أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - سعيد الحمد - السباحة ضد التيار















المزيد.....


السباحة ضد التيار


سعيد الحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1956 - 2007 / 6 / 24 - 11:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


كان بعض المثقفين والكتَّاب العرب‮ ‬يستخدمون هذا العنوان كنوع من الترف او للفت الانتباه في‮ ‬زمن عربي‮ ‬كانت مساحات قبول الرأي‮ ‬الآخر المخالف تحتمل الى حد معقول مقارنة بما هو حاصل اليوم،‮ ‬الافكار المغايرة والرؤى المختلفة،‮ ‬لا سيما في‮ ‬المسافة الاجتماعية او المجتمعية العامة لدى القاعدة الأوسع‮.‬
ولم‮ ‬يكن من المتخيل والمتصور ان‮ ‬يأتي‮ ‬علينا زمان عربي‮ ‬متشدد ومنغلق اصبحت فيه السباحة ضد تياره الجارف نوعاً‮ ‬من‮ »‬الاستشهاد‮« ‬اليومي‮ ‬الذي‮ ‬يخشاه القلم خوفاً‮ ‬على حياة صاحبه الذي‮ ‬آثر درب السلامة على درب الندامة،‮ ‬اي‮ ‬درب الرأي‮ ‬الآخر المخالف والفكرة المغايرة والنقد الجسور لافكار التدمير والتفجير،‮ ‬وتغيّب الوعي‮ ‬تحت ركامات الزيف والشعارات البراقة المغشوشة التي‮ ‬لا نصيب لها عند اصحابها الذين‮ ‬يرفعونها للقفز من خلالها الى الكراسي‮ ‬والمراسي‮ ‬والمناصب المخطوفة خطفا من جماعات باتت معروفة بالاسم والعنوان وبكل التفاصيل اياها‮.‬
وفي‮ ‬زمن‮ ‬يصبح فيه النقد ومساءلة الافكار المشوهة ومراقبة المنافقين بالشعارات والمتلاعبين بعواطف ومشاعر الجماهير‮ »‬استشهادا‮« ‬يوميا،‮ ‬وسيرا على دروب الندامة،‮ ‬نكون قد دخلنا بارادتنا العربية الخالصة الى كهوف النهاية حيث‮ ‬يصبح البحث عن السلامة الذاتية مطلباً‮ ‬وفي‮ ‬الوقت نفسه مهرباً‮ ‬فردياً‮.‬
وفي‮ ‬زمن كهذا ستصبح الضحية‮ »‬ضحية جماعات التشدد والتزمت والارهاب الفكري‮ ‬والثقافي‮ ‬السائد‮« ‬ستصبح هذه الضحية‮ »‬متهماً‮« ‬من الجميع حتى من اولئك الذين‮ ‬يدعون ويزعمون الاستنارة حيث سيبحث له الجميع عن‮ »‬تهمة‮« ‬تبرر ما‮ ‬يستحقه وتعزز الحكم الصادر عليه من تلك الجماعات بتهمة التصفية التي‮ ‬باتت مجتمعاتنا العربية تنظر إليها ببلاهة،‮ ‬وبصمت‮ ‬يعكس خوفها الخائف فيما لو قدمت عزاء لاهل الضحية،‮ ‬ناهيك عن ان تمارس الدفاع عن الضحية او تدين ما‮ ‬يجري‮ ‬لها‮.‬
في‮ ‬هكذا زمن لا تبحثوا عن الاسئلة الصحيحة‮.. ‬وعندما تغيب الاسئلة الصحيحة فلا توهموا انفسكم بالوصول والحصول على اجوبة صحيحة‮.. ‬فكل الاجابات القادمة في‮ ‬زمن السلامة والندامة المعكوسة ستكون خائبة،‮ ‬وستكون خائنة للعلم والمعرفة والصدق والشفافية وللحقيقة التي‮ ‬عنها تبحثون‮.‬
في‮ ‬زمن تخرج فيه تظاهرات صاخبة في‮ ‬احتجاجاتها تطالب برأس كاتب او روائي‮ ‬او شاعر او مسرحي‮ ‬او ملحن او تشكيلي‮ ‬ويكون خروجها وترتيبات تنظيمها كمظاهرة تنديد من رحاب جامعاتنا العربية‮ »‬بيوت العلم والمعرفة‮«‬،‮ ‬في‮ ‬هكذا زمن لن‮ ‬ينفع فيه البكاء على الزمن الجميل،‮ ‬ولن‮ ‬ينفع فيه المهرب الفردي‮ ‬والشخصي‮ ‬بحثا عن السلامة والذي‮ ‬منها‮.. ‬لان ثقافة الردة والنكوص لن تبقي‮ ‬اخضر ولا‮ ‬يابسا عندما تستعر نارها ويشتد أوارها ويمتد لسانها حتى الى الهاربين الباحثين عن سلامة مزعومة وموهومة فبعد ان‮ ‬يفرغوا من المشاكسين الذين امتلكوا الجرأة في‮ ‬قول‮ »‬لا‮« ‬كبيرة في‮ ‬وجه انكشارية ثقافتهم،‮ ‬سيلاحقون اصحاب المهرب الفردي‮ ‬ليقضوا على البقية الباقية‮.‬
