التحالف مع الصدريين ام الوحدة مع اليسار
سامان كريم
الحوار المتمدن
-
العدد: 5515 - 2017 / 5 / 9 - 21:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين فترة واخرى وخصوصا مع قرب الدورات الانتخابية في العراق, تظهر دعوات الى وحدة اليسار, من قبل الحزب الشيوعي العراقي او عبر أشخاص في اطار هذه الحركة التي هي اوسع بكثير من الحزب الشيوعي العراقي وتنظيماته وتياره الديمقراطي.... قبل " الوحدة" علينا ان نعرف قضيتين اساسيتين:
الاول: وحدة مَنْ مع منْ؟! حين نقول وحدة اليسار ماهو هذا اليسار؟ ومن هي الاحزاب اليسارية؟ وماهو اليسار الاجتماعي ؟ هل بقيت ارضية اجتماعية مناسبة لليسار البرجوازي؟!
الثاني: الوحدة حول اي شئ؟! مع الجزم على الاسئلة السابقة او بغض النظر عنها. ماهي القضايا التي يجب على اليسار ان يتوحد حولها؟!
ماهو اليسار؟!
اليسار, اه يا يسار. مفهوم فضفاض, مطاطي الى اعلى درجة من المطاطية, على الرغم من إن اليسار والذين يستخدمون هذا المفهوم على الصعيد العام يستخدمونه كانه مفهوم واضح وشفاف لاغبار عليه. قبل أي شئ علي ان اميز تصوري او نفسي عن هذا المفهوم وهذا التيار الواسع من اليساريين. واطرح كما طرحته سابقاً, مفهومي حول اليسار.
اليسار بالنسبة الي قبل ان يكون يساراً حزبيا او تنظيميا او أشخاصاً , يجب ان يكون يساراً اجتماعيا. أقصد باليسار الاجتماعي يسارا معارضا بالضرورة – وليس وفق افكاره- مع النظام البرجوازي الحاكم. يساراً مناضلا ومحتجاً بغض النظر عن وجود الحزب من عدمه, وبغض النظر من طبيعة الافكار السائدة في صفوفه. هذا اليسار, الطبقة العاملة وحركتها المناضلة. هي بالضرورة حركة يسارية بوجه الحكم الطبقي للبرجوازية. حركة بغض النظر عن رؤيتها وافقها اليساسي تناضل يوميا وفي كل الساعة في سبيل تحسين امورها المعيشية و الحياتية والنضالية, تمارس التنظيم و المواقف الاحتجاجية اليومية في سبيل رفع الاجور وتقليل ساعات العمل و في سبيل توفير ضمان البطالة و ضد التقشف وفي سبيل صد الهجمات البرجوازية المتتالية مثل الخصخصة التي تجري على قدم الوساق مع هجمات اخرى في العراق. هناك خصخصة الكهرباء والتعليم و الصحة و الماء و...الخ. هذه الهجمة على طبقتنا تجري بموازاة الهجمة الارهابية على مجتمعنا و طبقتنا في العراق. هذه هي الحركة اليسارية الاجتماعية. الحزب الذي ينتمي الى هذه القوة والحركة الاجتماعية ينتمي الى اليسار الاجتماعي وينتمي الى هذه الطبقة المناضلة, بغض النظر عن رؤيته و تصوراته, حتى لو كان مثل الاجنحة المختلفة في الاشتراكية الديمقراطية الالمانية في حقبة ماركس و انجلز او البلشفية والمنشفية في مرحلة لينين. هذا اليسار الاجتماعي و وفق بنيته الموضوعية والواقعية في التحليل الاخير يدعو " وحتى اذا لم تكن لديه دعوة واضحة" الى الغاء الملكية الخاصة, وفقا لما نراه و مانشاهده بصورة يومية وحية وليس وفقا للفكر و الافق السياسي. ربما هناك نقص في الفكر و السياسة مثلما نرى في هذه المرحلة. لكن هذا النقص على الرغم من خطورته لا يلغي وليس بمكانه ان يلغي, حالته الموضوعية.
