|
مزيدا من الحزم باتجاه انهاء اوسلو
عمادصلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 1951 - 2007 / 6 / 19 - 09:59
المحور:
القضية الفلسطينية
كتبت وغيري عديد مقالات ودراسات عن أوسلو ومشروعها السلطوي ، وقلنا وتوصلنا في ما كتبناه أن السلطة القائمة لأوسلو إنما هي مشروع أمريكي صهيوني بامتياز ، لشرعنة وتمكين الاحتلال على أجزاء كبيرة ومهمة مما تبقى من الأراضي المحتلة عام 67 ، وتبين ذلك بحكم التجربة والواقع من خلال السنوات التي تلت ما يسمى بعملية السلام ، مشروع السلطة برمته يرتكز على الجانب الأمني بل هو جوهره وأساسه ومن يشك في ذلك ما عليه إلا الرجوع إلى اتفاقيتي أوسلو وطابا نفسيهما ، هذا الجانب الأمني مفاده أن حماية امن إسرائيل من عمليات المقاومة الفلسطينية هو المبرر والسبب الوجيه لعمل السلطة وأجهزتها الأمنية ، ومقابل هذا الأداء الأمني والتفاني في الالتزام به ، يحصل الفلسطينيون على المساعدات المالية والاقتصادية من الخارج ، والملاحظ في الموضوع أن تلك المساعدات ربطت بأطراف معينة لضمان أداء المهمة الأمنية من هذه السلطة ، بحيث إذا رأت الأطراف الصانعة لمشروع أوسلو حيادا عن المرسوم ، قامت فورا بالتضييق بل وبوقف صنبورة مياه المال والمساعدات ، ولعل هذا الربط والتقييد تجدونه بشكل واضح في اتفاقية باريس الملحقة لاتفاق أوسلو نفسه ، إنها مقايضة للقمة العيش التي من المفروض أن تتحملها القوة المحتلة بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي مقابل الالتزام بالوظيفة الأمنية في حماية إسرائيل وأمنها ومنع الاحتجاج أو المقاومة الفلسطينية على مزيد خطواتها الاحتلالية والاستيطانية سواء في الضفة الغربية أو في القدس التي لم تتوقف جهود إسرائيل الحثيثة من اجل تهويدها كاملة وبشكل نهائي .
ارتكب الراحل عرفات خطيئة كبيرة بحق الشعب الفلسطيني حينما وصل المفهوم البراغماتي لديه حدا نسي فيه كل الفلسفة والأساس الذي يقوم عليه الصراع مع العدو الإسرائيلي ، وعول كثيرا جدا على هذه البراغماتية من اجل الوصول إلى الحلم بإقامة الدولة المستقلة على كامل ارضي ال67 ، ولقد أشرت في مقال لي عنونته ب " حين تشخصن الحركات التحررية ما الذي يحدث " بأن مرد الحالة التي جاءت بأوسلو وتبعاته تعود إلى الحالة الشخصانية والفردية التي كانت تحكم فتح ومنظمة التحرير ، ولذلك نفهم جليا السر في إقدام الراحل عرفات على هكذا خطأ استراتيجي تمثل بقبول أوسلو وملحقاته ، قبل أبو عمار كثيرا من الالتزامات بموجب اتفاقات السلام مع إسرائيل ومن بينها الاعتراف بها وقبول الفرض الأمريكي والإسرائيلي لقيادات أمنية وسياسية مشبوهة وطنيا بل إن الاحتلال قام على رعايتها من أمثال محمد دحلان وعريقات والرجوب وغيرهم ، كل ذلك كان على أمل الوصول إلى الدولة المستقلة ، حتى إن الراحل أبو عمار قال يما بان هؤلاء " المداسات أو الجزم الذين (سأعدي) بهم الوحل الصهيوني" . لكن هؤلاء ولان ابوعمار لم يحسب خطواته جيدا استطاعوا أن ينقلبوا عليه في نهاية المطاف ليقتلوه مسموما بالتشارك مع آخرين حين رفض الزعيم الراحل عرض كلينتون وباراك في كامب ديفيد الثانية ، "الجزم "التي أراد الرئيس عرفات أن يجتاز بها الوحل للوصول إلى حلم الدولة أصبحت بعد وفاته هي المسيطرة على كل شيء؛ على فتح ، على المنظمة وعلى السلطة كذلك وبالتحديد على الأجهزة الأمنية منها . هؤلاء المفروضون فرضا على الأطر التي سبق الإشارة إليها ، ونظرا لارتباطهم بأمريكا وإسرائيل هم يقبلون فقط بالذي تجود به الأخيرتان على الشعب الفلسطيني ، ولذلك لا غرابة في الموضوع حين يؤكد الرئيس عباس ليل نهار بان السلام خيار تاريخي واستراتيجي لا حيدة عنه وما يستتبع ذلك من تحقيره وتجريمه لمقاومة الشعب الفلسطيني ، ليس هذا وحسب بل إن هذا الفريق الذي سيطر وتمكن بالمال والدعم الأمريكي يعلن هذا القبول صراحة من خلال إقراره بخارطة الطريق كمرجعية للتفاوض ، والكل يعرف ما هي خارطة الطريق التي تعني الدولة المؤقتة والمقطعة الأوصال جغرافيا وبشريا .