لكن السؤال الشاخص الان‮.. ‬هل الصمود وممارسة الاستشهاد اليومي‮ ‬الذي‮ ‬حمل رايته البعض ممن تجاوز اللحظة الراهنة وذهب الى المستقبل منحازا للقادم‮.. ‬هل هذا الصمود سيكون مجديا ومثمرا وناجعا؟؟
يطرح علينا البعض هذا السؤال بصيغة مهادنة محايدة،‮ ‬واحيانا بصيغة‮ ‬يائسة وبعض الاحيان بصيغة مستفزة فيما‮ ‬يطرحه المثقف‮ »‬بروتس‮« ‬بصيغة التيئيس‮ .. ‬حتى‮ ‬يقدم رأس المعمدان على طبق لهم في‮ ‬المعبد الكبير هناك الذي‮ ‬دس كهنته‮ ‬يوما راقصتهم‮ »‬سالومي‮«‬وراهنوا على رأس القديس ذلك الذي‮ ‬سقط في‮ ‬حضن‮ ‬غواية الفن‮.‬
لكن الفكرة في‮ ‬السؤال رغم حرصها الجميل‮ ‬يبدو فيها الخلط هنا بين الفن كهواية وبين الموقف الفكري‮ ‬كمبدأ‮.. ‬والثبات على مبدأ الدفاع عن الحرية والتعددية والرأي‮ ‬الآخر لم‮ ‬يعد ترفا فنيا بل اصبح قضية حياة او موت‮.. ‬وليس هناك منطقة وسطى‮ ‬يمكن ان تُخبأ فيها مثل هذه القضية المحسومة اصلا والمهدور دمها على رؤوس أشهاد عصر حجري‮ ‬يريدون ايقاظه الآن‮.‬
ليس في‮ ‬المسألة خيار ترفي‮ ‬معين‮.. ‬ولكنه سؤال نكون او لا نكون‮. ‬ولأننا في‮ ‬زمن‮ ‬يهرب من اجابات الاسئلة المصيرية فـ‮ »‬ان نكون‮« ‬تصبح عند بعضهم‮ »‬اكون او لا اكون‮« ‬وهنا ستختلف الاجابات في‮ ‬اشكال كثيرة،‮ ‬وفي‮ ‬تلاوين عديدة من محاولات الهروب الفردي‮ ‬تحت عباءة الكينونة الفردية التي‮ ‬تبحث عن مكان خاص لها وحدها‮.‬
في‮ ‬زمن لا‮ ‬يعرف كيف‮ ‬يسأل وفي‮ ‬زمن لا‮ ‬يفهم كيف‮ ‬يجيب،‮ ‬سيصبح النقد الفكري‮ ‬شهادة وصليبا منصوبا على كل طريق وعند كل مفترق‮.. ‬فعادة الصلب تُبعث سريعا في‮ ‬هكذا اجواء‮ ‬يتحول فيها المهرج مفكرا عند جماعات الرقص على الحبال الذين‮ ‬ينصبون سيركهم الجوال اينما حل المال الوفير فحواتهم وهواتهم قادرون بعد العرض البائس على المرور بقبعاتهم المقلوبة لاستدرار الصدقة من جيوب المتفرجين الذين لم‮ ‬يتركوا لهم بعد كل المصادرات والملاحقات سوى هذا السيرك المنصوب في‮ ‬الفريج،‮ ‬يبحث عن تبرعات اصبحت اليوم مراقبة ومحاسبة،‮ ‬وذهب ذلك الزمن الذي‮ ‬كانت تتدفق فيه عليهم بلا حساب وبلا سؤال‮.‬
لذا فانهم‮ ‬يحقدون كل الحقد على الاسئلة ويمقتونها كل المقت ويكرهونها كل الكره ويبحثون عن عالم بلا اسئلة،‮ ‬عالم مغلق على اجاباتهم المغلقة حتى‮ ‬يملكونه ويتملكونه ويركبون موجته ويوجهون دفته ويجلسون على كراسيه ويمسكون بمراسيه‮.. ‬فالعلم والمعرفة حكر عليهم،‮ ‬وهم الذين لا‮ ‬يعلمون ولا‮ ‬يعرفون الفرق بين ان تفكر وبين ان تُلغي‮ ‬عقلك في‮ ‬اقرب صندوق للتبرعات فتأخذ منها المقسوم وتراكم الاخذ الى النهاية‮.‬
ومن اعتاد الاخذ لا‮ ‬يمكن ان‮ ‬يُعطي،‮ ‬وهكذا كل اجاباتهم المعلبة اخذت من السائل والمحروم‮.. ‬فهم القادرون على تقديم الشفاء حتى ولو كان مجرد وهم منقوع في‮ ‬ماء آسنٍ‮.‬ ولاننا لا نبحث عن مهرب فردي،‮ ‬ولاننا قادرون على طرح الاسئلة‮.. ‬فسنظل نسأل السؤال تلو الآخر؛ لانهم لن‮ ‬يئدوا الاسئلة ولن‮ ‬يستطيعوا‮.‬




