أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ايت وكريم احماد بن الحسين - ابتسامة المهزومين















المزيد.....

ابتسامة المهزومين


ايت وكريم احماد بن الحسين
مدون ومراسل

(Ahmad Ait Ouakrim)


الحوار المتمدن-العدد: 1974 - 2007 / 7 / 12 - 10:08
المحور: كتابات ساخرة
    


الإهداء إلى أبناء المغرب الذين أتوا إلى هذا العالم إبان الاستقلال ، والى الذين ولدوا في فترة الاستثناء التي عرفها مغرب الاستقلال.
إليكم جميعا أهذي هذا المقال المنشور في جريدة المساء «التي تصدر كل صباح» لصاحبها الأستاذ رشيد نيني صاحب عمود «شوف تشوف » ليومه 06/07/2007 هذا العمود الذي ابكى البعض من المغاربة وأحيى ذكريات مرة على البعض الأخر في مغرب اليوم، وما زلنا نعيش نفس الإيقاع لكن باليات جديدة وطرق أخرى، ولا اعتقد أن هذه الحالة تخص المغاربة فقط، وان كنت متيقنا أن بعض العرب الآخرين قد عاشوا نفس التجربة أو أكثر احماد بن الحسين ايت وكريم «المضطهد الامازيغي بقرية الدعارة المملكة المغربية الشريفة **مع وقف التنفيذ**»، مع أسمى عبارات التقدير والاحترام، ولكم نص المقال الحامل للعنوان التالي:

