|
قليل قليل من رحلة عمر :المقال رقم 3 حول تجربتي في حركة عصيان
بشير الحامدي
الحوار المتمدن-العدد: 8393 - 2025 / 7 / 4 - 02:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وتوالت النشاطات في عصيان المقال رقم 2 إضافة للتحركات (مسيرات احتجاجات) أقامت هيئات العمل الثوري حركة عصيان سنة 2013 صيفا تربصا دام 3 أيام في برج سدرية على البحر في مقر خاص بمركب الشباب هناك وكنا دفعنا مبلغا رمزيا لإدارة المركب خاص بالإقامة والأكل وسأفرد ذلك بمقال خاص أنشر فيه بعض النقاشات التي وقعت والبيان الختمامي قبل التعرض في مقال آخير إلى كيف انحل تنظيم هيئات العمل الثوري حركة عصيان وأمرّ لتجربتي في المرصد التونسي للمعلم والتعليم. ــــــــــــــــ أنا أعرف أناسا انتموا لعصيان، مساكين أعجبهم الاسم فقط فكانوا هناك وعندما واجه التنظيم مشاكل أو تضييقات أو إنسداد ما ذهبوا وتبخروا أو بحثوا عن شيء آخر. هذا في السياسة يسمى انتهازية ولكم أن تُطلقوا عليها ما شئتم فلن تُخطؤوا وقد نشر الذي يدير صفحة هيئات العمل الثوري حركة عصيان نصا في 25 نوفمبر 2013 يوضح فيه لماذا تنظيم حركة عصيان هو تنظيم لا سلطوي ولم يجد نصا أفضل من نص لفهمي بلطي الذي يتحدث فيه عن نفسه يوضح كيف تكون لاسلطويا فأخذه ونشره باسم الحركة. ولم يأتيه أي إعتراض من أي كان في الحركة بل أن الكثير منهم أنا بشير الحامدي قد عبر لي عن ايمانه بنفس المفاهيم وتبنيه لكل ما ورد في التدوينة. النص: أنا لا سلطوي ليس لأنّني الثّوري الأخير وولد قحبة على جميع الثوّار، ولا أعتبر نفسي منتميا لأقصى اليسار أو ultragauche مثلما يحلو للبعض تسميته وأكره هذه التّسمية الأخيرة أيّما كره و هي تزعجني أيّما إزعاج فكلمة أقصى تدلّ على زيادة الجرعة في الثّوريّة و أغراضها نرجسيّة و ادّعائيّة في غالب الأحيان، أقصى الثوريّة بالنّسبة لي هي الثورجيّة، لا أكثر و لا أقلّ أنا لا سلطوي لأنّني أؤمن أنّ الأودبيّة الفكريّة و السياسيّة و التربويّة و اللّغويّة تقوم بعمليّة إخصاء لعقولنا و مشاعرنا و تجعلنا في نوع من التبعيّة للدّيماغوجيا الفكريّة و العاطفيّة، أنا لا سلطوي لأنّني لا أخجل من أفكاري و تساؤلاتي مهما بدت ساذجة و لأنّني لا أؤمن سوى بعقلي وحده القادر على تحرّري الفعلي و النّزيه في علاقتي الشفّافة و الخالية من أيّ وساطة بأفكاري أو أوهامي على حدّ سواء أنا لا سلطوي لأنّني أؤمن أنّ التنظيمات الهرميّة من أحزاب ومؤسّسات تعليميّة وتربويّة وأسريّة و دينيّة و فكريّة تقمع إبداعي الخاصّ و تعمّق إحساسي بالذّنب فقط لأنّني موجود و ذلك لتصفية حساباتها النّفسيّة و الماديّة الخاصّة عن طريقي أنا لا سلطوي لأنّني لا أؤمن أنّ الإقتصاد هو مركز الحياة و لا أؤمن أنّ الصّراع الطّبقي هو الصّراع الوحيد الموجود على ساحة الحياة مثلما يؤمن بذلك معظم الماركسيّين بل أؤمن أيضا بالصّراع الفكري و بالرّؤى الفلسفيّة و الأخلاقيّة التّي يمكن أن تنير عقول البشر هذا بالإضافة إلى أنّ نظريّة الصّراع الطّبقي التي تجعل ممّا يسمّى بروليتاريا الخير المطلق و البرجوازيّة الشرّ المطلق هي نظريّة سطحيّة تتغافل عن الانتهازيّة الكبرى التّي توجد في صفوف بعض الطّبقات المهمّشة و الفقيرة كما تتغافل عن الفاشيّة المتفشيّة في هذه البؤر و التّي ليس سببها الفقر فقط و إنّما أيضا كثير