أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عزيز الدفاعي - ولا عزاء للشعراء... !!















المزيد.....

ولا عزاء للشعراء... !!


عزيز الدفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1960 - 2007 / 6 / 28 - 11:32
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


(الكتابة بالحبر الاسود على تابوت الشهيد الشاعر رحيم المالكي)

كم أتمنى آن اكتب لك يا رحيم هذه الساعة بعد عودتي ظهيرة هذا اليوم لاتلقى نبا استشهادك ضمن شريط الاخبار الاسود الذي ننعاه وينعانا كل يوم .......كم أتمنى آن اكتب لك لا آن اكتب عنك فالفرق كبير جدا لانني حين اكتب لك فهذا يعني آن رسالتي ستصل اليك ايها الاخ العزيز ولكن كيف وانت تبيت هذه الامسية في مضيف إمام المتقين وبين شهداء الوطن ورسل الرحمن بينما نحن نجاهد هنا لكي نطفي النار التي أشعلها الأفاقون والطائفيون في ديارنا وعجزنا آن نتسلق نخلة الوطن التي سبقنا بعض رؤساء ما يسمون بالأحزاب الوطنية الى قلبها الابيض كلون جمارها فأشعلوا جدائلها حتى لامس وهج النار أجنحة ملائكة السماء الذين بكوا على هذا الوطن المستباح النازف دوما وابدا وأي قدرا هذا آن نشيع في أسبوع واحد في مملكة الشعر المبدع نازك الملائكة ومن ثم رحيم المالكي .
ثم كيف لي آن اكتب لك يا رحيم وسط حرقة الألم وشهقة الروح وبكاء الملايين من العراقيين الذين يرفضون ارتداء جلباب الوطن الطائفي الذي يكشف عن عورة النظام السياسي المشوه الذي يراد له آن يحل محل نصب الجندي المجهول في ساحة التحرير وهم يفتقدوك هذه الأمسية ليسمعوا منك قصائد أصبحت وشما على أذرعهم وفوق صدورهم لانها كتبت بأبجدية طين الفراتين وعذوبتهما فكانت شهية مثل رغيف خبز ساخن بيد جنوبي يتطلع نحو الافق متوسلا للسماء واعدا بنذر لقمر بني هاشم الذي ما عاد بالماء ولا بالنصر لكنه صنع بالشهادة والموقف القدري أسطورة النداء الأزلي لملايين الفلاحين والفقراء في ارض السواد .

