بداية نود أن نشرح عن جوهر هذه المقالة وهي الفرق بين المقاومة وبين الإرهاب وذلك لكي يتعلم الجاهلون والذين هم كثر من أمثال المذيعين ومعدي نشرات الأخبار في معظم وكالات الأنباء العربية وأجهزتها وإعلامها المرئية والمسموعة والمقروءة والتي تصف الإرهاب والقتل وهدم البنى التحتية للعراق الجريح والخارج من حرب هدامة دامت أكثر من ثلاثين سنة موصفة إياها بالمقاومة.
المقاومة من الفعل قاوم أي تحدى وتصادم وتطلق التسمية كما وردت في القاموس على مجابهة العدو والخصم سواءً كان هذا النزاع سلمياً كما في رياضات معينة كالملاكمة والكارتية ...الخ , أو صراع وجود كالحروب والمعارك.
أما يتصوره أو ما يسمونه في الإعلام العربي بالمقاومة العراقية فيمكننا تلخيصها بعدة نقاط نسردها لكم بالترتيب على شكل أسئلة نتوجه بها إلى كل من يقول عن هذه الإشكالات وبؤر الفساد والدمار بالمقاومة:
أولاً- أيعقل أن تسمى عملية تفجير محطة لتوليد الطاقة الكهربائية مقاومة ؟!
ثانياً- أيعقل أن تسمى عملية تفجير محطة لضخ مياه الشرب مقاومة ؟!
ثالثاً- أيعقل أن تسمى عملية تفجير محطة تصفية النفط مقاومة ؟!
رابعاً- أيعقل أن يسمى قتل الشخصيات الوطنية أو الرموز الدينية والسياسية والتي معظمها قد أمضت أكثر من نصف حياتها في المنفى بعيداً عن أهله ودياره وعياله والشهيد آية الله محمد باقر الحكيم خير مثال أيعقل أن يسمى هذا العمل الإجرامي مقاومة؟!
خامساً- أيعقل أن يسمى تفجير سيارات مفخخة في مراكز الشرطة وقتل عناصر من الشرطة العراقية مقاومة؟!
فأي نفاق وأي مقاومة هذه بل هي الإرهاب المنظم بعينه ,لو فرضنا جدلاً أن ما تقوم به هذه الجيوب الإرهابية مقاومة فما الذي حققته من هذه المقاومة وما الذي جنته وحصدته؟ قتل المئات من الأبرياء؟! و اللذين لا حول لهم ولا قوة سوى أنهم مواطنون عراقيون لربما مروا من جانب دورية عسكرية أمريكية أو من تحت أحد الجسور أو تمشوا في احد الأسواق .
أنا ضد احتلال أي دولة لأخرى وما نحن نقوم به نحن المتعلمون والمثقفون والكتاب والمهتمين بالسياسة ونريد الحرية لبلادنا ونرفض أي شكل من أشكال الاحتلال مها كان نوعه أو أسلوبه .
لكن في الحالة العراقية الراهنة لا يمكن تسمية الوجود الأمريكي والبريطاني في العراق بالاحتلال لعدة أسباب منها :
أولاً- السلطة العراقية السابقة والتي قادت دفة الحكم فوق بحور من الدماء وجبال من الجماجم والعظام للملايين من أبناء العراق لم تكن تمثل الشعب العراقي بأي شكل من الأشكال بل كان كابوساً مظلماً مخيفاً يعيشه العراقي بكل ثانية تنقضي من حياته ويدعون بارئهم أن يتخلصوا منه بأي شكل من الأشكال وبأي طريقة أو وسيلة .
ثانياً- أخذت أمريكا وبريطانيا الضوء الأخضر من المعارضة العراقية و التي برأي هي التي كانت الممثل الشرعي والحقيقي للشعب العراقي ودخلت لتنقذ الملايين من جور وفساد ودمار وقتل هؤلاء السفلة والمتمثل بشخص الطاغية صدام حسين .
ثالثاً- يعتبر الوجود الأمريكي في العراق احتلالاً في حالة واحدة إذا احتلوا الأراضي العراقية عنوة عن أهلها وصاروا يبيعونها أو يستثمرونها لمصالحهم الشخصية وعملوا على قتل وترهيب الشعب العراقي بأي شكل من الأشكال كما كان يفعل النظام البائد وهذا يتنافى مع الحقيقة التي نسمعها ونراها عن طريق بعض أجهزة الإعلام المستقلة وليست كالتي أخذت نصيبها من الدولارات كما كان في بداية الحرب على الطاغية وصارت كوادرها أفاقة تقلب الكذب حقيقة والحقيقة كذب طبعاً لحسابات هي اكبر حتى من الوجود الأمريكي في العراق بل وتذهب إلى أبعد من ذلك.
