مجلة أنفاس: من المنتدى الأدبي إلى المنتدى السياسي -8 -


إدريس ولد القابلة
الحوار المتمدن - العدد: 8097 - 2024 / 9 / 11 - 10:17
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات     

سنة 1967: التكريس الثقافي
مع عددي انفاس المزدوجين 5 - 6 و7-8، أصبحت النصوص الفنية الجمالية نادرة بشكل متصاعد و متزايد. وفي عام 1967، تم نشر سبعة نصوص أدبية فقط. ولم يعد الموقعون مغاربة حصرا: فمن بين النصوص السبعة، هناك ثلاث قصائد لشعراء جزائريين1، ومسرحية قصيرة للكاتب المسرحي المارتينيكي دانييل بوكمان - Daniel Boukman 2. الإنتاج الأدبي يتراجع، بينما يكتسب مجال ثقافي آخر، وهو مجال الفنون البصرية، تقدمًا: إذ سيتم تخصيص العدد المزدوج الأول، العدد 7-8، للفنون البصرية.
----------- ---------------------------------------------------------
1- محمد إسماعيل عبدون، مالك علولة وغي التواتي (انفاس عدد 5، الربع الأول من سنة 1967،ص 30 إلى 32).
2-هذا هو Orphée nègre، الذي أعيد إنتاجه بالكامل (في 13 صفحة) في العدد 6 (الربع الثاني من عام 1967.
------------------------------------------------------------------
إن الثقافة والأدب الآن يتناغمان مع الالتزام السياسي والعمل. لا يزال فريق التحرير مهتمًا بالأدب ولكنه يفضل اتباع نهج نقدي صريح و احيانا لاذع تجاهه من خلال النصوص التحليلية التي تركز على المؤلفين المثيرين للجدل، أو التي تطور الجدل. ومن ناحية أخرى، لم ينس مؤسسو المجلة صعوبات الماضي: ولذلك فهم يوفرون مساحة للنشر للشعراء الناشئين. وهكذا، يتم تسليط الضوء على قصائد الشعراء الجزائريين الشباب في العدد الخامس. لكن المراجعة تتزايد وبسرعة كبيرة، واضحى لزاما لا بد من اتخاذ الخيارات الواجب اتخاذها زمنئذ.
«منذ أن تطورت الأمور، لم تستطع المجلة التي كانت تحتوي على بضع عشرات من الصفحات فقط، أن تنشر ما سُمي «القصيدة الكيلومترية»، أي النص الشعري الضخم الكبير، ذي النفس الواسع. (...) كان علينا أن نجمع الأموال. لذلك، بالنسبة للنصوص الكبيرة، النصوص الشعرية التي يزيد طولها عن عشر صفحات، أنشأنا مجموعة أتلانتس لنشرها في كتيبات من 1967 إلى 1968” 3.
----------------------------------------------------------
3- نيسابوري- الصفريوي، مجلة souffles، 1966-1973، آمال ثورة ثقافية في المغرب، الدار البيضاء، طبعات دو سيروكو، 2012، مقابلة- ص 300.
----------------------- --------------------------------
"هذه المجموعة التي سيصدر منها 4 كتيبات سنويا، ستسمح بنشر نصوص شعراء وكتاب المجلة كاملة، وهي النصوص التي كثيرا ما كنا نضطر إلى قطعها و بترها، نظرا لحدود الصفحات التي كانت لدينا أن نخصص لأنفسنا لأسباب مادية صرفة . » 4
--------------- --------------------------------------
4 – انفاس ، عدد 5، الربع الأول من سنة 1967، ص.45.
-------------------------------------------------------------------------
هذا العجز المادي على وجه التحديد هو الذي سيمنع الفريق من احترام المواعيد النهائية المعلنة، لكن الأعداد 5 و7-8، ثم 9 و12، ستكون مصحوبة في الواقع بكتيبات تقدم نصوصًا للشعراء جاكوبياك واللعبي ونيسابوري وعلولة.
وضع العدد 5 الكاتب الشرايبي في دائرة الضوء بهدف إعادة التأهيل5. يتعلق الأمر هنا بوضع حد نهائي للانتقادات وتشويه السمعة التي لحقت بالمؤلف منذ أن نشر Le Passé Simple 6 - الماضي البسيط - والاعتراف بقيمته ككاتب. للقيام بذلك، يتسلح حشد مصطفى الدزيري وعبد اللطيف اللعبي أقلامهما. إن اختيار عنوان اللعبي، "الدفاع عن الماضي البسيط" 6، لا لبس فيه: في ذلك الوقت، كان لا بد أنه صدم بالتأكيد أكثر من قارئ... أما بالنسبة للدزيري، في كتاب "الذي به تأتي الفضيحة"7، فهو يتتبع تسلسلًا زمنيًا؛ منذ بدايات "قضية الشرايبي" بعد نشر Le Passé simple 8، حتى آخر تصريح للمؤلف في مجلة Lamalif 9.