ثم كيف لي آن اكتب لك يا رحيم وسط دهشة الذين تجمعوا حولك وانت تسقط على ركبتيك مضرجا بدم سال على إسفلت الشارع واحتار الجميع كيف استطاع اللون الاحمر الأرجواني المنهمر من جراحك النازفة آن يكمل على أديم الإسفلت الأسود أخر بيت من قصيدة بدأتها صباح هذا اليوم وكانت بعنوان( يانور عيني يابغداد) قبل آن تودعنا بابتسامة مكتومة ليبكيك الوطن الذي كنت من كورال عاشقيه على عكس اولاد الزنا قاتليك الذين اختاروا طريق سقر بإرادة فاشية وإصرار وحقد طائفي نذرت روحك لمواجهته... وكيف ننسى قصيدتك الخالدة لعثمان العبيدي أبن الاعظمية متناسيا ثمانمائة من أشقائك الذين لفضوا أنفاسهم فوق جسر الأئمة في تلك الظهيرة.
ها انت يا رحيم تفي بوعدك وتضع النقاط من جرحك النازف على حروف نشيدنا الوطني الذي سقط من اجله مئات الآلاف من شهداء المقابر الجماعية وضحايا الإرهاب الأعمى الذين تناثرت أشلائهم في شوارع المدن الحزينة فتشابكت أغصان البرتقال والياسمين لتظلل قبورهم بينما يقف الذباب الأسود على خطاب المزايدين والسماسرة وأمراء القتل والذبح الطائفي الذين ربطوا رسغي بغداد بسلسلة سوداء وسحلوها في الشوارع ومرغوا وجهها الجميل بسخام الخيبة والاحزان وانهالوا عليها كل يوم بسياطهم بينما يدعون الالم والحزن على سيادتها وكرامتها وعرضها .
لن انسى تلك الرسائل القصيرة التي تبادلناها دون آن نعرف بعضنا بعضا وحين كتبت اخر مرة عن الطريق المؤدي الى سامراء الوحدة والتضامن الوطني والطائفي قلت لي آن الذين يحبون الحياة هم وحدهم الجديرون بها اما الذين لا يعرفون سوى ثقافة الزنزانات وقطع الرؤوس فهؤلاء هم الذين تصالحوا مع عبوديتهم ومهانتهم وهم صناع الموت والمقابر المتسربلين بالخيبة والعار والمذلة الابدية ولا مكان لهم بيننا .....كم كنت اتمنى آن استمع الى قصيدتك التي كتبتها عن الاهوار التي استعادت ابنائها ومشاحيفها وطيورها .لكنني كنت واثقا يا رحيم آن الذين جففوا بالامس الاهوار لن يدعوك آن تكمل المشوار وان تبتهج بعودة الحياة الى شرايين قلب العراق ...هؤلاء القتلة المتمترسين خلف ثقافة الغدر واخلاقية الطلقة وصيحات التشفي والانتقام الطائفي العشوائي .
كيف لشاعر مثلك آن يحيى في هذا الوطن المستباح الذي تتآمر فيه النخب الوطنية ليل نهار من اجل سرقة حاضره ومستقبله وغرس ركائز الدولة الطائفية البغيضة ومشروعها التقسيمي ويخلطون الاوراق مثلما تخلط الرؤوس المقطوعة من الجثث البريئة المعصوبة الأعين والمجهولة الهوية لكي تضيع هوية الموتى بعد آن اوشكت هوية الوطن آن تباع في مزاد النخاسة السياسية والجبهات الوطنية الجديدة والقديمة وتناخى من كانوا بالأمس من جوقة العهر السياسي والدكتاتورية لتشكيل كيان لا يهدف الى احتواء الفتنة الطائفية او شد ازر العاملين من اجل إعادة أعمدة الكهرباء لتسبح بالنور بل لإجهاض ثمرة تضحيات الملايين من ابناء العراق والعودة بالوطن الى عرش القائد الضرورة .
باغتوك يا رحيم فهذه هي اخلاقيتهم ألم يباغتوا المتنبي في الصحراء ويذبحوه بعد آن فشلوا في تكميم صوته او الرد عليه بنفس سلاحه وهو القصيدة ..؟؟باغتوك والذين حضروا هذه الجريمة عجبوا كيف امسكت بجانبي قميصك وفتحت صدرك وانت تهتف للعراق الذي احببته وعشقته أرضا.. وضميرا.. وقصيدة.. وحسينا..وإماما.. وتأريخا..وتشبثوا به سلطة وكرسيا تسيل الدماء على السلم الصاعد اليه وهم يلعقونه بألسنتهم القذرة .
باغتوك يا رحيم متناسين آن القصيدة هي التي تكتب شاعرها عندما تكون وطنية صادقة تتدفق كالينبوع من بين اظلعه فتكون انشودة يتغنى بها الاطفال حتى قبل آن ينطقوا وهم في المهد بينما يجلجل صوتهم البغيض في سراديب الموت كنعيق البوم في وطن نرفض آن يتحول الى مقصلة للتأريخ ومسلخ لغسل العار الطائفي ونبش القبور بل وطن تسكنه النوارس وتحط على شواهد قبور شعرائه السنونو القادمة من أقصى بقاع الأرض لتغرد مع أطفاله أنشودة حزينة خالدة أحلى من كل مزامير داوود ومعلقات الشعر العربي .
باغتوك غيلة وماذا كنت تتوقع غير ذلك لانها اللغة الوحيدة التي يعرفونها لانهم اميون لم تمسك مقابضهم سوى السواطير وضمائرهم قاحلة بربرية,ولانهم ليسوا ابدا جزءا من تراب هذه الارض اقسم على ذلك ولا هم من عشائرها ولا من ملح ارضها ولا من نخوة اهلها الطيبين ولم يمروا يوما من تحت اقواس المستنصرية او مدارس ال البيت ولم يكونوا ابدا من اتباع أبا حنيفة النعمان ولم يقرئوا اي رسالة لاهل الصفا بل قفلت قلوبهم على رسائل الضواهري ومشايخ التكفير ......قاتلوك لم يعرفوا واصل ابن عطاء او الحلاج ولم يمروا يوما على قبر البدري هؤلاء هم ورثة من اسقط الجنسية العراقية بالأمس عن وتد خيمة الشعر العربي محمد مهدي الجواهري والذين طاردوا بلند الحيدري ومصطفى جمال الدين والبياتي والوائلي واتهموهم بانهم عملاء وجواسيس .
الذين باغتوك هم من بقايا السلاجقة والمشردين من القرامطه والمغول وضباع الارض وضواريها الذين يتوارثون الجريمة بجيناتهم ...وقد أغضبهم انك جلست في كل مظائف عشائر العراق ورفضت آن تنشد في اي ركن او تهزج في ديوان اي شيخ الا الذي يجبر الضلوع المرضوضة ويوحد ما كسر منها كالجبيرة فدفعت دية ذلك من دمك الطاهر ...ولانك رفضت الخنوع والاستسلام رغم الكارثة الوطنية وفضحت من تباكوا على ما اسموه بدكتاتورية الاغلبية رغم انها من استحقاقات صناديق الانتخابات واشرت باصبعك للذين ذبحوا ثلاثة عشر وساما ونشيدا وطنيا وعلما عراقيا رفعه ابطال منتخب التايكواندو الصغار المغدورين في صحراء الربع الخالي...اغتالوك لانك صرخت باعلى صوتك ضد لصوص الحرية والنفط والمتاجرين بجثث الموتى وملابس الاطفال المرضى المربوطين الى اسرتهم بالسلاسل فجعلتهم والوطن في صورة واحدة تدمي القلوب ,ولانك حللت لغز الجنائن المعلقة وطلاسم الزقورات في اور واطفات نار النمرود وتمنيت آن يجعلها الله بشفاعة اهل البيت وبركاتهم بردا وسلاما على وطنك وشعبك الجريح الكسيح .
اغتالوك لانك اصبت بكلماتك العفوية الشعبية الصادقة بلا رتوش ورياء كبد مخاتلتهم وزيف منابرهم وانتزعت بعضا من انيابهم ومددت حبل المودة بين ابناء العشيرة والمصير المشترك سنة وشيعة لتنقذ العراق كما توهمت من جب مظلم القوه فيه دون آن تخفض بصرك عن هلال اطل فوق ركام التفجيرات والأشلاء المتناثرة ...
اغتالوك لانك حملت لواء الشعر بلهجة الجنوب ساعيا لاكمال اغنية النواب وعريان السيد خلف وابراهيم الشيخ حسون وكريم العراقي لانك هزجت حاملا بيرغ الحسين في عاشوراء فدبك حولك ابطال حركة الجهاد وفرسان ثورة العشرين والانتفاضة الشعبانية فأشعلت في شراييننا روح الصولة حتى امست قهوة دلالنا من بعدك مرة ابدا يا رحيم .