أما مفهوم اليسار الدارج و المالوف على صعيد الاعلام وعلى مستوى العام, فهو مفهوم فضفاض عبر التاريخ. مفهوم ترسخت وتوسعت بنيته بفعل التاريخ, بفعل التحولات العميقة التي طرات وستطرأ على عملية الانتاج و الاستثمار الرأسمالي, وبفعل النضال الطبقي و الثورات والحركات العمالية على الصعيد العالمي. بإمكاني ان أقول ان اليسار المألوف على العموم وبالتحديد في اوروبا .وعلى رغم من الاختلافات الواضحة فيما بين تياراته و احزابه وحركاته المختلفة وبغض النظر عن التطورات التي لحقت بكل هذه التيارات المختلفة عبر التاريخ, فهو كحركة او كاحزاب وخصوصا الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية و تحولاتها عبر عقود مختلفة, هي بمثابة رد فعل برجوازي لمواكبة المرحلة العصيبة التي صاحبتها وخصوصا بعد الثورة الروسية و الالمانية والحركات العمالية والتقدمية الواسعة في اوروبا, رد فعل برجوازي لتصريف ازمات البرجوازية و مشاكلها وبالاخص لدرء خطر الثورات العمالية في اوروبا, وبالتحديد بعد الحرب العالمية الاولى والثانية. عليه البرحوازية ادركت مبكرا عليها ان تفعل شيئا ما, شيئا يخلصها من ازمة سلطتها وحكمها, خوفأ من الثورات العمالية ومن الصراع الطبقي الهادف صوب الغاء الملكية الخاصة. على هذه البنية و القناعة ولدت حركات سياسية مختلفة اهمها الحركة الاصلاحية التي قادتها الأشتراكية الديمقراطية خلال اكثر من اربعة عقود. اصلاحية ليس بمعنى مفهوم الاصلاحية المالوف في هذه المرحلة" اصلاح اليوم اي اعادة الهيكلة الاقتصادية و والتقشف و الخصخصة, هو حركة معاكسة ومتناقضة مع الاصلاحات التي قادتها الاشتراكية الديمقراطية ابان الحرب الباردة" كما نسمعه ونقراه ونراه ونشاهده في العراق او مصر او كردستان او تركيا او فرنسا او بريطانيا او... بل عملية الاصلاح بمعنى الاجتماعي الواسع سياسا و اقتصاديا و اجتماعيا, على بنية اقتصادية سياسية راسخة, تحولت لاحقا الى دولة الرفاهية الاجتماعية . بالتالي تنازل البرجوازية عن جزء من ربحها لصالح الطبقة العاملة و المجتمع عبر توفير الخدمات الاجتماعية الواسعة, و الحالة المعيشية الراقية الى حد ما, و توفير الحريات السياسية الواسعة الى حدما ايضا,ناهيك عن المساواة القانونية بين الرجل المرأة. هذا اليسار البرجوازي بالتحديد بني على ارضية اقتصادية راسخة, تخصيصات كبيرة لنفقات عامة او اجتماعية, دعم الاسعار, تقديم خدمات صحية وتعليمية مجانية, اجور او راتب مناسب مقابل العمل .... وهذه الامكانية نظمتها ووفرتها البرجوازية العالمية على الاساس النهب والسلب من البلدان المستعمرة وبعد هذه المرحلة عبر العمالة الرخيصة في هذه البلدان, منذ بداية الستينيات في القرن الماضي ولغاية نهاية القرن.
على تلك البنية او الاساس ذاته , تبنت اكثرية أو كادت ان تكون كل الاحزاب القومية العالمثالثية ومنها الاحزاب الشيوعية التابعة للكتلة السوفيتية حينذاك, برنامجا اصلاحيا خصوصا على الصعيد الاقتصادي- انظروا الى الوثائق للحزب الشيوعي العراقي منذ تاسيسه ولغاية سقوط الاتحاد السوفيتي- للمثال فقط. لان البرجوازية في تلك المرحلة ليس امامها خيار اخر غير ذلك. اي غير تقوية تلك الاحزاب السياسية التي تشكلت بمواجهة الاستعمار, وكحركات مناهضة له. هذه الاحزاب بطبيعة الحال تبنت برنامجا اقتصاديا اصلاحيا, ومن ناحية سياسية استبدادية سافرة الى حدما او من ناحية سياسية كان لديها " مشروعية ثورية" لسنوات طويلة ولكي تبني نظاما برجوازيا راسخا مستداما و توفر عمالة رخيصة للاقتصاد العالمي او للبرجوازية العالمية. ان عملية تقوية و تصنيع الهوية القومية في تلك المرحلة كانت عنوانا لهذه المرحلة وعلى هذا الاساس.
