افتتاحية العدد الثاني من مجلة الشمس الالكترونية ..
صباح كنجي
الحوار المتمدن
-
العدد: 7849 - 2024 / 1 / 7 - 16:47
المحور:
الصحافة والاعلام
الافتتاحية..
ها هي خطوتنا الثانية على طريق الشمس.. تتجسد من خلال دعمكم.. وما وردنا من ملاحظات مشجّعة وناقدة تبتغي الدعم والتصحيح والتطوير.. خطوتنا الثانية.. وهي تحمل العدد الثاني من المجلة.. التي احتوت بين طياتها.. المقدمة ومشاركات الزملاء.. مراد سليمان علو.. في فصل جديد من كتابه عن: آل حربا في السكينية.. يعكس من خلاله طيبة اهل سنجار وعشقهم للحياة والفن والموسيقى.. ومن ثم صباح كنجي ليدعونا في حوار.. حمل عنوان.. حكاية نجلاء مع السفهاء.. لينقلنا الى ذات المكان.. واجواء سنجار في زمن المحنة مع فجور الدواعش وتوحشهم..
وفي هذا الإطار ايضا ننشر.. في هذا العدد.. ما كتبه بالتفصيل (دلشاد خدر الشيخاني) من توثيق.. هو شهادة ميدانية حيّة.. على اوضاع ملتبسة.. مرت على العراق.. وتحديداً في اربيل.. عاصمة اقليم كردستان.. جعلت من حدود العلاقة بين العدو والصديق.. في ذات المكان.. مسرحاً للعنف.. وتكررت فيها جرائم السياسة.. بعد ان جرى العصف بالمنطق.. وتم تغييب العقل في لحظة تماهي.. استبدلت فيها المواقع بين الأصدقاء.. لصالح قوات الدكتاتور.. في اليوم الاخير من آب 1996..
كما ننشر بحث ام الزين بعنوان (ما الذي يحدث على عتبة - الله الاسلامي؟) المنتقى من صفحات الحوار المتمدن.. لأهميته.. وسنواصل الاختيار من الكتابات الجادة في كل عدد.. تقديراً لمبدعيها ومحتواها بغية الاطلاع عليها من قراء ومتابعي الشمس..
بالإضافة الى ابواب الادب والثقافة والشعر والمسرح وما يمكن تصنيفه بأدب السجون وبقية مجالات الابداع.. اخترنا لكم من خلالها.. ما نعتقده ينسجم مع طموحنا في سياق برنامجنا وتوجهنا الثقافي ـ الاجتماعي.. الذي سنرصد له المزيد من الجهود في اعدادنا القادمة.. دون ان نغفل اهمية وضرورة النقد.. والنقد الجريء.. وثقافة تقبل الآخر.. دون المساومة على الموقف.. هو موقفنا الرافض للعنف والقسوة في التعامل بين البشر..
كما هو الحال مع الموقف من تزييف الوعي.. ومحاولات تسطيحْ وتشويه مدارك الانسان.. وتغييبه في متاهات السلطة والدين في عصرنا.. الذي ينحو نحو التغيير والنمو والتطور العاصف.. بفعل القدرة على التحكم والسيطرة المرافقة للتقدم التكنولوجي والعلمي.. دون ان نغفل ما يرافق ذلك من مظاهر سلبية وتناقضات.. تفرز المزيد من المفارقات والفروقات بين البشر.. وتجعل من القلة المسيطرة على الاقتصاد والتجارة والمال تواصل مساعيها الانانية للاستحواذ على الكون وما فيه.. من خلال الحروب والمافيات التي اصبحت جزء لا يتجزأ من عالمنا.. الذي تسوده مظاهر العبودية الجديدة.. واشكال بشعة من الاستغلال.. تتجاوز حدود الاستغلال الطبقي التقليدية..
الأحرى بنا ان نتوقف عندها ونشخصها.. ونحدد موقفنا منها.. كما هو الحال مع محاولات احياء المظاهر المتوحشة للدين.. وما تشكله الفاشية الدينية.. من مخاطر على البشر في عصرنا الراهن.. ينبغي ان نقرع الأجراس للتنبيه لمخارطها..
كما حدث وما زال يحدث.. مع دولة الخلافة الاسلامية ـ داعش.. والمجموعات الدينية المتطرفة في البلدان الاسلامية.. وامريكا واسرائيل.. وبقية البلدان الأوربية.. التي باتت تحيّي مظاهر ومعالم الدين.. وتدخله في الصراعات الاجتماعية.. وهذا ما تجلى بوضوح في الحرب الروسية ـ الأوكرانية.. وفي الحرب الدائرة في غزة والصفة الغربية.. وغداً ـ وهذا ما لا نتمناه ونحذر منه ـ في اماكن اخرى من العالم..