لا ادري ماذا سأكتب لك وماذا ساكتب عنك فليس من العدل ابدا آن تكون انت انتقاما من القصاص الذي صدر بالأمس بحق جنرالات الانفال الا اذا كان هؤلاء الذين يرسمون كل يوم خارطة الموت يعرفون حجم الخطر الذي قد يشكله شاعر شعبي على مخططاتهم ودسائسهم.

ماذا سأكتب فقد استنفذنا كل الكلمات الموشحة بالسواد في رثاء من أحببناهم وافتقدناهم ويال كثرتهم ياصديقي العزيز الذي قتلته الكلمة الصادقة التي عبأت الرصاصة الغادرة وانت تكابر رغم خيام المهجرين قسرا وطوابير الجثث التي تعفنت مع ضمائرهم وسلطتنا التي يتكالب عليها سماسرة السياسة الذين ضغطوا على زناد البندقية التي قتلتك بعد آن تعالى صوتك الجميل وانت تنشد مرثية للجسر الحديدي ولقبة الكيلاني والعسكري .

ويقينا يا رحيم فانك لن تكون اخر صوت وطني سيسعى القتلة لاسكاته متناسين ويال خيبتهم اننا لا نحفظ قصيدة ولا نخلد إماما او مفكرا الا بعد استشهاده فاي حيرة أوقعناهم بها واي مواجهة جديدة ينتصر فيها الدم على السيف والضحية على الجلاد .
لا أرثيك ولا استطيع مثل ملايين العراقيين في الوطن والغربة آن اكتم دمعة احرقت محاجر اعيننا وفطرت قلوبنا الى نصفين نصف ينعاك واخر سيكون بشوق دائم لسماع قصائدك الجميلة ...
لا أرثيك لان الرثاء لا يكون الا للموتى اما انت وكل شهداء الارض والقضية فانكم ستبقون خالدين احياء في نبض قلوبنا ومشاعرنا وسنوقد شمعة مقابل كل بيت شعر كتبته ونلقيه مع الحناء والياسمين في نهر الفرات ليتلقاها الخضر .
سلام عليك يوم ولدت ...ويوم استشهدت .
ويوم تبعث حيا بشفاعة من احببتهم وضحيت من اجلهم .
سلام عليك يا رحيم المالكي وعلى العراق المفدى حتى مطلع الفجر .



#عزيز_الدفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عائد الى كربلاء
- في الطريق الى سامراء
- صيف كردستان.. الدامي!!!
- الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في العراق
- الخليج من فصاحة الطالباني ...الى مفاجئات نجاد
- نيران زرادشت ...وأحلام رجوي!!
- العلاقات العراقية-السورية
- هل يكفي ان يكون الحق مع الحسين........؟
- هل تخلى (المهدي المنتظر) عن( جند السماء)؟
- حكومة المالكي في مواجهة مؤامرات المماليك!!!


المزيد.....




- روسيا تبدأ محاكمة الصحفي إيفان غيرشكوفيتش بتهمة التجسس والول ...
- نائب مصري يهاجم مدبولي: هل يعلم أن قرار إغلاق المحال سبب مزي ...
- مدفيديف: القانون الدولي يجب أن يعكس توازن مصالح كافة الدول
- أولمرت يتهم نتنياهو بالخيانة
- إردوغان يتهم نتانياهو بالتخطيط لـ -كارثة- في لبنان
- لماذا فرضت المحكمة العليا الإسرائيلية على الحريديم الخدمة ال ...
- تواصل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة، وكتيبة جنين في الضفة ...
- واشنطن تواصل ضغوطها على إسرائيل لتجنب حرب مع حزب الله
- زيلينسكي يصادق على استحداث -قوات المسيّرات- في جيشه
- الاستخبارات التركية تعلن تحييد قيادي في -العمال الكردستاني- ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عزيز الدفاعي - ولا عزاء للشعراء... !!