سناء صالح
الحوار المتمدن-العدد: 1950 - 2007 / 6 / 18 - 11:43
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
(على خلفية حرب المراقد)
حينما تواترت الأنباء عن العمل الأجرامي الذي طال مرقد الأمامين العسكريين في سامراء بدأ السياسيون ورجال الدين من جميع المذاهب والملل دعواتهم للمواطنين بالتحلي بالحكمة وتغليب العقل والسيطرة على النفس , لمست في بعض التصريحات والخطب نفسا تحريضيا وكأنما فيه محاولة لتأجيج الغضب , هذا التأجيج تراه قد لقي صداه أولا لدى بلدان أخرى حينما هب عدد غفير من ذوي العمائم البيضاء في أيران حفاة في تظاهرة واسعة تتقدمها شخصيات مرموقة ورموز لها شأن , كذلك في نواحي مختلفة من العالم وبعدها بدأت ردود الفعل العكسية تفعل مفعولها بين دعاة التفرقة من جميع الجهات فأحرقت مساجد ومراقد في نواحي متفرقة من العراق وبدا كأنه عمل انتقامي لما حدث لمئذنتي الأمامين في الوقت الذي قد يكون الفاعل واحدا في كلا الحالتين , احتمال ليس إلاّ .!!
نعم ان أي عمل تخريبي مرفوض ولكن ما لايقبل أن يكون هذا العمل موجها ضد مشاعر أناس تربطهم بهذه الأمكنة علاقة روحية أضف الى كونها معلم حضاري ينبغي أن يحافظ عليه , فمن هذه الزاوية ينبغي النظر اليها . تتالى المسؤولون من مختلف الأتجاهات في التعبير عن سخطهم وحللوا الحدث والكل فهم الرسالة من أن وراء هذا التخريب جهات ليس من مصلحتها استتباب الأمن في العراق وتحاول جاهدة إيقاظ الفتنة التي كلما خفتت أضرمت النار تحتها لتحول العراق وشعبه الى أكوام من الرماد .
إن التعامل مع الحدث من زاوية ما أدلى بها المسؤولون ولنأخذ أولا حديث السيد المالكي حول تفجير سامراء إذ أنه بعد دعوته الى التحلي بضبط النفس وتوجيهه الأتهام الى الصداميين والقاعدة وعتبه على أطراف لم تحدد مواقفها مما حدث وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الوقت الذي سبق هذا الحادث بفترة ليست بعيدة تعرض مئذنة الشيخ عبد القادر الكيلاني لمحاولة نسف و ما حدث بالأمس من تدمير مرقد الصحابي طلحة كانت ردة الفعل باردة و دون أن توجه أي دعوة لضبط النفس . وقد تبعت تصريحات المالكي تصريحات ودعوات للمرجعيات وقيادات الأحزاب الأسلامية من الجانبين , وحتى بوش استنكر وهو من أرسل جيوشه الجرارة لحماية العراق والعراقيين وكان حري به أن يوجه قواته لحراسة الأماكن التي تعد مرتعا للأرهابيين أو قل نقطة تماس لأهميتها ودورها في إشعال الفتيل أو إخماده هذا لو كان جادا وصادقا أضف الى ذلك الحملات الأعلامية من قبل بعض الفضائيات الموجهة التي تحاول من طرف خفي شحذ العواطف . هذا كله يحدث ويصرح به من دون أن تكشف ملابسات الحادث وكيف تم . ويذهب البعض من التيارات بعيدا فيعلق عضويته في مجلس النواب كالعادة و في كل مرة واضعا شروط عودته الى إعادة بناء الضريحين وجميع المساجد والجوامع والحسينيات .
