وقفَ معركة و الحرب مستمرة , من الضروري وقف الحرب!*
سامان كريم
الحوار المتمدن
-
العدد: 5398 - 2017 / 1 / 10 - 00:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
[email protected]
الحرب التي إنتشرت شرارتها في المنطقة, متواصلة ومستمرة. خلال الفترة الماضية ومنذ أن بدأت معركة الموصل واشتداد معركة حلب, ظهرت احداث مهمة وكبيرة على الصعيد العالمي. من الضروري الانتباه اليها, بحثها ودراستها من جانب, فتلك الاحداث تؤثر على مسيرة واتجاه تطور الحرب في المنطقة من جانب اخر. الاحداث كالتالي:
اولا: إنتخاب ترامب في امريكا: كان صعود ترامب عبر اتجاه سياسي يميني وفاشي, الى قمة السلطة في امريكا. و إعتراف اوباما" إن أخطاء الولايات المتحدة بالتدخل في العراق كانت أحد أسباب نمو تنظيم داعش( التاكيد من المترجم)." في يوم 7 كانون الاول 2016 في مقر الاسطول الجوي في فلوريدا.
ثانيا: تصويت البرلمان الأوروبي بأغلبية كبيرة لصالح تعليق مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي الخميس 24 نوفمبر/تشرين الثاني.
ثالثا: قرار البرلمان الاوروبي ضد الاعلام الروسي في 23نوفمبر/ تشرين الثاني, و قرار الحكومة الفرنسية بغلق مخيم كاليه في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني.
رابعا: كشفت صحيفة "ذي تايمز" أن الاتحاد الأوروبي عرض مساعدة مالية كبيرة لنظام الاسد مقابل السلام" ( ريتشارد سبنسر- 3ديسمبر/ كانون الاول 2016). الموضوع هو مقال في الجريدة المذكورة. لكن القضية الحقيقية هي إن مطلب اسقاط النظام السوري او تغيير الاسد, لم يبق مطلبا واقعيا لدى مسؤولي الاتحاد الاوروبي. الاقتراح طرحته مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي موغيرني مع مسؤولي المعارضة السورية ويشمل: عملية خاصة بإعادة توزيع السلطة في المحافظات السورية ،من شأنها تمكين المجموعات المسلحة التابعة للمعارضة "المعتدلة" من الاندماج بقوات الأمن المحلية. وتقضي المبادرة الأوروبية بالحفاظ على المؤسسات الحكومية المركزية للدولة. و لارضاء الجانبين يقدم الاتحاد الدعم المالي اللازم . كرر جون كيري في اليوم 5 ديسمبر/ كانون الاول الاقتراح نفسه في امريكا.
خامسا: السيطرة على حلب و تطهيرها من القوى الارهابية من قبل روسيا و الجيش السوري وحزب الله و باقي الميليشيات الاخرى. تم إستعادة شرق حلب او قاب قوسين او ادنى (16كانون الاول). الاحياء التي تحت قبضة الارهابيين الاسلاميين منذ اكثر من اربعة أعوام, الى سلطة الحكومة السورية. حلب من الناحية العسكرية ساقطة بالكامل لمصلحة النظام السوري. اما بخصوص مدينة الموصل, القضية معاكسة تقريبا. المعركة في داخل الموصل تسير ببطئ.
اغلب الاحداث اعلاه, نتيجة مباشرة لسياسات امريكا والغرب. حيث تظهر كردات فعل يمينية من جانب و فشل سياساتهم من جانب اخر. وفي الوقت ذاته هي ضرورية لادامة الرأسمال والرأسمالية في الغرب. رد الفعل الذي يلخص سببه الرئيس في غياب البديل الطبقة العاملة على الصعيد السياسي والسلطة السياسية. حتى تلك السياسات اليمينية التي يقودها اليسار البرجوازي, اليسار الذي فرض عليه تطبيق دولة الرفاه, رغما عنه بفعل هبوب نسيم الشيوعية في حينها , سببه يعود الى هذا الضعف اي ضعف الطبقة العاملة. العائق الرئيس ليس فقط امام الطبقة العاملة كطبقة عالمية, بل المجتع البشري, هو عدم حضور الحركة العمالية كحركة سياسية مقتدرة.
هنالك نتائج اخرى لهذه الاحداث, وهي نتيجة مباشرة لضعف وهبوط مكانة امريكا و الغرب عالميا وفي الشرق الاوسط. الوضع الجاري في حلب في سورية, ظهور ونجاح مكانة الحركة التي يقودها الجنرال حفتر في ليبيا, صمود الحوثيين في اليمن و... تؤكد حقيقة هذا الامر.
يواكب هذه الاحداث, مسائل و احداث سياسية و اقتصادية اخرى ايضا , تبادل المواقع و تغير في موازين القوى, و تعمق الخلافات السياسية بين بلدان معينة , وتقارب بين الاخرى, سواء كان على الصعيد العالمي او المنطقة او على الصعيد الداخلي لكل بلد. تقارب مصر من القطب الروسي وإيران و تباعدها عن السعودية. تباعد تركيا عن الاتحاد الاوروبي و تقاربها مع روسيا. اشتداد الخلاف بين الاسلام السياسي الحاكم في العراق بقيادة العبادي واتحاد القوى العراقية , بمعنى تعمق الخلاف بين الاسلام السياسي الشيعي و القوى القومية - الاسلامية العربية, وتعمق الخلاف بين الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الاطراف الاربعة في حكومة الاقليم....
بحثنا, مخصص للحرب. عليه ليس هدفه بحث الاحداث السياسية المختلفة اعلاه, بإستثناء الفقرة الخامسة التي هي بحث المقال. لهذه الاحداث, برأيي اهمية كبيرة, لفهم و توضيح الاتجاهات والاستراتيجية السياسية للبرجوازية في امريكا والغرب, وايضا للقوى المقابلة لهم في هذه المرحلة الانتقالية للرأسمالية العالمية. على هذا الاساس, يمكن معرفة تأثير تلك الاحداث على صياغة سياسة و تكتيك عمالي في هذه المرحلة. في هذا البحث وفيما يخص هذه الاحداث, من الضروري ان أشير الى محورين اساسيين بصورة عامة. إشارة فقط وليس بحثهما.
الاول: الاتجاه السياسي الذي كان سببا لصعود المهرج ترامب الى قمة السلطة في أمريكا, فليس هنالك مطر بدون سحاب. هناك حركة واتجاه سياسي, لها تأريخها, ترجع الى بداية نشوء الازمة الاقتصادية العالمية للرأسمالية , التي بدأت شرارتها في امريكا. ألازمة التي لم تتمكن البرجوازية العالمية التخلص منها بصورة تامة حتى اليوم على الرغم من السياسات المضادة للعمال والبطالة وسياسة التقشف الشديدة والحروب المختلفة. بإمكاننا ان نقول ان الاتجاه السياسي هذا يرجع الى القومية الامريكية ويستند اليها, على اساس مابعد الشعبوية اليمينية. ويتحمور في افضلية الاميركان الاصليين على الاخرين, والوقوف بوجه الاجانب وخصوصا المكسيكيين, و بوجه الاديان و بالتحديد"الاسلام". نرى الاطار العام لهذه التصورات والافاق, في حركة "الشاي" , التي يرجع ظهورها الى احتجاجات هذه الحركة في سنة 2009 في سبيل تقليل الانفاق والخدمات الحكومية و تقليل الضرائب.... كانت هذه الحركة تشير الى كسر اطار الاتجاه السياسي الاقتصادي العام في امريكا خلال الاربع عقود الماضية و خصوصا للحزب الجمهوري. هذه الحركة كانت ضد جزء من مصالح الشركات العالمية الامريكية التي ظلت تتمتع بها لحد الان. وضع سياسة " الحمائية الجمركية" لم يعد يتناسب مع الليبرالية الجديدة فحسب, بل مع الليبرالية التقليدية بصورة عامة أيضا. لكن البرجوازية الحاكمة لا ترسم الخطوط الحمراء التي تسير اعمالها ابدا. العمل للامريكيين , لا لخروج الشركات العالمية , لا لغلق معامل السيارات.... كل هذه الصيحات, هي هتافات ودعايات لمهرج, و هي أساسأ تغيرات و تحولات عميقة في الاسس السياسية الامريكية , التي ادت الى خلق ظاهرة جديدة. العودة الى القوموية في امريكا كرائدة لعولمة الراسمال , هي حركة رجعية تعني العودة الى الوراء, لكن ضرورتها للرأسمال الامريكي جعلت منها ظاهرة سياسية . وهي تعبير عن الحقيقة التي تبرز التناقضات الذاتية للرأسمال ونظامه.