من العوامل النّفسيّة و الحضاريّة و الثقافية و الإجتماعيّة و الدّينيّة , كما أنّ ما يُسمّى البروليتاريا هي نفسها ليست ذاتا عليا واعية بنفسها ستخلّص الإنسانيّة من العبوديّة و لكنّها جزء من النّظام الذّي يفتّتها كلّ يوم و يغربّها على هواه أنا لا سلطوي لأنّني لا أؤمن بالإنتاجيّة اللّا متناهية الّتي سوف تحقّق الرّفاهيّة الجماعيّة في المجتمع الشّيوعي مثلما يذهب إلى ذلك معظم الماركسيّين و لا أؤمن بما يسمّى التّنمية المستديمة و لكنّي أؤمن بالحدود الإيكولوجيّة لهذا الكوكب و أؤمن أنّ الإستغلال الفاحش و الفوضوي لخيراته من أرض صالحة للزّراعة و ماء و حيوانات و مواد أوّليّة و جبال و بحار و هضاب إلخ سوف يؤدّي إلى الخراب و استزاف هذه الخيرات جميعها و هو ما بصدد الحدوث الآن ( الكثير من الإحصائيّات في العالم التيّ تخصّ النقص الفادح للأراضي الصالحة و المياه و تلوّث الجوّ و البحر إلخ) أنا لا سلطوي لأنّي أؤمن بالطّبيعة و الإنسان و أؤمن أنّهما منبعا الجمال و الإبداع و الحبّ و أنّ الحروب باسم الرأسماليّة أو الشيوعيّة أو القوميّة أو الدّين لا تقوم سوى بتدميرهما على حدّ سواء بهستيريا و غباء فادحين أنا لا سلطوي لأنّني أؤمن أنّ العمل المأجور مهما تحسّنت ظروفه هو حمل ثقيل على الإنسان لأنّه يجعله يبع نفسه من أجل حقّه المشروع في الحياة فيما الأجدر أن يكون العمل جزءا من وجوده و تحقيقا لكيانه و غاية في حدّ ذاتها أنا لا سلطوي لأنّني لا أؤمن أنّ الدّيمقراطيّة هي عمليّة تحدث بالوكالة في صناديق الإقتراع و التّي تمكّن البترونات السياسيّة و الأوليغارشيا العالميّة من اللّعب بمستقبلنا و من الثّراء الفاحش و بسط النّفوذ باسم الشّرعيّة الانتخابيّة دون أن يكترثوا طبعا لمشاكلنا و همومنا المباشرة و اليوميّة أمام امتيازاتهم و انتهازيّتهم و تغوّلهم السّلطوي انا لا سلطوي لأنّني أؤمن بأنّ الدّيمقراطيّة هي بالاساس قاعديّة ومباشرة و تنبع من الأسفل عبر تسيير ذاتي وفق محليّات يتمّ التنظّم داخلها بطرق تحدّدها اجتماعات عامّة تشاركيّة تفرز شكلا تنظيميّا للحياة اليوميّة للمواطنين و هو أمر ممكن جدّا أنا لا سلطوي لأنّني لا أؤمن أن السياسة هي حقل اختصاص لا يفهم فيه سوى النّخبة بل هو حقل عام يهتمّ بالشّان العام والحياة اليوميّة و من البديهي و الضّروري أن يشارك فيه جميع المواطنين مهما بلغ مستوى جهلهم الإفتراضي أنا لا سلطوي لأنّي أؤمن أنّ الإنسان عفويّ ذكيّ بالفطرة وفضولي ومبدع ولا يشوّهه سوى المؤّسّسات الهرميّة و لجامدة والاستغلاليّة و القمعيّة و الإخصائيّة بإداراتها و معاهدها و كتبها الّتي غالبا ما تحاول إقناعه بالبقاء داخل هذه السّجون و تعلّمه الغباء و الدّفاع المتذاكي عن هذا الغباء بأسنانه و أظافره أنا لا سلطوي لأنّني أؤمن بالعفويّة و لكنّني أؤمن أيضا و على سواء بالفنّ و العرق و الجهد الإستيتيقي من أجل هذا الفنّ (حتّى و إن كنّا نعيش داخل أعتى الفاشيّات) كما أؤمن بالإطّلاع الإجباري على الفلسفات النيّرة قديمها و حديثها و التّي من شانها إنارتنا و نفض البهامة" العالقة في أذهاننا كما أمقت العنجهيّة و الإكتفاء الذّاتي باسم العفويّة " أنا لا سلطوي وأسعى إلى الدّفاع عن قناعاتي و أفكاري فردا كنت أو مجموعة كما أسعى إلى تطويرها دائما و مساءلتها و نحتها قدر الإمكان أنا لا سلطوي