أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالهادي مرهون - هل يساوي القانون بين الضحية والجلاد في الجريمة والعقاب؟















المزيد.....

هل يساوي القانون بين الضحية والجلاد في الجريمة والعقاب؟


عبدالهادي مرهون

الحوار المتمدن-العدد: 596 - 2003 / 9 / 19 - 02:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    



الذين حملوا الهم الوطني والمطالب الشعبية السامية في البحرين،  هم الذين قاسوا الآمرين في السنوات العجاف الماضية، التي سبقت بدء مشروع الإصلاح الذي طرحة جلالة الملك، حين كان الجلادون يمارسون أعمالهم القبيحة تحت مظلة قانون أمن الدولة سيء الصيت، وارتكبوا أفظع الأعمال التي لا ترتضيها الشرائع السماوية أو القوانين الوضعية الخاصة بصيانة حقوق وكرامة وحرية الإنسان.

والآن وبفعل النضالات الوطنية والشعبية الممتدة والمخلصة التي شارك فيها جميع أبناء هذا الوطن - بشتى مشاربهم الفكرية والسياسية - أصبح هناك تقديراً عالياً للذين بذلوا مهجهم ودمائهم ودموعهم والغالي والرخيص في حياتهم في سبيل إعلاء المبدأ والوطن، وبات على الجميع ونحن نعيش مرحلة الانفراج السياسي الذي تحقق بفعل تلك النضالات والتضحيات التي سطرها عدد من أبنائنا وأعزائنا أن نبدي شيئاً من الوفاء والتقدير لحق هؤلاء الشهداء فهم أكرم وأوفى منا جميعاً، من خلال المطالبة بمحاكمة جلاديهم وإعادة الاعتبار لهم والمطالبة بحقهم في التعويض العادل مع أسرهم إضافة إلى جميع الذين تعرضوا لأعمال القمع والتنكيل في الحقبة المظلمة السابقة وبعضهم لازال يحمل إلى اليوم على أجسادهم وفي قلوبهم الطاهرة – حتى هذا اليوم - أوسمة فخار وعز يذكروننا بها حين مراجعة تفاصيل تلك الحقبة السوداء.

وقبل شهرين ماضيين مرة علينا في البحرين ذكرى شهداء الوطن الأعزاء علينا الذين لم يتوانوا عن تقديم زهرة شبابهم في سبيل المبدأ والوطن، جميل العلي، فاضل مرهون، سلمان التيتون وعائلته، سعيد العويناتي، نضال النشابة، فضيلة المتغوي، محمد بونفور، د. هاشم العلوي وغيرهم ممن نحن مقبلون على ذكرى استشهادهم في بحر الأيام القادمة، هذا والشهداء جميعهم ومن أتوا قبلهم ومن جاءوا بعدهم نتذكرهم بعجز ساعات.

وحتى يتم تجاوز آثار تلك المرحلة بكل تداعياتها وآلامها فإن من المحتم التأسيس لمناخات ما بعد تلك الحقبة بفيض من الديناميكية الحقوقية والعدالة الحقة وسيادة القانون، للإسهام في تكوين مجتمع أهلي يكون فية جميع المواطنين أحراراً يتمتعون بكافة حقوقهم لأنه البديل التاريخي لحقب القمع والتنكيل وتكميم الأفواه، ومن هنا تأتي أهمية متابعة وملاحقة كل من مارس انتهاكات حقوق الإنسان وأفعالاً حاطة بالكرامة والقيم الإنسانية، ممن أوغلوا حتى الثمالة في سحق كرامات وحقوق فآت واسعة من المجتمع، هم قبل أن يكونوا مواطنين، فهم بشر كفلت لهم شرائع السماء والأرض حقوقاً جلية، ولم يكن لهم من جرم سوى أنهم دافعوا عن مصلحة هذا الوطن وعن قضايا أهله.