ان هذا الانطواء على الذات من ناحية سياسية , له معاني اضافية , حين يتغير الاتجاه السياسي للنيوالليبرالية على الصعيد الخارجي, ويحاول تجاوز سياسة " تغيير الانظمة" و التدخل " خارج اطار الامم المتحدة" في المشاكل العالمية, و تقليل ميزانية المشاريع العسكرية و التحالفات الدولية.... قبل كل شئ فان هذا ناتج عن ضعف الاقتصاد الامريكي ازاء الصين و الهند وحتى المانيا , وضعفها في موقف الرد العسكري ازاء روسيا.
ان اكثرية هذه السياسات المعلنة, خالية من اية قيمة, وليس فيها مجال للتطبيق الواقعي, لانها تتناقض مع اتجاه سيرورة الرأسمال المعولم في العالم المعاصر. لكن ملخص النتائج و التصورات التي افرزها انتخاب ترامب, تشير الى ان الرأسمالية العالمية كنظام اقتصادي- سياسي يواجه عوائق اساسية. ان النظام ذاته اصبح عائقا امام التطور والانفتاح الاقتصادي ونمو الثروات الاجتماعية.
ظاهرة ترامب, هي ظاهرة سياسية بالكامل. سياسية بمعنى ان السوق و قوانين حركته ليست مع توجهات ترامب , و من قبله ليس مع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.... عليه ان السوق والاعلام الماجور للسوق في كلتا الحالتين, وقعوا في المأزق والهذيان. كل استطلاعات الراي التي حصلت قبل الانتخابات وقبل بريكست, اصبحت مهزلة امام نتائج الانتخابات. كل المؤسسات و المراكز الفكرية و التحقيقية خرجت خاطئة , سقط الاعلام الامريكي والبريطاني امام الظاهرتين. لفهم هذه الظاهرة يجب فهم ليس قوانين حركة الاقتصاد الراسمالي , بل قوانين حركة التاريخ في مراحلها الانتقالية , القوانين التي يتبادل الاقتصاد والسياسة مكانهما وادوارهما , حيث تصبح السياسة بمثابة العجلة المحركة اكثر من الاقتصاد.
رأينا هذه الحركة و الإتجاه من قبل في بريكست و بعدها في انتخابات اليمين في فرنسا, حركة كان وراءها اليمين الفرنسي بصورة عامة, حركة تتجه في اطارها العام نحو "الانطواء الذاتي". في الوقت نفسه ان تعليق المفاوضات مع تركيا, وغلق المفاوضات, مع الاخذ بعين الاعتبار فتح المفاوضات مرة اخرى, لكن ان قضية دخول تركيا كعضو في الاتحاد هي مغلقة وفق ما أراه. حتى ان بقاء الاتحاد الاوروبي ككيان موحد على صورته الحالية تحت طائلة السؤال. ان الاتحاد الاوروبي في اطاره ومحتواه الحالي يتجه نحو التفسخ وليس بامكانه ان يقاوم التحولات والتغيرات الكبيرة على الصعيد العالمي. في ظل هذه الاوضاع ان تعليق المفاوضات مع تركيا يؤشر الى " انطواء على الذات" الاوروبية ازاء التحولات والمتسجدات العالمية الراهنة و عدم القبول بالمخالفين ضمن اطارهم الفكري والسياسي , وفي هذا السياق يشكل " الاسلام" لهم عائقا جديا. في الوقت نفسه ان انتخاب " فيون" في فرنسا يؤشر او يظهر, أن امريكا والغرب بصورة عامة يترنحون في الفشل السياسي, خصوصا ازاء الاوضاع في العالم العربي و ظاهرة" الربيع العربي". فرنسا للفرنسيين, مثلها مثل شعار ترامب :امريكا للأمريكيين.
بحثنا الحرب في سوريا, الوضع الراهن و انتصار وتقدم روسيا وسوريا وايران في حلب, يجب قراءته ضمن هذا الاطار . ترامب وفيون, امريكا وفرنسا, يتحدثون بصورة واضحة عن إن العائق الرئيس امامهم في سوريا هو الارهاب وداعش. اخر مقترح من قبل الاتحاد الاوروبي الذي ذكرته اعلاه, واعنله موغريني, يؤكد بصورة واضحة, اتجاه "وسطاني"بين المرحلة السابقة التي هي مرحلة سقوط نظام الاسد وفق سياساتهم, ومرحلة احتمالية قادمة, مرحلة التعاون واعادة العلاقات الديبلوماسية مع نظام الاسد. سبب سلوك هذا الاتجاه (الوسطاني- من المترجم), هو ان لا ينحدر موقع الغرب اكثر بدون امريكا " امريكا ترامب" ولكي لا يضعف موقعه اكثر امام التحولات والتغيرات في الشرق الاوسط , على الاقل بامكانهم ان يقولوا نحن موجودن ايضا. استراتيجية ترامب واتجاه البرجوازية الامريكية في هذه المرحلة يسير نحو الباسفيك و بحر الصين. ابراز الخلافات مع ايران, منها الغاء اتفاق النووية او تعديلها, يجب ان ننظر اليها من هذه الزاوية. بمعنى اخر, أمريكا تريد , عبر خلق مشاكل مع ايران, وضع عراقيل امام روسيا والصين, وضع العراقيل امام " خط الحرير" و الاتفاقات العسكرية بين ايران والصين, تؤثر على روسيا في الشرق الاوسط وسورية. القرار الاخير الذي صدر من الكونغرس الامريكي لتجديد العقوبات الاقتصادية على ايران, يؤشر الى ان امريكا تصارع روسيا والصين بطرق مختلفة, أو على الاقل تضع عراقيل من قبل الرئيس الحالي امام الرئيس الامريكي القادم. ان اخر قرار وقعه اوباما في هذا الاطار, وفي اليوم 8 كانون الاول 2016, هو قرار رفع حظر توريد السلاح للمعارضة الارهابية في سورية بما فيه الصواريخ المحمولة على الكتف المضادة للطائرات. منذ اربع سنوات مستمرة تطلب دول الخليج وتركيا برفع الحظر هذا, ولكن اليوم بعد بقاءه اقل من شهر في الحكم وبعد سقوط الارهابيين في حلب يقرر عليه.
لكن هل ترك الشرق الاوسط, قضية محسومة ؟! براي لا. على الرغم ان الاتجاه العام في دوائر صنع القرار الامريكي تتجه صوب ترك هذه المنطقة, ولكن في هذه الاطار يبرز عدد من الاسئلة , بغض النظر عن المقاومة التي تقابلها من قبل الاتجاه السياسي السابق, وهي: في اي وقت او في اية مرحلة تترك امريكا هذه المنطقة؟! وباي اسلوب تتركها؟! فهذه قضايا مهمة وليست واضحة. ترك العوائق والمشاكل في المنطقة, وحتى وقفها مثل " معركة الموصل" في الشرق الاوسط, مع قرار رفع حظر توريد اسلحة للارهابين في سورية, و بقاء الرقة تحت سلطة داعش... كلها تؤشر الى ان امريكا باقية في المنطقة.