و لا أنتمي إلى أقصى اليسار و أمقت هذا التّقسيم الخشبي و الكلاسيكي , لا أدّعي الثوريّة ليلا نهارا و لا أدّعي امتلاك الحقيقة و لا الوصاية كما أمقت التشدّق بالثّوريّة , أكره الخطاب اللّا سلطوي الخشبي و الذّي باطنه سلطة قمعيّة و ابتزازيّة و مشعرة بالذّنب أشرس و أعمق من الدّولة في حدّ ذاتها و أؤمن أنّه بإمكاني التعلّم من الأطفال مثلما الشّيوخ مثلما المتحزّبين مثلما المهمّشين , لست مغلقا و لا أخاف على عذريّتي لأنّها مفضوضة أصلا بليالي السّهر و الصّياح في الشّوارع و النّقاشات و الخصامات و التشرّد و التمزّق و الشكّ و المكر و ضرب الرّأس على الحيطان , أنا لا سلطوي وأكره ذلك اللّمعان الأحمق والنّرجسيّة الحمقاء المكتفية بذاتها في عيون الثورجيّين ممّن تحصّلوا على شهاداتهم النّهائيّة في الجامعات الثّوريّة العالميّة للسّنوبيزم والتّظاهر و التّقوحيب و النّجوميّة الثّوريّة أنا لا سلطوي و لا أدّعي تبنّي قضايا الفقراء و المهمّشين و لا البطولة في الدّفاع عنهم و إنقاذهم من الوحش الرّأسمالي و الحزبي لأنّني بكلّ بساطة أنتمي لهؤلاء الفقراء و لا أريد من أحد أن ينقذني أو يتبنّى قضيّتي، (القضايا لا يقع تبنّيها، فهي إمّا موجودة في الأعماق أم لا) و هؤلاء الفقراء لا ينتظرون أحدا من أجل تبنّي قضاياهم أو سرقة فقرهم و ثورتهم عليه أنا لا سلطوي بكوارتي، أدافع عن عقلي بكامل وجداني ووجودي أنا لا سلطوي وأكره أن أقول إنّني لا سلطوي فذلك يفهم غالبا على أساس أنّه انتماء سياسي مغلق و الأمر أعمق من ذلك بكثير، أعمق من انكساراتنا اليومية و قلقنا و غثياننا و ربّ الدّمار الأزرق. رابط النص على صفحة الحركة: https://www.facebook.com/disobey.tn/posts/568919373183953 كذلك فقد نشرت حركة عصيان نداء لوحدة المجموعات الثورية في تونس تحت عنوان: ندائنا للثروريين هذا نصه وهو منشور بالرابط التالي: https://www.facebook.com/notes/261741031943719/ النداء: أكثر من سنتين على اندلاع الموجة الانتفاضية، وبرغم تداول الحكومات وكثرة الوعود البراقة والبرامج الانتخابية المنتفخة فان الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تفاقم، ووضع عموم الشعب من أجراء ومعطلين وعموم الفقراء والمهمشين يزداد تدهورا، والتناحر الحزبي على السلطة يدفع البلاد الى حرب أهلية، وكل المؤسسات السياسية من المجلس التأسيسي الى الحكومة الى الولاة والمعتمدين... أثبتت افلاسها وعجزها عن تقديم حلول حقيقية، بل انها قد أصبحت تمثل جزء من الأزمة بتكالب الحكام الجدد على جني الامتيازات والاستيلاء على مواقع النفوذ، وعودة نظام المحسوبية والولاءات، والبوليس والجيش الذان عجزا عن توفير الأمن الحقيقي للناس يواصلان أسلوبهما الوحشي في قمع المتظاهرين والمحتجين، وفيما أصحاب الثروة من رجال أعمال وسماسرة من كل نوع يزدادون تغولا وثراء تمضي الدولة نحو مزيد الترفيع في الأسعار والتبشير برفع الدعم عن المواد الاستهلاكية الأساسية تلبية لإملاءات صندوق النقد الدولي، وتسعى لإلغاء منح البطالة وتسريح عمال المناولة والتراجع عن كل المكاسب الاجتماعية التي فرضتها الجماهير خلال الفترة الأولى من الهبة الثورية بهدف تحميل جماهير الشعب تكلفة الأزمة تحت يافطة "مصلحة البلاد" و"انقاذ الاقتصاد الوطني"، أي انقاذ الرأسمال من أزمته العامة. لقد بات