أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بوعبيد عبد اللطيف - ارهاصات فلسفية: المسؤولية














المزيد.....


ارهاصات فلسفية: المسؤولية


بوعبيد عبد اللطيف

الحوار المتمدن-العدد: 1957 - 2007 / 6 / 25 - 10:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تركت ابني ذو الخمس سنوات, الذي تنازلت لي والدته بعد طلاقنا مباشرة عن حقوقها جميعا في كفالته, عند جارتي لأن مشغلي طلب مني الحضور إلى الشغل ورغم أن اليوم كان يوم عطلتي الأسبوعية وكنت مبرمجا أن أقضي اليوم مع ابني, جارتي في لحظة غفلت عن مراقبته عندما كانا قرب حديقة الأطفال, تشاجر مع طفلة تكبره بسنة , دفعا لتسقط في بالوعة المياه الجارية والتي كنا قد طالبنا نحن سكان الحي عبر طلبات كتابية إلى السلطات المحلية بإغلاقها, ماتت الفتاة رغم جهود الأفراد الذين سارعوا إلى نجدتها وإخراجها من البالوعة, ماتت مختنقة, لكون رجال الإسعاف جاؤوا متأخرين جدا أكثر من أربعين دقيقة بعد أن هاتفهم أحدهم ....
أتساءل من المسئول الحقيقي عن موت تلك الطفلة ذات الست سنوات, هل أنا السبب , الذي فكرت أن أشتغل بدلا من المكوث مع ابني لأزيد من رصيدي لهذا الشهر ورغم أنه كان لدي اختيار البقاء بجانب طفلي؟ أم جارتي التي لم تقم بواجبها وغفلت عنه في لحظة ما؟ أم المسؤولية تتحملها سلطات البلدية التي لم تقم بواجبها في إغلاق بالوعة كانت موضوع طلبات أغلبية سكان الحي؟ أم المسؤولية يتحملها أبوي الطفلة التي لم يراقبانها؟ أم المسؤولية تتحملها طليقتي التي تنازلت لي عن طفلنا الذي كان من الممكن أن يكون في مستوى أحسن معها خاصة على مستوى الحنان ؟ لأن الطفل يحتاج أمه أكثر . أم المسؤولية يتحملها رجال الإسعاف الذين لم يحملوا المكالمة الأولى والثانية محمل الجد وجاءوا متأخرين وكان من الممكن إنقاذ الفتاة؟ أم المسؤولية يتحملها ابني الذي لم يدرك خطورة حركته بدفعها؟ أم المسئول هي الطفلة نفسها التي لم تنتبه للبالوعة خلفها؟ أم نقول إنه قضاء وقدر ونقفل المسألة؟ إن تتبعنا خيط السؤال عن من هو المسئول سنصل بالتأكيد إلى ما لا نهاية من الاحتمالات وتضيع الرؤية بين تشظي السؤال والجواب عنه, الكل يرى ومن موقعه الخاص المسئول الحقيقي بحكم المتغيرات الذهنية التي تدفعه للحكم على الأشياء ولو لم أعرض الحادثة بهذا الشكل لما تبين أننا كلنا مسئولون ولكل واحد منا نصيبه في القضية. إن أسقطنا هذه الصورة على مجال أكبر عبر توليدية للإشكالات وتساءلنا من المسئول عن تخلفنا الاجتماعي؟ البعض سيرى أن المسئول هو السياسي ويقرأ الإشكال من وجهة أن السياسي يمتلك القرار والسلطة وموقع مهم يجعله يؤثر في هذا التخلف الاجتماعي بقدرته على تغييره إلى تقدم لكن في هذه الرؤية تغييب كلي للوعي بمسئوليتنا نحن كذلك بكوننا عناصر متفاعلة وفاعلة من خلال علاقاتنا التي ننشئها إننا كذلك نتحمل مسئوليتنا ودورنا في تخلفنا الاجتماعي لأننا نساهم في إنتاج وإعادة إنتاج تخلفنا الاجتماعي, رغم أن الخلل يسببه السياسي ونحن نؤمن بذلك جيدا, من موقع تحكمه وإدارته للأزمة, فنحن غالبا نغيب فاعليتنا لأنه من السهل التملص من المسؤولية وعدم الاعتراف بها ونحاول باستمرار تجاهل نصيبنا منها, قد يعتبر البعض هذا الطرح والرؤية النقدية للمسؤولية تعبير واضح لفكر بورجوازي محافظ يعمل على تكريس النظام القائم لأننا قمنا بإدانة تجاهلنا لدورنا من كوننا عناصر تتفاعل ويفرز من خلالها التخلف الاجتماعي ونعمل على إنتاجه وإعادة إنتاجه, لكن أرى العكس أنه متى تم الوعي بالمسؤولية لدى كل فرد منا بأنه يساهم بشكل ما في صيرورة هذا الإنتاج( إنتاج التخلف الاجتماعي) فسنرقى بذلك إلى مستوى من الفهم يجعلنا قادرين على ترتيب الواقع, ومتى نصل إلى هذا المستوى من الوعي نكون قد حققنا خطوة نحو إنسانيتنا ونحو التقدم.
هل سنصل يوما إلى الشعور وأينما كنا سواء في بقاع ألسكا أو في وسط القطب الجنوبي, أن ما يقع من حروب في العالم ودمار للطبيعة وتلوث للبيئة ومجاعة ...نتحمل فيه قسطا من المسؤولية؟ أو هو فقط مطلب طوباوي يصلح أن يكون فكرة لفيلم من أفلام الخيال العلمي, لأن العلاقات يحكمها الصراع والهيمنة وليس التفاهم والتآخي. كيف يتم الوعي بالمسؤولية؟ وكيف السبيل إلى فرد كوني في إحساسه بالواقع وبالذات؟ المسؤولية تصور وفي نفس الوقت وعي بالذات في هذا الوجود الذي يمتد عبر علاقات تفاعل متبادلة بين المحيط والفرد وبين الأفراد فيما بينهم , المسؤولية منظومة تتشكل عبر رؤية جماعية خاصة تمنحها كثافة قيمية ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر التلقين المستمر من خلال التربية والتنشئة الاجتماعية التي يجب أن يكرسان وبقوة من جهة الاعتراف بنسبية أفكارنا ومعتقداتنا وتمتين قوة إرادتنا الذاتية وحريتنا الفردية من جهة أخرى, وبالرغم من كل ذلك يظل السؤال مطروحا إلى أي حد نتحمل مسؤولياتنا؟.