بصورة عامة ان الاتجاه السياسي الذي يتجلى في سياسة ترامب, ازاء المشاكل العالمية, يهدف الى كسر التقارب بين روسيا والصين وايران, دون الوصول الى مواجهة حربية مباشرة مع اي واحد منهم. سياسات ترامب المعلنة , و مجمل سياسات المرحلة الانتقالية" من اوباما الى ترامب" تؤشر الى ان امريكا بقيادة ترامب تحاول التقارب مع روسيا, بحجة التعاون ضد الارهاب, وقيادة اعمال مشتركة. وفق رؤيتهم يهدفون الى إسكات روسيا ازاء تشديد العقوبات الاقتصادية على ايران, و محاولة لتضعيف العلاقة بين روسيا والصين, عبر التقارب مع روسيا. تضاف الى ذلك ان هذه السياسة تضمن في طياتها محاولة لسحب ايران نحو قطب امريكا. محاولة لترويض ايران عبر تهديدات مختلفة.
بصورة عامة , ان الظاهرة التي ادت الى صعود ترامب وفيون الى القمة , ومن وجهة النظر السياسية وفقط من هذه الزاوية, تدل على "اعتراف غير رسمي" بعالم متعدد الاقطاب, خصوصا نرى ذلك بشكل واضح في اتجاه ترامب. لكن هل هذا يعني نهاية المشاكل بين البلدان الرأسمالية الكبرى عالميا؟! بدون شك, لا. هي بداية لتشديد وتعميق تلك المشاكل.
الثاني: اذا فشلت النيوليبرالية على الصعد الاقتصادية والسياسية, وهي فشلت, وإذا "العولمة بمعنى النيوليبرالية" في امريكا والغرب ليس فيها اية مصلحة اقتصادية للعمال و الموظفين الصغار, وإذا البنية الاقتصادية هذه, متناقضة مع مصالح اكثرية المجتمع والطبقة العاملة, فإن البنية الفوقية من الايدولوجية والحقوق والسياسات و الثقافة, التقاليد, بالضرورة يجب ان تكون رجعية و مناهضة للحقوق العالمية للانسان, خصوصا العمال, في ذات الوقت يجب ان تكشف عريها القبيح و ان تظهر بمظهرها الواقعي.
اليوم تظهر وتبرز على الصعيد الاجتماعي ولعامة الناس اكذوبة اطروحات وفرضيات روجت لها البرجوازية منذ عقود من ناحية: ان الايدولوجية و جملة من الحقوق الاقتصادية والسياسية و حق التعبير عن الراي, وحق حرية الصحافة و اللجوء... التي وضعت في اطار الديمقراطية الغربية, كتقاليد وقيم للديمقراطية الغربية...تبين ان البرجوازية بيمينها ويسارها ليست صاحبة لهذه القيم والتقاليد والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية, بل فرضت عليها بقوة الحركة العمالية و الثورات العمالية في القرن الماضي. تقاليد وقيم كل هذه الانظمة الراسمالية, هي نفس التقاليد والقيم الرجعية لدولة الصين . كل البلدان الاوروبية تهرول لتطبيق النموذج الصيني. الراسمال والرأسماليين لديهم تقاليد وقيم واخلاقيات واحدة, من الصين الى بريطانيا, من امريكا الى روسيا. كل هموم النظام البريطاني, وحتى عملية "بريكست" كان جزء منها من اجل فناء" حقوق العمال" والحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.
ظهرت لكل اللاجئين وكل صحافي وصحافية ذو ضمير حي, والناس بصورة عامة, ان الديمقراطية هي في قرار البرلمان الاوروبي لمواجهة وسائل إعلام روسية ، ووصفها بأنها تمثل تهديداً إعلامياً للاتحاد الأوروبي وشركائه في شرق أوروبا, واذا تمكنوا فهم يريدون منعها رويدا رويدا. ليس لان الاعلام الروسي " ارتي وسبونتيك..." اعلاما راديكاليا وذو ضمير حي للمرحلة المعاصرة, ويدافع عن حقوق العمال والجماهير, بل لانه اعلام مخالف لهم و يكشف جزء من اكاذيبهم وخستهم فقط. هذا القرار مع اغلاق مخيم كاليه للاجئين في فرنسا وفي بلد "الثورة"ومن قبل رئيس "يساري" يكشف بصورة واضحة الجوهر والمحتوى الحقيقي للديمقراطية الغربية . امريكا والغرب ليس لديهما بديل من الناحية الايدولوجية, عليه وبالضرورة فهم يلجأون نحو الاديان... من هنا ان الاسلام السياسي لبلدان الشرق الاوسط والعالم العربي, والاسلام كبنية فوقية, لها ما يبررها وله مدلولات سياسية لدى البرجوازية.
الديمقراطية بعد الان ليست بامكانها تحميق و تضليل وتحريف الرأي العام. هناك محاولات جدية في امريكا و البلدان الغربية, لدمج المذاهب المختلفة للمسيحية مع الديمقراطية واسسها, واعادة صياغتها في إطار جديد, وفي هذا الاطار لدى روسيا والصين الاتجاه نفسه , وخصوصا تم تكملة هذه العملية في روسيا.
انتهاء المعركة في حلب, والحرب مستمرة!
وفق الرؤية العسكرية سقطت مدينة حلب او شرق المدينة, وتمت السيطرة عليها من قبل قوات النظام و حلفائه روسيا وايران, وتم طرد الارهابيين منها ولم يبقى فيها النفوذ الامريكي. لم تبق للارهابيين الاسلاميين في اكثر من 90% (اليوم تقريبا بالكامل 19.12.-مترجم)من حلب. هناك ثلاثة احياء صغيرة باقية تحت سيطر الارهابيين في شرق المدينة, وذلك لاسكات امريكا و الغرب و الراي العام العالمي, ازاء الخراب و الدمار والقتل الذي حصل في المدينة, وايضا على اساس هناك مفاوضات مع الجانب الامريكي. مدينة حلب اصبحت مدمرة وخربة , وسكانها متشردون ومهجرون. اتجاه المعركة في حلب يؤشر الى سقوط المدينة بكاملها لصالح النظام خلال الايام المعدودة القادمة. الصيحات والهتافات و الضخ الاعلامي الكبير و الضخم من قبل امريكا و الغرب ضد القتل والدمار في حلب, هي صيحات ودعوات منافقة وكاذبة وفي الحقيقة سببها: ان القتل والدمار لم يتم بواسطة قواتهم عليه فهي ممنوعة, وما وارء ذلك كلها نفاق وكذب وبروباغندة.
حتى مع فرضية سيطرة النظام على كل حلب , و وقف الاطلاق النار فيها بعد سيطرة النظام, لن تقف الحرب. وقف المعركة في مركز الحرب في حلب, ولكن الحرب مستمرة, ليس فقط في الرقة ودير الزور وادلب و الباب.. بل في مدن ليبيا و مدينة الموصل و في اليمن. هدف الحرب, هدف ذو ابعاد عالمية, وحسم القضايا التي تقف خلف الحرب, بالاساس وبصورة مباشرة لاعادة تقسيم السلطة والنفوذ بين البلدان العالمية الكبرى و البلدان في المنطقة ايضا. ما زالت الحرب لم تحقق اهدافها, خصوصا ان الحرب تجري بالوكالة, عليه ان امر تحقيق اهدافها مرهونة ببطئها, ومد وجزر للدمار والخراب و قتل الجماهير. القوى الكبرى لم يتوصلوا لحد الان الى اتفاق حول اسهمهم في المنطقة.
