محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 1977 - 2007 / 7 / 15 - 10:43
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
أزمة جديدة تضاف إلي جملة الأزمات التي تتوالد من كتب التراث الإسلامي والتي تتناقض مع بديهيات العقل البسيط , وأسس الفطرة الإنسانية السليمة , فهذه المرة ليست مختصة بما تم التعارف عليه بواسطة علماء الجهالات , أو منظري السفالات , أو مقعدي القواعد لكافة أمور الخيابات , أو من علماء أرادوا لأنفسهم الخروج من دائرة الظل إلي حيث دائرة الضوء والإعلام , فكان إنتشارهم مصيبة , والتعرف عليهم كارثة , وتطبيق فتاواهم عودة للخرافة والجاهلية في أثوابها القذرة , ومنظرها القميء , فليس الأمر مقتصر علي البول المقدس أو النخامة المقدسة , وليته إقتصر علي شرب الدم المقدس الناتج من حجامة النبي صلي الله عليه وسلم , أو ليته كان مقتصراً علي رضاع الكبير الذي نسبوه في روايته إلي الرسول الأكرم , ولكن هذه المرة يقتصر الأمرعلي إتيان المرأة من دبرها وإباحته بين الأزواج علي هدي من إجتهادات فقهاء وعلماء الإسلام , أولئك الذين وكأن بينهم وبين الإسلام قدر عظيم إما من العداءات , وإما من الجهالات , لأنهم وكأنهم في حالة من حالات المخاصمة للإسلام , ورميه بكل الجهالات والسفالات , وفي حقيقة الأمر نري أن الإسلام بريء من هذه الجهالات والسفالات , والذي يتوجب أن يرمي بها هؤلاء المشايخ وأدعياء العلم بالدين من أصحاب الوصايات الكاذبة !!
ولما كانت جراح أزمة بول الرسول المقدس , ونخامته ودمه المقدس , ولما كانت فضيحة أزمة رضاع الكبير لم تتواري تحت جنح النسيان , إلا أن البعض مازال مصراً علي إفتعال الأزمات والمشاكل واستخراجها من كتب التراث وكان الإصرار العمدي علي كشف المستور من الخيابات , والسفالات , وكل ما يتناقض مع العقل ويتخاصم مع الفطرة السليمة , فكان أن ورد بصحيفة المساء القاهرية الصادرة يوم 29 6 2007 في الإجابة عن سؤال هذا نصه:
هل تجوز ملاعبة الزوجة أو مباشرتها وهي في فترة الحيض والنفاس ؟
وكانت الإجابة الصدمة منطوقها في الآتي :
يجيب الشيخ أحمد جمال عبدالناصر إمام وخطيب بأوقاف القاهرة مباشرة الرجل وملاعبته لامراته في فترة الحيض أو النفاس علي ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يباشرها بالجماع في الفرج فهذا حرام باجماع المسلمين وبنص القرآن قال الله تعالي: "ويسألونك عن المحيض قل هو أذي فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتي يطهرن" "البقرة: 222".
القسم الثاني: المباشرة فيما فوق السرة وتحت الركبة بالقبلة أو المعانقة أو اللمس أو غير ذلك وهو حلال باتفاق العلماء.. انظر شرح مسلم "للنووي" و"المغني" "1/414".
القسم الثالث المباشرة فيما بين السرة والركبة في غير القبل والدبر وذهب إلي جوازه الإمام أحمد واختاره بعض الحنفية والمالكية والشافعية , قال النووي هي الاقوي دليلا وهو المختار واحتج القائلون بالجواز بأدلة من القرآن والسنة:
أما القرآن فاحتجوا بالآية السابقة: "فاعتزلوا النساء في المحيض ولاتقربوهن حتي يطهرن "البقرة 222" قال أحد العلماء: المحيض هو زمان الحيض ومكانه. ومكانه وهو الفرج فما دامت حائضا فوطؤها في الفرج حرام وقال ابن قدامة في "المغني" "1/415": فتخصيصه موضع الدم بالاعتزال دليل علي اباحته فيما عداه.
وأما السنة فروي مسلم عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم فأنزل الله تعالي "ويسألونك عن المحيض قل هو أذي فاعتزلوا النساء في المحيض "إلي آخر الآية" فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه!!" ومعني "لم يجامعوهن في البيوت" أي لم يخالطوهن ولم يساكنوهن في بيت واحد قاله النووي وروي أبو داود عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلي الله عليه وسلم "أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقي علي فرجها ثوبا" قال الحافظ اسناده قوي وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وقال بعض العلماء: يحرم علي الزوج ان يجامع زوجته في فرجها وهي حائض وله أن يباشرها فيما عداه.
