|
النص الرشدي في القراءة الفلسفية العربية المعاصرة
عامر عبد زيد
الحوار المتمدن-العدد: 1954 - 2007 / 6 / 22 - 11:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
توزعت الأطروحة بين ( مدخل) تأصيل إشكالية الأتباع والإبداع في القراءة الفلسفية العربية المعاصرة متوزعة بين ثلاثية ( العلمانية ) و ( الدينية ) و ( الابستمولوجية ) . في الوقت الذي يرى الباحث ( علي عبد الهادي ) أن ابن رشد في رحلته مع الفلسفة بدعوة الأمير إلى شرح فلسفة المعلم الأول كانت دعوة مقيدة لكون المجتمع لم يتحمل سلطة الفكر الوافد وشعر الخليفة الخائف على ملكه والذي وجد استمراره عبر التضحية بابن رشد كانت تلك واقعية فكر ابن رشد ، أما صورة ابن رشد في ذهن القراء فوجد الباحث أنها ذات اتجاهات ثلاثة : الأول برأي إبداعه في كونه شارح لأرسطو والأخر يرى أن ابن رشد تجاوز النص الارسطي تابع ما تقتضيه حركة الفكر الإسلامي ، أما الثالث مال إلى تثبيت أن ابن رشد واحد في كل كتبه وان ارسطيته هي جزء من تفكيره ولكنها ليست كل تفكيره واستطاع تجاوز النص الارسطي وهكذا نكون إزاء ثلاث قراءات وضع لها منطلقات عبر التأمل في فكرها وهي آلاتية :
العلمانية : نؤكد التزام ابن رشد الارسطية فأرسطو هو الرجل الذي كمل عنده الحق ، ومن ثم يغدو ابن رشد ماديا علميا وتأكيد هذا عبر الفصل بين الدين والدولة وبالتالي يغدو يغلب الجانب ( الانطولوجي ) على الجانب ( الثيولوجي ) أي عدم التزام ابن رشد بالفكر الديني ، ومن هنا جاءت محاولة التركيز على عالمية ابن رشد عبر تأكيده طلب الحقيقة أينما كانت وكونه يشكل احد اللبنات الأساسية في عصر التنوير وعلى هذا خلصت على تأكيد أن ابن رشد حصر الأخلاق بمفهوم الأخلاق الطبيعية .
ويحكم الباحث على هذه القراءة العلمانية على أنها تسعى إلى سحب النص لضباغ توجهاتهم كان يحركهم الجانب الإيديولوجي أكثر من الجانب المعرفي لكونهم فهموا من النص الرشدي انه يدعو إلى عقلانية فلسفية .
أما القراءة الدينية : فتنطلق من تأكيد فلسفة ابن رشد ( فلسفة دينية قرآنية ) وتأثر ابن رشد بالمتصوفة وتأكيده على التوفيق بين الحكمة والشريعة وبالتالي تغدو حكمة ابن رشد شرعية لأنه متفقهً في الدين يعرف قوانين التأويل ، وبالتالي نقد ابن رشد يهدف إلى بناء فلسفته الخاصة بعيدا عن أرسطو ، وبالتالي حصر الأخلاق بالتعاليم الدينية وتجاوز الأخلاق الطبيعية وإحلال الميتافيزيقيا محل العقل .
هؤلاء أصحاب القراءة السلفية ( الدينية ) يقفون على طرفي نقيض مع أصحاب القراءة العلمانية ويأخذون عليهم استعانتهم بالمناهج الغربية والاعتقادات الثابتة في الغرب ومحاولة عكسها على المجتمع والفكر العربي .
يؤيد السلفيون القول ( أن الفكرة الحضارية الواحدة لا تقوم استنادا إليها ألا حضارة واحدة ) وبهذا يغدو إقحام الأخر في ألانا مما يصير ذلك بالضرورة إلى تفجير الذات وإلغائها ، وفرض سيطرة الآخر دون الوعي بهذه السيطرة لهذا يدعون ( السلفية ) إلى إعادة تنشيط ماضي السلف ولشعور السلفية يتقدم الغرب عبأ السلفيون كل الآيات والأحاديث التي تدعو الإنسان للانفتاح على العلم والعودة إلى النصوص الفلسفية والعلمية والعربية الإسلامية خصوصا النص الرشدي الذي يركز على العودة إلى العقل والتأمل ، لهذا ركزوا على الجانب الذي يؤيد فيه ابن رشد دعوة الفران للعقل ، وان لا تناقض بين الشريعة والحكمة ، دون التركيز على جانب التبعية للفكر الارسطي .