الحرب مستمرة, مستمرة كانه تم ترويضها, بحيث ان كافة العمليات الحربية و الاحداث تحت السيطرة, سيطرة القوى الحربية الكبرى, في مقدتهم امريكا وروسيا والصين وبعدهم فرنسا و بريطانيا والمانيا... سيطرة ولحد هذه اللحظة تشير الى توازن القوى المحدد بين هذه القوى من جانب, و لعدم رغبة تلك القوى ازاء الوضع في الشرق الاوسط في الاصطدام المباشر على الاقل في هذه المرحلة من جانب اخر. الحرب وبشكلها غير المباشر الراهن حرب عالمية بالكامل. حرب, تمتلك كل الخصائص التي تمتعت بها الحربين العالميتين الاولى والثانية , سواء كان من ناحية المحتوى السياسي والهدف من الحرب, وهذة اهم نقطة, او من ناحية مشاركة بلدان العالم فيها. من ناحية الهدف من الحرب الراهنة , هي حسم قضية السلطة والنفوذ و اعادة تقسيم السلطة والنفوذ على الاقل على صعيد الشرق الاوسط بين القوى الكبرى.
منذ الان وبعد اعادة سيطرة النظام على مدينة حلب من الناحية العسكرية, وعلى هذا الاساس انتصرت روسيا وحلفائها في مركز الحرب اي مدينة حلب هذا يعني فشل السياسة الامريكية و الغرب. هذا ليس حديثي او استنتاجي فحسب بل ان الاعلام الامريكي و الاوروبي يتحدثون عن هذا الامر. و حين تهيب وتصرخ " ميركل" لنجدة الانسانية في حلب يدل على هذا الامر. على الفشل السياسي لامريكا و الغرب يعني ان سوريا غير قابلة للتقسيم على اساس الطائفية والاديان. ربما ترامب فهم هذه الحقيقة, لذلك يتحدث عن تغيير منهج" تغيير الانظمة". فشل المشروع السياسي للغرب. لكن توازن القوى لحد الان يبدو لصالح امريكا مقارنة بمنافسيها منفردين , على الرغم من التنازل الكبير في موقعها. عليه ان امريكا تطلب حصتها في سورية. لحد الان الرقة و ادلب ... باقيتان. على رغم من ان الفشل السياسي لامريكا والغرب وحلفائهم في حلب, يعني فشل سياستهم بصورة اجمالية في الحرب في المنطقة وفقدانهم لهدفهم في الحرب, الا ان هناك فرق شاسع بين عدم الوجود و توزيع حصص السلطة والنفوذ في المنطقة. عليه الحرب مستمرة. لحد الان لامريكا امكانات كبيرة ومتوفرة لديها مقارنة بمنافسيها, بطبيعة الحال تستفيد منها لكسب حصتها الكبيرة. يجب ان ندرك قرار الغاء الحظر على بيع الاسلحة للمعارضة الارهابية في سورية, في هذا الاطار. من جانب ان هذا القرار هو لادامة الحرب في سورية, ومن جانب اخر انها اي امريكا غير راضية عن سقوطها في حلب. يضاف الى ذلك هي سياسة لوضع العراقيل امام الرئيس القادم لامريكا.
الحرب الراهنة في المنطقة , حرب عالمية غير مباشرة. الحرب العالمية غير المباشرة, تختلف عن الحرب العالمية المباشرة, بعدم مواجهة القوى الكبرى لبعضهم البعض بصورة مباشرة, و لن يقصفوا قوات و مدن وبلدان بعضهم البعض بصواريخهم, و لم يستخدموا كافة قواهم وترسانتهم التكنولوجية الحربية, والسلاح النووي. علاوة على ذلك ان هدف الحرب العالمية المباشر, اذ يحقق هدف ما, هو هدف عالمي ويغطي كوكبنا كله. ربما لحد الان ان الحرب العالمية غير المباشرة, في مصلحة القوى الكبرى. خصوصا ان الحرب العالمية المباشرة بين القوى الكبرى, لها مخاطر كبرى على المجتمع البشري بأكمله من جهة تضعه على حافة الفناء لأكثرية ساكني كوكبنا. بهذا المعنى وبإحتمال كبير سوف لن يبق هناك من هو منتصر, ليتسنى له تقسيم العالم مجددا.
ان اعتبار حلب كمركز للحرب ليس بحثا أنتقائيا, بل قبل أي شئ, لان مركز المواجهة في سورية. مركز المواجهة بين أمريكا والغرب من جانب, وروسيا والصين وإيران من جانب اخر, سورية وليس الجبهات الاخرى. لدى روسيا ومصر في ليبيا حليف هو الجنرال حفتر, ولدى امريكا والغرب حكومة السراج. في العراق وبصورة ظاهرية ان امريكا هي القوة السائدة او المسيطرة ولديها عدد من القوى المتحالفة معها, ولروسيا ايضا دور لمكانتها ونفوذها التاريخي و ايضا عبر ايران . في اليمن ليس لدى روسيا و لا امريكا قوة على الارض مثل سورية والعراق, بل وجودهم يتم عبر ايران والسعودية. المكان الوحيد الذي تتواجد فيها امريكا و كافة حلفائها و روسيا وكافة حلفائها وفي مواجهة مع بعضهما البعض بصورة غير مباشرة وتواجد قوات الجانبين على الارض هو سورية . على هذه الاساس ان مركز الحرب نصيب سورية. في سورية لماذا لحلب هذا الموقع والمكانة؟! العالم كله يتحدث عن حلب, ويقولون ان حسم حلب ( وتم حسمه قبل يومين-مترجم) بمثابة حسم المعركة في سورية كلها. ويعلقون على ان سقوط حلب بيد روسيا والحكومة السورية, يعني فشل السياسة الامريكية وحلفائها, لماذا يقولون هكذا؟! ربما نقرا مئات المقالات حول هذه القضية في الصحف الامريكية والغربية من الغارديان الى تايمز و ورويترز و ايكونوميست!!.
هذه المسالة ترجع الى السياسة الامريكية و حلفائها, السياسة التي ركزت على تقسيم سورية على اساس طوائف دينية. تقسيم المنطقة على اساس ديني و طائفي وليس القومية. على هذا الاساس كان من المقرر ان تحقق" الثورة السورية!!" بقيادة امريكا و السعودية وتركيا وقطر هذا الامر, واذا لم يتمكن من تحقيق هذا الامر وتقسيم سورية الى عدة دويلات علوية وسنية و درزية ومسيحية, حينذاك لابد ان يفعلون بها مثل ما فعلوا بالعراق وتقسيمها على اساس القومية و الطائفة الدينية. على هذه البنية ووفق هذا النهج و الهدف السياسي, تحتل مدينة حلب موقعا مركزيا في الحرب. كان من المقرر أن يتبوء مرسي اخر, كرسي الرئاسة في سورية, و لن تبقى منها اثر للايدولوجية الوطنية والقومية , ولا الجيش العقائدي بهذه المبادئ و مثل مافعلوا بالعراق. بالتالي فان هدف تعريف الاسلام السياسي كبنية لسلطة السياسية في المنطقة. فشل هذا الامر.