هذه هي البنية الاساسية, اي خوف البرجوازية العالمية من الثورات و الحركات العمالية. رغم إدراكي التام بان الاحزاب البرجوازية المختلفة هي حالة طبيعية في اطار التحولات و التغيرات التي طرات وستطرأ على المجتمعات البرجوازية, تغيرات و تطورات و ازمات تشكل ارضية مناسبة لفئات وتيارات و حركات برجوازية مختلفة او حتى قطاعات مختلفة من البرجوازية الصناعية و البنكية و البرجوازية الكبيرة التي تقود الشركات العالمية الكبرى....امر طبيعي بان تطرح البرجوازية العالمية افاق و تصورات مختلفة حول حلحلة هذه القضايا او حتى حول بقاء النظام و كسب اقصى ما يمكن كسبه من الربح و وتطوير علمية الانتاج ودفع المجتمعات نحو بر الامان حول اطروحاتهم وبالتالي بناء او تشكيل تيارات و احزاب مختلفة وفق هذه الحلول و التصورات او تلك.
اليسار بصورة عامة, من العائلة البرجوازية. قدرة و امكانية اجتماعية مؤثرة لليسار البرجوازي تتناسب مع مقدرة الحركة العمالية و احزابها السياسية. عندما تكون لدى الطبقة العاملة و حركتها النضالية مقدرة مؤثرة اجتماعية حينذاك ترتفع بورصة الاحزاب اليسارية في المجتمع و في العملية السياسية وسترتفع اصواتها في الانتخابات خوفا من االثورات و الانتفاضات العمالية, خوفا من توسع المد الثوري. والعكس صحيح. هذه هي حالة اليسار الذي نقصده ويقصده تيار دعاة "توحيد اليسار". في التحليل الاخير ان اليسار الذي نعرفه يتردد بين الطبقتين الرئيستين , تردده ليس طبقيا بمعنى ان اليسار الموجود من ناحية طبقية, من عائلة البرجوازية, بل تردده حول ميله نحو الطبقة العاملة ورفع شعاراتها ومطالبها او ابتعاده عنها. هذا البعد او القرب من المطالب والشعارات العمالية مرهون بالحضور السياسي القوي للطبقة العاملة.
اليسار في هذه المرحلة.
في هذه المرحلة تغيرت الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بمجملها ليس محليا فحسب بل عالميا ايضا. تغيرت وطرأت على علمية الانتاج و عملية استثمار الرأسمال تطورات وتغيرات بنيوية عميقة سواء كان على صعيد التطورات التكنولوجية و العلوم الطبيعية بصورة عامة او على صعيد القطاعات الاستثمارية للراسمال العالمي, والتغيرات التي طرات على مكانة الطاقة في الاقتصاد العالمي او في عملية دفع عمليات الانتاج المختلفة. تضاف ذلك الازمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية العميقة التي بدأت منذ 2008 وتحولت الى ازمة مستدامة على كافة الميادين والقطاعات بما فيها قطاعات الانتاج الفكري و الثقافي.
انتصر الغرب الليبرالي, انتصر اقتصاد السوق على اقتصاد الدولة الرأسمالية, انتصرت التكنولوجيا المتطورة على الصناعات الكلاسيكية واخيرا سقط اقتصاد الدولة في المنافسة وانتصر اقتصاد السوق. سقط الاتحاد السوفيتي و انتصرت امريكا وحلفاؤها. سقط حلف وارسو و انتصر حلف الاطلسي" الناتو". ولكن هذا السقوط المدوي لراسمالية الدولة ولافكار وسياسات و تصورات القومية – الوطنية للاتحاد السوفيتي سجل باسم سقوط الشيوعية سجل بإسم فناء الشيوعية و موت ماركس والماركسية, ولحد الان .
منذ ذلك الحين وقبل ذلك بمدة اي منذ منتصف السبعينيات بدأ الغرب بقيادة امريكا بهجومه العالمي على الطبقة العاملة ومكتسباتها بدأ من امريكا ذاتها الى امريكا اللاتينية التي تحولت بلدانها المختلفة الى مختبر للسياسات النيو ليبرالية في حقبة السبعينيات ولغاية منتصف الثمانيات من القرن الماضي. وتطور المسعى البرجوازي العالمي هذا, بخطوات متسارعة مع مجئ تاتشر –ريغان الى سدة الحكم في بريطانيا وامريكا.... وهكذا لغاية سقوط الاتحاد السوفيتي. تزامنت هذه التطورات مع تغيرات جذرية وثورات صناعية متتالية على صعيد التكنولوجيا المتطورة و النظم المعلوماتية والاتصالاتية ناهيك عن العلوم الفلكية والفضائية.
