أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة لاشكر - انسان خلف قضبان الإعاقة














المزيد.....

انسان خلف قضبان الإعاقة


سعيدة لاشكر

الحوار المتمدن-العدد: 1972 - 2007 / 7 / 10 - 11:04
المحور: الادب والفن
    



غادر الدرب الضيق المظلم مستعينا بعصاه الخاصة ومستعينا بضيق الدرب, يمرر العصى بمحاداة الجدار ويده الأخرى تتلمس الجدار المقابل, إلى أن وصل أخيرا لنهايته المنفتحة على الشارع الواسع, المليء بصخب السيارات والمارة و المضيء بأشعة الشمس المتوهجة لكن رغم هدا لم تتغير الصورة في عينيه, فما زالت كما هي ظلام في ظلام, سواد في سواد لا يرى شيئا ولا يميز شيئا.

انتقل للجانب الأيمن من الدرب, مازالت يده على الحائط وما زالت العصى تدق الأرض دقا رتيبا, أحيانا تنبهه لوجود حفرة صغيرة أو حجرما وأحيانا أخرى تنسى فتوقعه في مشاكل جمة, لكن وبفعل السنوات فقد تعود عليها وأصبحت يده الخبيرة تمررها في كل النواحي التي تسير فيها قدماه, لدا بات من الصعب أن تعرقله الأرض, أما دونها فمحتمل جدا, وصل للسور الحديدي عبتت يده بقضبانه إلى أن وصل للبوابة التي ما إن تجاوزها حتى استقبله البواب ممسكا بيده ليعبرو الدرجات المفضية للداخل, هنا كان أول تواصل له مع دوي اعاقته في هذه الدار دار ’المعاق ودوي الإحتياجات الخاصة’ تعلم ما لم يسمح له مجتمعه بتعلمه, تعلم القراءة الخاصة بالضرير, لعب بألعاب وحمل الأقلام وكون أصدقاء كل هذه الأشياء كانت شغله الشاغل حين كان صغيرا, أما الآن فقد كبر وكبرت أفكاره وأصبحت تتجاوزاللعب والمرح وتتجاوز هذه الشكليات لتغوص في الأعماق, أعماق الأشياء التي لم يكن يشعر بها وهو طفل, أوصله البواب للكرسي حيت يجلس بجانب الطاولة الخشبية الصلبة, جلس صامتا وتفكيره هائم, أصبح الآن تفكيره منصبا حول الغد, حول المستقبل, بعد أن كان لا يهمه إلا أن يعيش يومه بساعاته ودقائقه, نضج عقله ونضج معه ذلك الركن المنزوي داخل قلبه ذلك الركن الذي يصرخ منذ البداية ليقول كلمة واحدة ’ وماذا بعد’ كلمة واحدة لكنها قادرة في لحظة أن تتفرع لمئات الكلمات, ماذا بعد اللعب؟ ماذا بعد التواصل؟ ماذا بعد زول مصدر مصروفه الوحيد؟ ماذا بعد مجيئه للدار يوميا؟ ماذا بعد سن التلاتين؟ ماذا بعد سن الأربعين؟ ماذا بعد سن السبعين؟ كيف سيعيش؟ كيف سيتأقلم؟ كيف سيموت؟ أسيكون بجواره أحد عندما يكون على فراش الموت؟ وبفعل كل هذه الأسئلة تتدفق الآحزان, تتدفق مشاعر كثيرة, يأس, سأم, حسرة, ضياع, وعجز, عجز كبير.

قاطعه عن أفكاره صوت صديقه الضرير أيضا الذي جلس بجواره بعد التحية والسلام سأله الصديق سؤالا عجيبا:
- إذا سألتك ماذا تريد أن ترى في هذا العالم فبماذا ستجيب؟
أجاب وكأنه طالما انتظر هذا السؤال:
- لو منحت نعمة البصر فأحب أم أرى ملامح كل الناس المحيطين بي, وأحب أن أرى الشمس, أن أوجه عيني نحوها مباشرة, أحب أن أرى المحيط, هذا البحر الواسع من الماء الذي يحكى عنه, أحب أن أملأ عيني بنسيمه المميز وأحب أن أبصر الطبيعة الأشجار, الأعشاب , الأزهار من كل الألوان , الأنهار, الجداول, الطيور, الفراشات والنحل وأن أتدوق وجبة وأنا أراها بعيني, وأن أتحدت مع شخص وأنا أتمعن في عينيه, وأن أجري بأقصى سرعتي والريح تلفح وجهي والمطر يتصبب فوق رأسي أجري ولا تهمني العوائق ولا ألقي بالا بالمطبات, وآخر شيء أحب أن يرى كل الناس هذه الأشياء من وجهة نظري أنا, وأن يعلمو أن الله أنعم علينا بنعم كثيرة تستوجب الشكروالإمتنان في كل يوم مئة مرة أو ألف مرة. ربما هم لا يحسون بها ولا يشعرون بها يمكن لأنهم ألفوها تمكنو منها حتى أصبحت من المسلمات لذيهم لكن إن فكرو في عدها فهم بالتأكيد لن يستطعو أبدا لذى فهم لن يفكرو في ذلك بل سيتركون التفكير لنا نحن...



#سعيدة_لاشكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجمل إحساس
- أقلام سوداء
- أخوة
- الخادمة
- امراءة بين ذئاب الحياة
- ضمير ضاع في الأنقاض
- فراق
- آآه منك يا قدر
- صياد القلوب
- رحلة إلى الريف
- زينب
- طريق بلا رصيف
- من مذكرات إنسانة
- ذكريات منسية
- يا بشر أحبو رسول الله
- مذكرات إنسانة
- شابة على قارعة القدر
- أانسان أنت أم أنك دكرى انسان
- وردة أنت وغيرك أشواك
- رسالة الى صديقي


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة لاشكر - انسان خلف قضبان الإعاقة