مدينة حلب هي اكبر مدينة في سورية و من اقدم المدن في العالم. مركز صناعي للبلد, بعدد سكانها الخمس ملايين , ختموا جبين اهاليها بختم " المذهب السني", بدل عشرات من اختام مختلفة التي تتمتع بها هذه المدينة العريقة مثل: صناعة الحلويات, والمحاشي و الكبب, والكباب والصابون.... التي اشتهرت بها المدينة على صعيد العالمي, او بتاريخها العريق وفسيفساء وخليط واسع من اللغات و " القوميات" التي ذابت في المدينة... تضاف الى ذلك الموقع الجغرافي وقربها من الحدود التركية. علاوة على ذلك ان المعارضة الارهابية كانت مسيطرة على شرقها منذ مايقارب اربعة سنوات, مؤيدي امريكا والديمقراطية!!.... كل هذه الميزات التي تتمتع بها المدينة جعلتها ركيزة اساسية لسياسات امريكا وحلفائها وخصوصا تركيا. بهذا المعنى إن سيطرة الحكومة السورية و وروسيا على حلب, يؤدي الى سقوط البنية الرئيسة للسياسة الامريكية, و بطبيعة الحال إنهيار امال اوردوغان حول هذا الامر. امريكا واردوغان, كانا يهدفان الى ربط موصل بدير الزور والرقة ومن خلالهما بحلب... يعني ربط منطقة متواصلة واسعة من مناطق " المذهب السني" مع بعضها البعض, ازاء او في مواجهة" الهلال الشيعي". فشل هذا الامر. الحشد الشعبي و سقوط حلب, حولوا امالهم الى المربع الاول.
سيطرة الحشد الشعبي على غرب الموصل, ادى الى فشل الهدف الامريكي في معركة الموصل. كان الهدف الامريكي في معركة الموصل, هو من اجل الضغط على روسيا والصين وايران....اذا لم يكن, فان "الموصل" بدون سورية بدون اطماع امريكية في سورية, معركة سهلة. بمعنى اخر ان تطهير مدينة الموصل من داعش بدون اهداف اخرى, بالتالي اخراج معركة الموصل من المعادلة الكلية للحرب في المنطقة سيكون امرا سهلا, ولايزال. لكن لامريكا اهداف اخرى, التي فشلت في تحقيقها. عليه نرى تباطوء واضح في معركة الموصل وهي تراوح في مكانها. اعلنت امريكا وبصراحة صعوبة معركة الموصل. وبصراحة تكذب, حيث وصل الامر الى ان يرد عليهم العبادي. كاتبان في معهد واشنطن للدراسات باسماء مايكل نايتس و ماثيو شفايتزر كتبا مقالا تحت عنوان" الميليشيات الشيعية تتطفل على عملية الموصل"(18نوفمبر-تشرين الثاني 2016)يؤكدان على هذه الحقيقة بصورة ما. هذه هي الحقيقة لكل الافراد والقوى و الكتاب الذين كانوا يظنون او يفكرون ان روسيا لن تكون حاضرة في معركة الموصل...او ان معركة الموصل هي معركة بين داعش وامريكا. او معركة الموصل هي معركة بين ارهاب الاسلام السياسي وامريكا.... واقعية الاحداث, اثبت فشل كل هذه الاطروحات و وضعتها جانبا.
الحرب مستمرة, في سورية و العراق و اليمن وليبيا..... هذا الحرب, حرب رجعية ضد المجتمع البشري. هذه الحرب ليس لها اية ربط بإجتثاث الارهاب والارهابيين. بل بالعكس ان ضرب الارهاب والقوى الارهابية من قبل القطبين و حلفائهما, يؤدي الى توسعة الارهاب و تكبيره. هذه تجربة تاريخية كبيرة خلال الستة عشر سنة الماضية, بدءاً من افغانستان ولحد الان. بالمستوى الذي يعلنون عن الحرب ضد "الارهاب" بهذا المستوى والنسبة تم توسعة رقعة الارهاب و تقوية القوى الارهابية. ارى ان ذلك لا يتطلب اية اطروحة نظرية, هو التاريخ بعينه الذي رأيناه يثبت ذلك . يجب وقف هذه الحرب. ليس هناك اية حلول وسطية. اهالي المنطقة يعيشون تحت سلطة داعش و الصواريخ الامريكية. تحت سلطة الارهابيين و الصواريخ الروسية. أهالي المدينة اسراء لطرفي الارهاب. طرف الارهاب الدولي الذي يدمر بيوتهم ومدارس اطفالهم و مستشفياتهم والجسور المشيدة على دجلة, ويقتل العشرات, والطرف المقابل هو داعش, الذي بسط لهم جهنماً على الارض, اذا كان لدى الناس نصيب بالبقاء. المطلب الواقعي لاهالي وساكني تلك المناطق هو التحرير و الخلاص من طرفي الارهاب. واذا ننظر الى حلب نرى الدمار اكثر وحشية خصوصا نرى ذلك بعد سيطرة الحكومة السورية على المدينة (-المترجم).
وجهة نظرنا منذ ما يقارب ستة اشهر هي وقف هذه الحرب. الحرب جزء من السياسة. من الذي يقوم بالحرب او يقودها قضية بالغة الاهمية. هذه الحرب الراهنة هو موضوع بحثنا, وليس الحرب الطبقية , ولا حرب العمال بوجه الراسمال وسلطته, ولا حرب القوى الجماهيرية والتحررية ضد القوى الارهابية او السلطة الرجعية. الحرب الراهنة تقودها :امريكا وروسيا وبريطانيا و فرنسا و تركيا و سوريا والعراق, والبارزاني وحزب الله و الحوثيين, والحشد الشعبي, والارهابيين من داعش و القاعدة و النصرة واحرار الشام و الاوزبكية وكل طرف له... سياسة واهداف و لكل طرف هدف ونهج سياسي و تقليد و اسلوب عمله واخلاقياته. الحرب هي سياسة, والقوى المشاركة في الحرب الراهنة و جبهاتها المختلفة, لا يمكن فصل حربهم عن اسلوب عملهم, وممارستهم في الحرب. من تدمير المستشفيات و المدارس وشبكات الماء والكهرباء, لا يمكن فصل حربهم عن تدمير بيوت المواطنين. انظروا الى حلب وبعدها الى جسور الموصل.
الحرب سياسة بعينها. اسلوب عمل القوى التي تشارك وتقود هذا الحرب, هو مارأيناه فعلا: قتل الاطفال, عشرات الالاف من الابرياء من المدنيين, قطع الرؤوس و اعدامات, تطهير و تغير ديموغرافي, تطهير عرقي وطائفي ,... رأينا كل هذه الامور, في اطراف الموصل وكركوك و مناطق اخرى. ليس بامكان مجرد النقد إعاقة اسلوب عمل وسياسة امريكا او روسيا وداعش و الحشد وتركيا.. من الوهم ان نطلب من امريكا و الحشد الشعبي و تركيا و روسيا و سوريا... ان لا يدمروا وان يقصفوا برحمة دون قتل الابرياء. اذ نرى حلب في الافلام السينمائية, نقول هناك مبالغة في فنتازيا القتل والدمار. واقعية الحرب تقول لنا بصراحة: تاخرنا, دمر العالم, يجب وقف هذا الدمار.