سقوط الاتحاد السوفيتي صور وطرح من قبل البرجوازية العالمية والاعلام العالمي السائد كسقوط للطبقة العاملة واهدافها. كسقوط لشيوعية ماركس ولينين. وفي ظل غياب الطبقة العاملة وحركتها المناضلة على الساحة السياسية و كقوة مقتدرة سياسية, منذ مدة طويلة, تمكنت البرجوازية من تمرير سياساتها باشكال مختلفة سواء كان على الصعيد الاقتصادي او السياسي. حين تخلصت البرجوازية العالمية الكبيرة من أعدائها في العائلة" الاتحاد السوفيتي السابق" حينذاك بدأت بهجمتها ليس على الطبقة العاملة على الصعيد العالمي بل بدأتها هذه المرة في بلدانها في اراضيها في امريكا و فرنسا وبريطانيا و وكل اوروبا التي تمتعت وتميزت بدولة الرفاهية الاجتماعية و بمعيشة مناسبة و بحريات سياسية فردية واجتماعية راقية حتى نهاية الالفية الثانية. لان البرجوازية العالمية ليس لديها الخوف من الثورات العمالية ومن انتفاضاتها و من حركاتها السياسية- لا اقصد النضال الاقتصادي اليومي, الذي يجري بصورة مستمرة ومتواصلة وكبيرة في كل البلدان العالم وخصوصا في اوروبا- ما دام البرجوازية العالمية بقيادة امريكا ليس لديها خوف على سلطتها و نظامها, اي الملكية الخاصة وليست مهددة تحت الضربات العمالية. حينذاك بدأت الهجوم على كل مكتسبات الطبقة العاملة التي حصلت عليها خلال اكثر من قرنين. وهكذا نرى في اوروبا هجوم واسع وشرس على هذه المكتسبات. على الاجور وساعات العمل و السن التقاعدي و الخدمات الاجتماعية و الصحية و الخدمية و التعليمية, وعلى ضمان البطالة والهجوم على الحريات السياسية وخصوصا الحريات الصحفية والاعلامية في قلب اوروبا وامريكا. ناهيك عن الهجمة الشرسة بعد الازمة الاقتصادية عبر سياسة الانقاذ والتقشف وعملية الخصخصة الواسعة النظاق و اعادة الهيكلة الاقتصادية التي سميت بالاصلاحات. في ظل هذه الاوضاع و في ظل اتفاق البرجوازية العالمية من غربها الى شرقها من الصين الى امريكا من روسيا الى جنوب افريقيا على اقتصاد السوق و السياسة الليبرالية مع النيوالليبرالية او بصورة هجينة.... تجري هذه الهجمات على قدم وساق في البلدان العربية و الاسيوية و اللاتينية والافريقية ومنها العراق طبعا... نرى عملية واسعة النطاق في خصخصة قطاعات عامة منها التعليم و الكهرباء والصحة, ومنها سياسة التمويل الذاتي في القطاع الصناعي ومنها جولات التراخيص للشركات النفطية العالمية الكبرى والمشاركة في حقوق التنقيب والضخ النفطية سواء كان في جنوب العراق او في شماله في كردستان... ونرى ايضا نسبة البطالة العالية جدا ناهيك عن الفقر والمجاعة في العراق الذي باطنه وسطحه كله ثروات طبيعية , في هذا العراق وفي كردستان المجتمع مهدد بالمجاعة, مهدد بالفقر المدقع تحت مايسمى "بالاصلاحات" باعادة الهيكلة الاقتصادية وكل معانيها هي تقليل خدمات الدولة والانفاق العام و رفع الدعم عن الاسعار و فتح الاسواق امام الشركات العالمية, حيث وصل الامر الى عدم دفع الرواتب في كردستان كعميلة سلب مباشرة ومستمرة متواصلة منذ ثلاثة سنوات من قبل فئة راسمالية اولغارشية كردية قومية جشعة .
