|
ضحايا في دور الجلادين
فاطمه قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 1965 - 2007 / 7 / 3 - 12:52
المحور:
القضية الفلسطينية
ما دمنا قد فشلنا كفلسطينيين في التواطؤ مع بعضنا بدل أن نتواطأ ضد بعضنا أو فشلنا في التآمر مع بعضنا وليس ضد بعضنا، كما تتطلب منا طبيعة قضيتنا المعقدة المتداخلة الأطراف، والمتناحرة الاستراتيجيات والمتحركة في المدى المنظور والبعيد!!! ما دمنا قد فشلنا في ذلك، ووقعنا في فخ الاقتتال الداخلي، وسفكنا دماء بعضنا بنوع من الشهية المفتوحة في الحواري والأزقة، واعترفنا بفشلنا على شاشات الفضائيات التي تستنطقنا أكثر مما تحاورنا، فهذا معناه أننا قبلنا بنوع من الإجماع الوطني بدور الضحية!! أما ما يقال بعد ذلك من أنواع الإدعاءات والمهاترات والتبريرات فهو ليس سوى كلام في كلام، ليس له ثمن، وقد يصرف في بورصات الساسة الدولية والإقليمية بطريقة واحدة فقط، طريقة بخسة للغاية، وأرخص من الرخص نفسه، وهي إظهارنا بدور الجلادين مع أننا في حقيقة الأمر لسنا سوى ضحايا!!! وهذه أبشع مفارقات الزمن الفلسطيني الرديء الذي وصلنا إليه، زمن يصفه كثير من المفكرين المحايدين بأنه أحد فصول تصفية القضية الفلسطينية، وهي قضية رغم آلامها وعذابها إلا أنها منحت الحضور لأمة كانت وشك الموت، وهي أمتنا العربية والإسلامية بجناحيها القومي والإسلامي فلكم أن تتخيلوا في أي موقع من الحضيض والسقوط من الذاكرة، كانت ستكون فيه أمتنا العربية والإسلامية لولا عبقرية هذه القضية، وبطولة شعبها، وقدراته الخارقة على الحياة في ظل اكتمال عناصر الموت وقدراته الفائقة على استحضار الذاكرة في زمن النسيان وقدرته الإعجازية والخارقة على المقاومة في زمن الاستسلام الشاسع الذي امتد على مساحة الوطن العربي؟ ولكننا الآن ومع الأسف الشديد سقطنا في الفخ الذي نال منا لأننا قبلنا بنوع من انعدام الرؤيا، والتسليم برهانات الآخرين، بأن نسقط حصانات قضيتنا، وحصانات شعبنا، وحصان مشاركاتنا الوطنية وهياكلنا الشرعية، وحين فعلنا ذلك وجدنا أننا في الفراغ منكشفين إلى العالم وهم ينظرون إلينا بنوع من السخرية والشماتة ونحن نقوم بدور الجلاد بينما نحن الضحية، ونجعل كل صاحب مؤامرة في الأطراف الإقليمية والدولية من حولنا، أن ينجح في تنفيذ مؤامرته ضدنا وأداته نحن، ونوفر على أعدائنا أي ثمن في تدمير قضيتنا وشعبنا. ما هو الوضع الآن؟ لو توقفنا قليلاً لقراءة وتقييم وضعنا الذي وصلنا إليه ماذا نجد..؟ الأمريكيون والإسرائيليون مستمرون على نهجهم، وعود بلا تنفيذ، وضجيج بلا طحين، ورؤى بلا إرادة، وقتل وعربدة وتدمير بلا شاهد، وحين يقف القاتل الفلسطيني على جثة أخيه مشهراً سيفه الذي يسيل منه الدم، يقولون له على الفور، حسناً، عليك تنفيذ الشيء الذي قتلت شقيقك الفلسطيني حتى لا يفعله. أوقف الصورايخ وإلا..! أوقف المقاومة وإلا..! وعليك أن تلعب مع الإسرائيليين لعبة المصارعة الحرة بلا حكم، وبلا شهود ولا قواعد للعبة، واتفقوا وأوجدوا طريقاً للاتفاق. هذا الدور الشاذ الذي قبلنا أن نلعبه الآن دور القتيل الذي يمثل دور القاتل، والضحية الذي يلعب دور الجلاد، والمحاصر الذي ليس أمامه ما يكسر أو ينهي به الحصار سوى الانتحار. وهذا الدور الغريب الشاذ لا يستطيع أن يتبرأ منه أحد، لأنه كلما تعمد البعض في محاولات البراءة كلما كان هذا دليلاً إضافيةً على حجم التورط. وأما كلمات ومصطلحات القاموس السياسي الفلسطيني فهي هذه الأيام مزدحمةٌ بالمعاني التي تثبت كم نحن في مأزق، وأننا أدخنا رغماً عنا في نفق مظلم، فهناك على شاشات فضائياتنا، وأثير محطاتنا الإذاعية الصغيرة المتوترة من يمهل الشقيقة الكبرى "مصر" ثمان وأربعين ساعة قبل اجتياحها، أي والله إنني قد سمعت تصريحاً كهذا. وهناك من يدعو الإخوان المسلمين في مصر أن يفعلوا ما فعلناه في غزة. وهناك من يقول أنه إذا جاءت قوات دولية بقرار من مجلس الأمن الدولي فسوف يهاجمونها بالصواريخ..! كل هذا وأكثر منه يقال في ساحتنا الفلسطينية هذه الأيام بلا أي نوع من أنواع المسئولية الوطنية، والوعي السياسي، وهذا إن يعبر عن شيء فإنه ليس إلا تعبيراً عن شدة اليأس، وتعبيراً عن الشعور والإحساس بالغرق، واكتشاف أننا نقوم بلعب دور مقيت، وهو أننا الضحية في دور جلاد، وأننا القتيل الذي يمثل دور القاتل، وعلينا الخروج من هذا المأزق. وللخروج منه نحتاج إلا وصفه حقيقية ليست سخيفة أو نوعاً من التذاكي على بعضنا وادعاء الشطارة، والفهلوة، لأن الخروج من المأزق لا يأتي إلا بنهوض "الإرادة الوطنية". ونهوض فكرة ملهمة ونسق جديد من العبارة، ووعي جديد في وسط الشعب، وإلا فإن القتيل سيقوم بدور القاتل والضحية بدور الجلاد ومطلق الصواريخ سيمنعها بالقوة ومحرم الاتصال مع إسرائيل سيعتبر الاتصال بها واجب وفريضة مقدسة وهذه هي الهزيمة الكاملة.
#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاعلام وتشويه الذات الوطنيه
-
الاعلام وتشويه الذات الوطنيه 2
-
البكاء على مجد ضائع
-
الاصل والبديل!!
-
المأزق ؟؟
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|