ابتسامة المهزومين

فجأة جئنا ونزلنا ضيوفا على عائلاتنا الكثيرة الأطفال. بعضنا جاء بسبب خطأ جسيم في حساب دورة والدته الشهرية وبعضنا الآخر جاء عن سبق إصرار وترصد. جئنا ووجدنا قبلنا إخوانا لنا وأخوات، وانتظرنا أن يتركوا لنا أحذيتهم وملابسهم التي لم تعد على مقاساتهم. انتظرنا أن يتركوا لنا دفاترهم المستعملة وسلسلة مطالعة «اقرأ» التي سنتوارثها بالدور مثل ثروات ثمينة، لكي نتركها نحن أيضا للذين سيأتون بعدنا.
الأمهات يحملن بنا بانتظام كل سنة، والآباء يفتلون شواربهم الصفراء بسبب المرق والتبغ الرديء ويقولون عندما نطلق صرخة الحياة أن كل واحد منا ينزل من بطن أمه ينزل متأبطا خبزه. أرسلونا إلى الفقيه ليحفظنا سور القرآن في الصباح، وفي المساء جداول الضرب والقسمة ومحفوظة «قولوا معانا يا اللي تحبونا تحيى مدرستي أمي الحنونة». تحملنا سوط الفقيه وبرودة الحصير ورائحة الصلصال في الشتاء ونحن نحك به ألواحنا الخشبية. وفي الصيف تحملنا شمس غشت وحاربنا الملل بالسباحة في وديان آسنة مشكوك في نظافتها. عندما جعنا اقتلعنا جذور النباتات ومصمصنا سيقانها الحامضة، وعندما عطشنا شربنا من ماء العين ذي الطعم الغريب، تلك التي اكتشفنا عندما كبرنا أنها كانت مخلوطة بقنوات الواد الحار.
تعلمنا الصلاة لنصير أطفالا صالحين، وبدأنا نذهب إلى نافورة المسجد لنتوضأ ونرش المياه ونبلل ثياب بعضنا البعض. طردنا الإمام الملفوف في جلابيبه الكثيرة، توعدنا بأن يغطس رؤوسنا الصغيرة في حوض المياه حتى نختنق واحدا واحدا. خفنا وهربنا من المسجد. ذهبنا إلى ضريح الولي الصالح نلهو حوله. نأكل التمر والتين المجفف الذي تجلبه النساء وتوزعنه على الفقراء الذين يتزاحمون أمام باب المقبرة. سرقنا شمع الولي الصالح وأضأنا به أزقتنا المظلمة التي تسرق البلدية ثمن مصابيحها. نهبنا السكر الذي تضعه النساء قرب قبره، وأكلناه مع الخبز. الولي الصالح سيسامحنا لأنه يعرف أننا مجرد أطفال جائعين. عندما ننتهي من ضريح الولي الصالح نمر بمقبرة النصارى حيث القبور مزينة بصور أصحابها وبورود رخامية ملونة. ما أشد اختلاف قبورهم عن قبورنا، قبور المسلمين يكبر فوقها الشوك وقبور النصارى مغطاة بأكاليل الورد.
أدخلونا إلى المدرسة الحكومية لنتعلم النحو والقواعد ودروس التاريخ حيث الملوك يتوارثون المغرب أبا عن جد. وكلما جاء أحدهم إلى الحكم أسس مسجدا وماريستانا وسك النقود باسمه. بدأنا نتهجى التلاوة الفرنسية حيث ترعى عنزة السيد سوغان والطفل الأسود باليماكو.
تلعثمنا كثيرا قبل أن ننطق حروفنا الأولى بالفرنسية، مينا جولي مينا ميكي جولي ميكي. تبولنا في محبرات بعضنا البعض على سبيل اللهو. حفرنا عشرات الأمتار المربعة بحثا عن جذور تلك النبتة البرية التي عندما تحكها على قفا التلميذ يتحول من طفل وديع إلى بغل هائج. مددنا أكفنا الصغيرة والمرتجفة للعصا، وعندما عذبنا معلمونا بالضرب نزلنا إلى الحقول نبحث عن تلك النبتة السحرية التي عندما تحكها فوق راحة يدك تصبح مستعدا لتحمل عصا المعلم بلا بكاء. ومع ذلك آلمنا كل شيء. آلمونا وهم يضربوننا بينما نحن أمام باب السينما ننتظر الأونطراكت. ضربونا ونحن ننتظر ربع الساعة الأخير من الشوط الثاني لندخل إلى ملعب كرة القدم. ضربونا ونحن نتزاحم أمام باب المسبح البلدي بانتظار أن يمنحنا الحارس عشر دقائق الأخيرة لنغطس فيها أجسادنا المحترقة من الحر في مياه نصفها بول ونصفها الآخر جافيل وكلور!
لطالما أخرجونا من المدارس وجمعونا وفرقونا على طول الطرقات لكي نقف تحت الشمس بانتظار أن يمر وزير أو عامل لكي يدس ورقة داخل حائط صغير يسمونه حجر الأساس، يأمروننا أن نصفق فنصفق، يطلبون منا أن نلوح بالرايات فنلوح بالرايات. وفي المساء نعود إلى أمهاتنا وعلى وجوهنا تباشير التيفويد بسبب كل الوقت الذي قضيناه تحت الشمس.
علمونا أن الوطن هو الراية التي نقف أمامها كل صباح قبل الدخول إلى القسم لكي نردد منبت الأحرار مشرق الأنوار، ولم يشرحوا لنا لماذا كان أبناء الجنود الذي كانوا يقاتلون من أجل الوطن في الصحراء يأتون إلى المدرسة بثياب ممزقة ويصطفون أمام باب المطعم لكي يأخذوا نصيبهم من رغيف الخبز المعجون بقمح وكالة التعاون الأمريكية.
حقنونا في المدرسة بأدوية منظمة الصحة العالمية حتى لا ننقرض بسبب الجراثيم والأوبئة التي كانت تزورنا أكثر مما كان يزورنا موظفو الحكومة. وضعوا في عيوننا أطنانا من المرهمات لمحاربة الرمد، حتى ينقشع المستقبل المخيف أمامنا بوضوح.
كبرنا هكذا، بقسوة كبيرة وحنان أقل. كان علينا أن نكبر بمشقة، مثل نباتات وحشية في غابة بأشجار ضخمة تحجب عنها ضوء الشمس. تشبثنا بالأمل، ورفعنا رؤوسنا نحو الأعلى لنحصل على حصتنا من الضوء. وعندما أخرجنا رؤوسنا إلى العالم وجدناهم مرة أخرى واقفين بسياطهم بانتظارنا. ضربونا عندما طالبناهم بشغل، طردونا ونحن نقف أمام أبواب مكاتبهم في مندوبيات الشغل، طردونا عندما جئنا نطلب جوازات سفر لنتابع دراستنا في الخارج، أريناهم شهادات تسجيلنا في جامعات ونقطنا الجيدة التي حصلنا عليها بسهرنا الطويل، أريناها للبلداء الذين لا شواهد لهم، فأخرجونا من مكاتبهم وطردونا بعد أن تذكروا نقط أبنائهم المدللين ورتبهم المخجلة. ولكي يريحوا ضمائرهم المتعفنة نصحونا بالتعرف إلى بلادنا جيدا قبل الذهاب إلى بلدان الآخرين. الأنذال، ضيعوا مستقبل الآلاف منا بجرة قلم.
بقينا أخيرا هنا كما أرادوا، وفجأة فهمنا لماذا أرادونا أن نبقى معهم، لأنهم كانوا محتاجين لجيل كامل يجربون فيه حقدهم. حقنونا كل مساء بالمهدئات في نشرات الأخبار لكي لا ننفجر في وجوههم وشرعوا يكذبون علينا في الحكومة والبرلمان. تناوبوا علينا مثلما تتناوب عصابة من المنحرفين على امرأة وحيدة تعود إلى البيت بعد يوم عمل شاق. وعندما تعبوا منا رموا بنا إلى الشوارع وتركونا نقطع الطريق على بعضنا البعض بالسيوف الطويلة وشفرات الحلاقة وقنينات الماء الحارق.
تمنينا أن نصدقهم ذات يوم وهم يتحدثون عن مصلحتنا ومستقبلنا. تمنينا أن نصدقهم ذات يوم وهم يتحدثون باسمنا في كل مكان. تمنينا أن نصدقهم ذات يوم وهم يعترفون لنا بالحب كلما اقتربت الانتخابات. الكذابون المحتالون المنافقون.
شخنا قبل الأوان بسببهم ونخرتنا الأمراض المزمنة وطورنا في خلايانا جينة اليأس. كرهونا في البلاد حتى أصبحنا نرى أن الحل الوحيد لكي لا نصاب بالجنون هو أن نجمع حقائبنا ونغادر، مثلما تغادر امرأة تعيسة بيت زوجها السكير الذي يحطم أضلاعها كل ليلة. نغادر كلنا ونتركهم وحدهم يكذبون ويصدقون أكاذيبهم. نحن فئران التجارب الذين لم يتركوا مخططا خماسيا أو عشاريا إلا وجربوه فينا. والنتيجة هي ما نرى الآن، جيل ضائع يسير نحو الخيبات بخطوات ثقيلة.
هزمونا بالضربة القاضية، ومع ذلك لا زلنا نترنح فوق حلبة الوطن ونرفض أن نسقط ليرفع الحكم ذراعهم الغليظة ويمنحهم الكأس التي سيشربون فيها نخب هزيمتنا.
هزمونا غير أننا مازلنا واقفين نبتسم في وجوههم بسخرية لكي يفقدوا لذة نصرهم.
هزمونا في هذه الجولة، غير أنهم نسوا أن المقابلة لم تنته بعد وأننا نستعد جيدا للجولة القادمة...