#بوعبيد_عبد_اللطيف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارهاصات فلسفية: العمل والابداع
- انتصار الجهل
- أنا, أنا وأنت, أية علاقة؟
- الموت: الوجود الذي لا ننتمي إليه
- مشاهد


المزيد.....




- مثل -عائلة جتسون-.. هل نستخدم التاكسي الطائر قريبًا؟
- رجل يمشي حرًا بعد قضاء قرابة 30 عامًا في السجن لجريمة لم يرت ...
- آبل تراهن على هاتف آيفون جديد بمزايا ذكاء اصطناعي وبتكلفة أق ...
- روبيو: لقاء بوتين وترامب مرهون بتقدم المحادثات حول أوكرانيا ...
- نتنياهو يتوعد حماس ويطلق عملية عسكرية مكثفة بالضفة الغربية
- طهران: -الوعد الصادق 3- ستنفذ بالوقت المناسب وسندمر إسرائيل ...
- -أكسيوس-: واشنطن قدمت لكييف مسودة -محسنة- لاتفاقية المعادن
- الاتحاد الأوروبي يهدد مولدوفا بوقف المساعدات المالية
- للمرة الأولى.. المحكمة العليا بأوكرانيا تقضي ببطلان عقوبات ف ...
- -حماس- تعلق على هوية -الجثة الغامضة-


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بوعبيد عبد اللطيف - ارهاصات فلسفية: المسؤولية