تعديل سلوك للكبار وهدايا حب لكل الاطفال
عدوية السوالمة
الحوار المتمدن
-
العدد: 5740 - 2017 / 12 / 27 - 14:46
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
تعديل سلوك للكبار وهدايا حب لكل الاطفال
العمل مع الاطفال يقدم لنا بشكل متزايد براهين تطبيقية على مدى محدودية فاعلية الردود العقابية المطبقة على الاطفال كأسلوب يفضي إلى تعديل السلوك غير المستجيب لمتطلبات التوافق , إذ يمكنها أن تسمح بخلق المزيد من الحواجز بيننا وبينهم وتغلق الباب أمام نداء ات الاستغاثة التي يطلقها الاطفال على شكل لغة سلوكية تتمحور حول ذات منهكة صراعية غير قادرة على تحمل معاناة الكبار بكل تعقيداتها وقوتها , توجه نحو طفولة أهم ميزاتها الهشاشة النفسية بفعل أطوار النمو العديدة التي عليها ان تجتازها لتتصلب وتتمكن من حمل معاناتنا واحباطاتنا الحياتية الموجهة بعنف سلوكي نحوهم فيشكلون تجاهه أنماط دفاعية تتسم بعدم القبول تتراوح بين العزلة والصمت الاختياري الى العنف تجاه الذات والآخرين .
السلوك ذو النوعية الرديئة بامكانه ان يقدم العرض الامثل لسوء معاملتنا لهم وبالتالي فإن أي تدخل يفرض أولا البحث عن الدافع بدل البحث في لوائح العقوبات ذات القيمة التربوية عالية الجودة (كما هو مفترض )في انقاص السلوك غير المستجيب للشروط التوافقية . ولا بد أن يتم التركيز بالأساس على سلوكات الراشد المهم بحياة الطفل المشكل , والذي هو غالبا المثير الحصري للسلوكات غير التوافقية التي تدفع بالطفل نحوها باحثا فيها عن دفاعات يحصن بها نفسه أمام اشكاليات الراشد المهم في حياته , بما في ذلك السلوكات ذات المنشأ البيولوجي التي تتفاقم بفعل ردود الراشد النابذ أو المغرق في الحماية .
اذا ,العمل مع لأطفال يصبح ثانوي في موضوع تعديل السلوك اذ يقتصر هنا فقط على معالجة العرض المتسم بالغير توافقي في حين أن العمل الأساسي يجب أن يتمحور حول الراشد لاكسابه طرق جديدة في التعامل مع الطفل في محاولة إعادة بناء العلاقة بشكلها المناسب والمتكيف معه.
اشكاليات الطفولة السلوكية تتعلق بمجملها بعدم وجود نموذج سلوكي مناسب يتبنى الطفل الاندماج والتماهي معه بفعل الحب والعلاقة المستقرة مع الراشد وهو ما يعني الإهتمام بهذه النماذج أثناء تقديمها للطفل مع ايلاء اهتمام خاص بعزل المادة النفسية غير الواعية المتدخلة في تقديم أنماط سلوكية شاذة للطفل تدفع بالطفل نحو الاختباء أو المواجهة العنيفة .
النبذ , الإهمال , إلقاء اللوم بالفشل على وجود الطفل , احباطات العمل والعلاقة الزوجية , المادة الصراعية المختمرة والسابقة التشكل لدى الراشد , احباطات الطفولة السابقة , عدم تقبل الذات لدى الراشد وغيرها من العوامل المتدخلة والغير واعية تفرض ذاتها في النموذج التربوي المعتمد مع الطفل .لذا لا يمكننا أن نحيد عن رؤية السلوك المشكل للطفل بمعزل عن هذه المتغيرات وبالتالي فإن سلوك الطفل إما انعكاس تام للبيئة التي يعيش فيها أو أنه عبارة عن سلوك دفاعي تشكل لحماية الذات من الراشد والعوامل البيئية المصاحبة والمحيطة بالطفل .
والحال كذلك ما جدوى برنامج العقوبات مع طفل منهك في حين أن العمل يبدأ بتعديل سلوك الراشد أولا لنرى تعديل فوري في سلوك الطفل . لا يوجد طفل سيء وطفل جيد أو طفل طالح وطفل صالح كل الأطفال بمنتهى البراءة والود , فقط لا تسموهم بسمات سيئة من صنع احباطاتكم الحياتية وإنما قدموا لهم حب معفى من شروطكم للتقبل , معفى من قبول ردات فعلكم على انهياراتكم النفسية . لاتعاقبوا بل افهموا منهم ما يقلقهم ويخيفهم منكم .