خالد يونس خالد
الحوار المتمدن-العدد: 1961 - 2007 / 6 / 29 - 07:23
المحور:
الادب والفن
رجعت إلى مدينتي المحترقة
حلبجةَ القلبِ وطن الكوردِ
زرتُ الأهل
والكل يبكي من حرارةِ الشَّوقِ
وفَرطِ الحُبِّ
وعذوبةِ نظرةِ العينِ بالعينِ
وبسمةِ الشمسِ
وذكرياتِ جدتي
وهي تقص لي قصص شموخِ حلبجة الكوردِ
وبطولاتِ الأجداد في سنين العمرِ
***
رجعتُ إلى مدينتي المحترقة
حلبجةَ الحبِّ أغنيةَ العمرِ
فعانقتُ ترابَ أرضي
وقبَّلتُ مزرعتي
وبكيتُ من فرطِ شوقي إليها
واحتضتُها وهي تبكي
وقبلتها وهي تبكي
وعانقتُها وهي تبكي
وعطر دماء الشهداءِ
بين أزِّقةِ طُرقاتِ العمرِ
***
رجعتُ إلى مدينتي المحترقة
حلبجة الشِعر
والحبُّ الفيّاض في الجنائن الملتهبة يصلي
وقطراتُ ندى الأشجارِ في المزارعِ
تغسلُ الآثامَ
وأطفالٌ مُشَردون يبحثون عن الأهلِ
ويتامى الشُهَداءِ بين الأرواح المشردة
تنادي أين قادة الكورد في مِحنةِ الوطنِ؟
أين الرجال الشرفاء في عذابات العمر؟
***
رجعتُ إلى مدينتي المحترقة
حلبجةَ العشقِ والقلبِ
تُلَحِّن أشعاري عن الصمودِ
وعن حُبِّ الإنسان للإنسانِ
أي حبيبةَ الأمسِ واليومِ
أين سفحُ تلالك الغنّاء؟
أين جداولُ مياهك المُعينة؟
متى تتجمع قطرات الندى على الأوراق الخضراء؟
متى تبدأ الثورة في أعماق جميلتي؟
والكل يبحث عن حبيبته
والحبيبة غارقة في بحر من الظمأ
بين آهات حلبجة المحترقة
وهي تعانق صراخاتِ بابا كركر المنسية
وأرواح الأطفال المعذبة
بين ضِحكات قادةِ الكرد
وهيجان الاستسلام
وهزيمة العقل
والعقل مخبأ في أكياس دولارات الذُّلِ
بعيدا بعيدا عن أرواح شهداء الكردِ
في لقاء مع مذلة العمر
***
رجعت إلى مدينتي المحترقة
حلبجة السَهَرِ والسَّمراتِ
في غَمرة اللقاءِ
بعد آلام الفراقِ
رأيتُ أمي العجوز تبكي
عانقتُها بالمُحَبةِ والوجدِ
وقلتُ لها
لِمَ البكاءُ بعد الهجرِ؟
قالت يابنيَ
الحبُّ خَمرةٌ في القلبِ
وشوقٌ في العين
والعشق همسة في النفسِ
تراودني أفراحُ لقاءاتِ الأمسِ
بكائي على أبيكَ زوجي
لا يملك قبرا في الأرضِ
فالأنفال أحرقته في غُرفَةِ الحبِ
يوم كان وحيدا ينتظر ظلمةَ الموتِ
يوم كنتُ أنا في البعد خوفا من البعثِ
ويوم كنتَ يابنيَّ في غُربةِ الأسرِ
كلها ضاعت بين دولارات سلاطين القصر
في فيضان أمواج العمرِ
***
رجعتُ إلى مدينتي المحترقة
حلبجة الطفولةِ والنغماتِ
أبحث عن الأصدقاءِ
فلم ألقَ غير لهيبِ الظلمِ
ولم أجد سوى نيران الوَجدِ
كلهم ضاعوا
قُتِلوا وأُحرقوا
فأين أنا من حلبجة؟
وحلبجةُ محتلةٌ مسلوبةٌ
وحلبجةُ مسجونةٌ معذبةٌ
فكيف أنسى لغة القتل؟
كيف أنسى لغة القهر وحلبجة في الأسر؟
كيف أنسى حبيبتي وهي مقيدة بقيود الغدر؟
كيف أنسى حبها بعد طول الهجر؟
كيف أنسى مدينة الفكر؟
كيف أنسى؟
كيف أنسى ذكرياتِ طفولة العمر؟؟
***
الشاعر مقيم في السويد
كُتِبَت القصيدة في آذار 2007
#خالد_يونس_خالد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