|
-أولمرت - وملف الأسرى الفلسطينيون
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 1964 - 2007 / 7 / 2 - 10:27
المحور:
القضية الفلسطينية
الغريب هنا أن هناك في الساحة الفلسطينية، من يطرح نفسه خبيراً في الشؤون الإسرائيلية، ولكن نكتشف ان هذه الخبرة مثل خبرتي في علم الفلك، والذي لست به ليس بخبير ، بل وحتى الإلمام الجيد به ، وعلاقة هذا الحديث، هو عجز هؤلاء الخبراء عن فهم العقلية والذهنية الإسرائيلية، والتي منذ إقامة دولة إسرائيل وحتى اللحظة الراهنة، وهي تلقي بفشل الجهود السلمية لحل القضية الفلسطينية على العرب والشعب الفلسطيني، ودائماً تقول انه لا وجود لشريك فلسطيني، وهي تقصد بذلك، أن يأتي قائد فلسطيني ويستجيب لكامل الشروط والإملاءات الإسرائيلية والأمريكية للتسوية، وحينها يصبح هناك شريك فلسطيني، ولكن هذا الشريك سيجد نفسه في تعارض تام مع الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني،بإختصار ما تريده إسرائيل وأمريكيا ،هو فلسطيني على شاكلة كرزاي أو المالكي أو أنطوان لحد وغيرهم . وضمن هذه العقلية والذهنية الإسرائيلية القائمة على العنجهية والغطرسة، والتغطية والحضانة والحماية الأمريكية السياسية والعسكرية لها، وجعلها دولة فوق القانون، تتصرف مع الشعب الفلسطيني وقياداته، وتتعامل معهم وفق مبدأ الرشاوي والنجاح في الإختبارات والإمتحانات الإسرائيلية، وأنا هنا بصدد الحديث عن ملف الأسرى الفلسطينيون ، والذين تحتجزهم إسرائيل كرهائن ووسائل ضغط وإبتزاز، وهي الجهة الوحيدة التي تقرر بشأنهم، من يطلق سراحه ومن لا يطلق سراحه، من هو "يديه ملطخة بالدماء" وفق تعابيرهم ومن هو لا، ومن تطبق عليه المعايير الإسرائيلية ومن لا تطبق، وغيرها الكثير الكثير من الشروط التعجيزية والإذلالية، وفي هذا السياق، وفيما يسمى بخطوات بناء الثقة، ودعم القيادة الفلسطينية، وفي إطار القمم المتواصلة بين " أولمرت " وعباس، والتي تأتي في إطار " في الحركة بركة " والعلاقات العامة، يطرح الجانب الإسرائيلي إمكانية الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيون، من ذوي الأحكام الخفيفة وممن شارفت محكومياتهم على الإنتهاء، ولكن حتى هذا الطرح سرعان ما يجري " لحسه " والتراجع عنه، لأن الطرف الفلسطيني لم ينجح في الإمتحان ، ولأن الظروف الأمنية والوضع الداخلي في إسرائيل، لا تسمحان القيام بمثل هذه الخطوة الصغيرة والبسيطة، وهذا ما حدث في قمة العقبة، أما في قمة شرم الشيخ، والتي قال " أولمرت " أنه سيقدم خلالها وكالعادة تنازلات مؤلمة للفلسطينيين، وانه سيعمل على إطلاق سراح ( 250 ) أسير فلسطيني من أسرى فتح ، والذين ليس " على أيديهم دماء " ، ورغم المقاصد والمرامي الخبيثة لهذا المقترح، والذي يشكل إهانة لأسرى فتح بتاريخها النضالي الطويل قبل غيرهم ، وكذلك يستهدف شق وحدة الأسرى الفلسطينيون ، وتحويل قضية الأسرى إلى قضية أسرى وفصائل ، وأسرى يمكن إطلاق سراحهم وأسرى لا يمكن إطلاق سراحهم، وفق رؤية وفهم " أولمرت " وحكومته، وهذا الطرح كان الأجدر بالطرف الفلسطيني عدم التعاطي معه بالمطلق، والقول " لألمرت " أن أسرى شعبنا هم وبغض النظر عن إنتماءاتهم السياسية، هم مناضلو حرية، ولكن حتى هذا الطرح والذي جاء على أساس تدعيم وتقوية مؤسسة الرئاسة الفلسطينية، المؤشرات الأولية تقول، أن العنجهية الإسرائيلية، مازالت تنظر ليس للفلسطينيين ، بل ولكل العرب والمسلمين نظرة إزدراء وإحتقار، المتطرف والمعتدل منهم، وإلا لما تجرأت الحكومة الإسرائيلية ،وبعد أكثر من عشر سنوات على معاهدة السلام الإسرائيلية – الأردنية، أن تطرح أنها بصدد إتخاذ قرار لنقل أربعة من الأسرى الأردنيين، من السجون الإسرائيلية إلى الأردن لتمضية بقية محكوميتهم في السجون الأردنية، وهذا الملف الذي كان مفترض إغلاقه حال توقيع المعاهدة الأردنية - الإسرائيلية، وبالعودة إلى أل (250 ) أسير فلسطيني، فإن كل المؤشرات تقول، أن كلام الليل يمحوه كلام النهار، وهو جاء في إطار ذر الرماد في العيون، وللإستهلاك