اي طرف من طرفي الحرب, او من ثلاثة اطراف, يطلبون وقف الحرب بصورة مؤقتة وفق توازن القوى في هذه الجبهة أو تلك. هدفهم اعادة تجميع القوى, لجولة قادمة من الملاكمة, راينا هذه الظاهرة مرات عديدة في سورية. بصورة عامة, اذا كان توازن القوى ليس في صالح هذا الطرف او ذاك, يطلب وقف الحرب, تظهر هذه الظاهرة في سورية وليبيا واليمن. لم يكن الهدف هو وقف الحرب نهائيا بل لاستعادة القوى لجولة قادمة, بحثي ما قلته في مقالي السابق" يجب وقف الحرب! الغروب الدموي للنظام العالمي الامريكي" قلت":( يجب وقف الحرب, ليس فقط بمعنى "وقف اطلاق النار", بل بمعنى عدم بقاء قواعدهم العسكرية والحربية وكافة السفن الحربية والعسكرية لامريكا وروسيا وباقي البلدان الاخرى في المنطقة و البحر الابيض المتوسط. عالم اليوم لا يتطلب شرطي امريكي ولا عريف روسي. ويعني وقف ارسال " الجهاديين" ووقف تربيتهم وتدريسهم. وقف الدعم المالي والبشري, والاستخباراتي لهذه القوى الارهابية والفتاوي الاسلامية, وقطع قنواتهم الاعلامية بدءأ بالقنوات الفضائية الى الفيسبوك وتويتر. المنع المطلق لارسال الاسلحة للقوى الارهابية و ميليشياتهم المختلفة. يجب وقف الحرب فورأ. كل العالم, وحتى الذين لا يبالون او لا يهمهم سماع الاخبار, او من هم بعيدون عن جبهات القتال, من نيوزلاند الى الاسكا... لا يعيشون في عالم امن ومستقر. وقف الحرب في مصلحة كل هؤلاء ايضا, ناهيك عن مليارات الناس الذين يعيشون في الشرق الاوسط و العالم العربي و اوروبا وروسيا. بمعنى هؤلاء الذين يعيشون في منطقة جبهات القتال و اطرافها, او ان بلدانهم مشاركة في الحرب.).
يجب ان تفرض هذه السياسة والعمل, يجب فرضها على القوى الكبرى و الحكومات في المنطقة, يجب فرض وقف الحرب عليهم. ان من الواضح ان تلك القوى لن يقفوا الحرب إلا بعد تحقيق سياساتهم. عملنا وسياستنا يتطلب تشكيل وتنظيم حركة عالمية واسعة. في داخل البلدان التي تقع فيها الحرب, وباساليب مناسبة ومختلفة ومنها تنظيم قوة مسلحة, الى تنظيم حركة احتجاجية كبيرة و واسعة على الصعيد العالمي. ايجاد او بناء حركة كهذه, في هذه المرحلة, هي عملية صعبة للغاية. لكن ليس لنا طريق اخر. في داخل بلدان المنطقة يعني, تطهير مناطق, مدن, قصبات او بلدات, من سيادة الارهاب و سلطة البرجوازية, اية كان شكل او هوية البرجوازية الحاكمة. بدون هذا الامر بدون اسقاط او انهاء الحكم البرجوازي في هذه المنطقة او تلك, فان اعادة توطين او اعادة القوى الارهابية وتقويتهم ليس بامر صعب لقوى الرسمالية الكبرى و بلدان المنطقة. قضية اجتثاث الارهاب في المرحلة الانتقالية الراهنة على الصعيد العالمي, وفي منطقة الشرق الاوسط و العالم العربي, مرهونة بسحب السلطة والحكم من قبضة البرجوازية, اية كان هويتها وشكلها.
هل نحن وجماهير المنطقة لا نواجه الحرب مع داعش و ارهاب الاسلام السياسي؟! هل ان اطراف الحرب الحالية هي فقط الاقطاب العالمية وحلفائهم ؟! هل انها حرب بين روسيا والصين وسوريا وايران في مواجه امريكا و الغرب والسعودية وتركيا و قطر والاردن..؟! نحن في الحقيقة نواجه حرب اخرى, حرب ضد داعش والارهاب الاسلامي السياسي. نعم نحن نواجه هذه الحرب ايضا. لكن هذه الحرب هي حربنا , وحرب جماهير المنطقة , جماهير العمال والكادحين. هذه الحرب هي حرب الجماهير الواعية والمتمدنة في العالم كله, حرب كل العلمانيين و التحررين في العالم . الحرب الراهنة , ليس حرب ضد داعش بأي معنى من المعاني, وحتى حرب روسيا وسوريا ضدهم ليس حرب ضد داعش و الارهاب, على رغم ان روسيا وسوريا تضرب هذه القوى داعش والنصرة و الارهابيين بصورة مباشرة. بعض اولئك الكتاب والاطراف الذين كانوا يقولون ان تلك القوى التي صنعت داعش, دعهم يسحقونه, هؤلاء لا يبقى لهم اية سياسة في سورية, الا اتباع خطوات السيد بوتين, مثل الحزب الشيوعي السوري بالفعل.
حرب جماهيرية , ضد الارهاب و الارهاب الاسلامي
على الرغم من ان الجماهير في المنطقة مسلوبة الارادة, وتم حرف نضالها عن سكته, إلا إن نضالها مستمر حتى في اضعف حالاتها. نرى نضال جماهيري ضد الحرب في الخارج ولكن بشكل ضعيف. المشاكل والعوائق هائلة امام الجماهير, وهي تعيش بين حربين, تتموضعان في اطار حرب واحدة . كأن مشكلة روسيا وامريكا وكل قواتهما التي جلبت الى سوريا والعراق هي ضرب الارهاب الداعشي والاسلامي. لكن في الحقيقة ان حربهما هي حرب لمواجهة بعضهما البعض وضد جماهير المنطقة, هي ارهاب دولة بالكامل. في خضم امطار الصواريخ و القنابل, وفي خصم المعارك المختلفة في اطار هذه الحرب الكبيرة, وفي ظل تطهير عرقي وطائفي, وفي اطار قتل جماعي وتدمير المدن, وفي ظل الوضع المأساوي للمعيشة والمجاعة و انعدام الرواتب, و رفع الاسعار , في ظل كل هذه المآسي والويلات, اصبح الناس معبأون بوباء الهذيان, الى درجة انهم انقسموا على الجبهتين للقوى الكبرى وحلفائهم, بوسيلة او باخرى وعبر تحميق الاعلام الحر. على اساس انهما يواجهون الارهاب, في الوقت نفسه تم ابعاد اي دور للجماهير بصورة عامة في الحرب, عبر تهويل و تضخيم وتكبير داعش و خلق اجواء من الخوف ازاءه.
بإمكان جماهير المنطقة, ان تعيق حركة داعش واخوانه الارهابيين, وان تحول كردستان والعراق و سورية وليبيا الى كوباني اخر. في كوباني في سورية, تم تحقيق هذا الامر, لان الجماهير التفوا حول القوة التي حاربت الارهاب الاسلامي السياسي. لا اريد ان اكرر كافة ابحاثي السابقة, بامكان القراء مراجعة بحث" وباء الارهاب و كيفية مواجهته" (حزيران 2016- البحث لحد الان باللغة الكردية/المترجم). تم كتابة هذا البحث قبل معركة الموصل و حلب بمدة غير قليلة. لمواجهة الارهاب تم اشارة الى عدد من الخطوات, اكرر هذه الخطوات ادناه: خطوات مواجهة الارهاب
اولا: تنظيم حركة تحرري العالم: هذه الوظيفة يتم تحقيقها عبر قادة عماليين و شخصيات سياسية وثقافية الذين ينهاضون الارهاب الاسلامي السياسي و الارهاب الدولتي من جانب, وعن طريق تلك الحركات الجارية التي تناضل في الوقت الراهن من اجل مطالب عادلة مختلفة في امريكا واوروبا. القضية الرئيسة في هذا المجال هي وصول صوت منظمي هذه الحركة الى الراي العام العالمي خصوصا في اوروبا وامريكا. من الممكن ان يبدا هذا العمل من قبل االشيوعيين منذ الان. الشيوعيون ليسوا الوحيدين في هذا العمل, ولكن المسالة الأصلية في قيادة مثل هذه الحركة هي ان النشطاء و القادة الرئيسين للحركة, يجب ان يكونوا ضد ومناهضين لكلا النوعين من الارهاب: الارهاب الاسلامي والارهاب الدولتي. القضية الرئيسية هي كيفية كشف و فضح الارهاب الدولتي الامريكي والفرنسي و البريطاني و حلفائهم. فضح الارهاب الاسلام السياسي كقوة وحركة سياسية. البحث هنا, يجب وبصورة واضحة ان يفصل مناهضة الارهاب الاسلامي عن " حق اختيار الدين" او " الدين الاسلامي" ويجب عدم الخلط بين الامرين. يجب ان تركيز البحث والدعاية على ان الحرب الراهنة هي حرب بين الارهاب الدولتي و الارهاب الاسلامي على مكانة ومناطق النفوذ والثروة, وتنظيم الناس و المنظمات والشخصيات على اساس هذا الامر.
