|
في وجع الذبح والقتل ومشهد الهروب...
يونس العموري
الحوار المتمدن-العدد: 1951 - 2007 / 6 / 19 - 11:17
المحور:
القضية الفلسطينية
ما أشبه اليوم بالأمس، ما اشبه عمليات الهروب والفرار من قطاع غزه بأتجاه معبر ايريز ومعبر رفح الحدودي من قبل الكثير من المطاردين من الحكم العسكري الجديد في قطاع بغزة بذاك المشهد الذي ظل عالقا بالذاكرة الفلسطينية لسنوات طويلة حينما فر وهرب الكثير من العناصر الفلسطينية من جحيم النيران (الصديقة) ابان غزوة ايلول الأسود حينما سلموا انفسهم للعدو المفترض (اسرائيل)... وحينما كان القتل مباح... وحينما كانت الإبادة للفكر الوطني مستباح... ما أشبه اليوم بالأمس حينما صار الدم الفلسطيني في لبنان مسفوكا ومبررا وممارسة الذبح من الوريد للوريد لمن لا ينطق باللهجة اللبنانية... وما أشبه اليوم بالأمس حينما تمت ابادة تل الزعتر لإجتثاث التيار (العرفاتي) يومها، وما اشبه اليوم بالأمس حينما صار الختيار مطاردا بأزقة وحواري طرابلس والمدفعية السورية تدك بالبدواي والبارد... وما أشبه اليوم بالأمس حينما صرنا الأسرى لإرادة زعماء هيمنوا وسيطروا على ارادة القرار من هنا وهناك وادعوا امتلاكهم دون سواهم لحقيقة المسميات والأفعال، وما أشبه الزعماء الفارة الهاربة وهي الداعية من خلف كواليسها للإمساك بالبنادق ورفع اقصى درجات الإستنفار اللفظي وعد وقوع الواقعة كانوا اول الهاربين الفارين من المواجهة... ما أشبهنا ايها السادة من ذاك المرأى للمواكب السيارة التي تعبر المكان وتثير الغبار والكثير من التساؤلات... فمن انتم سادتي ولماذا أتيتم...؟؟ وهل نحن الخطأ ام انتم من تمكلون تفسير الأشياء لوحدكم..؟؟ هل احتكرتم فلسطين وصارت مزارع لكم ولفعلكم ولممارسة لهوكم....؟؟؟ وصرنا عبء عليكم...؟؟ نعترف بإزعاجكم واننا قضضنا مضاجعكم واصواتنا ارتفعت بوجهكم فقررتم فعل ابادتنا لأننا وحسب مفاهيمكم سادتي لا نستحق الحياة... ولا نستحق ان نحيا... فنحن الوسخين والجوعى نأتيكم متسولين نطالب بشيء من الكرامة وبعض من فتات الخبز ربما يكفي... نعترف سادتي اننا كنا قد اوقفنا مشاريعكم للتطبيع والتزمير والتهليل مع الجارة اللدودة ومع جيران اخرون كثيرون يعتمرون العمائم ولهم من الحب جانب...
نعترف اننا عجزنا امام جبروتكم ولم نستطع ان نصرخ كما هو صراخنا المعهود حينما وجهتم بنادقكم اتجاه صدرونا فقد كنا نظن ان من حقنا الصراخ ومن حقنا ان نعلو ونسمو... حيث كان اعتقادنا اننا نحيا في وطننا وفي ظل حراسة بنادقكم لكلامنا.. لم نكن نظن ان الكلام والصراخ سندفع ثمنه دما وقتلا وسجنا واختطافا وهوانا وذلا وتكفيرا...
نعترف اننا وقفنا مشدوهين من هول الصدمة... اويكون الإنهيار هو سيد الموقف..؟؟ ام هي سحابة صيف ثقيلة وستعبر المكان..؟؟
امارة غزة اعلنت نصرها المؤزر على حاكمية القطاع ... ودمرت كل الأصنام والوثنيات... ودمروا وجروا من كان منتصبا بساحة الجندي المجهول... لإفساح المجال للجندي المعلوم... لا تبحثوا عن السبب والمسبب... ونعتذر لكم سلفا عن بث تلك الصورة التي نعترف انها كانت غلطة غير مقصودة... ولكن لا تسألونا لماذا جررناه وسحبناه وقتلناه... فقد كان يستحق القتل والجر واللطم والدوس على جثته ايضا...
ما أشبه تلك المشاهد العابرة للفضائيات وللسماء والتي تتتحدث عن نفسها وعن حقيقة انهيار منظومة الاخلاق والمفاهيم بل وانهيار القيم الوطنية ومعانيها في ظل إستباحة كل المحرمات... بتلك المشاهد التي ظلت مسيطرة على الحدث الفلسطيني حينما كان الجلاد واضح المعالم والمتمثل بسطوة الاحتلال والياته العسكرية والقمعية. التي خبرناها وخبرنا كيفية التعاطي والتعامل معها بكافة السبل والوسائل المتاحة واللاممكنة... حيث كان الصمود سيد الموقف والهروب من ارض المعركة فعلا خيانيا بكل ما تحويه الكلمة من معنى... لكن الهروب والفرار اليوم ربما يصبح مقبولا ويصير امرا ضروريا في ظل اختلاط وانقلاب مفاهيم الوطن واحقيته بالتضحية...