والأولي للرجل إذا اراد أن يستمتع بامراته وهي حائض أن يأمرها ان تلبس ثوبا تستر به ما بين السرة والركبة ثم يباشرها فيما سوي ذلك لما رواه البخاري ومسلم عن عائشة قالت: "كانت احدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها ان تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها" في فور حيضتها" أي: أوله ومعظمه قاله الخطابي وروي مسلم عن ميمونة قالت: "كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الازار وهن حيض".
قال ابن القيم في "تهذيب السنن" عند شرح حديث رقم "2167" من عون المعبود: وحديث "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" ظاهر في ان التحريم إنما وقع علي موضع الحيض خاصة وهو النكاح واباح كل ما دونه واحاديث الازار لا تناقضه لان ذلك ابلغ في اجتناب الاذي وهو أولي ويحتمل ان يفرق بين أول الحيض وآخره ويكون استحباب ستر ما بين السرة إلي الركبة خاصا بوقت نزول الدم بكثرة وهذا يكون في أول الحيض .
وهذا هو منطوق نص الإجابة علي الفتوي التي كانت بمثابة مصيبة جديدة من ضمنيات مصائب المخبؤ في كتب التراث الإسلامي والتي إستند من ضمنياتها المجيب عن التساؤل إلي كتاب صحيح مسلم والمغني لإبن قدامة المقدسي , وكتاب صحيح إبي داوود وكتاب تهذيب السنن لإبن القيم الجوزية وهذه كتب معتمدة في التراث الإسلامي , وجاءت تباشيرها بمصيبة أخلاقية وهي تقر بجريمة أخلاقية تخرج بها من دائرة المحرم إلي دائرة المباح حسب ما أسماه الفقهاء والعلماء بالإجتهاد في الدين , وكأن لواط الرجل بإمرأته عن طريق مباشرتها في الدبر أمراً ليس بمحرم أو منكراً يخالف الشيم والفضائل وتأباه النفس السوية والفطرة السليمة !!
ولا أنتظر من أحد الجهلاء , أو من أحد الصبيان أن يخرج بقول من الأقوال الموتورة المجهولة لينكر هذا الكلام علي مطلقاته فهذا هو ما سطر في كتب التراث الإسلامي المعتمدة , وهذا ماجرت عليه الأقوال والتفسيرات الموؤلة في التراث الإسلامي والتي ننكرها ولانوافق عليها , ولاندعي أن كل ما أقيم من بناء في التراث يستحق الهدم , وإنما ماخالف الدين , وخالف الفطرة السوية , وتناقض مع العلم والطب : وهذا فيما ينقله أحد الكتاب من كتب التراث عن مسألة مباشرة المرأة في دبرها ذاهباً إلي إستنكاره ورفضه ومستنداً إلي العديد من المرويات والمنقولات فيقول:
ولم يقتصر الأمر على هذا، بل أباحوا اللواطة [كذا] بالنساء، وَرَوَوْا أيضاً روايات نسبوها إلى الأئمة ، فقد روى الطوسي عن عبد الله بن أبي اليعفور [كذا] قال: ( سألتُ أبا عبد الله رضي الله عنه عن الرجل يأتي المرأة من دبرها. قال: لا بأس إذا رضيت، قلت: فأين قول الله تعالى: ( فأتوهن من حيث أمركم الله ) فقال: هذا في طلب الولد، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله، إن الله تعالى يقول: ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أَنَّى شِئْتُم ) الاستبصار 3/243...
ثم ذكر الكاتب روايتين أخريين في هذه المسألة.
وأقول: بغض النظر عن أسانيد هذه الأحاديث التي فيها ما هو ضعيف السند، فإن مسألة إتيان النساء من أدبارهن مسألة مختلَف فيها بين العلماء، وقد وقع الأخذ فيها والرَّد، فمنَعها مَن منَعها، وجوَّزها مَن جوَّزها، وقد ذهب إلى جوازه بعض الصحابة والتابعين وأئمة مذاهب أهل السنة.
قال القرطبي: وممن نُسب إليه هذا القول سعيد بن المسيب ونافع وابن عمر ومحمد بن كعب القرظي وعبد الملك بن الماجشون، وحُكي ذلك عن مالك في كتاب له يُسمَّى كتاب السر، وحُذّاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب...