في ظل هذه الاوضاع العالمية فان البرجوازية لم تعد تتنازل عن جزء من حصتها لصالح الطبقة العاملة وقادتها واتحاداتها العمالية كما رايناه ابان الحرب الباردة. رايناه في كل العالم طبعا. ولماذا تتنازل؟! البرجوازية تعرف ان استقرار نظامها مضمون ولا خوف عليه . اليوم لا ترى البرجوازية ضغط الحركة السياسية للطبقة العاملة مؤثرا عليها لذلك فهي لا تتنازل كما كانت في السابق بل تهاجم ليس فقط لتخفيف ازمتها وحلها عبر تحميل الطبقة العاملة مشقات واعباء اكبر واكثر بل لان هذه الطبقة وحركاتها المناضلة غائبة سياسيا. وهذا لب القضية الحالية و لب قضية سقوط اليسار و لب قضية انعدام الارضية السابقة لليسار العالمي و المحلي.
اليسار واحزابه قوته ومقدرته حالة تخلقها وتفرزها القضية الرئيسة في المجتمع وهي: الصراع الطبقي. اليسار لديه ميل او بامكاني اسميه عطف" مزور" لصالح الطبقة العاملة حين تكون هذه الطبقة لديها حضور سياسي, في هذه المرحلة يصبح اليسار ابن او بنت مدللة للبرجوازية . ماعدى ذلك فان اليسار ليس مقبول برجوازيا, راينا الانتخابات الفرنسية الاخيرة وشاهدنا السقوط التاريخي لهذا اليسار : الحزب الاشتراكي الفرنسي... الحزب الذي وصل مرشحه الى انتخابات الحسم خلال ستة عقود ماضية, لكنه سقط بضربة قاضية تاريخية في الانتخابات الفرنسية الاخيرة ولم يتجاوز المرحلة الاولى من الانتخابات. حيث قال مرشحه اي مرشح الحزب الاشتراكي, حول نتيجة الانتخابات انها " عقاب تأريخي". وهكذا سقط حتى الاتحاد اليساري في اليونان, الذي فاز في الانتخابات ولكن خسر برنامجها و تصوراتها وافقها واستسلم بالكامل للبنوك الالمانية وميركل. اليسار الموجود عالميا يسار من العائلة البرجوازية, ارى ان الشيوعية شيوعية ماركس, والشيوعية التي تعلمناها من منصور حكمت هي شئ اخر, شئ طبقي مغاير. لا رابط لها بهذا اليسار.
وحدة اليسار!!!
ماذا تعني وحدة اليسار؟! اليسار من مع من؟! قلنا ان اليسار البرجوازي استسلم لامر اليمين. اليسار البرجوازي يمرر و ينفذ كافة سياسات البرجوازية اليمينية مثلما حصل في فرنسا ابان حكم هولاند"الحزب الأشتراكي" و ابان حكم بلير" الحزب العمال" في بريطانيا و حكم شرودر" الاشتراكية الديمقراطية" في المانيا. هل يسارنا في العراق الحزب الشيوعي العراقي ومشتقاته, بإمكانهم ان يرفضوا اقتصاد السوق؟! هل بامكانهم ان يرفضوا قانون الاستثمار العراقي"؟! ارجو قراءة بحثنا حول : النضال ضد البطالة ” بحث نشر في اكتوبر سنة 2011" . هل بامكان يسارنا في العراق ان يرفعوا ابسط شعار تقدمي مثلا حول غلق المساجد والحسينيات في الجامعات والمعاهد؟ طبعا لا. لان البرجوازية الليبرالية في العراق هي اسلامية. هل وهل وهل ؟!هل بامكانهم ان يرفعوا شعار "تأميم النفط" ويجعلوا منه شعارا للنضال وليس للسفسطة؟!. اقصد الحزب الشيوعي العراقي وليس كل " اليسار" الذي يقصده اليساريون. ارى ان اليسار الجديد او اليسار المنتقد للحركة القومية الكردية والحزب الشيوعي العراقي .. هو نوع اخر من اليسار له مميزاته مختلفة, لست بصدد بحثه هنا.
