أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هاشم نعمة - العراق: الخصوبة السكانية والمتغيرات الاجتماعية- الاقتصادية- الجز الثاني















المزيد.....

العراق: الخصوبة السكانية والمتغيرات الاجتماعية- الاقتصادية- الجز الثاني


هاشم نعمة

الحوار المتمدن-العدد: 1975 - 2007 / 7 / 13 - 11:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


التوزيع الجغرافي للخصوبة

يلاحظ انخفاض الولادات الحية المسجلة في أغلب المحافظات (باستثناء محافظات اقليم كردستان) عام 2003 مقارنة بعام 2002 وكانت اكبر نسبة انخفاض في الأنبار(-40,3%) وأقلها في التأميم (-1,8%) وشهدت محافظات أخرى ارتفاعاً في الولادات أعلاها في ميسان (11,7%)( ) ومن رأينا أن نسبة هذا الانخفاض وبالأخص في الأنبار لا يمكن أن تكون واقعية. ورغم قصر الفترة الزمنية لهذه المقارنة إلا أنه من الصعب تفسير هذه التباينات إذ يمكن أن يكون جزءاً منها ناتجاً من الانخفاض العام للخصوبة وآخر ربما نتج من صعوبات تسجيل المواليد الجدد بسبب ظروف الحرب في عام 2003 أو النزوح الاضطراري الذي رافقها.

بالنسبة للتوزيع الجغرافي لمعدل الخصوبة الكلي حسب المحافظات للفترة 1999-2003 فيلاحظ أقل معدل يتراوح بين 3,1 -3,2 يوجد في بغداد فقط أما بقية المحافظات فتنقسم إلى قسمين غربي وعدد المحافظات فيه سبع يتمثل فيها أعلى معدل يتراوح بين 4,4-5,5 وشرقي معدلها فيه بين 3,3-4,3 كما في الشكل رقم (2) وهذا التوزيع لا يعكس تفاوتات حادة بين المحافظات اما تفسيره فيبدو انخفاضه في بغداد راجع إلى أن بنيتها الاجتماعية –الاقتصادية أكثر تطوراً من بقية المحافظات كون بغداد هي العاصمة وتضم أغلب المؤسسات الصناعية والتجارية والتعليمية والثقافية والصحية. فمثلا يتمتع سكانها بأعلى نسبة في معرفة القراءة والكتابة بين 71-78% حسب مسح الأحوال المعيشية في العراق عام 2004 وبأعلى نسبة للنساء العاملات 9% في عام 1987 أنظر جدول رقم (2). وتطورهذه البنية يكون على علاقة عكسية مع مستوى الخصوبة. أما بقية المحافظات فليس من السهل تعليل تباين معدلاتها لكن ربما ساهم انفتاح أغلب المحافظات الواقعة في القسم الغربي على الصحراء ولما لهذا الأمر من علاقة مع المد البدوي الذي جاء إلى العراق من الغرب في فترات مختلفة حيث تحبذ التقاليد البدوية عدد الأطفال الأكثر. إضافة لعوامل اخرى لا تتوفر المعطيات بصددها لمعرفة مدى تأثيرها على الخصوبة.

شكل رقم (2) معدل الخصوبة الكلي حسب المحافظات للفترة 1999-2003 ( )


العوامل المؤثرة في الخصوبة

هناك مجموعة واسعة جداً من العوامل التي تؤثر في حركة الخصوبة بايولوجية وديمغرافية (البنية العمرية والهجرة والوفيات) واجتماعية- اقتصادية وسياسية ودينية وحضارية وثقافية ونفسية والحروب والنزاعات وغيرها. وتعد دراسة هذه العوامل مهمة في تفسير اتجاهات نمو السكان وبنيتهم الديمغرافية وفي أبحاث تنظيم الأسرة. وبما أن الولادة عملية بايولوجية للذكور والإناث فأن كل ما يؤثر على طبيعة علاقة الإنجاب بينهما يؤثر في حركة الولادات. وبما أن الغالبية العظمى من المواليد في العراق تحدث في ظل علاقات زوجية شرعية فأن كل ما يؤثر فيها يؤثر في الإنجاب.

بعض العوامل يكون عارضاً مؤقتاً وبعضها أكثر ثبوتاً ويمكن تقسيمها إلى عوامل داخلية وسيطة تتعلق بوسط الحمل نفسه وعوامل خارجية تؤثر في مجمل الإنجاب وجميع هذه العوامل في كل الحالات مترابطة على الدوام يصعب معها تعليل تباين الخصوبة بعامل واحد.( )

مقارنة مع الدول الأقل خصوبة يمكن دراسة وتحليل العلاقة بين مستوى الخصوبة والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والحضارية. وتقود هذه الطريقة إلى الافتراض بأن معظم العوامل التي يعتقد بأنها مسؤولة عن انخفاض الخصوبة في الدول المتقدمة فأنها تكون مسؤولة وبطريقة عكسية عن استمرار المستويات العالية للخصوبة في الدول النامية. ( ) رغم المؤشرات الواضحة لانخفاضها.