وإذ ذاك ما سبق ، دخلت حماس العملية السياسية لمنع هذه الفئة من المضي قدما في تنفيذ المشروع الأمريكي والإسرائيلي لحل القضية الفلسطينية ، سمحت أمريكا وإسرائيل وفريق السلام الفلسطيني لحماس بالدخول متفائلين بان حماس ستكون أقلية في النظام السياسي الفلسطيني ، بما يمنح هؤلاء مجتمعين الفرصة الكبيرة لتمرير مشروع الحل المتمثل بما جاء في خارطة الطريق منقوصا منها بالطبع كل التحفظات الإسرائيلية عليها ، لكن فوز حماس بالنسبة التي جاءت بها الانتخابات قلبت الطاولة على ما كانوا له يخططون ،ولذلك جاء الحصار على الشعب الفلسطيني وبذل كل جهد سياسي وامني وعسكري من اجل إفشال حماس وإخراجها من المشهد السياسي من خلال الوصول إلى إلية معينة ولو بالقوة وبحكم الأمر الواقع سواء بانتخابات أو استفتاء أو غيرهما ، المهم أن يعود " جزم أبو عمار " إلى الواجهة السياسية من اجل تمرير مشروعهم الأمريكي والإسرائيلي القائم على دولة المعازل والجدران والحدود المؤقتة بلانهاية ، حاولت حماس وبذلت كل جهد من اجل الوصول إلى برنامج سياسي وامني مشترك يحقق الغرض والهدف الوطني الفلسطيني من إقامة دولة على كامل أراضي ال67 مع ضمان حق العودة بالاستناد إلى القرار 194 ، إلا أن كل ذلك فشل ابتداء من وثيقة الوفاق الوطني وليس انتهاء باتفاق مكة ، والسبب في ذلك أن هؤلاء كما يبدو لا يحيدون عن خارطة الطريق ورؤية بوش للحل التي أكد عليها الرئيس عباس حتى في ذروة الأحداث التي جرت في قطاع غزة مؤخرا .
إذا ، المسألة أصبحت قضية فسطاطيه كما يبدو ، فئة تريد العمل من اجل مصلحة الشعب الفلسطيني وحقوقه وثوابته ولو في سياق الحد الأدنى " حماس وفتح العريضة الشريفة ومعظم فصائل العمل الوطني ، وفئة أخرى فرضها الاحتلال فرضا لا دور لها إلا إقرار وتنفيذ ما يريده المحتل وراعيته الأولى أمريكا " التيار المسيطر على حركة فتح وجميع الزوائد ذات الألوان المختلفة والمتنوعة حزبيا وتنظيميا "، ما العمل والحالة هذه ؟؟
بعد ثبوت حقيقة أن السلطة ليست مشروعا وطنيا لا على صعيد احتمالية تطورها إلى حلم الدولة المستقلة الحقيقي ولا على صعيد صلاحيتها وقابليتها لان تقود مشروع مقاومة ، وفي ظل حالة العجز الذي يعاني منه الوسط العريض والكبير من فتح بالتخلص من القيادة الطارئة عليها بعد رحيل عرفات ، ليس أمام حماس وبعد أن حسمت الموضوع مع الجزء الأساسي ممن كانوا يتحكمون بحركة فتح في قطاع غزة لصالح أجندة غير وطنية ، إلا أن تتجه بكل حزم وحسم من اجل مواجهة الفئة المتبقية في الضفة الغربية ، ليس من خلال المواجهة العسكرية الحاسمة من اجل السيطرة على المواقع والأجهزة التي يتسترون بها ، فهذا صعب بل ومستحيل في ظل المعطيات السائدة في الضفة الغربية ، بل إن المطلوب من حماس اليوم وبالتحالف مع قواعد حركة فتح العريضة والشريفة هو البدء بإشعال فتيلة المقاومة في القطاع والضفة ، لان الغرض الاستراتيجي المهم للشعب الفلسطيني ولمصالحه العليا هو الوصول إلى الحالة الطبيعية للشعوب المحتلة في تعاملها مع القوى التي تحتلها ، وهو أن الشعب الفلسطيني مطلوب منه أن يقاوم الاحتلال وليس أن يتدبر أموره المالية والخدماتية والمدنية التي يجب أن يتحملها الاحتلال ، وحتى يتحقق هذا الوضع يجب إتباع إستراتيجية المقاومة هنا في الضفة الغربية وفي اقرب وقت ممكن من اجل العمل على التخلص من السلطة وهياكلها التي كلفت الشعب الفلسطيني ومقاومته أثمانا غالية سواء مع بدايتها في التسعينيات من القرن الماضي أو منذ دخول حماس إليها في سبيل مكافحة الفساد السياسي والمالي الذي اتصفت به هذه السلطة .
العودة للحديث مع أقطاب الأجندة الأمريكية والإسرائيلية ومحاولة الاتفاق معهم بات ضربا من العبث ، والعودة للمراوحة في المكان بالحديث عن رفع الحصار وتخفيف القيود سيما أنهم الآن معنيون بتحويل قطاع غزة إلى سجن محكم الإغلاق من اجل تثوير فلسطيني القطاع على حماس ، هذه الأمور كلها ستضر بالقضية الفلسطينية وبمسيرة التحرير الوطني ، ولذلك لابد من الاتجاه بحسم الأمر لصالح خيار المقاومة ببناء جبهة تحالفية عريضة من كل أبناء شعبنا الفلسطيني . بقلم : أ. عماد صلاح الدين كاتب وباحث فلسطيني
#عمادصلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق
...
-
بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين
...
-
تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف
...
-
مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو
...
-
تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات
...
-
يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض
...
-
الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع
...
-
قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
-
ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
-
ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ
...
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|