أما منطلقات العقلانية العلمية ( القراءة الابستمولوجية ) يعرضها الباحث في ملامح أوجزناها في الأتي : الأيمان بسلطة العقل وسلطة العلم عند ابن رشد – الأيمان بنقدية ، استبعاد أي اثر للافلاطونية المحدثة في فكر ابن رشد – فصل بين الفلسفة والدين ويترتب على ذلك القول يفصل الدين عن الدولة – تؤكد هذه القراءة على أن ابن رشد حاول ربط السياسة والأخلاق بالعلم ، تؤكد القطبية بين حقيقتين يمر بها النص الرشدي الأولى الجوامع كانت تؤكد على الضروري من المعرفة الارسطية والثانية هي الشروح الكبرى حيث شهدت ميلاد مشروع سياسي كان نتيجة لإعادة قراءة الفلسفة الارسطية ، تؤكد هذه القراءة على فصل الفلسفة عن الدين مع التأكيد أن ابن رشد جعل الدين قادما للفلسفة .
وينتقد الباحث احد مفكري هذه القراءة(محمد عابد الجابري ) في كونه في نقده العقل العربي سجل موقفا قوميا أولا وعرقيا ثانيا . قومي اقترب فيه من القراءة العلمانية ، رفض القراءة الإسلامية ، وبالتالي التركيز على فكر ابن رشد بوصفه فكرا عربيا وترك الفارابي وابن سينا وتفضيله ثانيا كل ما هو اندسي ( مغربي ) على ما هو ( شرقي ) وبالتالي انتهى إلى تسجيل موقفٍ أيديولوجي .
بالمقابل الباحث ( علي عبد الهادي ) يقترح قراءة ابستولوجية ( محايدة) معتمدا على مرجعيات متعددة ( ناصيف نصار ) : ( فالتجديد الحقيقي هو الذي يضيف للقديم إضافة جوهرية في مضمون الرؤية أو في بنيتها أو في المنهج المؤدي إليها ) . وغادامير عبر " نصر حامد " قوله: أن فهمنا ( للتاريخ لا يبدأ من فراغ بل يبدأ من الأفق الراهن الذي يعتبر التاريخ احدى مؤسساته الأصلية لان الوجود الإنساني تاريخي ومعاصر في الوقت نفسه ، ولا يستطيع تجاوز افقه الراهن في فهم الظاهرة .... )
و( علي حرب ) في قراءته التي لم تبق على المستوى الابستمولوجي فقط بل تعدته للبحث على الصعيد الانطولوجي يرى انه إذا كان التأويل هو الذي يمكننا من بناء صلة مزدوجة بالتراث والمعاصرة بقدر ما يتبح قراءة عصرية للتراث أو توظيفا للماضي الذي لا ينفك يحضر باتجاه المستقبل أو ممارسة للخصوصية بصورة عالمية فالتفكيك يقضي إلى ردم الهوة بين الثقافات والعقول والأزمنة ، ذلك انه في المنظور التفكيكي لا يوجد في متناولنا سوى النصوص ولكل نص حداثته وراهنيته شرط أن نشارك نحن في قراءته وسبر إمكانياته .
وعلى ( محمد الو قيدي ) استخلاص قيم الابستمولوجية المعاصرة يقتضي الإطلاع على اكبر قدر ممكن من وقائع التاريخ العلمي .. ولان شروط العمل ليست شروطا نفسية بل هي شروطا تاريخية مجتمعية أيضا .
