني جنوب بغداد بعد انضمامهم الى الفصائل المسلحة المناوئة لها بتهمة (الردة).
وهو ما دفع بعض عشائر الأنبار بشن الحرب على القاعدة بقيادة الشيخ عبد الستار ابو ريشة رئيس( مجلس صحوة الانبار) وذكر في لقاء مع قناة العربية الفضائية" هزمنا القاعدة في أكثر من 90% من محافظة الأنبار ,وملاحقتنا لها وصلت ديالى وإن شاء الله سوف نهزمها من كل المحافظات السنية خاصةً "
وتابع" الجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين وكتائب جيش المجاهدين الفصائل الجهادية خاضت معارك ضد القاعدة في العامرية".
ابو ريشه اوضح ان نسبة العرب في تنظيم القاعدة كبيرة و يتولون الإمارة فيها وليس العراقيين فيقول" ان العراقيين تلامذة عند الأمراء العرب في تنظيم القاعدة"
يتضح من كلام ابو ريشة ان حرب القاعدة هي للسيطرة على سنة العراق وليس لانهاء الوجود الامريكي فيه.
مفيد اسماعيل ( علماني ) ضابط سابق في الجيش العراقي ومتابع للحدث يرى ان خلاف السنة مع القاعدة هو خلاف منهجي فيقول" القاعدة لاتكفر من يخالفها العقيدة من الشيعة وانما من يخالفها في بتنفيذ تعليماتها حتى وان كان سنيا , والسنة حملوا السلاح بوجة القوات الامريكية لاخراجها من بلدهم ,لكن القاعدة قتلت ابنائهم ممن انخرط بالعمل في المؤسات الامنية ,فاصحبث القاعدة وبالا على تلك الفصائل خاصة بعد قيام دولتها الاسلامية وبقيادات غير عراقية افغانية وسعودية ومصرية
ويضيف" القاعدة تحالفت مع ايران ضد السنة والشيعة وايران عدو لدود لسنة العراق لذلك فقدوا الثقة بها ولكي تخرج القاعدة من مأزقها مع السنة حاولت استمالتهم ثانية من خلال تصريح زعيمها في العراق ابو عمر البغدادي ,شن حرب ضد ايران مالم توقف دعمها للحكومة العراقية , فالغاية منه تبرئتها من تهمة التواطئ مع ايران بعد كشف الاعلام تمديد الاخيرة لها بالسلاح "
يعلق بذاكرتي كلام لمسؤول في وزارة الدولة لشؤون الامن الوطني رفض الكشف عن اسمه " يوجد في الوزارة سلاح ايراني كان تابع لقناص ايراني الجنسية قبض عليه في مدينة الرمادي كما قبض على العديد من الايرانين في غرب العراق كانو يعملون مع القاعدة, لكننا لانريد ان نعلن ذلك "
وتجاه ما يحصل لاتحرك الحكومة ساكنا الى درجة يسميها البغداديون ب(المومياء).
عليا ماجد مديرة ثانوية للبنات في منطقة الصالحية " حكومتنا مومياء تقف متفرجة لما يحصل في الشارع دون ان تتدخل لانهاء الازمة"
القتل السنس –السني لم يوقف الاقتتال الطائفي مع الشيعة , يقول ابو جاسم بمنطقة حي العامل الشيعية "المواجهات مستمرة بين جيش المهدي والسنة المسلحين , وذلك بعد انسحاب قوات البيشمركه الكردية التي تمركزت في المنطقة منذ بدء الخطة الامنية في بغداد"
واخبرني احد سكان المنطقة ويدعى كريم ان قوات ترتدي زي مغاوير الداخلية المتهمة بتنظيم عمليات (فرق الموت) تسللت الى المنطقة وقتلت منها " الاسبوع الماضي قتلت المغاوير 4 شبان 3منهم اخوة شيعة مع صديقهم السني داخل منزلهم صباحا "
اصابع الاتهام تشير الى ايران ثانية في تمويل فرق الموت, فالشارع العراقي يشك بولائها للعراق ,بل انه لايران التي احتضنتهم ايام معارضتهم النظام الساق ,وهم ينتمون الى منظمة بدر الجناح العسكري للمجلس الاسلامي العراقي( المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ) الذي يترأس قائمة الائتلاف العراقي الموحد, والتي لها حصة الاسد في البرلمان العراقي.
الحكومة تكتفي بتبرير الجرائم التي ترتكب بحق المواطن و احيانا تؤيده الى مجهول وتردد دائما "تواجد فرق الموت هو لاندساس قرابة 3000 ضابط بعثي في وزارة الداخلية يرتكبون الجرائم ولديهم اتصال بقيادات حزب البعث المنحل والقاعدة".
التبرير الحكومي لايقنع المواطن, الذي اصبح يرى في ولاء فيلق بدر لايران يولد صراع شيعي شيعي بين فيلق بدر وجيش المهدي اتباع التيار الصدري, فالحرب قائمة بين الطرفين وعلى اشدها, فالاولى توالي ايران والثانية ولائها للعراق.
لذلك قسمت المناطق الشيعية الى مناطق تابعة ل(صدريين )من الموالين للزعيم الشاب مقتدى الصدر واخرى (للبدريين) كما يطلق عليهم , اي الموالين لعبد العزيز الحكيم.
فتشاهد صورهم تعلق وسط الشوارع فصور ال الصدر تتملئ مدينة الصدر والوشاش ,و صور ال الحكيم تملئ مدينة الكاظمية والاسكان والكرادة .
كمابدأت تثار المخاوف من اجتياح المناطق الشيعية الفقيرة الحال لمنازل السنة المترفة المجاورة لها, فقد اغلقت الطرقات الواصلة بين هذه المناطق.
مايحدث في جانب الكرخ يحصل في الرصافة لكن بوطأة اقل بكثير من الكرخ, رفل مدرسة 34سنة تسكن شارع فلسطين تقول"الرصافة افضل بكثير لايوجد فيها اغتيالات مثل الكرخ لكن التفجيرات مستمرة والمحال تبقى لغاية ال6مساءا ولدينا حركة مرور لاباس بها لكن الخطريبقى في الكرخ".
مايحصل في عاصمة الرشيد اليوم بات عصي على حكومة المالكي ان تسيطر عليه فقد اصبحت تتفرج على مسلسل العنف اليومي ,حالها حال اي بغدادي يقف على مسافة امتار من اي من حادث يحصل امامه ويحمد الله على سلامته منه , اخبروني بالله عليكم , اليس الاجدر بالحكومة المنتخبة التنحى عن منصبها ,ونسلم نحن امرنا بالله بان لاحكومة صارمة لدينا ولا قانون وانما السيادة لشريعة الغاب في العراق .
انتهى.
#رشا_الطيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