وذكر ابن العربي أن ابن شعبان أسند جواز هذا القول إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من روايات كثيرة في كتاب (جماع النسوان وأحكام القِرَان)، وقال الكيا الطبري: وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه كان لا يرى بذلك بأساً
وقال ابن قدامة في المغني: ورُويت إباحته عن ابن عمر وزيد بن أسلم ونافع ومالك، وروي عن مالك أنه قال: ما أدركتُ أحداً أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال
ولا بأس بنقل ما ذكره السيوطي في الدر المنثور مع طوله، فإن فيه فوائد كثيرة.
قال السيوطي: أخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وتفسيره والبخاري وابن جرير عن نافع قال: قرأت ذات يوم ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ ) قال ابن عمر: أتدري فيم أنزلت هذه الآية؟ قلت: لا. قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن .
وأخرج البخاري وابن جرير عن ابن عمر ( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال: في الدبر.
وأخرج الخطيب في رواية مالك من طريق النضر بن عبد الله الأزدي عن مالك عن نافع عن ابن عمر في قوله ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال: إن شاء في قُبُلها، وإن شاء في دبرها.
وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده ، والطبراني في الأوسط، والحاكم وأبو نعيم في المستخرج بسند حسن عن ابن عمر قال: إنما نزلت على رسول الله (ص) ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) الآية رخصة في إتيان الدبر.
وأخرج ابن جرير والطبراني في الأوسط وابن مردويه وابن النجار بسند حسن عن ابن عمر: أن رجلاً أصاب امرأته في دبرها في زمن رسول الله (ص)، فأنكر ذلك الناس، وقالوا: أثفرها. فأنزل الله ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) الآية.
وأخرج الخطيب في رواية مالك من طريق أحمد بن الحكم العبدي عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي (ص) تشكو زوجها، فأنزل الله ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) الآية.
وأخرج النسائي وابن جرير من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر أن رجلاً أتى امرأته في دبرها، فوجد في نفسه من ذلك وجداً شديداً، فأنزل الله ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ).
وأخرج الدارقطني في غرائب مالك من طريق أبي بشر الدولابي... عن عبد الله بن عمر بن حفص وابن أبي ذئب ومالك بن أنس فرقهم كلهم عن نافع قال:
قال لي ابن عمر: امسك على المصحف يا نافع. فقرأ حتى أتى على ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ )، قال لي: أتدري يا نافع فيمَ نزلت هذه الآية ؟ قلت: لا . قال: نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها ، فأعظم الناس ذلك، فأنزل الله ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) الآية . قلت له : مِن دُبرها في قُبُلها ؟ قال : لا ، إلا في دبرها .
وقال الرفا في فوائده تخريج الدارقطني : نبأنا أبو أحمد بن عبدوس، نبأنا علي بن الجعد، نبأنا ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال: وقع رجل على امرأته في دبرها، فأنزل الله ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ ). قال: فقلت لابن أبي ذئب: ما تقول أنت في هذا؟ قال: ما أقول فيه بعد هذا؟
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأحمد بن أسامة التجيبي في فوائده عن نافع قال: قرأ ابن عمر هذه السور، فمرَّ بهذه الآية ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) الآية، فقال: تدري فيمَ أُنزلت هذه الآية؟ قال: لا. قال: في رجال كانوا يأتون النساء في أدبارهن.
وأخرج الدارقطني ودعلج كلاهما في غرائب مالك من طريق أبي مصعب وإسحاق بن محمد القروي كلاهما عن نافع عن ابن عمر أنه قال : يا نافع أمسك على المصحف. فقرأ حتى بلغ ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) الآية، فقال: يا نافع أتدري فيم أنزلت هذه الآية ؟ قلت : لا. قال: نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها ، فوجد في نفسه من ذلك، فسأل النبي (ص)، فأنزل الله الآية.
قال الدارقطني : هذا ثابت عن مالك. وقال ابن عبد البر: الرواية عن ابن عمر بهذا المعنى صحيحة معروفة عنه مشهورة.
وأخرج ابن راهويه وأبو يعلى وابن جرير والطحاوي في مشكل الآثار و ابن مردويه بسند حسن عن أبي سعيد الخدري أن رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس عليه ذلك ، فأنزلت ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ).