إن العدالة البطيئة غالباً ما تكون أشد قسوة من الظلم الواقع، لأن الأخير يشغلة ما به عن ما يريده ويتمناه.  إلا أن الأول يجعله منتظراً محدقاً في من يمتلك سلطة العقاب بالقانون.  ولذلك على كافة فآت المجتمع والأخيار في هذا الوطن دعم أهداف اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب في مطالبها العادلة.  بتقديم جميع مرتكبي جرائم التعذيب إلى محاكم عادلة تحضرها جهات حقوقية وعلى الخصوص منهم عادل فليفل الذي ارتكب جرائم الإثم والعدوان بحق أبناء الوطن واستغل وظيفته في ارتكاب انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان، ليس بدافع الانتقام منهم، لكن للتاريخ وتسجيل الحقيقة وإدانة الجرم أياً كان فاعلة ومرتكبة، وحتى يتم الكشف عن تفاصيل الماضي المؤلم الذي يحن لممارساته البشعة وأفعاله الفظة بعض الموتورين وأعداء الوطن والإنسانية، وبهذه المناسبة يجب التأكيد على عدم خلط الأمور من خلال مطالبة المذكور بإعادة بعض الأموال والممتلكات التي استولى عليها دون وجه حق مستغلاً وظيفته وصفة عمله، فالذي ينبغي محاكمته ومحاسبته عليه أولاً هو: أعمال القتل والتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان، ومثلة بقية الجلادين من أضرابه، الذين شاركوه في هذه المهمة الحاطة بالكرامة الإنسانية، إضافة إلى المطالبة بتعويض جميع ضحايا التعذيب مادياً ومعنوياً ومعالجة المتضررين منهم - وما أكثرهم - جسمياً ونفسياً، واعتبارهم شهداء وأوفياء لهذا الوطن من خلال رد الاعتبار ونفي ما لحق بهم من تهم باطلة وملفقة.

إن على المخلصين من أبناء الوطن توفير أقصى دعم ممكن لهذه الفئة واللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب من خلال تضافر الجهود لإلغاء المرسوم رقم 56 الذي يعتبر مخالفاً للاتفاقات التي وقعتها مملكة البحرين حول مناهضة التعذيب، فلا يصح منح العفو عن هؤلاء الجلادين والمعذبين إلا من قبل أولياء وأقرباء الضحايا ولا يملك هذا الحق أحد سواهم، بعد عرضهم على محاكم عادلة بهدف المصارحة للوصول إلى الحقيقة، ويمكن في هذا المجال الاستفادة من تجارب الشعوب والدول التي عملت على توفير مقومات اجتياز الحقب المعتمة في تلك الدول كالمغرب الشقيق وجنوب أفريقيا.

أن المطالبة بإلغاء المرسوم التفسيري رقم 56 لسنة 2002 تجئ استناداً لكونه مخالف للحريات والحقوق التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية التي وقعت عليها المملكة وأصبحت ملزمتاً لها، ولتعارضه مع مرسوم العفو الشامل رقم 10 من جهة وبين مرسوم 56 الذي يفسر الأول، حيث أن قانون العفو الشامل لم يكتنفه الغموض حتى يفسر، وجاء واضحاً مرسلاً في أن المشمولين بالعفو هم ثلاث فآت: الموقوفون والمتهمون والمحكومون ولم يلحق بالنص ما يدل على شمول مرتكبي جرائم التعذيب بالعفو، حيث أن مرتكبي جرائم التعذيب تنطبق عليهم المادة 208 من قانون العفو الشامل الذي يختص بها القضاء الجنائي.

لقد كفل دستور المملكة لكل المواطنين حق اللجؤ إلى القضاء وكذلك المواثيق والمعاهدات الدولية التي التزمت بها البلاد وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي الذي يؤكد في مادته الثامنة" أن لكل إنسان الحق في اللجؤ إلى المحاكم لأنصافه" علاوة على معاهدات منع التعذيب الجسدي والنفسي، ومعاهدة وقوانين محكمة الجزاء الدولية، وقد أصبحت العديد من المنظمات الدولية تتابع الانتهاكات التي تقوم بها الدول لتلك المعاهدات كما تصدر الأمم المتحدة قوانين الإدانة إذا ما تأكدت قانونياً هذه الخروقات حتى أصبحت الدول تخشى هذه التقارير وتحاول جهدها الحفاظ على المعايير الدولية لحقوق الإنسان وباتت أغلب الدساتير والقوانين تتضمن بنوداً صريحة وواضحة تعكس حقوق الإنسان وتحترم وجوده وتصون كرامته وتعطي الحق للمتضررين في مقاضاة منتهكي حقوق الإنسان.

وحتى يتم معالجة فصول أحد أكثر الملفات الماضية قتامة – مخلفات أمن الدولة – فإن مجموعة من النواب بالتنسيق مع قوى وفآت معينة تعكف الآن على بلورة اقتراح معالجة موضوعية وحقوقية إلى ملف ضحايا المرحلة السابقة التي ساد فيها تعطيل العمل بالدستور وتسلط أمن الدولة، من خلال إعادة الاعتبار للشهداء والضحايا وتقديم اعتذار رسمي لهم باسم الدولة، وإقرار تعويضات منصفة لأسر الشهداء والمعذبين،  إضافة إلى تأهيل ضحايا التعذيب والمعتقلين وتعويضهم بطريقة مناسبة. وكذلك المبعدين والعائدين من المنافي إلى الوطن.

