أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - توفيق أبو شومر - العملاء واغتيال الروح الفلسطينية















المزيد.....

العملاء واغتيال الروح الفلسطينية


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 1953 - 2007 / 6 / 21 - 06:34
المحور: القضية الفلسطينية
    


ما أكثر المتشائمين والناقمين واليائسين في وطني من الوضع الراهن ، وأعترف بأنني واحدٌ منهم ، غير أنني حاولتُ أن أحلل سبب تشاؤمي وأُحوِّل نقمتي على كل شئ إلى [ حالة فكرية] أبحث بها عن جذور الأزمة ، فاكتشفتُ بأنني قادرٌ على أن أُحوِّل تشاؤمي إلى تفاؤل ، ويأسي إلى أمل وطموح .
بدأتُ أولا بجذور المأساة ، والتي تتمثل في حقيقة بدهية وهي أننا أهملنا أساسات كان يجب ألا نهملها ، ومن هذه الأساسات :
أولا الاختراق الاحتلالي الكبير للساحة الفلسطينية .
وثانيا الأمراض الاجتماعية التي خلفها الاحتلال .
وثالثا النظام الحزبي الفلسطيني القاصر.
ورابعا منظومة القوانين .
أما عن الاختراق الاحتلالي لساحتنا، فهو الأخطر، وكان يمكن أن نسير في طريق معالجته ، غير أننا لم نخطُ خطوة واحدة في هذا الطريق، فهل يعقل أن يترك المحتل وطننا بعد أربعة عقود من الاحتلال بدون أن يتمكن من تصميم خريطة [ جينية] للمجتمع الفلسطيني يتمكن بها من فك شيفرة الجين الفلسطيني ، ويستطيع أن يطور الأمصال التي تتحكم في هذا الجين ، وأن يُنتج مضادات هذا الجين ولا سيما أن جيش الاحتلال يعمل كمؤسسة واحدة ويستغل الفسيفساء الإسرائيلية المتنوعة في كل مجالات العلوم وبخاصة علم النفس والاجتماع لفك رموز الشيفرة الجينية العربية كلها وبخاصة الشيقرة الجينية الفلسطينية ؟!
أما نحن فقد غضضنا النظر عن هذه الكارثة ، ولم نتعامل معها بوصفها وباء اجتماعيا خطيرا ،فبقينا نختلف في طريقة التعامل مع مخلفات هذه الظاهرة فقط ، وما يقع تحت أيدينا بالمصادفة المحضة فقط ! فلم نتفق بعد على تحديد مفهوم خاص بالعملاء والجواسيس ، فصرنا نُطارد الصغار منهم ، ونقدم فروض الطاعة والولاء للكبار منهم ، بل وصل بنا الحال لدرجة أن نُقبل أيدي الكبار منهم وفق قول جبران خليل جبران :
والعدل في الأرض يُبكي الجن لو سمعوا به ويستضحك الأموات لو نظروا
فالسجن والموت للجانين إن صغُروا والمجدُ والفخرُ والإثراء إن كبروا
فسارقُ الزهر مذمومٌ ومُحتقرٌ وسارق الحقل يُدعى الباسلُ الخَطِرُ
وقد أجريتُ قلمي على الشطر الثاني من البيت منذ ثلاثة عقود ، وجعلته كالتالي :
فسارق الزهر مذمومٌ ومحتقرٌ وسارقُ الحقل (يُعلي قدرَهُ البشرُ)
نعم لم نفتح أخطر الصفحات ، صفحات تجنيد المحتل لضعفاء النفوس وللمرضى من أبناء شعبنا ، واستغلال الكثير منهم لتأدية مهمات الاحتلال ، وجعل السجون الإسرائيلية مركزا لغسل بعض أدمغة أبنائنا المناضلين المخلصين ، والتغرير بضعفاء النفوس والشبان الصغار وحتى الخارجين عن القانون ، واستغلال الشرف والعرض في تجنيد الضعفاء .