ثانيا: تطهير الارهاب في داخل البلدان" المحلية": هذا المحور يشمل قسمين من البلدان المختلفة.
الف: تطهير الارهاب الاسلامي السياسي والدولتي في البلدان الاوروبية وامريكا: يجب تنظيم الناس حول حركة لتغيير السياسات والقوانين التي تشمل " التعددية الثقافية" في هذه البلدان, ورفع هذا المطلب كشعار للحركة. يجب منع فصل الانسان و تقسيم المجتمع على اساس الاديان, والطوائف الدينية, القومية و لون البشرة, او وفق القارات الأسيوية و الأوروبية او وفق الشرق والغرب او الشمال والجنوب. يجب رمي هذا التقسيمات الى مزبلة التاريخ. لا يمكن قياس مدى حقارة هذه الرؤية المبنية على هذه التقسيمات ابدأ لدرجة عفونتها. غلق المساجد لكونها مكان لتربية الفكر و السياسة الارهابية للاسلام السياسي, هذا العمل يجب ان يبدا بسرعة, لان هناك رفض و استياء واسع له ارضية اجتماعية قوية , بشرط فصل هذا الاجراء سياسيا عن العنصرية" راسيزم". الغاء او المنع الفوري لاي قوانين اسلامية فيما يتعلق بقوانين الاحوال الشخصية التي تطبق في "الغيتوات- المناطق المهمشة" او المساجد, واعتبار هذه الاعمال كجريمة كبيرة. اعائقة ومنع التدخل الامريكي والفرنسي و البريطاني في الحرب ... في البلدان ، العراق و ليبيا و اليمن وسوريا, والضغط من اجل السحب الفوري لقواتهم, ووقف فوري لاية مساعدة ودعم لحلفائهم في هذه المهزلة التي سميت بالحرب ضد الارهاب, والوقف الفوري لحرب اميركا وحلفائها . فضح الارهاب الدولتي لامريكا و البلدان الاوروبية الاخرى, وكشف الواقع الحقيقي للحرب الراهنة كحرب ارهابية بين الطرفين.
باء: تطهير و اجتثاث الارهاب الاسلامي السياسي والدولتي في البلدان الشرق اوسطية: عبر تنظيم الحركة السياسية لاسقاط قواهم عن السلطة.
هذه السياسة, يجب ان لا تقف مكتوفة الايدي تجاه الارهاب الدولتي لامريكا وحلفائها و كل القوى الذين لديهم دور ما في داخل هذه البلدان, لمساعدة طرفي الارهاب. لكن في الوقت نفسه يجب ان لاتفقد هدفها السياسي الرئيس وهو اجتثاث الارهاب الاسلامي.
الوقوف بوجه الطائفية السياسية, لن يحسم النضال ضد الارهاب والقوى الارهابية بدون النضال والوقوف بوجه الطائفية السياسية. المصدر الرئيس لتطور وتقوية وتوسع الارهاب "وثفافة القتل الجهادي" هو الايدولوجية الطائفية, بكلتا قسميها السنية والشيعية. لكن النضال ضد الطائفية في داخل مدن الوسط والجنوب في العراق او في المدن السورية او اللبنانية, له اولوية اكثر الحاحا مقارنة بداخل ايران او كردستان العراق.
القضية الاخرى هي تنظيم " الحركة العلمانية" في هذه البلدان, وهي جزء من السياسة الشيوعية و الحركة المناهضة للارهاب الاسلامي السياسي, على رغم انها اي الحركة العلمانية تتعدى اهداف الحركة الاخيرة. بحثي هنا ليس حملة سياسية, بل ان الأمر في الشرق الاوسط, هو عمل لحركة سياسية كبيرة وواسعة, التي تهدف الى فصل الدين عن الدولة, وعن القوى والسلطات المحلية " مجالس المحافظات, المناطق ذوات الحكم الذاتي والفدرالية" وعن التربية والتعليم. القضية هنا ان تصبح الحركة العلمانية حركة كبيرة وواسعة, تمنع الدروس الدينية في المدارس الابتدائية ولغاية نهاية المرحلة الاعدادية, تمنع المساجد" والحسينيات-المترجم- "داخل المعاهد والجامعات, الغاء قانون الاحوال الشخصية.... من الممكن العمل على عدد من هذه المطالب بصورة فورية و لها ارضية للتحقق.
المحور الرئيس هنا تحضير وتنظيم الجماهير ضد الارهاب الاسلامي السياسي. بإلامكان ان يبدأ العمل حول هذا الامر في محلة او معهد او جامعة ما. الخطة العملية للبدء بهذه السياسة, يتغير من بلد الى بلد و حتى يتغير وفق المناطق في العراق " الوسط والجنوب" يتغير مع كردستان, وفي سوريا يتغير بين مدينة واخرى¸ وخصوصا في سورية هناك اختلاف كبير مع البلدان الاخرى.
ثالثا: العمل الفكري والنظري: هذا العمل هو جزء من السياسة و من المحاور اعلاه. لكن فصلته كفقرة, لانه يعاني من ضعف كبير في هذا المجال كما ارى , ويتطلب عملا جبارا لإملاء كل ثغرة من ثغراته. الهدف الرئيس هنا: ايجاد فضاء اجتماعي مناسب لفكر و ثقافة ماركسية وتحررية و علمانية ومساواتية... قصدي وفيما يتعلق بهذا البحث هو النضال الفكري والنظري على الصعيد الاجتماعي, والرد على منظري ومفكري الدرجة الاولى من الاسلام السياسي ودعاة التعددية الثقافية ... .
تتجلى عندنا وظيفتين منفصلتين, وفي مجاليين مختلفتين. ربما هناك بعض اوجه الاختلاف فيما يخص العمل و الوظيفة. ان القضية الرئيسية للطبقة العاملة و الجماهير بصورة عامة في هذه المرحلة, اصبح الخبز والامن. لا يمكن تحقيق الهدفين بدون حسم قضية السلطة مع البرجوازية, اسقاط السلطة البرجوازية او انهاءها في اي بلد او مدينة او منطقة ما في الشرق الاوسط ... يمثل خطوة كبيرة باتجاه اجتثاث الارهاب الدولتي والارهاب الاسلامي السياسي, و توفير الامان والخبر وايضا الحرية. اهداف ثلاثة: اجتثاث الارهاب الاسلامي السياسي, والارهاب الدولتي, وتوفير مطالب الناس. يمكن للطبقة العاملة أن تحقق هذه الاهداف و المطالب بدفعة واحدة. يجب تلخيص هذه المرحلة بهدف: اذا امكن اسقاط السلطة السياسية البرجوازية, في اي مكان اومدينة او منطقة او بلد ما. بهذا يمكن ان تتحقق المطالب الثلاثة.
لماذا" يجب وقف الحرب"؟!
