قصة قصيرة
أنهمك في تقليب مجموعة من الأوراق الموضوعة بانتظام فوق الطاولة العريضة المصنوعة من خشب الصاج ، فأخذ أوراقه وأتجه بسرعة صوب باب الغرفة ، محدقاً للساعة المثبتة على جدار الغرفة، فكانت الساعة التاسعة صباحاً ، فوصل إلى القاعة المخصصة للندوات ، وبعد أن أخذ الكل مكانه في القاعة بدأ المحاضر بإلقاء محاضرته ، وبعد انتهاء المحاضرة بدأ الحاضرون بالمناقشة والاستفسار حول بعض النقاط الغامضة التي جاءت في المحاضرة ، حول تحديد ( ملامح الاستنساخ والخريطة الجينية للخلية وموقف الأديان من عملية الاستنساخ ) وبعد احتدام النقاش بين الحاضرين وتأييد مجموعة كبيرة منهم وجهة نظر المحاضر الضيف فضّل البعض الإصغاء للنقاش المحتدم،دون أن يفهموا شيئا من تلك المسألة المعقدة.
- لا يمكن أن يقتنع الإنسان بالمسأئل العلمية في يسر وبساطة من دون معرفة رأي العلماء الآخرين -.
أحاطه رجل بعصبية شديدة وكان يبدو من ملامحه بان عقله وتقافتة المتزمتة لا يسمحان الخروج من الحدود المرسومة فأمطر الأستاذ المحاضر بوابل من الكلمات النابية وأنصرف دون أن يعير أحد لتصرفاته لأنه كان حقاً خارج مكان وزمان تلك المسألة الحيوية، فتلمس الرجل المقهور طريقه بين صفوف المجتمعين بطول الممر الضيّق وهو يكفّر أهل العلم والثقافة كيف يتدخلون في شؤون الخالق ويغيرون نظام الكون،مستغفرا ربه بصوت عال من كل ما رآه وسمعه، فجلس فوق المصطبة الموضوعة بين الفسحة الصغيرة المزروعة بمختلف أنواع ورود الجوري، ومتأملاً جمال ألوان الفراشات الناعمة المحلّقة فوق الورود النظرة كيف تلامس الفراشات الناعمة أكمامها الفوّاحة.
أمطرت السماء في تلك اللحظة بغزارة ورفع رأسه ليعرف هل انه في فصل الربيع أم مازال يراوح بين الخريف وبداية شتاء قاحل...
- انها حقاً بداية ربيع جميل ولا ادري بانتهاء الخريف – .