فلم نتمكن من إقحام المؤسسات النفسية والاجتماعية والكليات العلمية في وضع برنامج وخطة لنستعيد ساحتنا من يد المحتل ، كأن نعلنَ العفو العام عمن يعترفون بولائهم السابق للاحتلال بشرط أن يعترفوا أولا ، ثم أن نقوم بتأهيلهم ليخدموا مجتمعهم ، بدلا من أن نجعلهم في مرمى نيران ألسنتنا صباح مساء أو أن نعتقلهم ونزجهم في السجون ، مع العلم أن من يكشف منهم دائما يكونون من الضعفاء المقهورين ، أما العتاة فهم الأخطر والأصعب مراسا ، هؤلاء من الصعب أن يُكشفوا !
لم أعثر أثناء بحث لي عن آلية عمل جيدة للتعامل مع هذا الملف حتى في إطار مؤسسات المجتمع المدني ، كأن تتولى جمعية خاصة معالجة هذه الظاهرة حتى في مجال العمل الأسري في إطار الجمعيات النسائية وما أكثر أسماءها وعناوين مقراتها ، حتى لو بقي نشاطها سرا من الأسرار ، كما تفعل جمعيات محاربة الإدمان والمدمنين .
ولم أجد في المؤسسات الرسمية من يتخصصون في هذا المجال ، لأننا نحب دائما أن نلبس القفازات المضادة للتلوث ، أو كأننا نربأ بأنفسنا عن هذا المستنقع القذر!
إن إهمال علاج هذه الظاهرة هو مسببٌ رئيس من مسببات دوام حالة الفوضى والصراع في المجتمع الفلسطيني !
كما أن الحقيقة الأكثر إيلاما في هذا الملف، أن الجاسوسية والعمالة في عالم اليوم لم تعد تعني جاسوسية رصد المواقع العسكرية ، وكتابة أسماء المناضلين والمناضلات ، وإحصاء العتاد العسكري الذي نملكه ، فقد تغير المفهوم في هذه الأيام ، وأصبحت الجاسوسية في الألفية الثالثة تعني [ قتل روح] الأمة
قتل روح الأمة بواسطة بذر الشائعات ،وإبعاد الكفاءات والإبداعات عن الساحة الفلسطينية باتهامها أو تسخيفها أو مطاردتها ، كما أن أخطر أنظمة الجوسسة في عالم اليوم تكمن في الجوسسة الاقتصادية، وهذه الجوسسة انتقلتْ من أيدى الدول إلى أيدي الشركات [ متعدية الجنسيات] وهي الحاكم الآمر الناهي في عالم اليوم .
فليس غريبا أن ما سيحدث في مجتمعنا الفلسطيني اليوم من أحداث تؤشر على نجاح الجوسسة الاقتصادية ، وأن بعض عملاء الاقتصاد الفلسطيني يهيمنون على هذا المجتمع ، فمن يتابع مسيرة الاقتصاد الفلسطيني يدرك حجم نجاح العملاء الذين تمكنوا من تدمير البنية الصناعية الفلسطينية إما بإقحامها في النضال بواسطة العملاء الذين يحركهم الاحتلال بالروموت كونترول حتى يتمكن الاحتلال من قصف هذه البنية الصناعية بحجج مقبولة ومبررة كما يحدث اليوم ، وإما بإفشال كل المشاريع والخطط عندما يتولى أحد كبار العملاء منصبا كبيرا يهيمن على الاقتصاد ، فيقوم بنزع أظافر الصناعات الوطنية ، وتهجير رؤوس الأموال بأساليب عديدة منها تعقيد إجراءات الاستثمار وجعلها من المستحيلات ، أو إبعاد المستثمرين المخلصين وتعزيز فئة لصوص المستثمرين باقتسام الشركات على حساب النظام الضريبي .
