أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - عن هشاشة القوى الوطنية السورية ..؟















المزيد.....

عن هشاشة القوى الوطنية السورية ..؟


اكرم حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8393 - 2025 / 7 / 4 - 13:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن فترة حكم الأسدين – الأب والابن – شهدت تصحراً سياسياً غير مسبوق في تاريخ سوريا المعاصر. فقد اختزل نظام الأسد الوطن كله في شخص الحاكم، وجرّد الشعب من حقوقه السياسية والمدنية، وحوّل الدولة إلى مزرعة شخصية تدار بقبضة أمنية شديدة المركزية ، ومنذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة في انقلاب عام 1970، ساد حكم شمولي استبدادي ألغى التعددية، وصادر المجال العام، وفرض قانون الطوارئ وجعل من كل نشاط سياسي خارج عباءة السلطة جريمة تستحق القمع أو النفي أو الموت.
هذا النهج الديكتاتوري أدى إلى انهيار الحياة السياسية، إذ تم تحجيم الأحزاب المعارضة وتفكيكها بشكل ممنهج. فقد تعرضت تجربة "حزب العمل الشيوعي" و"المكتب السياسي" و"الإخوان المسلمين" لقمعٍ دموي، حيث سُجنت قياداتها لعقود، أو تمت تصفيتهم في السجون والمنافي، كما صدر القانون 49 لعام 1980 الذي قضى بإعدام كل من ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، ما شكّل ضربة قاصمة للعمل السياسي الإسلامي في سوريا، وزاد من هشاشة القوى المعارضة.
أما الأحزاب الكردية، فرغم أنها كانت تشكل استثناءً نسبياً من حيث البقاء كتنظيمات قائمة، إلا أن النظام تعامل معها بطريقة مختلفة، إذ تركها تنشط ضمن حدود ضيقة، واستخدم سياسة "التحكم والتفكيك" بدلاً من الاستئصال ، وكان ضابط المخابرات العسكرية محمد منصورة هو من تولى الإشراف على ملف هذه الأحزاب، فتمكنت أجهزته من زرع الفتنة والانقسام بين مكوناتها، مما أفقدها أي فعالية مجتمعية . فانتشرت الانشقاقات والانقسامات، وبات لكل حزب شقيقه التوأم المنشق عنه، مما أدى إلى تآكل شرعيتها وضعف تأثيرها في الشارع الكردي، رغم عدالة القضية التي كانت تحملها.
وعندما تشكل "إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي" عام 2005، كمظلة جامعة للقوى الوطنية الديمقراطية، بادر النظام كعادته إلى قمعه بسرعة، واعتقل أبرز رموزه مثل رياض سيف وفداء الحوراني وميشيل كيلو وآخرين، مما أدى إلى شلل الإعلان وتوقفه عن لعب دور سياسي فعال ، وبقيت المعارضة مفككة ومبعثرة، حتى جاءت الثورة السورية في آذار 2011.
لقد بدأت الانتفاضة السورية عفوية وشعبية بقيادة الشباب السوري غير المؤطر في أحزاب أو كيانات سياسية. لكن سرعان ما تحولت إلى مسار مختلف بعد أن دخل المال السياسي والجهات الخارجية على الخط، وتصدّر الإسلاميون المشهد، باعتبارهم الأكثر تنظيماً والأوفر دعماً، مما أدى إلى أسلمة الثورة ثم عسكرتها ، وهو ما تسبب في انحرافها عن أهدافها الديمقراطية والوطنية، ودخولها في صراعات إقليمية ودولية على حساب الشعب السوري.
ومع سقوط نظام الأسد في نهاية عام 2024، إثر الهجوم الكاسح الذي قادته "هيئة تحرير الشام" ودخولها دمشق، والإعلان عن تشكيل حكومة انتقالية برئاسة الرئيس الحالي أحمد الشرع، وبدء مرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات بدعم دولي من الولايات المتحدة والسعودية وتركيا ، بدا أن فرصة بناء سوريا جديدة قد أتيحت أخيراً. خاصة مع عقد "مؤتمر الحوار الوطني السوري" والإعلان الدستوري المؤقت، وتشكيل الحكومة الانتقالية والانطلاق نحو إصلاح مؤسسات الدولة ووضع الأسس اللازمة لنظام جديد مع رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا .
في هذا السياق، يُفترض أن تعيد القوى الكردية السورية حساباتها بشكل جذري، وتنتقل من مرحلة العزلة اوالرهان على "الاخر" إلى مرحلة الانخراط الفعلي في المشروع الوطني السوري، عبر المشاركة الفعالة في بناء الدولة، وصياغة مستقبلها على أسس المساواة والعدالة والمواطنة.
لقد دفع الكرد السوريون، كغيرهم من مكونات الشعب السوري ، ثمن القمع والتمييز لعقود طويلة، وعانوا من إنكار الهوية والحرمان من الحقوق الأساسية، سواء في اللغة أو الجنسية أو التمثيل السياسي أو غيرها من المشاريع الاستثنائية . واليوم، في ظل النظام الانتقالي الجديد، فإن الفرصة متاحة لتثبيت حقوقهم من خلال الوسائل السياسية والمؤسسية، عبر الحوار والعمل كي تستعيد سوريا عافيتها على أسس الشراكة والمساواة .
لقد أثبتت السنوات الماضية أن الرهان على التدخلات الدولية أو دعم القوى الخارجية لم يجلب للكرد سوى مزيد من العزلة والهجمات المتكررة. بل إن التصنيف الخاطئ لبعضهم في خانة " اللاوطنية " او" الانفصال "، جاء نتيجة لهذه "العلاقة" والتي تتعارض مع المشروع الوطني السوري ، ما عمّق الفجوة بينهم وبين الشارع السوري، وفاقم من هشاشة حضورهم السياسي الوطني.
لكن الواقع قد تغيّر الآن. فالنظام المركزي الذي أنكر الكرد لعقود قد سقط، والحكومة الانتقالية الجديدة اكدت في المادة السابعة البند ٣ في الإعلان الدستوري عن ( تكفل الدولة التنوُّع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوِّناته، والحقوق الثقافية واللّغوية لجميع السوريين) ، وهو ما يتطلب من الكرد السوريين الحوار والتعاطي الايجابي ، بعيداً عن ذهنية العزلة أو التشكيك …!
المطلوب من النخب الكردية أن تضع مشروعاً واضحاً يعكس مطالب الكرد ضمن الإطار الوطني، وأول هذه المطالب هو الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي كمكون أصيل من مكونات سوريا، وضمان حقوقه الثقافية والسياسية والإدارية، ومشاركته في مؤسسات الدولة على قدم المساواة. كما يجب أن يكون هناك تمثيل كردي حقيقي في صياغة الدستور الجديد، وبما يضمن عدم العودة إلى عقلية الإقصاء أو تهميش الهويات.
في حين أن المشروع الوطني السوري يجب ألا يقوم على منطق الغلبة أو الأكثرية، بل على أساس التعدد والتوازن واللامركزية. فاللامركزية الإدارية والسياسية تتيح تمكين المجتمعات المحلية من إدارة شؤونها، وتحقيق التنمية المتوازنة، وضمان تمثيل حقيقي لكل المناطق والمكونات.
اخيراّ ، فإن هشاشة القوى الوطنية السورية التي يتحدث عنها البعض ، هي نتيجة طبيعية لعقود من القمع والاستبداد والانسداد الممنهج للحياة السياسية. واليوم، ومع انطلاق مرحلة جديدة بعد سقوط النظام البائد ، باتت الفرصة سانحة لاستعادة السياسة من يد السلاح، وبناء مشروع وطني ديمقراطي يشارك فيه الجميع، وفي مقدمهم الكرد السوريون، الذين يملكون من الرصيد النضالي والوطني ما يؤهلهم ليكونوا جزءاً أساسياً من سوريا المستقبل.
ليس المطلوب من الكرد أن يذوبوا في هوية الاكثرية ، بل أن يساهموا في تشكيل هوية وطنية جامعة، تحت سقف دستور جديد يعترف بالتعدد القومي والديني والثقافي، ويؤسس لعقد اجتماعي جديد، أساسه المواطنة المتساوية والعدالة والشراكة وبما يضمن سوريا لكل السوريين .