تاريخيا يُعزى انخفاض الخصوبة في الدول المتقدمة إلى إتحاد مجموعة معقدة من العوامل التي ترتبط بعمليات التصنيع والتحديث والتطور الاقتصادي والاجتماعي. مثل هذه العوامل تكون في العادة متشابكة وغير متجانسة.( )

إن ما يسمى بالانفجار السكاني في الدول النامية هو نتيجة ومظهر للعملية المعقدة التي بدأت في أعوام الاستقلال عملية تحديث النمط القديم أوالتقليدي لاعادة انتاج السكان الموروث عن الفترة الاستعمارية سوية مع التخلف الاقتصادي والثقافي. ففي ظل النمط التقليدي لاعادة الانتاج الطبيعي والملازم لطبيعة التشكيلات ما قبل الرأسمالية كان التوازن الديمغرافي يقوم على عاملي الولادات والوفيات المرتفعين إلى أقصى حد بينما كانت المعدلات السنوية لنمو السكان في المستعمرات والبلدان التابعة على امتداد النصف الأول من القرن العشرين أكثر بطأ مما في الدول الاستعمارية إذ بلغت 1% تقريباً.( )

التغيرات الديمغرافية والاقتصادية في العالم في العقود الأخيرة تتيح الاستنتاج بأن الانتقال التاريخي من "الانفجار السكاني" إلى الوضع المستقر لعدد السكان ليس عملية ذاتية الضبط بل تتوقف على عوامل اجتماعية – اقتصادية. فالتطور الاجتماعي- الاقتصادي شرط لابد منه لأجل الانخفاض الملموس والدائم لوتائر نمو السكان( )


من الواضح أن نمو السكان يتوقف على مجموعة كبيرة من العوامل ذات الطابع الاجتماعي – الاقتصادي مثل درجة سيطرة الإنسان على الطبيعة ومدى تطور قوى الإنتاج في المجتمع وطبيعة علاقات الإنتاج السائدة فضلا عن مجموعة أخرى من العوامل الاجتماعية والقيمية مثل العادات والتقاليد ونظام القيم ...إلى آخره. فكل هذه العوامل يتفاعل بعضها مع البعض الآخر لتؤثر في النهاية في السلوك الديمغرافي للإنسان. هذا يعني أن السلوك الديمغرافي للبشر ليس مجرد ميل غريزي للتكاثر كما هو الحال بالنسبة للكائنات الحية الأخرى وإنما هو سلوك اجتماعي على درجة عالية من التعقيد ( ) لأنه يتوقف على المحيط الاجتماعي –الاقتصادي الذي يعيش فيه السكان. وهنا نجد أن هذا المحيط وما يحتويه من عوامل ومؤثرات يشكل الأساس الموضوعي لنمو السكان وبالتالي التأثير في مستوى خصوبتهم. لذلك لدى البحث في العمليات الديمغرافية بكل تنوع عواملها ذات التأثير المتبادل يؤكد الماركسيون المعاصرون على الدور الأول للعوامل الاجتماعية- الاقتصادية في التأثير على هذه العمليات.

للأسرة الكبيرة اعتبار اجتماعي مهم في الريف العراقي وقد انتقل هذا الاعتبار إلى المدن بفعل الهجرة الريفية –الحضرية إذ بلغت نسبة الأسر التي يتراوح عدد أفرادها بين خمسة إلى عشرة حوالي 60,5%. وتلك التي يزيد أفردها على عشرة بلغت 11,3% من مجموع الأسر في التعداد السكاني لعام 1965 . وبلغ المتوسط العام لحجم الأسرة المعيشية 7,14 وفي الحضر 6,94 والريف 7,65 في تعداد 1987 ( ) وانخفض إلى 6,4 و6,1 و7,4على التوالي في مسح عام 2004. ( ) كما تؤثر النظرة الاجتماعية في تفضيل المواليد الذكور في الإقبال على الإنجاب في حالة تكرار ولادات الإناث ( ) و ينطبق هذا على المدن بدرجة أقل.

ويؤدي الحافز الاقتصادي لزيادة عدد الأولاد إلى الإقبال على الزواج المبكر في المناطق الريفية على الأخص. حيث أن ثمن العمل الذي يوفره الأولاد هنا أرخص من ثمن رأس المال. خصوصا أن تكلفة تربية الأطفال في هذه المناطق تعد زهيدة جدا بالقياس لظروف المعيشة السائدة إضافة للفائدة التي تعود على الزوج من مشاركة الزوجة في العمل طوال النهار.( )