وأخرج النسائي والطحاوي وابن جرير والدارقطني من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس، أنه قيل له : يا أبا عبد الله إن الناس يروون عن سالم بن عبد الله أنه قال : كذب العبد أو العِلْج على أبي، فقال مالك : أشهدُ على يزيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر مثل ما قال نافع . فقيل له : فإن الحارث ابن يعقوب يروي عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر فقال : يا أبا عبد الرحمن إنّا نشتري الجواري، أفنحمض لهن؟ قال: وما التحميض؟ فذكر له الدبر، فقال ابن عمر: أف أف، أيفعل ذلك مؤمن؟ أو قال : مسلم؟ فقال مالك: أشهدُ على ربيعة أخبرني عن أبي الحباب عن ابن عمر مثل ما قال نافع.
قال الدارقطني: هذا محفوظ عن مالك صحيح.
وأخرج النسائي من طريق يزيد بن رومان عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر كان لا يرى بأساً أن يأتي الرجل المرأة في دبرها .
وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن علي قال: كنت عند محمد بن كعب القرظي، فجاءه رجل فقال: ما تقول في إتيان المرأة في دبرها؟ فقال: هذا شيخ من قريش فسَلْه . يعنى عبد الله بن علي بن السائب. فقال: قذر ولو كان حلالاً .
وأخرج ابن جرير عن الدراوردي قال: قيل لزيد بن أسلم: إن محمد بن المنكدر نهى عن إتيان النساء في أدبارهن. فقال زيد: أشهدُ على محمد لأخبرني أنه يفعله .
وأخرج ابن جرير عن ابن أبي مليكة أنه سُئل عن إتيان المرأة في دبرها، فقال: قد أردتُه من جارية لي البارحة، فاعتاصتْ عليَّ، فاستعنتُ بِدُهن .
وأخرج الخطيب في رواة مالك عن أبي سليمان الجرجاني قال: سألت مالك بن أنس عن وط ء الحلائل في الدبر، فقال لي : الساعة غسلتُ رأسي منه .
وأخرج ابن جرير في كتاب النكاح من طريق ابن وهب عن مالك أنه مباح .
وأخرج الطحاوي من طريق أصبغ بن الفرج عن عبد الله بن القاسم قال : ما أدركتُ أحداً أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال ـ يعني وطء المرأة في دبرها ، ثم قرأ ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) ثم قال : فأيُّ شيء أَبْيَنُ من هذا؟
وأخرج الطحاوي والحاكم في مناقب الشافعي والخطيب عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن الشافعي سُئل عنه، فقال: ما صحَّ عن النبي (ص) في تحليله ولا تحريمه شيء، والقياس أنه حلال.
وأخرج الحاكم عن ابن عبد الحكم أن الشافعي ناظَرَ محمد بن الحسن في ذلك ، فاحتج عليه ابن الحسن بأن الحرث إنما يكون في الفرج ، فقال له : فيكون ما سوى الفرج محرَّماً ؟ فالتزمه فقال : أرأيت لو وطئها بين ساقيها أو في أعكانها، أفي ذلك حرث ؟ قال: لا . قال: أفيحرم ؟ قال: لا . قال: فكيف تحتج بما لا تقول به ؟
قلت : هذه جملة وافرة من أحاديثهم الدالة على جواز إتيان المرأة في دبرها ، منقولة عن بعض الصحابة والتابعين وأئمة مذاهبهم، وما تركناه أكثر مما نقلناه .
ولا بأس أن نختم الكلام بما ذكره الراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء ، حيث ذكر أبياتاً من الشعر لهمام القاضي الذي أراد أن يطأ امرأة في دبرها على مذهب الإمام مالك، فنظم لها رغبته في هذه الأبيات:
ومَذعورةٍ جاءتْ على غيرِ موعدٍ تقنَّصْتُها والنَّجمُ قد كادَ يطلعُ
فقلتُ لها لما استمرَّ حديثُها ونفسي إلى أشياءَ منها تَطَلَّعُ
أَبِيْني لنا: هل تُؤمِنين بـمالكٍ؟ فإني بِحُبِّ المالكيَّةِ مُولَعُ
فقالتْ: نَعَمْ إني أدينُ بدينِهِ ومذهبُه عَدلٌ لديَّ ومُقْنِعُ
فبِتْنا إلى الإصباحِ ندعو لمالكٍ ونُؤْثرُ فتياهُ احتساباً ونتبع
وهذا ماخلص إليه بعض الكتاب ناقلاً من كتب التراث تلك المزريات من المرويات , ناهيك عما ورد في كتب التفاسير بداية من إبن كثير والطبري والقرطبي في تفسير الآية 222 من سورة البقرة , وكأن حياة المسلمين الأوائل لم تخلو إلا من هذه التفاهات والوساخات , وعلي إثر ذلك كانت الفتوي التي جاءت بصحيفة المسائي .