واضحا أن كل عمليات ترميم النظام الذي حاولت ولا تزال الأحزاب السياسية حصر المسار الانتفاضي ضمن حدودها، سواء باسم "التوافق" تحت مظلة ما سمي بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، أو باسم "الشرعية الانتخابية" تحت مظلة المجلس التأسيسي، وكل محاولات خلق ديكور ديمقراطي ليبرالي لم تمثل في واقع الأمر سوى محاولات التفافية عملت على تغيير الواجهة السياسية للنظام من أجل الحفاظ على أساساته العامة ومواصلة نفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية. وفي مقابل ذلك بات واضحا أن الجرعة الديمقراطية التي أريد لها أن تكون مسكنا تخديريا لم تفلح في وقف جموح النضالات الجماهيرية، بل ان هذه الأخيرة آخذة في التطور والاتساع. وبغض النظر عن الحصيلة النهائية لهذا المسار فان رصيد الخبرة والتجربة النضالية الذي راكمته الجماهير طيلة الفترة السابقة، وتطور الوعي السياسي لدى أوسع شرائحها، وروح الجرأة وكسر حواجز الخوف وتنوع الأساليب النضالية وأخذها في بعض الأحيان طابعا هجوميا يتجاوز حدود الاحتجاج السلبي، كل ذلك يمكن له أن يمثل سلاحا مهما في مواصلة المعركة ضد النظام السائد. وليس غريبا أن تستثير الهبة الشعبية في بلادنا موجة انتفاضية شاملة عمت دول الشرق كما دول الغرب، من مصر الى اليونان، ومن اليمن الى اسبانيا، ومن البحرين الى الولايات المتحدة الأمريكية. ذلك ان الأزمة الاقتصادية العميقة التي عصفت بالنظام الرأسمالي العالمي أثبتت أن الأمر لا يتعلق بوضع خاص في هذا البلد أو ذاك. فشروط اليؤس التي أصبح يعيش ضمنها الأجراء والاحالة اليومية لملايين البشر الى حضيض البطالة والفقر والتهميش لم يعد ميزة خاصة بهذا البلد أو ذاك. فالديمقراطية الليبرالية في الغرب لم تقدم للجماهير أفضل مما تقدمه ديكتاتوريات الشرق، والافلاسات والانهيارات والاختلالات والتفاوت الطبقي المتعاظم أصبحت تضرب في الدول الصناعية كما في الدول المتخلفة. ويمثل هذا الوضع الدولي المتميز بوباء احتجاجي شامل يؤشر لتطور نوعي للحركة الثورية الأممية، أرضية ملائمة لنضج الحركة الثورية في بلادنا ويسمح لها بفتح آفاق جديدة لتغيير جذري يتجاوز حدود الاصلاحات السياسية الفوقية. لكن وبرغم أهمية الحالة الاحتجاجية المتواصلة، واعتبارها مرحلة مهمة وضرورية في تطور النضال الثوري، فان الوقوف عند حدودها، وعند حدود رفع المطالبات لن يغير كثيرا في واقع الأمور. فالنظام السائد، بغض النظر عن وجود هذا الحزب أو ذاك في سدة الحكم، يثبت في كل مرة أنه عاجز حتى عن تحقيق الحد الأدنى من تلك المطالبات. لذلك فان الحركة الثورية تجد نفسها في هذه المرحلة أمام خيارين: اما الدخول في طور جديد تأخذ فيه الجماهير بزمام المبادرة الثورية لتغيير جذري في تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والادارية وفرض أمر واقع جديد، واما استنزاف طاقاتها في حدود المطلبية السكتارية والجهوية الضيقة. ومعلوم، وفقا للتجربة التاريخية للحركة الثورية، أن كل وقوف عند حدود الاحتجاج السبي يعطي الوقت للنظام بكل نخبه السياسية المتنازعة لتنظيم صفوفه تحت لواء "التوافق" و"الوحدة الوطنية" و"الانقاذ الوطني" والتحضير لهجوم مضاد قد يغرق الحركة في قمع دموي، أو يعطي الفرصة لهذا الطرف السياسي أو ذاك لإستثمار النضالات الجماهيرية لحسابه الخاص