رابعاً- على الأقل يستطيع العراقي اليوم وبوجود قوات التحالف أن يرفض شرعية مجلس الحكم العراقي ويطالب بحكومة تمثله إذاً صار يعبر عن رأيه فهل هذه الحرية احتلال أم النظام العسكري البعثي الحاكم السابق كان احتلالاً دون أن يخاف العراقي أو يأبه للوجود الأمريكي بعكس ما تروجه الأجهزة المناوئة لنظام الطاغي البائد .
إن التكهن والتحقق من هوية هؤلاء الإرهابيين أصحابي هذه الهجمات المدمرة والتي تزيد من نزيف الدم العراقي لصعب جداً والغالب إنها منظمة ومتواطئة ومدعومة من قبل بعض الحكومات والدول التي لها مصالح في تخريب وتدمير العراق وبقائه على حافة الموت وتمزيقه أكثر مما هو ممزق دون أن تدع حداً لجشعها وهمجيتها ولا يكفيها هذه السنين من القتل والدمار والتي كان كل دول العالم بما فيه العرب مشتركين في هذه المأساة سواءً كان مباشراً أو بطرق أخرى قد تكون اكبر مما نتصور وجميع الهيئات والمنظمات الدولية شركاء البعث العراقي والطاغية صدام لما ما تلقاه من اعتراف رسمي بحكومته بل حتى في الكثير من الأحيان الدفاع عنه وعن طغاته .
إن قتل المدنيين غير مباح لا في الشرائع السماوية ولا في الشرائع المسنونة من قبل بني البشر والقيام بأي عمليات عسكرية ضدهم وتدمير المراكز الحيوية بحجة المقاومة والنفاق السياسي الكاذب لن يحرر العراق من الوجود الأمريكي بل سيزيد من المدة المقررة له.
لا يختلف اثنان أن المستفيدون الوحيدين من هذه العمليات هم كثر ويمكن تلخيص القليل منهم في أسطر :
أولاً- عملاء النظام السابق وكل المستفيدين من النظام البعثي الرجعي في العراق وأزلام صدام وعدي وقصي وكل من يمت إليهم بصلة فهم من لم يبق له كسرة خبز بانهيار النظام السابق وبزوغ الفجر الجديد .
ثانياً- الدول التي تدعم الإرهاب في العراق والتي تسعى أن تبعد محاسبة أمريكا لها وتأخر الإصلاح بل وتهدم كل ما بني في العراق الجديد والذي يطمح بمستقبل أفضل الذي ما يزال في طي الكتمان .
ثالثاً- إن هؤلاء الارهابين واللذين يدعون بأنهم مقاومون يخدمون الوجود الأمريكي في العراق بل هم عملاء لها لأن أمريكا هي من بعض الدول المستفيدة من وجودها في العراق بالإضافة للدول الأخرى التي لها مصلحة في ذلك حيث كل ما كان الفساد والفوضى قائمة طال مكوث القوات الأمريكية في العراق لحين قيام حكومة عراقية قادرة على ضبط البلاد والسيطرة على كل مقدراته وإحكام قبضتها على الأمن والسلامة فيها دون مساعدة أي قوة أجنبية أخرى.
رابعاً- بعض العراقيين واللذين برأيهم أن هذه العمليات هي في مثابة الانتقام من النظام السابق فيفجروا المراكز الحيوية في البلاد.
إذا كان الوجود الأمريكي في العراق إحتلالاً فأن دول الخليج العربي كلها محتلة من قبل أمريكا نظراً للتواجد الأمريكي الكثيف في مياهه وأراضيه وعلى الشعب العربي أن يبدؤوا بتفجير كل مراكز الحياة في بلادهم وقتل شخصياتهم الوطنية بحجة الخلاص من الوجود الأمريكي على أراضيهم .
على الحكومات العربية قبل جميع دول العالم والمنظمات المهتمة أن تطلق حملة واسعة سواءً كانت إعلامية أو عسكرية بإرسال قوات لحفظ النظام إلى العراق للإسراع في عودة العراق إلى حياته الطبيعية وإجتثاث جذور هذا الإرهاب المنظم والذي لا يخدم سوى أعداء العراق والعراقيين وعلى أجهزة الإعلام العربية أن تراعي الحقيقة في أنبائها ولا تصير مراكز للفتن والدعايات الكاذبة وأن تقوم بتدريب كوادرها وتعيد تدريسهم اللغة العربية لكي يفقهوا معاني الكلمات والجمل الكثيرة التي تسرد على ألسنتهم وليبعدوا عن اللغو في الكلام.