ان الشعب العراقي اليوم وهو يعاني الحر الشديد بارتفاع درجة الحرارة مع النقص الحاد في الكهرباء والماء وما يجر ذلك من حالات الضيق وفساد الأطعمة وغياب النظافة مما يزيد المعاناة ويؤدي الى تكاثر الحشرات التي تجلب الأوبئة والأمراض القاتلة المفترنة بالصيف وتؤدي الى الموت أحيانا كثيرة , إضافة الى عجز المستشفيات والقطاع الصحي في توفير المستلزمات الضرورية لمواجهة مثل هذه المشاكل , والمسألة الأهم انعدام الأمن والخوف والقلق االمرابط لحياة العراقيين لدرجة تجعلهم يفقدون الأحساس بالحياة وجمالها والأستمتاع بها , يزاد عليها البطالة التي تشمل أعدادا هائلة من الشباب المؤهل والقادر على العمل , إنّ كل هذا يعطينا دليلا على درجة الأنضباط القصوى للنفس العراقية التي تنتظر وتعطي الفرص لمن انتخبتهم وإن نفذ صبر الكثيرين فقد إستعمل الوسائل الحضارية التي أقرها الدستوربالتعبير عن الرأي سلميا كالأضراب والتظاهر والأعتصام كما يحدث في اضرابات عمال النفط وتظاهرات الشركات الصناعية في البصرة وإن طفح الكيل بهم يغادرون وطنهم بصمت ناظرين اليه من بعيد والحسرة تأكلهم .
ان الأهتمام بالجوانب الروحية يحتاج الى حد من الرفاهية و يستلزم راحة البال والدعة والتأمل ووقت فراغ والجميع يعرفون سيطرة مفردات الكهرباء على حياة العراقيين الساخنة فالجوزة الصاعدة النازلة والوطني والخط والمولدة والغاز والبنزين هذا أهم في تفكير العراقيين ,لذا أطمئن كل الأصوات الداعية المواطنين العاديين لضبط النفس أن يطمئنوا فالمواطن البسيط قد تهدم داره وهو صامت ,قتل أهله وهو أيضا صامت
لقد سبق أن هجم الطاغية صدام على مراقد الأئمة في النجف وكربلاء ودمرها , وهاهي اليوم تعود فتبنى من جديد ويرتادها الزوار أكثر منذي قبل , إن الخسارة الحقيقية هي آلاف العراقيين الذين فقدناهم بسبب مخلفات سيا سة الدكتاتور والأخطاء الجسيمة التي ترتكب اليوم تحت مختلف المسميات , أنستطيع إعادتهم لأبنائهم لأمهاتهم لزوجاتهم !!!! أليس الأديان والنظريات جميعها المثالية والعلمانية تتفق بأن الأنسان هو أثمن مافي الكون وإن كل مافي الطبيعة مسخر له ولخدمته !!
هذه دروس قد تعلمها العراقيون ومن الغبن أن نتعامل معهم كأغبياء وان كانت ردة الفعل بالهجوم الأول على مراقد العسكريين فإن التوجه الى الحرب الأهلية لم يكن من المواطن البسيط , فقد بقي الجيران يحبون بعضهم ويحزنون معا ويتقاسمون المر قبل الحلو .
ان من ينبغي توجيه الأمر له ودعوته بضبط النفس هم العصابات المرتدية لبوس الدين ومتخفية تحت ستر وبراقع ليس مهّما طائفتها بل هي التي تتصارع والضحية هو العراقي البسيط من العرب والكورد والتركمان من السنة والشيعة والمسيحيين والصابئة والأيزيديين وغيرهم من مكونات شعبنا .
دعوة : الى قيادات الأحزاب التي ترفع شعارات تضخ سموما طائفية أن تتوقف عن بث سمومها
الى العصابات المسلحة والجيوش غير النظامية أن تسلم أسلحتها
الى الفضائيات التي تتمنى جنازة حتى تشبع لطما أن تكف عن تمرير أخبار تفضي الى الأقتتال
هؤلاء هم من يجب أن يوجه النداء إليهم بمراسيم وقرارات حزبية واجتماعات سرية أن كفوا أذاكم عن الشعب المعرض للأبادة .
أمّا الشعب العراقي الوارث لحضارة عريقة ومر بمصائب ومحن وعرك الحياة لاأظن أن تفوته مثل هذه الأحابيل المكشوفة والعراقي كما يحلو له أن يوصف بأنه (مفتح باللبن ) . أمّا الجهات التي تهدد دائما وأبدا بتعليق عضويتها في البرلمان فإن فعلت وانسحبت نهائيا فقد أراحت واستراحت .
#سناء_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