من أجل تحسين موقعه في لعبة الصراعات الحزبية على السلطة. لكن المرور الى طور جديد في المسار الثوري يشترط تطورا حاسما في الأشكال التنظيمية، اذ لا يمكن للحركة أن تحقق تقدما ملموسا بدون توحيد صفوفها وصهر طاقاتها في بوتقة واحدة في مواجهة القوة المنظمة للدولة وكل أجهزتها القمعية. واذا كان ظهور مجموعات ثورية منظمة الى هذا الحد أو ذاك، ومساهمتها المهمة في تطوير النضالات الجماهيرية، يمثل مؤشرا لبدايات نضج الحركة الثورية، وخطوة باتجاه بناء استقلاليتها التنظيمية في مواجهة عمليات الاحاق واعادة الاستيعاب التي تقوم بها الأحزاب السياسية، فان الوضع الحالي يضع أمام هذه المجموعات مهام ملحة للخروج من حالة التشرذم والانغلاق الفئوي الضيق الذي يبقيها في وضع هامشي يعيق مساهمتها الفعالة في تطوير النشاط الثوري بعموم الجماهير. فأبسط معاينة لنشاط العديد من المجموعات الثورية التي أفرزتها الموجة الانتفاضية يحيلنا على نقاط ضعف قاتلة يمكن تلخيصها في الآتي: - الانكفاء ضمن مجموعات صغيرة ومحدودة الامكانيات، لا ترتبط فيما بينها باي صلة، وهو ما يجعلها محدودة التأثير، عاجزة عن خلق محاور صراع مستقلة عن الأجندات والتوظيفات الحزبية، بل انها في كثير من الأحيان تكون مجرد وقود محل استثمار لهذا الطرف أو ذاك. - الارتهان للطابع الجهوي أو القطاعي والانغلاق ضمنه بما يمنعها من التحول الى قوة تأثير شاملة وموحدة، وهو ما يسهل على أجهزة القمع والأحزاب محاصرتها والوقوف حاجزا بينها وبين عموم الجماهير المنتفضة. - ضعف دعايتها الثورية في الأوساط الجماهيرية بالنظر لمحدودية امكانياتها المادية واللوجستية، حيث وباستثناء مواقع التواصل الاجتماعي المحدود التأثير، أو بعض النشاطات المناسبتية، فلا نكاد نعثر على منشورات منظمة أو مناشير دعاية وتحريض واسعة الانتشار. - غياب منابر اعلامية بديلة يمكنها كسر احتكار وسائل الاعلام الرسمية، والعجز عن تجميع منظم للمعطيات الميدانية التي يمكنها تشكيل صورة شمولية عن الوضع ورصد تطوراته المتسارعة. - غياب كامل لفضاءات ومؤسسات تنظم النقاشات الداخلية بين هذه المجموعات تعمل على توحيد أهدافها وتكتيكاتها، وهو ما يجعلها عرضة لتسلل الأفكار الايديولوجية والعقائدية الميتة والتي تتحول شيئا فشيئا الى حواجز تزيد من التشتيت وتعمق الهوة بين المناضلين الثوريين، لتتحول هذه المجموعات نفسها الى نوع من الطوائف والشيع المنغلقة بعضها عن بعض، وهو ما يقود في غالب الأحيان الى تحول تلك المجموعات الى تنظيمات حزبية مقنعة. - انحسار هذه المجموعات في حدود فئات اجتماعية محدودة (الشبابية الطلابية والتلمذية خاصة) وهو ما يجعل قطاعات جماهيرية واسعة خارج دائرة تأثير النشاط الثوري لتلك المجموعات، وهو ما يعطي الفرصة للأحزاب والبيروقراطيات النقابية للجم حركة هذه القطاعات في الحدود الاصلاحية والمطلبية الضيقة ويعزلها عن الحراك الثوري، بل ويدفعها في كثير من الأحيان الى الوقوف والتصادم مع الموجة الاحتجاجية ويعمق الطابع المحافظ داخلها. كل نقاط الضعف المعروضة وغيرها تضع العنصر الثوري أمام مسؤولية الاتجاه صوب انجاز أرضية برنامجية وتنظيمية عملية لتوحيد القوى، باعتيار ذلك نقطة الانطلاق الوحيدة لتجاوز الوضع القائم. وبهذا الصدد نعرض على كل رفاقنا هذه النقاط البرنامجية التي يمكن لها أن تمثل