ويذهب أحد الباحثين وهو الدكتور: مسلم محمد جودت اليوسف
مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين والباحث في الدراسات الفقهية والقانونية
إلي أن : الاستمتاع بالزوجة الحائض والنفساء فيما تحت السرة وفوق الركبة عدا الفرج مباح للرجل الورع وضعيف الشهوة. ويذهب إلي القول بأنه :
استدل أصحاب هذا الاجتهاد على قولهم هذا بالأدلة التالية:
أولاً- القرآن الكريم:
قوله سبحانه وتعالى( فاعتزلوا النساء في المحيض ).
وجه دلالة هذه الآية أن المحيض اسم مكان الحيض ، فتخصيصه موضع الدم بالاعتزال دليل على إباحة الاستمتاع فيما تحت السرة ، وفوق الركبة عدا الفرج للرجل الورع ، وضعيف الشهوة .
ثانياً- السنة النبوية الشريفة:
1- قول الرسول الكريم ): اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) .
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رسول الله في المسجد فقال: (يا عائشة ناوليني الثوب ، فقال: إن حيضتك ليست في يدك فناولته ) .
3- عن جابر بن صبح سمعت خلاساً الهجري قال: ( سمعت عائشة رضي الله عنها ، تقول: كنت أنا ، ورسول الله نبيت في الشعار الواحد ، و أنا حائض ، وطامث ، فإن أصابه مني شيء غسل مكانه ولم يعده ، ثم صلى فيه ، وإن أصاب – تعني ثوبه – منه شيء غسل مكانه ، ولم يعده ، ثم صلى فيه (.
وجه دلالة هذه الأحاديث أن مفهومها يدل على جواز استمتاع الزوج الورع أو ضعيف الشهوة بزوجته الحائض بما تحت الإزار بين السرة وفوق الركبة عدا الفرج .
مناقشة الاجتهاد:
ذهب أبو العباس البصري من الشافعية إلى أن الاستمتاع بالزوجة الحائض ، و النفساء فيما تحت السرة ، وفوق الركبة عدا الفرج مباح للرجل الورع ، و ضعيف الشهوة ، وذلك لأن دلالة الآية) فاعتزوا النساء في المحيض ( أن المحيض اسم لمكان الحيض ، فتخصيصه موضع الدم بالاعتزال دليل على إباحة الاستمتاع ، فيما تحت السرة ، وفوق الركبة عدا الفرج للورع ، وضعيف الشهوة ، لأن شديد الورع ، وضعيف الشهوة لا يقع في المحظور .
ولكني أقف بين هذه السطور حزيناً مأزوماً بماورد من مرويات تبيح هذا الفعل خاصة وأن الدين الإسلامي قد أباح التعدد في الزوجات لأربع من النساء بخلاف العدد اللانهائي من ملك اليمين , فما الداعي لأن يكون هذا الفعل من الأمور المباحات , وذلك من أحاديث تم نسبتها للنبي الكريم محمد والذي كان تحت يديه تسع من النساء , وقد بلغ مجموعهم حسب أقرب تقدير ثلاثة عشرزوجة , إجتمعن معه في وقت واحد لحوالي تسع زوجات , فكيف يتم نسبة هذا الفعل للنبي الكريم , ولماذا يتم نسبة هذا الفعل في حله إلي أسانيد دينية مروية عن الرسول محمد , وتفاسير إبتنت علي التفسير والتأويل للقرآن الكريم ؟ بل وأين نحن من حديث : يامعشر الشباب من أراد منكم الباءة فليتزوج , ومن لم يستطع فعليه بالصوم , فإنه له وجاء .
فكيف يخاطب الإسلام الشباب لكي يعتلي بإنسانيتهم , وان يعتصموا بالصوم في حال عدم القدرة علي الزواج ثم يبيح , للمتزوج أن يباشر المرأة في دبرها , مع العلم بأن الإسلام إرتقي بالإنسان في سلوكياته وحرضه علي فعل الفضائل فكيف بنا بالمنقول من المرويات أن تهدم إنسانية الإنسان وتنحدر بها إلي سلوك لم يفعله الحيوان الذي لم يثبت أنه مارس تلك الرزيلة , بل ويمتنع عن وطء أنثاه مادامت أصبحت حاملاً , وفي غير أوقات الشبق ؟!!