ما أشبه تلك النداءات الداعية لتقديم ولاءات الطاعة والإستغفار لأمراء المؤمنين على الأرض، بتلك الصادرة عن الأخر لتقديم صكوك البراءة والإستنكار... ليكون العفو العام سيد الموقف... وما اشبه فعل الهروب من ارض المعركة من قبل امراء قبائل الإحتراب الداخلي بهؤلاء الفارين والهاربين من ساحات الوغى... ما اشبهنا بصورنا المشوه والتي باتت مصدر ازعاج لكل الحالمين بالغد الأفضل وبفعل التحرر والتحرير.. بل بتنا كما نحن الأن وسخين مسخين منسحبين من المشهدية الحضارية لفعل الانسان بفعل همجية الحدث وتداعياته...
يا قادة الكلام... ويا سادة الهروب.. ويا محترفي فعل الذبح... ومشوهي الجثث... اسمعونا جيدا... وخذوا من افواهنا بعضا من الكلام... سننسحب من المشهد فهل ترضون... ؟؟؟ ونترك لكم فعل الجنون فهل تقبلون..؟؟ وربما سنغير اسماءنا لتتلائم وفعل الهروب تارة... والتخندق خلف متاريس معاوية تارة اخرى... وسننصب مشانقنا بأيدينا ونحاكمنا امام تاريخنا... ونعلق اجسادنا في براري كربلاء... لننعى الحب فينا.. ونشدوا عويلنا على فضائيات موجات البث المفتوح... ففلسطين صارت بكاء وعويل ولعنة تطارد من يحلم فيها... والطريق الى فلسطين تظل الأبهى... ايها الغائبون المنتظرون لعودة مظفرة... لا تعودوا... وأمعنوا بالغياب بتيه الصحاري... وسافروا عبر انفاق الزمان وفتشوا وابحثوا عن امكنة اخرى تحلمون من خلالها بفلسطين... لن نبحث عن رموز جديدة... قد تكسرت كل صورنا... واصبحت معالمنا بلا عناوين.. لا نحن بشرا ولا يمكن ان نرتقي لنكون أشباه للبشر... يا قادة الكلام... وامراء غزة الجدد... هنيئا لكم سطوتكم وسيفكم وحكمكم بما أنزل الله... وسنة رسوله... وأقيموا حكم الحجاج على الأرض... واستمروا بجهادكم وتطهير امارتكم من المارقين والملحديين... ولا تنسوا تسير مواكب الحج لهذا العام فقد تغيرت قبلة الله فقد صارت بوصلة صلاة العباد بإتجاه امارتكم... وعار ان لا توجه وجوه العبادين المتضرعين للسميع العليم نحو صومعاتكم الجديدة.... ويا سادة الكلام... ومحترفي فعل الهروب دوما... لا تقلقوا ستعودون من جديد لسدة حكمكم... فيهوذا يشيد لكم ممالك جديدة.. فيها كل ما تشتهون... وسيكون لكم فعل الأمر والنهي من جديد وعليكم هذه المرة معرفة دقائق اللحظة... اما نحن فكما هي العادة سنتوزع على قادة الكلام وسادة الهروب... فنحن جزء من مغانكم....
#يونس_العموري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دعوة الى حركة فتح ....
-
معادلة عرس الدم الفلسطيني
-
الحرب الأهلية الفلسطينية قد اصبحت حقيقة....
-
ما بين دعوات اولمرت للسلام مع سوريا وتسخين الجبهة الحربية...
...
-
أبعاد الدعوة لتشكيل بلدية القدس الفلسطينية....
-
سياسة الفوضى الخلاقة تضرب من جديد في لبنان
-
قراءة سياسية اقليمية لخبايا وخفايا المواجهات الدامية في مخيم
...
-
هل نملك جرأة تسمية الأشياء بمسمياتها...؟
-
وثيقة اختبارت التنفيذ الأمريكية والأمن الأقليمي المفقود
-
لماذا لا يعترفون بنصر حزب الله..؟؟
-
في وقائع اطروحة الدكتور عزمي بشاره وفبركة الملفات الأمنية...
-
اولمرت والكلام السياسي وازماته الداخلية....
-
صراع المفاهيم وحرب المدركات والواقعيون العرب الجدد....
-
في تصريحات بولتون ودلالاتها
-
قراءة في الدبلوماسية الاسرائيلية هذه الأيام ....
-
رأي في موقف الجبهة الشعبية اتجاه حكومة الوحدة الوطنية...
-
ألمشهد السياسي الفلسطيني في زمن البلطجة
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|