الأساس العام لعملية التوحيد هذه: 1- النضال من أجل ارساء منوال اقتصادي اجتماعي جديد، يقطع مع النظام الرأسمالي وكل آلياته الاقتصادية القائمة على الربح والمنافسة. وهذا القطع مع الرأسمالية لا يكون الا بالقطع مع الملكية الطبقية لوسائل انتاج الثروة الاجتماعية سواء في شكلها الفردي الخاص أو الدولتي المسمى ملكية عامة، وبسط ادارة ذاتية تعاونية يساهم فيها كل أفراد المجتمع، على قاعدة تقاسم الجهد والثروة تقاسما عادلا ومتضامنا وتوجيه الانتاج نحو التلبية الحقيقية والمتوازنة لحاجات الناس ووقف التدمير اليومي للمحيط الطبيعي واستنزاف طاقاته. وفي هذا الاتجاه فان مهامنا المباشرة تقوم على المساندة والمساهمة في كل النضالات الجماهيرية على قاعدة مطالبها الاجتماعية المباشرة من الحق في الشغل والتعويض على فقدانه الى المطالبة بتحسين المقدرة الشرائية لعموم الأجراء وصولا الى كل المطالبات بتحسين الأوضاع الحياتية لعموم الفقراء والمهمشين، ودفع كل المبادرات الثورية للاستيلاء وبسط الادارة الذاتية على كل مجالات الانتاج الاجتماعي (مصانع، مزارع، مساكن، ادارات...) والتعريف بهذه التجارب والعمل على تعميمها وتطويرها.. 2- النضال ضد كل أجهزة الدولة التسلطية وبنائها الفوقاني مهما كان الشكل الذي تتخذه من ديمقراطي ليبرالي الى فاشي ديكتاتوري، وسواء اتخذ حلة دينية أو "حداثية". وهذا النضال يستهدف ارساء ادارة ذاتية تعاونية للشأن العام يساهم فيه كل أفراد المجتمع بطريقة مباشرة وبدون تمثيلية سياسية أو أي شكل من أشكال المحاصصة. وفي هذا الاتجاه فان مهامنا المباشرة تقوم على المساندة والمساهمة في كل المبادرات التلقائية للجماهير المنتفضة لإنشاء كل أشكال التنظم الذاتي للجماهير وتطوير كل النضالات ضد أجهزة القمع والتدجين من البوليس والجيش والسجون والادارة البيروقراطية وصولا الى مؤسسات الدعاية الاعلامية والايديولوجية. وفي هذا الباب فان نضالنا الثوري يقطع مع كل أساليب البرلمانية والانتخابية وفي تعارض مع كل أشكال الحكم السياسي التسلطي (سلطة ومعارضة). 3- النضال ضد كل أجهزة التدجين الاجتماعي التي تسعى للجم الحركة الثورية للجماهير في حدود النظام الاجتماعي السائد سواء اتخذت حلة عمالية (البيروقراطيات النقابية) أو حلة حزبية (الأحزاب المنخرطة في النظام السياسي حكما ومعارضة) أو حلة دينية (الأحزاب الدينية ومؤسسات التدين الرسمي المبررة للاستغلال والاضطهاد) أو حلة حقوقية أو ثقافية منصهرة في النظام الاجتماعي السائد (الجمعيات والمنظمات الرسمية وشبه الرسمية). وفي هذا الاتجاه فانمهامنا المباشرة تيقوم على المساندة والمساهمة في كل مبادرة تهدف الى خلق فضاءات اجتماعية مستقلة وحرة للإدارة الجماعية للحياة المادية والروحية لكل أفراد المجتمع على قاعدة تحرير الحياة الروحية للبشر من كل الاكراهات والالزامات سواء باسم "الهوية" أو باسم "التنويرية"، وخاصة النضال ضد كل تقسيم للحركة الثورية تحت أي يافطة دينية أو عقائدية أو طائفية أو عشائرية... والمساهمة في توحيدها على اساس طبقي. 4- ربط الصلة الأممية مع كل الحركات الثورية في العالم على قاعدة النضال ضد النظام الرأـسمالي العالمي، واعتبار تطوير التضامن الأممي بين الجماهير المنتفضة في الشرق كما في الغرب هو الوسيلة العملية الوحيدة لمقاومة كل أشكال التدخل السياسي