#ايت_وكريم_احماد_بن_الحسين (هاشتاغ)       Ahmad_Ait_Ouakrim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المس بالمقدسات ابصبح وسيل قمع في العهد الجديد بالمغرب
- مغرب دولة الحق والقانون بدون منازع، مع مرتبة الذل
- الحال يا اهل الحال
- الخروج من البيات إلى.. الطليعة
- نشكيل اتحاد بين الاحزاب: الطليعة، المؤثمر، والاشتراكي الموحد
- كذاب وافاك من قال ان ما ضاع حق
- الصحافة المغربية
- سعيدا في جهالتي
- شكرا سيادة الوزير على العدالة المطلقة
- محاولة فاشلة لإذلال الملك
- المغرب الاقصى والاقصاء
- السلاطين والامراء الرجعيين
- اليوم العالمي لحقوق الانسان
- الاعلام هو المسؤول عن لاوضاع المزرية
- انسانية الانسان المفقودة
- الخطاب القديم المتجدد عبر الازمنة المغربية
- نعم لقطع الاعناق لا لقطع الارزاق
- الشر بالشر والباديء اظلم الم يحن الوقت لتغيير هدا الشعار
- الانتخابات القادة اي افق؟؟
- المضحكات المبكيات في مغرب اليوم


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ايت وكريم احماد بن الحسين - ابتسامة المهزومين