#سعيد_الحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا ديمقراطية من دون ديمقراطيين
- من مروة التركية إلى نورية الكويتية
- الإخوان وجهازهم السري‮..
- نهاية عام‮.. ‬إعدام صدام
- خسارة على التسامح
- ضد المرأة‮.. ‬أم ضد الاصلاح؟
- ديمقراطية بلا حداثة .. أضغاث احلام
- حوار أديان أم حوار أفكار؟
- كرامتي في دوري و مساواتي
- في إيران , اعتداء صارخ على الديمقراطية المزعومة


المزيد.....




- مصر: جدل بسبب تصريحات قديمة لوزير الأوقاف عن فتاوى الشيخ الس ...
- ماذا بقى من القواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا بعد انسحابه ...
- محكمة روسية تدين مواطناً هولندياً بتهمة الاعتداء على ضابط شر ...
- كله إلا سارة.. نتنياهو ينتقد وسائل الإعلام دفاعًا عن زوجته: ...
- يورونيوز نقلا عن مصادر حكومية أذرية: صاروخ أرض جو روسي وراء ...
- إطلاق نار في مطار فينيكس خلال عيد الميلاد يسفر عن إصابة ثلاث ...
- إعادة فتح القنصلية التركية في حلب بعد 12 عاماً من الإغلاق
- بوتين: روسيا تسعى إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا
- ماذا تنتظر عمّان من الشرع و ترامب؟
- -يديعوت أحرونوت-: إسرائيل تهاجم اليمن بـ 25 طائرة مقاتلة


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - سعيد الحمد - السباحة ضد التيار