والعسكري للأقطاب الرأسمالية العالمية وسعيها للاتفاف وتحويل وجهة الموجة الثورية التي تشهدها عديد الدول. ورفض أي محاولة لجر العمال وكل ضحايا النظام الرأسمالي وراء الأقطاب البورجوازية المتناحرة باسم "الدفاع عن الوطن" أو "نشر الديمقراطية" أو "مقاومة الارهاب" أو غيرها من اليافطات الايديولوجية التمويهية. ان هذا النداء هو دعوة لكل المناضلين الثوريين كمجموعات أو كأفراد لصهر الجهود وتوحيد الممارسة النضالية باتجاه المساهمة في بناء حركة اجتماعية ثورية تهدف الى الانهاء الثوري لنظام الاستغلال الرأسمالي والمؤسسات السلطوية للدولة باعتبارها جهازا قمعيا يحمي مصالح الطبقات السائدة ويعيد انتاج النظام الاجتماعي القائم. وهذا النداء لا يمثل برنامجا حزبيا أو أرضية لبناء جبهة سياسية، ولا ينطلق من مقدمات ايديولوجية خاصة، بل هو يهدف الى وضع الحدود البرنامجية والأهداف العامة التي في اطارها المتنوع والثري، وعلى قاعدة رفض كل الشكال السلطوية، يمكن أن تقوم عملية التوحيد العملية لكل القوى الثورية التي تواصل مساهمتها فعليا في تطوير النشاط الثوري للجماهير بعيدا كل الأوهام الانتخابية والبرلمانية. حركة عصيان – مارس 2013
#بشير_الحامدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قليل قليل من رحلة عمر: حول تجربتي في حركة عصيان
-
المقال الرابع من قليل قليل من رحلة عمر: حول تجربتي في رابطة
...
-
المقال الثالث من قليل قليل من رحلة عمر: حول تجربتي في رابطة
...
-
إنتصرنا !!!
-
إيران ـ أمريكا
-
المقال 17 من قليل قليل من رحلة عمر: رابطة اليسار العمالي تخف
...
-
قبل البداية والحديث عن تجربتي في رابطة اليسار العمالي
-
المقال العاشر من قليل قليل من رحلة عمر - حملات القمع والمحاك
...
-
المقال التاسع من قليل قليل من رحلة عمر. أسئلة و أجوبة
-
طروحات الشيوعيين الثورين وعلاقتهم ببقية التنظيمات اليسارية
-
المقال السادس من قليل قليل من رحلة عمر
-
المقال الثالث من قليل قليل من رحلة عمر
-
المقال الثاني من قليل قليل من رحلة عمر
-
لا تنتظروا منه شيئا
-
تونس: مرة أخرى يقع التعدي على حريات الناس وحقهم في التعبير
-
سنوات الخراب المعمم
-
اعتصام المعارضة النقابية المتواصل هو المعركة الشريفة الثانية
...
-
صباحات مهدورة
-
26 جانفي لا يجب أن ننسى
-
نسيان
المزيد.....
-
-طلع راجل ذوق-.. علاء مبارك يعلق -ساخرا- على دعوة آبي أحمد ل
...
-
-كيس الدقيق غارق بالدم-.. شهود عيان فلسطينيون يتحدثون عن غار
...
-
صحف أوروبية ـ موجة الحر إنذار آخر قبل فوات الأوان!
-
روسيا شنت أحد أكبر الهجمات منذ بدء الحرب على أوكرانيا بعد ال
...
-
هولندا تتهم روسيا باستخدام أسلحة كيميائية ضد أوكرانيا
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تسحب مفتشيها من إيران
-
العراق يواجه -الفقر المائي- رغم الزيادة التركية الطارئة
-
استطلاع: نصف الإسرائيليين يؤيدون إجراء انتخابات مبكرة
-
مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ-مؤسسة غزة الإنسانية-
-
كوري شمالي يعبر الحدود المحصنة إلى الجنوب
المزيد.....
-
نقد الحركات الهوياتية
/ رحمان النوضة
-
الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو
/ زهير الخويلدي
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
المزيد.....
|