ولكن لنا ملاحظة عن الطريقة التي وصلت لنا بها تلك المرويات , فهل من كان يجامع إمرأته في دبرها هل كان يجامعها في سوق من الأسواق حتي يعلم بهذا الأمر عامة الناس ومن ثم يحثوا عنه وبه , لدرجة أن يصل هذا الأمر إلي رسول الله , بل وكيف وصل الأمر من نساء الرسول إلي ابي هريرة و نافع , وأبو هريرة لم يثبت عنه أنه قد تزوج ونافع كان مولي لعبد الله بن عمر ؟
هل أحاديث غرف النوم في الإسلام من الأمور المباحات التي يصح في المفهوم الديني التحدث بها بالرغم من جملة الأحاديث التي تنهي عن ذلك , فكيف وصلت هذه الأحاديث إلينا عبر هذه المرويات والمنقولات ؟!!
أم أن من روي هذه الأحاديث قد رواها بطريق التجسس والتلصص علي الرسول وعلي الصحابة وجمهور المؤمنين ؟
أعتقد ان هناك خطأ كبير يجب تصحيحه وإعادة الوضع في نصابه الصحيح !!
بل واعتقد ان هناك أزمة خطيرة من الممكن أن ننسبها إلي البيئة التي كانت في الماضي العربي , والتي مازالت تتوارثها بعض المجتمعات العربية , ليس فقط مع النساء في الدبر , بل و مع الرجال والصبيان والغلمان كذلك, فهل البيئة العربية القديمة كانت تمارس هذه الفعلة وتم توارثها من جيل إلي جيل آخر حتي عصرنا الحاضر ؟!!
وماذا يمكن لنا أن نقول عن قوم لوط عليه السلام ؟!!
هل من وقفة ؟:
وبالرغم مما تم سرده من مرويات وأقوال تحتمل التأويل والتفسير في مردوداتها العقلية و النقلية , إلاأنه هناك جملة من المرويات التي تذهب إلي حرمة هذا الفعل , وتذهب في إستنادتها النقلية والعقلية إلي أن هذا الفعل يمثل اللواطة الصغري , وأن هذا الفعل من الأفعال التي تأباها النفس السوية , والفطرة السليمة , ولكن حسب مفاهيم المرويات والمنقولات والأقوال المفسرة والمؤولة للنصوص , فإنه ليس من حق أحد أن يتهكم علي الآخر لأن المسالة خلافية بين إقرار الحل , أو إقرار الحرمة , ومابين الحل والحرمة المختلف فيهما , فلايجوز والحال كذلك أن ينكر طرف علي الطرف الآخر فعلته , لأن مايراه هو حلالاً بيناً , فإن الآخر يراه حراماً بيناً , وستظل المأساة قائمة إلي أن يقف العلماء موقفاً جريئاً شجاعاً من المرويات والمنقولات التي أعطاها العلماء أنفسهم علي مر الأزمان قدر عظيم من القداسة , لدرجة أنه لو تم ذكر كتاب معين من الكتب التراثية , أو إمام من الأئمة , أو شيخ من الشيوخ , فالغالبية يتوجب عليهم إبداء كافة فروض الولاء والطاعة , في حين أن تقديس اللامقدس قد أوردنا المهالك , ومن ثم لزم تنقية وغربلة التراث الإسلامي من كافة المرويات التي تتناقض مع الحقائق العلمية والطبية الحديثة , وكذلك كافة المرويات التي يظهر منها معاداتها المعاداة الشديدة للعقل , لأن الأمر بهذه الصورة يبدو في أحيان كثيرة في صور متعددة من حالات الإحتراب بين المرويات من جهة وبين العلم والعقل من جهة أخري , وكأن هناك صراع لن تنفصم عراه إلا بهزيمة تلك المرويات سواء أراد الأوصياء علي النصوص والمرويات , أو لم يريدوا ذلك , لأن الفطرة السليمة والسوية لاتتناقض مع الدين , ولاتتحارب مع العقل والعلم .
فهل من وقفة أمام هذا الطوفان الجارف من المرويات الخائنة للدين بأخلاقياته وشمائله العظيمة من جهة , والخائنة للعقل والعلم والطب من جهة أجري ؟!
أعتقد أن الأزمة ستظل قائمة !!
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