المحلي، وسيجري التراجع عنه، تحت نفس الحجج والذرائع والتبريرات، أن الوضع الأمني والأوضاع الداخلية في إسرائيل، والظروف الإقليمية لا تسمح بتنفيذ ما تم الوعد به، وكل الدلائل تشير لذلك، حيث أن موضوع إطلاق سراح أل ( 250 ) أسير فلسطيني، لم يعرض على الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأسبوعية، بسبب عدم الإنتهاء من قائمة الأسرى المنوي الإفراج عنهم، وحسب المعلومات المستقاة من الصحافة الإسرائيلية، فإن مدير عام وزارة القضاء الإسرائيلي، عقد يوم الخميس الماضي، جلسة لبحث قضية الإفراج عن أسرى من حركة فتح، وشارك في الجلسة ممثلون عن قسم العفو في وزارة القضاء ومسؤولون في وزارة الأمن الداخلي وممثلون عن جهاز الأمن العام " الشاباك " وآخرون عن مصلحة السجون وممثلون عن الجيش وآخرون عن وزارة الأمن . وما نفهمه من تشكيلة اللجنة التي تبحث المعايير للإفراج عن الأسرى، والتي ستعمل في وقت لاحق على إعداد قائمة الأسرى، أن تحرير كل أسير منوط بموافقة هذه الجهات جميعاً، الأمر الذي قد يشير إلى النتائج، وأثبتت تجارب سابقة أنه في مثل هذه الحالات سيكون المفرج عنهم، إما جنائيين او من ضبطوا بدون تصاريح في البلاد أو أسرى أنهوا مدة محكوميتهم أو هي على وشك الإنتهاء . كل هذا يبين مدى الإستهتار الذي تتعامل به الحكومة الإسرائيلية ، والتي " أشبعتنا وأقرفتنا " حديثاً عن السلام والتنازلات المؤلمة، مع هذا الموضوع الهام والحساس للشعب الفلسطيني، هذا الشعب الذي بات مقتنعاً أن هذا الطريق ليس هو السبيل لتحرير الأسرى الفلسطينيون، وأنه من الهام جداً طرق سبل وطرق أخرى أثبتت نجاعتها في تحرير الأسرى الفلسطينيون، ومن يريد الإستمرار في هذا النهج ، فعليه أن يعي تماماً، أنه بدون تغير جدي وجوهري في الإستراتيجية التفاوضية ، فإن هذا النهج والتوجه لن يقود لا لتحرير أسرى ولا أوطان ، فإذا كانت مسألة إطلاق سراح ( 250 ) أسير فلسطيني ، من أصحاب الأحكام الخفيفة بحاجة لكل هذه الإجراءات والتعقيدات ، والتي ربما في النهاية لن تسفر عن شيء ، فكيف بحال إطلاق سراح ( 11000 ) أسير فلسطيني أكثر من ألف منهم تتعدى أحكامهم العشرين عاماً ، فعلى المراهنيين على حسن النوايا الإسرائيلية ، وما يسمى بالتنازلات المؤلمة ، طوي هذه الصفحة والبحث عن بدلائل جدية تفضي لتحرير أسرى شعبنا ، فالقيادة الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي غير ناضجين أو مستعدين لإقامة سلام حقيقي مع الشعب الفلسطيني ، بل يحلمون بأن يأتي جلبي أو كرزاي فلسطيني ، يستجيب لشروطهم وإملاءاتهم .
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قمة العقبة لم تزل حاجز العوجا ، وقمة شرم الشيخ لن تزل حاجز ح
...
-
سياسة العصا والجزرة التي قوضت أوسلو ، هل تقوض حكومة الطوارىء
...
-
شرعية ولا شرعية حكومة فتحسطين وحكومة حماسستان
-
غزة والسيناريوهات المحتملة
-
رسائل - أولمرت - لبشار الأسد
-
الصيف يزداد سخونة على الجبهة السورية..
-
القدس بين مطرقة الإحنلال وسنديانة الإهمال الفلسطيني
-
هل تمهد اللقاءات الأمريكية - الإيرانية ، إلى إنفراج في الساح
...
-
من فتاوي الجوع الجنسي إلى فتاوي الشعوذة والتكفير والتخوين
-
إعتصموا بشعبكم وقضيتكم لا بأحزابكم وتنظيماتكم وحركاتكم وعشائ
...
-
عصابات فتح الإسلام والتوقيت والدور المشبوه
-
هذا العبث والجنون يمهد لأجندات وسيناريوهات غير فلسطينية
-
المواقع الألكترونية والفوضى الخلاقة
-
أزمة الرئاسة التركيه، أزمة هوية أم أزمة خيارات تتصل بالجغراف
...
-
مفارقات ، لجان تحقيقهم ولجان تحقيقنا ، و - طوشهم وطوشنا -
-
رسالة لكل المقدسيين الحل ليس بالسكين ولا بالعصا ولا بالجنزير
-
عن جدران الفصل وسياسة الفوضى الخلاقة
-
المفاوضات من أجل المفاوضات ، أومفاوضات طحن الهواء وخض الماء
-
واقع الحركة النقابية في مهمة بناء النقابات العمالية / فلسطين
...
-
المبادرات العربية والردود الإسرائيلية عليها
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|