#اكرم_حسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من -صاحب البيت والضيوف- إلى دولة المواطنة:والمشاركة تأملات ف ...
- سوريا على عتبة التحول: من الإحياء السياسي إلى النهوض الحضاري
- 14حزيران :حين يتحول التاريخ إلى مرآة للذات الحزبية ؟
- - الفكر- الكردي السوري وسوسيولوجيا -الفشل- ...!
- الكرد في سوريا :من خطاب المظلومية الى الشراكة الوطنية
- عن نهاية الأحزاب الكلاسيكية في سوريا ؟
- عن المواطنة المتساوية في سوريا ...؟
- ليست اكاذيب بل حقوق...!
- تيار مستقبل كردستان سوريا: بين أزمة الهوية وتحديات التجديد . ...
- المجلس الوطني الكردي في قلب الرؤية الكردية المشتركة ...!
- سوريا بعد الأسد: بين تحذيرات روبيو وفرص بناء الدولة الديمقرا ...
- سوريا: الدولة المأمولة وخيارات التعايش
- سوريا الجديدة والحاجة إلى عقد دستوري جامع
- اتفاق 26 نيسان: من توحيد الصف الكردي ، إلى اختبار الوطنية ال ...
- البارزانية تيار جامع ...فلماذا هذا التشتت؟
- وطن واحد ، هوية متعددة ..!
- التكويع -... ابتعاد عن المبادئ نحو المصلحة وتآكل الثقة ..…!
- الأنظمة التي تضطهدوالكرد...تتحمل مسؤولية خياراتهم ؟
- من قامشلو: وحدة الموقف الكردي طريقُنا إلى سوريا جديدة بلا ته ...
- المازوت... ومعادلة السلطة والمجتمع في مناطق -الإدارة الذاتية


المزيد.....




- رد حازم من ترامب على احتمال إعادة تفعيل إيران لبرنامجها النو ...
- ترامب يرجح التوصل إلى اتفاق بشأن غزة الأسبوع المقبل
- ترامب يعرب عن استيائه بعد مكالمة مع بوتين
- القسام تؤكد قتل جنود إسرائيليين في عملية بخان يونس
- ترامب: إيران لم توافق على التفتيش والتخلي عن تخصيب اليورانيو ...
- تغير المناخ يضاعف موجات الحر.. كيف تتأثر أفريقيا؟
- العمود الزلق.. تقليد إنكليزي سنوي غريب يتحدّى الشجاعة ويُشعل ...
- الإمارات.. مستشار رئاسي يبين ما تحتاجه المنطقة بتدوينة -المن ...
- بعد رد حماس.. ترامب -متفائل- بشأن وقف إطلاق النار في غزة الأ ...
- -لا أعرف من يمكن الوثوق به-، دروز سوريا قلقون من التهميش ما ...


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - عن هشاشة القوى الوطنية السورية ..؟