أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - باتر محمد علي وردم - خمس صدمات ثقافية من برلين














المزيد.....

خمس صدمات ثقافية من برلين


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 1969 - 2007 / 7 / 7 - 11:27
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تتيح زيارة المدن الأوروبية الكبيرة فرصة للزائرين من العالم الثالث ومن العالم العربي بالذات لمحاولة فهم الأسباب التي تجعل هذه الدول متقدمة حضاريا في الوقت الذي لا نزال فيه متأخرين نلاحق الجوانب الاستهلاكية من الحضارة ونبتعد عن الدوافع الحقيقية لدعم التقدم. وجهة النظر الرئيسية تقول بأن أوروبا تتقدم حضاريا بسبب التكنولوجيا والعلوم والديمقراطية ودولة الرفاه الاجتماعي والنمو الاقتصادي بعكس العالم العربي والإسلامي الذي يعاني من الكثير من القيود إضافة إلى "المؤامرة الصهيونية-الأميركية" المتواصلة والتي تعيق التقدم في دولنا، ولكن الواقع وبكل أسف يؤكد أن الفارق ليس في التكنولوجيا ولا الاقتصاد بقدر ما هو الفارق الشاسع في القيم الاجتماعية والتي تكون دائما في صالح أوروبا، وهذه خمسة أمثلة على صدمات ثقافية شاهدتها في برلين تتعلق مباشرة بمستوى الحضارة والسلوكيات الاجتماعية.
الصدمة الأولى للزائر أن الشوارع في برلين نظيفة تماما من النفايات، ويعتبر من قبيل الخيال أن نشاهد شخصا يرمي النفايات من سيارته أو وهو سائر في الطريق. لا توجد شرطة بيئية ولا كاميرات مراقبة في برلين ولكن الالتزام الشخصي من المواطن الألماني والزائر ايضا يجعل شوارع برلين مثل المرايا اللامعة وكل النفايات يتم إلقاءها في مجموعات من ثلاث حاويات مخصصة لفرز الورق والكرتون والبلاستيك والمواد العضوية والصلبة، وهذا السلوك لا علاقة له بالتكنولوجيا بقدر ما هي قيمة اجتماعية وسلوكية لا تكلف شيئا.
المدخنون في ألمانيا منبوذون تماما، وسياسة منع التدخين في الأماكن العامة يتم تطبيقها بمنتهى الحرص، ولا مجال في هذا السياق لما يسمى "الحرية الشخصية" والتي هي اسمى قيمة في أوروبا لأن قيمة "صحة الآخرين" تكون أهم منها. أما في مجتمعنا الذي لا يحترم "الحرية الشخصية" لأي إنسان يتم دائما اللجوء إلى الحرية الشخصية للمدخن حتى يستمر في مضايقة الآخرين، ولا توجد أدوات رقابية تلزم الناس بعدم التدخين.
بالرغم من ألمانيا هي السباقة في التكنولوجيا الحديثة ولديها واحدة من أكبر شركات الاتصال في العالم وهي شركة سيمنز ولكن لا يمكن أن ترى شخصا ألمانيا يجلس على مقعد ويضع هاتفه النقال على الطاولة للتفاخر، كما لا يمكن لأي شخص ألماني أن يثرثر بالهاتف الخلوي طوال اليوم لأن الوقت له قيمة عالية في الإنتاجية ولا يضيع في الكلام الفارغ. الهواتف الخلوية لا تظهر ولا ترن في ألمانيا إلا للعمل ولا يمكن أن تسمع رنين الهاتف أثناء اجتماع أو مؤتمر لأن كل الهواتف تكون مغلقة أو صامتة احتراما للآخرين.
الوقت في ألمانيا له قيمة هائلة، والموعد في الساعة التاسعة والربع لا يعني التاسعة والنصف ولا العاشرة إلا ربعا، ويظهر الألمان الضيق الشديد في حال التأخر بالمواعيد وأحيانا يتم إلغاء موعد تأخر لمدة عشر دقائق، وهذا من أهم قيم احترام الإنتاجية واحترام وقت الآخرين .
قيادة السيارات في ألمانيا متعة بسبب الإنضباط والالتزام التام بقوانين السير. بالرغم من وجود أكثر من مليون سيارة في برلين فإن السير منظم ومبرمج بكل دقة وهناك احترام تام لحق المشاة في المرور، فعندما تكون إشارة المرور خضراء يمكن للمشاة أن يسيروا وهم مغمضي العيون بسبب التزام كل السيارات، ولكن السير بناء على الإشارة الخضراء للمشاة في الأردن يبقى دائما عملا انتحاريا بدون الإنتباه إلى السيارات القادمة من كل الاتجاهات والتي تريد تجاوز كل قوانين السير.
ما ذكرناه من أمثلة على الحضارة والقيم الاجتماعية لا تكلف فلسا واحدا وليست مرتبطة بالثراء والفقر بل بوجود منظومات من القيم الاجتماعية المنضبطة التي نتمنى أن تنتشر في العالم العربي والإسلامي وهي خطوة رئيسية نحو الحضارة قد تكون أهم من الديمقراطية والاقتصاد والتكنولوجيا وبالتأكيد ليست لها علاقة بالمؤامرة الصهيونية-الأميركية على المستقبل العربي!



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكونفدرالية؟ لا نريد الحديث حولها، ونرفضها للأسباب التالية!
- عندما تغطي قناة الجزيرة حدثا في الأردن
- جدل الديمقراطية والإرهاب في الأردن: ما هي حدود حرية التعبير؟
- امتحان لجدية الدولة الأردنية في الالتزام بحقوق الإنسان
- الإعلامي الأردني...رهين الخمسة محابس!
- قراءة في استطلاع الرأي العام اللبناني حول الحرب
- مناهضة منتدى المستقبل بلغة الماضي في الأردن
- الديمقراطية الاجتماعية: فكر يجمع الليبرالية السياسية مع العد ...
- متى يصبح الأردن جاهزا لمحاربة إسرائيل؟
- ساحة حرية في الأردن: هل نضحك على أنفسنا؟
- مبادئ وأفكار حول -الجهاد المدني- ضد إسرائيل والإدارة الأميرك ...
- بعد قانا: نهاية الإنسان العربي المعتدل!
- أنا في حالة حرب مع إسرائيل
- لماذا لا يتعلم حزب الله والشارع العربي الحكمة من سوريا؟
- بروتوكولات حكماء الأخوان المسلمين
- حكايتان من -التجربة الدنمركية-!
- عندما تصبح العلمانية عقيدة متعصبة
- أسلحة العولمة في المواجهة الإسلامية- الدنمركية
- السلطة التنفيذية حق مشروع لجبهة العمل الإسلامي...ولكن!
- ما هي السيناريوهات الأردنية بعد فوز حماس؟


المزيد.....




- إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
- مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما ...
- سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا ...
- مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك ...
- خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض ...
- -إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا ...
- بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ ...
- وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
- إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - باتر محمد علي وردم - خمس صدمات ثقافية من برلين