وقف الحرب يعني وقف الدمار, وقف الخراب وقف تدمير بيوت واماكن معيشة الناس, يعني وقف تدمير المدارس والمستشفيات و شبكات الكهرباء والماء, وقف تدمير الجسور و شبكات الطرق ,... واهم من كل ذلك يعني وقف نزيف الدم وقتل الاطفال والنساء والشباب, وقف قتل الناس الذين اكثريتهم غير مسلحين. في الوقت نفسه يعني وقف التشرد والانهزام و التهجير.... اذا كانت هذه هي الاسباب فقط يجب وقف الحرب فورا. واذا افترضنا ان الحرب هي سبيل لاجتثاث داعش, في هذه الحالة يجب وقف الحرب ايضا.
القضية الان بالنسبة للقوى المتحاربة ليست انهاء داعش, بل جعل التدمير والتشرد والتهجير وانعدام الماوى حالة طبيعية لمعيشة الناس. القضية هي ليس لديهم اي علاج , لجعل استقرار الناس ممكنأ,لكي يتسنى لهم تدويل الراسمال . المعركة ليست من النوع الذي ينتهي خلال شهرين او ثلاثة ونخلص منها , عليه يجب التحمل, على اساس انهم يحرروننا من داعش. خصوصية الحرب الراهنة وفي ظل "المرحلة الانتقالية العالمية" هي غير مباشرة و مستدامة. لفهم هذه الظاهرة, علينا ان نفهم عدة ظواهر اخرى: الاولى: الازمة العميقة للراسمالية العالمية و تشديدها اكثر. ثانيا: ابعاد الحرب المباشرة بين القوى الكبرى, ثالثا: انعدام نموذج للراسمال سواء كان من الجانب الاقتصادي او من جانب الثقافة و الايدولوجية , ليتسنى لهم أدارة نظام اجتماعي مقبول. الجزء المتبقى من القضية وفي ظل عدم استعداد الطبقة العاملة كقوة سياسية ثورية, تبقى البربرية فقط. البرجوازية العالمية اختارت البربرية, لاوضاع معيشية مستقبلية للمجتمع البشري. البحث او القضية هي هل نقبل بها او نرفضها ؟؟
قضية الحرب الراهنة ومعاركها هي ليست انتهاء الحرب في حلب, و ليس بمعنى ان اهالي حلب لم يشاهدوا الحرب مرة اخرى, او اذا انتهت المعارك في الموصل, تنتهي الحرب في العراق. هذه المعارك وفي اطار الحرب الراهنة تنتج معارك اضافية. طبيعة سياسية لحرب في اوضاع حالية تنتج هذه الظاهرة. ان بحث الحرب وبصورة محددة ليس فقط "ان الحرب هي استمرار للسياسة" فحسب, في اية مرحلة من المراحل التاريخ, اهم من ذلك هو نفهم الوضع و ندرك طبيعة السياسة في تلك المرحلة و اهدافها؟! اذا نظرنا منذ افغانستان ولحد اللحظة نرى ان الارهاب والارهاب الدولتي والاسلامي يكبران ويتوسعان. اصبح الارهاب وبنوعيه اكثر تشددأ و تعمقأ, بسبب ضخامة طرفي الارهاب. في هذه للحظة نحن ننتظر انتهاء المعارك في حلب( انتهت المعارك منذ اسبوعين –مترجم). لكن يشعلون المعارك في تدمر و الباب. امريكا في الموصل تراوح, في تلعفراشعلها الحشد الشعبي.
بدون معرفة الوضع الانتقالي الحالي على الصعيد العالمي, ليس بالامكان, فهم هذه القضية. وبهذا المعنى يجب وقف الحرب ايضا.
مرة اخرى يجب وقف الحرب, لانها تفرز الفوضى الفكرية والسياسية وتعيد انتاج اشد الافكار رجعية... اليوم داعش والحشد, وفي مستقبل قريب ربما نرى انتاج قوى اشد رجعية منهم. قلنا ان البرجوازية العالمية مفلسة من الناحية الايدولوجية, ليس لديها بديل, إلا أحياء الاديان والطوائف الدينية مرة اخرى, لجعلهم يتعاركون مع بعضهم البعض. البرجوازية ليس لديها بديل إلا انتاج وتطوير اشد الافكار رجعية. راينا يوما بعد اليوم ظاهرة صعود ترامب و عملية بريكست و صعود موقع اليمين, القضية هي ان الغرب القديم انتهى بصورة فعلية, الغرب الذي يعترف بحقوق الانسان و الحقوق الفردية والاجتماعية والسياسية والمدنية... ليس من المستعبد ان تعود مرة اخرى الى السلطة احزاب مسيحية سياسية في اوروبا. حتى الان الحرب ادت الى تعميق الصراع الطائفي بين الشيعة السياسية والسنة السياسية الى مديات اكثر تشددأ, وادت الى تعميق الصراع القومي بين " الكرد-الترك" و"العرب- والكرد" في المنطقة. بغض النظر عن تطوير وتقوية الثقافة والتقاليد العشائرية والميليشيايية, واخطر من ذلك ادت الى تقوية ركائز وبنية المرجعيات الطائفية. عليه يجب وقف الحرب.
بحثنا اعلاه ان الحرب سياسة , و وقفه سياسة ايضا, وفي هذا الاطار قدمنا مقترحا. الحرب لن تتوقف تلقائيا, وإن اطراف الحرب الحاليين في هذه الاوضاع ليسوا مستعدين لوقف الحرب, الاطراف الثلاثة مستعدون لإدامة الحرب. المسالة هي الوضع التاريخي لهذه المرحلة. عليه ان العمل على وقف الحرب هو عملنا وعمل الجماهير في العالم. في هذا الاطار نحن لدينا اكبر عائق في هذه المرحلة, وهو "عدم وجود الاحزاب الشيوعية الجماهيرية", عدم وجود الاحزاب الشيوعية القوية والمؤثرة, على التغيرات و التحولات في المرحلة الراهنة. حزب بامكانه ان يقود وينظم ويوحد احتجاجات جماهيرية ومسلحة واسعة بوجه الاوضاع الراهنة. هذا العائق وفي هذه المرحلة, لم يبق مجرد عائقا ذاتيا فقط, بل تحول اليوم الى عائق موضوعي وتاريخي في ظل من خلق هذه الاوضاع. نحن, شيوعيي هذه المرحلة, تراكمت على عاتقنا تلك الوظيفتين. ليس لدينا طريق اخر للسير الى الامام.
اذا وقفت الحرب, على الاقل يفكر الناس باوضاعهم المعيشية والكهرباء و الخبز والبطالة, يفكرون بمعيشتهم وبيوتهم ومكان سكناهم. يظهر الصراع الطبقي بصورة اكثر وضوحا. وتضعف الارضية السياسية التي تمكن الارهابيين و الميليشيات المختلفة من ورائها, تجنيد الشباب والناس عموما من جانب و تزيل احد الاسباب التي تؤدي الى تعميق الهوة بين الاديان والطوئف الدينية المختلفة من جانب اخر. وقف الحرب حتى اذا لم يلب كل مطالب الناس, على الاقل يؤدي الى اضعاف نفوذ الارهاب الاسلامي السياسي, و لا تبقى حجة لارسال الاسلحة و الافراد و المعونة اللوجستية لهم باي معنى. واخيرا, وبصورة ملخصة, ان وقف الحرب ضرب لسياسة الاطرف الثلاث للحرب. على اساس كل هذه الامور المهمة, يجب وقف الحرب. 11 ديسمبر/ كانون الاول/ 2016
• المقال كتب ونشر في 11 ديسمبر/ كانون الاول/ 2016 باللغة الكردية.