وفي هذا يؤسس الباحث إلى رؤيته التي سوف يعالج بها تلك القراءات وهذا ما اخذ مضمون الرسالة لفصولها الأربعة الأول ( النص الرشدي بين الفلسفي اليوناني والفكر الإسلامي ) ناقش فيه ثلاثة محاور أساسية حيث تناول في الأول : النص الرشدي بين أرسطو والغزالي ، متناولا المعجزات والنبوءات ، والمنهج الرشدي والثاني النص الرشدي بين المنظومة الارسطية والمنظومة الكلامية عبر مفهوم السببية وعلم الكلام ، والنقد الرشدي للحل الفيضي ، والثالث : النص الرشدي بين المنظومة الارسطية والفيضية والكلامية في تركيزه على الله والعالم ، الذات الإلهية وأدلة الوجود والقدم والحدوث . الملاحظ أن الباحث هنا يحاول الكشف عن الأرضية التي شهدت ظهور فكر ونص ابن رشد ولكنه أيضا يعتمد على قراءات متنوعة ، في وقت هو يوظف تصور بنيوي عبر مفهوم نص ابن رشد وهذا يذكرنا بمفهوم النص عند بارت ، إلا انه رغم هذا التوظيف إلا انه اعتقد أنه ممكن اكتشاف أية القراءات قريبة من حرفية نص ابن رشد ، وهو يسقط هذه القراءات عبر منطلقاتها في التحيز الإيديولوجي إي إسقاط حاجاتها آلاتية على نص ابن رشد وهذا هو الدافع إلى إيجاد قراءة جديدة يقترحها لهذا التراث ، ولكن كل قراءة لا تخلو من قصدية لهذا أظهرت نظرية القراءة بوصفها كشف لسلطة القارىء وفعاليته في تأويل النص ، فلم تعد هناك حرفية نصية يمكن العود لها ، أنها جزء من خلقه تبدأ بسلطة المؤلف ثم سلطة النص ثم سلطة القارىء الذي يشكل النص وهذه القراءة تختلف باختلاف الأرضية الإيديولوجية التي ينطلق منها كل قارىء . ولعل هذا ما دفع أصحاب التفكيك بالقول بسوء القراءة لان القارىء منتج للنص بحسب حاجته ونص ابن رشد يمثل رصيد تراثي وعلمي تحاول كل قراءة أن تستثمر في إضفاء الشرعية على توجها المعاصر .
#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القراءة الابستمولوجيه لتراث ابن رشدعند محمد عابد الجابري
-
المثقف بين خانقي التخوين والتهميش
-
ظاهرة القراءه ورهانا الوعي
-
الفرد وروح التعايش والأمل
-
الكتاب وقيم القراءة
-
:الديمقراطية والإطار ألمفهومي
-
في أنماط الاتصال بين الإسلام والغرب المسيحي
-
الشعور العربية بين نفوذ الاخر واستبداد الذات
-
أسلمة الخطاب عند محمد باقر الصدر
-
إشكالية النفس والمعرفة في الفكر اليوناني
-
جماليات المكان
-
محور في الحداثة والمشروع النهضوي
-
الحداثة المرجوة
-
ما بعد الحداثة
-
تنزع الفلسفة كل ماهو لا معقول وتحيله الى كائن تاريخي عقلاني
...
-
نقد بنية الذهنية العراقية - عند علي الوردي-
-
الطوفان بوصفه حدثاً
-
فرويد والقراءة الطباقيه
-
منهج التأويل الرمزي
-
جماليات المكان في نص -مكابدات زهرة اليقطين
المزيد.....
-
ما مدى تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على المستهلكين
...
-
تصعيد إسرائيلي في جنين وغزة واستئناف مفاوضات المرحلة الثانية
...
-
مقررة أممية: فظائع إسرائيل بحق فلسطينيات غزة -إبادة جماعية ل
...
-
حزب الله يحدد 23 فبراير موعدا لتشييع نصرالله وصفي الدين معا
...
-
رئيس كولومبيا: سياسات ترامب فاشية
-
خبير عسكري يكشف سر زيارة زيارة نتنياهو لواشنطن
-
ترامب: لدينا مناقشات مخطط لها مع أوكرانيا وروسيا
-
المهاجم الدولي الجزائري أمين غويري يدعم هجوم مرسيليا
-
المكسيك ترفض البيان الأميركي وترامب يقر بتداعيات الرسوم الجم
...
-
تدشين معبد هندوسي ضخم في جنوب أفريقيا
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|