بعد ان تحولت الحروب والازمات ـ الطبيعية منها والمفتعلة ـ الى فرص للربح والتجارة.. لا تخلو من مساعي وهدف السيطرة على العالم.. من خلال الاستحواذ على:
1ـ واردات وخيرات الشعوب..
2ـ والتحكم بمصادر الطاقة والطاقة البديلة..
3ـ والسعي للسيطرة على طرق المواصلات البرية والبحرية والجوية..
ويزيد من سعير هذه المواجهات الاعلام.. الذي يلعب دوراً متزايداً.. في اعادة صياغة الوعي.. وتساعد التكنولوجيا المتطورة.. والبرامج العلمية المستخدمة في شبكات الانترنيت.. في ضبط وتسهيل الامر "بموافقة" شخصية ممن يستخدمها.. بعد ان حددت الخيارات.. وبات التكنولوجيا والكاميرات تتحكم بالكثير من مجرى حياتنا وسلوكنا وتسجله.. وهي ظاهرة تفرز الكثير من جوانب الاستغلال البشعة.. كادت ان تحول الملايين من البشر الى ما يمكن تسميتهم بـ عبيد العصر الجديد..
عبيداً يواجهون مظاهر جديدة من الاستغلال عبر الاعلانات.. التي يضطرون لسماعها ومشاهداتها والتعامل معها.. غالباً ما تكون مدخلاً للتسويق التجاري.. او فرصة لفرض المفاهيم السطحية المنافية للتضامن الاجتماعي.. وغرس وزرع مظاهر الانانية والخوف والقلق في النفوس الحائرة.. لضمان عدم خلق ردود فعل على الممارسات وجوانب الاستغلال البشعة.. التي تفوق مظاهر واشكال الاستغلال الطبقي التقليدية المعروفة..
بعد ان أصبحنا امام حالة فساد وإفساد شاملة.. تربط ما بين (الاقتصاد والتجارة والثقافة والمفاهيم الاجتماعية والدين) لتنتج واقعاً جديداً لسنا الاّ في مقدمة ارهاصاته الاولى.. انْ لمْ ننتبه الى خطورة هذا التحول ومظاهر فساده القاتلة المتمثلة:
1ـ بتخريب الطبيعة.. وتجاوز حدود استخدام العلاقة المتوازنة بين البشر والطبيعة.. بالمزيد من الحروب والعنف.. والعودة لمنطق القوة في العلاقات الدولية.. واستمرار صناعة وانتاج المزيد من الاسلحة الفتاكة المدمرة للكون..
2ـ تحول الغذاء الانساني الى سموم.. بسبب الميل للربح واستخدام المواد الكيماوية.. والتلاعب بالجينات وتجاوز حدود هذه التجارب.. بوضع وخلط مواد سامة مع المواد الغذائية.. كيلا تتعفن في المخازن.. كما هو الحال مع الرز والبرغل والبقوليات.. وغيرها من المواد الغذائية.. التي تضاف اليها السموم والحشرات.. وبات الأمر مكشوفاً للقاصي والداني كما يقول المثل..
كذلك الحال مع الفواكه.. كالتفاح.. الذي يطلى بطبقة صمغية ـ شمعية شفافة مسرطنة.. والأسوء مما جرى كشفه في الآونة الاخيرة.. المواد الكيماوية المضافة لتغذية الاطفال.. الخ
3ـ انتاج وتوزيع الادوية المزورة.. الخالية من المفعول.. ويشمل ذلك ادوية الامراض المستعصية البالغة التكاليف.. وتقوم بهذه الجريمة الشركات الكبرى المصنعة للأدوية.. وباتت الاسواق التجارية لهذه الادوية.. تتعدى حدود البلدان النامية والفقيرة.. وأصبحت تسوق من خلال الصيدليات في العديد من بلدان اوربا.. ويجري الاعلان والكشف عن هذه الادوية المغشوشة بين الحين والآخر.. في وسائل الاعلام.. كما هو الحال في المانيا وبقية الدول الاوربية..
4 ـ بات البلاستيك يدخل في قوام جوانب متعددة من حياتنا.. وتعدت خطورته الى ما كان يجري التنبيه له.. الى اكتشاف ذرات وقطع من اللدائن البلاستيكية الدقيقة.. في اعضاء من جسم الانسان.. ابتداء من القلب والكلية والرئة والدماغ والدم..