كان مفروضا عند تأسيس أية سلطة من السلطات حتى ولو كانت سلطة مثل سلطتنا أن نُرسي قواعد البناء الاقتصادي ونضع خطة خمسية أو عشرية تبرمج الاقتصاد في كل سنة وفقا لجدول زمني ، ففي السنتين الأوليين مثلا ، كان يجب أن نؤسس المشاريع الصناعية المتعلقة بالزراعة ونركز كل الجهود عليها ، وأن نضع لها من القوانين ما يجعلها راسخة ومحكمة .
وكان يجب أن نخصص سنتين أُخريين لمشاريع الصناعات السياحية مثلا ، مثل المشروع [الموءود] بيت لحم 2000 الذي وأده جواسيس الاقتصاد وعملاء الشركات الكبيرة بعد أن ألبسوا بيت لحم الزي العسكري، وحولوا الصناعات الخشبية التقليدية إلى متاجر للذخيرة والأسلحة، وأغرقنا بيت لحم برائحة البارود بدلا من رائحة البخور والورود ، وهكذا قضى العملاء على أمل فلسطيني آخر ، وهو [بئر] السياحة الأول في فلسطين ومصدر الدخل الرئيس لنا جميعا .
أما عن صناعات الألبسة فلا تخرج عن هذا الإطار ، كنتُ أفاخر كل بلاد الأرض عندما كنت خارج فلسطين بملابس بيت جالا الداخلية وأعتبرها أرقى المنتجات العالمية، وأحس بنشوة وأنا أوزعها على الآخرين عندما كانت تصلني كهدايا باعتبار وطننا منافسا حتى لماركة [هنز] الأمريكية!
أيضا وأيضا ...أدخل العملاء بيت جالا ضمن [ المخطط] وجعلوها أيضا مركزا نضاليا ، وبؤرة ابتزاز، وصاروا يطاردون المستثمرين المخلصين يبتزونهم ويهددونهم وينغصون عليهم حياتهم إلى أن نجحوا أخيرا في إقصائهم وإعادة الكثير منهم إلى الشتات على وقع أهازيج النضال :
طالعلك يا عدوي طالع
هبت النار والبارود غنّى
إتــفجر إتـفجر في كل شارع ومتجر في كل مدني وعسكر
بنحارب بالشبرية والمرتينا
وين الملايين ؟
وأخير يعرف كثيرون حجم الهجمة وحجم التغلغل الاحتلالي في نخاعنا الفلسطيني ، ولكننا حتى اللحظة نقف عاجزين عن إيقاف كارثة ما يسمى بالنضال العشوائي غير المدروس وغير الخاضع لأبجديات الوطن لأنه يقع في بند [ الفزعة النضالية] !
كان يجب علينا أن نضع ميثاقا ينص على تجريم العبث بالمؤسسات الاقتصادية ، وأن نحميها بأجسادنا وأرواحنا ، وأن نعتبر أصحاب رؤوس الأموال الأكفاء المخلصين أوسمة غار على رأس الوطن ، وأن نكرمهم بوصفهم مناضلين مخلصين ، بدلا من أن نرمي بهم من نافذة الوطن إلى الأبد !
وللحديث بقية !



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من غزة إلى حفيدي
- رسالة إلى حفيدي
- الغيرة وما أدراك ؟!!
- هل هناك مؤامرة على الترجمةإلى اللغة العربية ؟
- من فنون اللجوء الفلسطيني
- عجائب ثقافية
- بلاد الفرز ... والحراسات
- ابتسم .. أنت في غزة
- وجادلهم ..... بالمتفجرات
- علاقة الأحزاب الفلسطينية بمنظمات المجتمع المدني
- هل الإحباط مرض عربيٌ ؟
- هل أنظمة الاختبارات التقليدية إرهاب ؟
- المرأة بين الحقيقة والخيال
- المبدعون قرون استشعار
- إحراق الكتب في فلسطين


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - توفيق أبو شومر - العملاء واغتيال الروح الفلسطينية