في المناطق الأقل تطوراً هناك أهمية مركزية تحتلها الروابط الأسرية وروابط النسب والقرابة في حياة أغلب المجتمعات ما قبل مرحلة التطور الصناعي. وهناك مدى واسع من النشاطات الذي يتضمن الاعتماد المتبادل بين الأشخاص الأقرباء خصوصاً الأطفال. هذه النشاطات تشمل الإنتاج والاستهلاك ونشاطات وقت الفراغ من العمل والمساعدة أثناء المرض وعند التقدم في السن والكثير من النشاطات الأخرى التي تتم تغطيتها من قبل المؤسسات غير العائلية في المجتمعات الحديثة. وفي المجتمعات الأقل تطوراً يكون العدد الكبير من الأطفال مرغوب فيه إذ أن القيم الاجتماعية التي تعد جديرة بالاهتمام يحصل عليها من خلال الروابط العائلية بدلا من المؤسسات الاجتماعية الأخرى. أنظمة القرابة هذه تعطي بصورة عامة تحفيزاً قوياً للخصوبة العالية حيث أن العدد الأكبر من الأطفال يقيم كونه يساهم في تقوية الجماعة اقتصادياً وعسكرياً ويساهم في تأكيد استمرارها. ( ) هذا الكلام ينطبق بدرجة كبيرة على المناطق الريفية العراقية وبدرجة أقل على المدن لأن البنية الاجتماعية والاقتصادية الحضرية ابتعدت عن تلك العائدة للريف رغم أنها تستمر لفترة غير قليلة تحمل رواسب القيم الاجتماعية الريفية

لعل ابرز الدراسات في هذا المجال ما قام به دافيز وبليك حيث رأيا أن التغيرات التي تحدثها العوامل الاجتماعية والاقتصادية على الخصوبة لا يمكن أن تتم إلا عن طريق ما تحدثه من أثر على أحد أو بعض العوامل الوسيطة والتي تأثر بالتالي تأثيراً مباشراً في الإنجاب.

هناك علاقة قوية بين مستوى الخصوبة ودرجة التقدم الاقتصادي والاجتماعي مثل مؤشرات نصيب الفرد من الدخل القومي ومن الطاقة المستهلكة ونسبة الأيدي العاملة في الحرف غير الزراعية ودرجة التحضر العمراني ونسبة الأمية وسط الإناث وغير ذلك. وقد حُسب معامل الارتباط بين هذه المؤشرات وتأكدت بموجبه العلاقة القوية بين الخصوبة وكل من هذه المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية.( ) ونظراً لعدم توفر أرقام دقيقة تخص هذه المؤشرات والبيانات الحيوية في العراق فمن الصعب حساب معامل الارتباط مع الخصوبة.

كذلك فأن زيادة الفهم في هذا الموضوع قادت مثلا إلى التأكيد بأن تأثير التعليم على الخصوبة لا يعتمد فقط على التطور الاجتماعي-الاقتصادي وإنما يعتمد أيضاً على الإرث الثقافي للمجتمع والتنظيم الاجتماعي ونظام القرابة خصوصاً نظام التصنيف الجنسي السائد في المجتمع.( )

ويمكن أن تساهم البطالة الموسمية في الريف العراقي في زيادة معدلات الخصوبة. خصوصاً في ظروف قلة أو انعدام وسائل التسلية والرفاه الاجتماعي وكثرة الفراغ اليومي الأمر الذي يزيد من فرص الاتصال الجنسي. ( ) إجمالاً هناك الكثير من العوامل المؤثرة في مستوى الخصوبة مثل مكانة المرأة في المجتمع، المهنة، مستوى التعليم، الدين، نمط الزواج، البنية العمرية، الهجرة، الوفيات، الحروب والسياسة السكانية وغيرها.



#هاشم_نعمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق: الخصوبة السكانية والمتغيرات الاجتماعية- الاقتصادية- ...
- تزايد هجرة الطلاب
- أنماط هجرة الكفاءات العلمية
- هولندا: تغير اتجاهات الهجرة السكانية الخارجية
- سمات البنية السكانية للمهاجرين العراقيين في هولندا
- انخفاض الخصوبة السكانية للمرأة العراقية في دول المهجر
- العلاقة بين الخصوبة السكانية ومكانة المرأة في المجتمع
- قراءة في كتاب - الحياة اليومية في بلاد ما بين النهرين قديماً ...
- *الهجرة الريفية-الحضرية ... الأسباب والمعالجات
- سيمنار حول التحول الديمقراطي في العراق
- الهجرة السكانية وتجارة البشر في الشرق الأوسط-الجزء الثاني
- الهجرة السكانية وتجارة البشر في الشرق الأوسط- الجزء الأول
- 1900- 1962 ،قراءة في كتاب - المهاجرون والتمييز العنصري الجزا ...
- (الهجرة السكانية وظاهرة العولمة ( الجزء الثاني
- (الهجرة السكانية وظاهرة العولمة (الجزء الأول
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ...
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ...
- ملاحظات في السكان والتنمية
- نظرة في الجغرافية الانتخابية
- هل من سياسة سكانية في العراق ؟


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هاشم نعمة - العراق: الخصوبة السكانية والمتغيرات الاجتماعية- الاقتصادية- الجز الثاني