كما أعلن عن وجود هذه الذرات واللدائن البلاستيكية.. في حليب الامهات الحوامل.. في مختبرات ايطاليا عام 2023.. ناهيك عن اكتشاف البلاستيك في احشاء الاسماك والطيور وباقي الحيوانات منذ أكثر من عقدين من الزمن في المختبرات العالمية المتابعة لهذه الآفة التي تهدد الملايين.. وللتذكير بخطورة ووسع هذه الظاهرة.. التي باتت تلامس كافة جوانب حياتنا.. نقول: ان شركة كوكا كولا لوحدها تنتج 300 مليون قنينة بلاستيكية للكولا في اليوم الواحد فقط..
5ـ باتت مظاهر الطبيعة وما تسببه الزلازل والبراكين والفيضانات والحروق.. جزء لا يتجزأ من حياتنا في هذا العصر.. وأصبحت العديد من المدن والبيوت غير صالحة للسكن والعيش.. وتفرض على المجتمعات البشرية مهمة أعاده النظر فيما كان سائداً لليوم.. وفيما يمكن تبنيه.. الآن وفي المستقبل.. من اجراءات لتجاوز هذه المشكلة الكبيرة.. التي تواجه الجميع بلا استثناء..
ومع كل هذا وغيرها من المظاهر.. تتفاقم ظاهرة الهجرة.. وتزداد الميول العنصرية.. وتبرز وتنمو الاتجاهات اليمنية ـ الفاشية.. التي تفرض وجودها في البلدان.. التي كانت تتبنى مفاهيم حقوق الانسان والثقافة الليبرالية.. في الدول الصناعية المتقدمة.. التي باتت تتداعى هي الاخرى.. امام زحف الفئات الشعبوية.. التي اصبحت تتحكم في مصيرها.. واخذت تزحف باسم الديمقراطية والانتخابات نحو السلطة من جديد..
في ظل اوضاع تشهد المزيد من الازمات البنيوية.. في المجال الاقتصادي والمالي والاخلاقي.. أزمات لا تنفصل عراها.. مع ما كان يجري من خصخصة لهذه المجتمعات.. شملت ارتفاع الاسعار.. وازمة المساكن.. وتراجع في مستوى الخدمات.. حتى في المشافي ومراكز العلاج.. ناهيك عن مشاكل النقل.. وما سببه وباء الكورونا.. من محاولات للمتاجرة بالمرض.. بعد ان تسلعت الحياة وأصبح الانسان بحد ذاته مجرد سلعة.. وللأسف سلعة رخيصة في عالم الرأسمال المتوحش.. الذي ينحو نحو عسكرة الاقتصاد والسياسة.. والمنتج للمزيد من الأزمات المعقدة في المجتمع..
وهذا ما يدفعنا للتنبيه.. هو تنبيه خارج حدود السياسة والنشاط السياسي المنظم والمتحزب.. رغم قناعتنا بانه لا يمكن فصل الثقافة عن السياسة.. فهذه ليست مهمتنا.. في مركز الدراسات والبحوث ومجلة الشمس..
الى ما يمكن التعبير عنه بالثقافة ووسائل الابداع.. ثقافة رفض الواقع البائس.. بما يمكن قوله وتشخيصه من خلال القصة والمسرحية وقصيدة الشعر.. وما يجود به النقد الرصين من قيم انسانية.. تحفزنا عبر الاقلام الحرة للمساهمة في خلق البديل الممكن التحقيق..
ثقافة تتطلع للأرقى والأفضل..
ثقافة تنتج فكراً يحفز الانسان على مواصلة حياته الانسانية بلا خوف..
ثقافة تجعله قادراً على استيعاب ما يدور في محيطه من احداث ومتغيرات..
ثقافة تشحذ همته لمواجهة المشاكل والصعوبات بحكمة وتفاؤل..
ثقافة تجسد الجمال.. جمال الكون.. وجمال الانسان والطبيعة..
ثقافة تتناغم مع جمال الحياة..
هذا ما نصبو اليه فيما نختاره للنشر في موقع الشمس.. واعداد المجلة القادمة.. من منتخبات ومطالعات وبحوث لأقلام انسانية حرة..
وستكون خطوتنا التالية.. مدخلاً لعالم أرحب واوسع.. مع فضاءات الثقافة البديلة.. التي ستشاركوننا من خلال كتاباتكم واختياراتكم المقترحة.. المسير في قافلة الشمس.. بحرص وقناعة راسخة.. لنقول ونؤكد بيقين راسخ:
ـ ان المستقبل سيكون أفضل بجهودنا معاً.
ـــــــــــــــــــــــــ
هيئة التحرير
آب 2023