ومن أهم العوامل المساعدة على تحقيق ذلك، تكوين مجموعة نيابية "لوبي" للدفاع عن المتضررين من قضايا التعذيب من أعضاء المجلس، وتبني فكرة إصدار قانون للمصالحة الوطنية مع إقامة حوارات لهذا الغرض مع الجمعيات وفي مقدمتها اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب والفعاليات الحقوقية والنشطاء السياسيين من خارج المجلس لاستكشاف الآراء وبحث ما يمكن عمله حيال الموضوع على أن تشكل المجموعة وتعمل من المهتمين بهذا الموضوع.

ومن أهم الحيثيات التي ينبغي الإجابة عليها هو العمل الذي من الممكن فعله مع منتهكي حقوق الإنسان، ويمكن في هذا الصدد دراسة تجارب الدول الشقيقة كالمغرب والصديقة كجنوب أفريقيا اللذين أقدما على معالجة تداعيات ملف التعذيب من خلال تشخيص حالات مرتكبي التعذيب من قبيل القتل والتعذيب النفسي والجسدي للجلادين والمعذبين. وتقديمهم إلى محاكمة حقوقية عادلة تتوفر فيها كل الشروط القضائية بحضور مراقبين من الداخل والخارج، مع تقديمهم لاعتذار علني ومكتوب يذاع ويكتب في مختلف وسائل الأعلام، عما اقترفوه بحق الوطن وأبنائه وتعهدهم بعدم العودة إلى مثله، مع إلزامهم ببعض الأعمال التطوعية لصالح المواطنين والمجتمع في مجالات عدة.

بعد كل ذلك دعونا نتساءل ما الذي قام أو سيقوم به النواب للشهداء وضحايا التعذيب؟ فلأول مرة في البحرين تتضافر جهود المجتمع المدني والجمعيات ومركز حقوق الإنسان ونواب من البرلمان لتقديم أكبر عريضة للمطالبة بإلغاء المرسوم بقانون 56 إلى جلالة الملك المعظم، وقد سبق ذلك المشاركة الفعالة في جميع النشاطات التي نظمتها اللجنة الوطنية للشهداء، وضحايا التعذيب من اجتماعات ومسيرات احتجاج وتضامن. ونحن في المجلس نراقب هذه المسألة عن كثب للوصول بها إلى غايات تخدم المصلحة الوطنية وتوطد من تلاحم أبناءه وتنصف المتضررين من المواطنين والأسر المكلومة.

إن التجاهل واللامبالاة أو التسويف في معالجة هذا الملف من شأنة أن يأسس لجو التشاؤم المخيف والمريب، ومن ثم بلوغ مرحلة لا نرجوها ولا نتمناها من اليأس في تحقيق الإصلاح السياسي، الذي إذا طال انتظاره غابت بوادره الجدية التي تبعث في نفوس المواطنين بعض من دوافع الآمان والأمل في ردع من يسئ استخدام السلطة وينتهك حقوق المواطنين الأبرياء.

 

عبدالهادي مرهون
النائب الأول لرئيس مجلس النواب - البحرين
[email protected]

 



#عبدالهادي_مرهون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرهون للوسط تحدث عن المعارضة والحكومة والنواب والشورى والأوض ...
- مشروع الإصلاح والتحديث، سقف التوقعات والآمال
- جبهة الفساد – مقوماتها البيروقراطية، الرشوة، التمييز
- هل خفضت الميزانية البطالة؟
- الإصلاح هل هو حاجة؟ أم لإلهاء المجتمع عن واقع صعب
- أخبار الخليج- تحاور النائب الأول لرئيس مجلس النواب: كتلة جدي ...
- الشهيد محمد جمعة أول شهيد في سبيل انتفاضة الأقصى من خارج فلس ...
- حتى يكون البرلمان مؤثرا
- المواطنة المتساوية
- إلى ماذا سوف نسعى ؟!!
- التدافع والتنافس ، سمة المجتمعات المتحركة … قراءة مجتمعية
- البرلمان : التعيينات و تكافؤ الفرص
- استمرار نظام الامتيازات يعرقل مسيرة الاصلاح والتحديث
- سنطرح مشروعا يجرم ممارسي التعذيب
- الشهيد محمد جمعة أول شهيد في سبيل انتفاضة الأقصى من خارج فلس ...
- التمييز: تفتيت للوحدة الوطنية
- الــبــرلمــان . . . المأمول والمعقول - البحرين


المزيد.....




- الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر ...
- لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع ...
- -حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم ...
- هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
- فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون ...
- ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن ...
- محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالهادي مرهون - هل يساوي القانون بين الضحية والجلاد في الجريمة والعقاب؟