ضعي الحجاب يا ايمان
عدوية السوالمة
الحوار المتمدن
-
العدد: 5143 - 2016 / 4 / 25 - 13:49
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ضعي الحجاب يا ايمان
الدعوات الصريحة لنزع الحجاب مؤخرا في مجتمعنا العربي بدأت تأخذ طابعا عدوانيا بعض الشيء وهو ما جعل الحرب تشتعل بين مؤيدي الطرح ومعارضيه .
وبين اشكال التعبير عن وجهتي النظر المتضادتين نجدنا امام انشقاق مجتمعي جديد لاعقلاني يرفد باقي الانشقاقات التي يذخر بها مجتمعنا . حقيقة لم أشأ الاستسلام لفكرة ايجاد ضحية سهلة التقريع أحملها مرارة وضعي المجتمعي كامرأة وأجعلها سببا للانغلاق الفكري النسوي ورمزا للاستسلام للعبودية الفكرية والجسدية . خاصة وأن العمل في الميدان النفسي يطالبنا بتقبل الآخر بجميع حالاته , ومساعدة الآخرين على تحقيق اندماج سليم أساسه التقبل غير المشروط للذات والآخر , فكيف أستسيغ المطالبة بتحديد شرط لقبول الأخريات وتأطيرهم بأطر تناسب مفاهيمي الحياتية .
فهل يمكننا اعتبار وضع قطعة قماش على الرأس أو على الكتف أو على الخصر محددا للقبول . وهل يمكن اعتماد مظهر الشعر كمعيار قبول ورفض آخر . ويمكننا أن نتساءل هنا , هل استطاع عدم ارتداء الحجاب حماية اللاجئات من الاستغلال الجنسي . هل تمكنت السافرات من تفادي الضرب والتعنيف . هل القانون الحامي للجرائم بادعاء الشرف يحمي غير المحجبات . هل تزويج القاصرات مقصور على المحجبات . هل التحرش في اماكن العمل يحمي السافرات . وهل الوضع الاجتماعي للمطلقة أكثر راحة لغير المحجبة . عندها كنت سأكون أول المطالبات بخلعه .
بالتأكيد لا أدافع عن حجب الشعر ولكن عن حرية الأفراد في التعبير عن ذاتهم , وضرورة شعورهم بالراحة والطمأنينة لمظهرهم الخارجي , وطرق التعبير عن مكوناتهم الشخصية .
يحضرني في هذا المقام قصة صديقتي ايمان التي تمردت سرا على وضع الحجاب خارج الدوام المدرسي وما استطاعت اكمال التمرد لأكثر من يوم .فقد حدثتني عن احساسها بالعراء الكامل دونه فقد كان يمثل بالنسبة لها الأمان في مسايرة العرف الاجتماعي السائد . صديقتي لم تستطع المواجهة وفرض ما تحب لأنها أولا غير مكتملة النضج النفسي وتصرف كهذا كان سيخلق لها صراعات نفسية طويلة الامد . ما كان مهم بالنسبة لها في ذاك الوقت هو دعم احساسها بالأمان مع أو بدون الحجاب . دعم قدرتها على المواجهة لفرض ما تؤمن به وترغب في حدوثه.
من وجهة نظري كمختصة في العلوم النفسية أجد أن العمل على تحسين الوضع القانوني والنفسي و الاجتماعي للمرأة هو الأحق بخوض الحروب من أجله . فالحجاب هو التمظهر الأخير للسطوة المجتمعية وارتدائه من وجهة نظر الفرد الدينية المفروض أن يمثل مدى انسجامه الشخصي مع هذه القيم بعيدا عن الفرض والترهيب الناشئ اصلا عن الرغبة في ضمان السيطرة الذكورية والمرهونة بمدى تطوير احساس المرأة بالحرية النفسية .
الانغماس في التماهي مع قوانين العيب والحرام التي ما زالت تحكم عقولنا دون تفكير نجدها تحرمنا من الدخول لكٌنه الحقائق والمعارف المتجددة باستمرار . تحرمنا من التمييز بين الحقيقة والاوهام المصاغة من قبل ذوي السطوة المجتمعية المعتمدين في نشر طروحاتهم على (من سيقرأ –من سيفهم ) . القوانين المجتمعية المصاغة خصيصا وبحسب ادعائهم لحماية المرأة قامت النساء برعايتها والحفاظ عليها باعتبارها غارسة القيم الاتفاقية الاولى في حياة الطفل , وهو ما يطالبنا بالتركيز على محتوى مادة التربية الاولى التي تلقنها الامهات للأبناء , وذلك من خلال تبني مجتمعاتنا مساندة مشاريع توعوية تثقيفية للنساء المقبلات على الزواج والانجاب بخصوص التمكين النفسي لهن . فالفرد الآمن ينشر الاحساس بالطمأنينة فيمن حوله وهو ما يؤمن الفرصة والوسط المناسب لغرس قيم احترام الذات والآخر, ورفض قبول الاساءة والاستعباد . والتعبيربحرية عن الرأي والمعتقد الشخصي وتجنب الخوف من خوض التجارب وتحمل تبعاتها .