------------------------------------------------
5- للتذكير إن العدد 3 سبق أن اقترح مقالا على تحت عنوان: "العدالة لإدريس الشرايبي"، انظر - الخطيبي، أنفاس عدد 3، الربع الثالث 1967، ص 48
6- الشرايبي، الماضي البسيط، باريس، طبعات غاليمار، 1954.
7 انفاس، عدد 5، الربع الأول من سنة 1967، ص.18-21.
6 - المرجع نفسه، ص 12-17.
7 - كتاب أثار نشره [عام 1954]، (...) فضيحة حقيقية، غذتها المناقشات والخطب اللاذعة والاتهامات والالتماسات، وفي النهاية الاعتراف بالذنب".انطر كتاب"الذي به تأتي الفضيحة"، الدزيري، ، ص12.
8 - يستشهد بمقالة نشرت في العدد 2 من مجلة لاماليف (بتاريخ 15 أبريل 1966)
-----------------------------------------------------
"بعد مدة أعلن إدريس الشرايبي أنه من الآن فصاعدا يكرس نفسه لموضوعات عالمية وأنه "يتخلى بشكل نهائي عن النزعة الإقليمية التي ينطوي عليها مصطلح "الأدب الناطق بالفرنسية"ورد هذا في انفاس، عدد 5، الربع الأول من سنة 1967، ص 16..
وأخيرًا، يصل إلى الهدف النهائي لهذا العرض، وهو السؤال الوحيد ذو الصلة في نظره: "(...) تنشأ مشكلة: عندما يصبح "عالميًا"، (...) ألا يخاطر الشرايبي بقطع الروابط التي تربطه بشكل نهائي بمجلة انفاس و القائمين عليها؟ » ويخلص المحرر:
«إن هذه المشكلة الحادة جدًا، والتي يجب أن نفكر فيها دون تجميل أو تنميق ودون عاطفة، يجب ألا تجعلنا، قبل كل شيء، ننسى أن المكانة التي يحتلها إدريس الشرايبي في أدبنا كبيرة، وعظيمة جدًا (...) عمل الوحيد لإدريس الشرايبي "الماضي البسيط"، لا يمكن لأحد أن يحرمه من مكانة بارزة، على الرغم من قسوة المنتقدين التشهيرية. »- انظر انفاس ، عدد 5، الربع الأول من سنة 1967، ص 16.
يدعو الدزيري واللعبي في مقاليهما القارئ إلى التأمل في السؤال، ويضاعفان الأسئلة ويستشهدان بعدة عناوين للشرايبي. وبالمثل، تم إنشاء استبيان بهدف السماح للشخص المعني الأول بالترافع في قضيته: من بين الأسئلة الاثني عشر المطروحة، ثلاثة منها مرتبطة بالماضي البسيط (و/أو الجدل المرتبط به)، وأربعة تتعلق بالأعمال المنشورة في في تلك الأثناء. في نهاية المطاف، تم تخصيص كل من المحتوى والشكل لهدف هذا الملف: تذكير القارئ بأن عمل الشرايبي لا يقتصر على الماضي البسيط، ودفعه إلى إدراك أن لديه مصلحة كبيرة في التغلب على تأثيره، والحكم بموضوعية بخصوص مساهمة "الشرايبي" في الأدب المغربي الناطق بالفرنسية.
عموما
الشرايبي،
الأدب الشعبي المغربي،
والمسرح
هي المواضيع - الخصائص الثلاثة للعدد الخامس لمجلة انفاس. هذه المواضيع تسمح بتحديد لحظة رئيسية في مسار المجلة قبل التحول الجدري لاحقا:
في بداية سنة 1967 مجلة انفاس تقدم محتوى موجه نحو تساؤلات كبرى، نحو التفكير الأدبي والثقافي العميق. لقد بدأ ينكشف تحولا بارزا غير مسبوق في ارتباطات الأفكار وأن الكتابة بدأت تحمل فعلا بذور الخطاب الذي سيزدهر لاحقًا والذي سيشكل قفزة نوعية بجميع المقاييس.
_________________ تابع الجزء 8 ________________________