قضية هذا اليسار ولا اقصد أشخاصا بل اقصد حركة سياسية ورؤية سياسية و الحزب الشيوعي العراقي كمؤسسة حزبية, قضيته ليس " توحيد اليسار" للنضال حول شئ ما" بل قضيته الانتخابات القادمة وفقط هذا قصده وليس اي شئ اخر. هذه السياسة تهدف الى جمع ما يمكن جمعه تحت خيمة اليسار حول الحزب الشيوعي العراقي في سبيل دخول الانتخابات القادمة بصورة اقوى وكسب اصواتا أكثر. هذا هو هدف هذه السياسة. اذا كان هذا اليسار واقصد الحزب الشيوعي العراقي يريد عملا نضاليا ما وفي قطاع او ميادين النضال بصورة فعلية, فلننزل معا الى ساحة المعركة الى ساحة المنازلة. وانا حين كنت سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي طرحت هذا الامر بصوة علنية وفي حديث مع الحوار المتمدن وطرحت عدة مطالب او شعارات لعمل مشترك مع الحزب الشيوعي... وقلت لصديق كان يحاورني حول هذا الامر " ولا اعرفه " قلت له انت وكيلي ونحن في الحزب الشيوعي العمالي العراقي مستعدين لعمل مشترك متفق عليه بيننا وطرحت عدة امور وبصورة علنية, ولم احصل على اي جواب ... هذا ما حصل مع رفاقي الاخرين في هذا الموقع من المسؤولية من قبلي و من بعدي... لكن الحزب الشيوعي العراقي لديه اتفاق استراتيجي عميق ومتفق مع التيار الصدري, والحال كهذا سياسة "توحيد اليسار" سياسة فرعية لتحميق هذا اليسار الذي يريده و تحشيده لصالحه. نحن لسنا ضمن هذه العربة. ولكن وعلى رغم ذلك اذا كان الحزب الشيوعي فعلا يريد نضالا مشتركا واضح المعالم حول قضايا معينة منها مثلا النضال المشترك بوجه سياسة التمويل الذاتي او بوجه الخصخصة" وليس خصخصة مرسومة"!!! او بوجه خصخصة الكهرباء او من اجل المساواة التامة بين الرجل والمراة او في سبيل مواجهة جولات التراخيص المختلفة مع الشركات العالمية الكبرى. براي ان قيادة حزبنا مستعدة لذلك. الحزب الشيوعي لا يريد و لا يهدف الى ذلك. الحزب الشيوعي يهدف الى جر يساره صوب تيار الصدريين والاسلاميين, تحت خيمة البرجوازية الوطنية او الاسلامية الوطنية. اوف ايها الوطن العزيز!!!!!! على اية حال قبل وحدة اليسار يجب فك الارتباط والعلاقة مع الصدريين. اما الصدريين او اليسار . لكن لدى الحزب الشيوعي طريقة اخرى وهي على وصفة اكلة الكشري المصري.
كل مع يدق قلبه لصالح مطالب اجتماعية عادلة من الشبان والشابات عليهم ان يناضلوا على ارضية واقعية وموضوعية. كل من يهدف الى تحقيق الحريات السياسية او الحريات المدنية او الحريات الفردية وخصوصا فئة الشابات والشبان, عليهم ان يبدؤا في مكان عملهم سواء كان في محلاتهم او جامعاتهم او معاهدهم و دوائرهم, ان يبنوا لبنات اوحلقات اولية لنضالهم ان يشكلوا حلقات الوصل بينهم, ويشكلوا بنية قوية لبناء صرح تنظيمي لهم وفق رؤية سياسة واضحة خصوصا حول فصل الدين عن التربية والتعليم و ورفض العنصرية ضد المراة في الجامعات والمعاهد, و حول حق التنظيم والاضراب و التظاهر للطلاب في الجامعات وحول تغيير النظام التعليمي نحو نظام تعليمي انساني هادف وخالي من الاديان و التاريخ المزيف. نحن مع هذا المسعى ونكون جزءأ مؤثرا في هذا المسعى مع اي كان. وندعوا كل الذين لديهم هذا الامال ان ينظموا مساعيهم مع بعضهم البعض في سبيل تقوية هذا المسار النضالي بوجه الظلم البرجوازي الاسلامي-القومي الحاكم.
كل الشيوعيين وكل العلمانيين وكل الذين لديهم مطالب اصلاحية نضالية وواقعية وليس "اعادة الهيكلة و التقشف وقطع الاجور والخصخصة" اذا كنا فعلا نناضل من اجل مطالبنا حينذاك نجتمع في ساحة النضال.... حينذاك ستكون اعمالنا المشتركة ونضالنا المشترك له بعده الموضوعي والنضالي. علينا ان نعمل يوميا وفي كل ساعة لتقوية هذا المسعى وهذا المسار. اما الحزب الشيوعي العراقي عليه ان يطرح قضيته بصورة شفافة وواضحة وليس عبر الدعوات والحضور في الندوات المختلفة. لعل تجربته غنية و غنية في هذه المسائل, ارجو ان يستفيدوا من تجربتهم, بغض النظر عن رؤيتنا وانتقاداتنا.