أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - لماذا يصر ترامب على تسويق ضرباته لمنشآت ايران النووية على انها دمرت البرنامج النووي الايراني؟؟














المزيد.....

لماذا يصر ترامب على تسويق ضرباته لمنشآت ايران النووية على انها دمرت البرنامج النووي الايراني؟؟


هاني الروسان
(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 19:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهد يعكس مفارقات السياسة الأميركية في اسخف صورها، كان الخروج المتكرر لدونالد ترامب متمسكًا بخطاب الانتصار بعد سلسلة من الضربات الجوية التي نفذتها القوات الجوية للولايات المتحدة ضد ثلاثة اهم مواقع نووية ايرانية، وقوله في وصف العمليات بأنها "رسالة قوة لا يمكن لإيران تجاهلها"، بدت خارج سياق الواقع العسكري والميداني الذي رسمته معظم التقارير الدولية، والتي أجمعت على محدودية تأثير هذه الضربات وافتقارها إلى عنصر الردع الحقيقي أو القدرة على تغيير قواعد الاشتباك. والمفارقة هنا لا تكمن فقط في الفجوة بين الخطاب والنتائج، بل في المناورة الفجة لتوظيف هذه الفجوة بحد ذاتها كأداة ضمن استراتيجية أميركية أوسع، تتجاوز منطق الحسم العسكري لتكرّس منطق إدارة التهديد واستدامته.
فمنذ ما بعد الحرب على العراق وتفكيك الدولة والجيش هناك وتجاوز استراتيجية الاحتواء المزدوج، التي ادت الى تصاعد النفوذ إلايراني في المنطقة، لم تتبع الولايات المتحدة سياسة متماسكة تهدف إلى إنهاء هذا النفوذ أو تفكيكه جذريًا، بل انتهجت ما يمكن تسميته بسياسة "الاحتواء المتوتر" أو "الإبقاء على حالة التهديد بالتصعيد المنضبط. هذا النهج الذي تناقلت ممارسته الإدارات الأميركية المتعاقبة، يستند إلى قناعة استراتيجية غير معلنة مفادها أن وجود تهديد إقليمي دائم، تمثله إيران ووكلاؤها، يوفّر مبررات مستمرة للوجود الأميركي في الخليج، ويفتح الباب لسابق تسلح محموم بين دون الاقليم الخليجي فضلا عما يوفره من بيئة ملائمة لبناء وتعزيز الشراكات الأمنية بشروط أميركية.
وترامب، بشخصيته الشعبوية الفجّة، اعاد انتاج هذا النهج اليوم كما هو، ودون اية رتوش. فهو لا يرى غضاضة في التباهي بعمليات لا تحقق الأهداف المعلنة، طالما أنها تخدم رواية القوة والردع الأميركي، وتُبقي دول الخليج في حالة قلق دائم من التهديد الإيراني، مما يضمن ولاءها الاستراتيجي وتبعيتها الأمنية.
لذا لا يمكن اعتبار الخطاب الترامبي الانتصاري وما تبعه من تهديدات لكل من يشكك بهذا الانتصار انعكاسًا لحالة تضليل أو ضعف وخطأ في التقييم، بل هو تمظهر صريح لما ظلت الإدارات السابقة تمارسه بصورة مواربة، وهو الرهان على استمرار التوتر لا إنهائه.
فحين تُنفّذ ضربات لا نقول جزئية ضد المواقع النووية في ايران، بل مقدرة النتائج مسبقا حيث الاحتمالات ذهبت قبيل هذه الضربات لاستحالة الوصول الى عمق منشأة فوردو، دون أن يعقبها تغيير في قواعد التموضع أو ضمان سلوك طهران المستقبلي في الساحة الإقليمية، فإن ذلك لا يشير إلى عجز تكتيكي بقدر ما يعكس قرارًا استراتيجيًا بعدم التصعيد إلى مستوى يُنهي اللعبة جذريا لعدة اسباب قد تكون من بينها عدم استعداد واشنطن للانخراط في حرب مفتوحة مع ايران، ولكن اهمها الابقاء على هذه الاستراتيجية التي تُبقي طهران في موقع العدو غير المحسوم، وتُبقي الخليج في موقع الحليف القلق. وهو توازن هش لكنه مربح. مربح لصناعة السلاح، للنفوذ الأميركي، وللابتزاز السياسي الذي يُمارس على حلفاء لا يملكون بديلًا جاهزًا، كما انه يمنح الادارة الامريكية مزيدا من الوقت لفحص المآلات التي قد تذهب بها في علاقتها مع الثنائي المنافس روسيا والصين، خاصة وان الاولى لا زالت تناور في الكشف عن النهايات المنتظرة لحربها في اوكرانيا.
واللافت هنا هو الاصرار الامريكي على جعل البرنامج النووي الإيراني نفسه أداة في هذه اللعبة. فحين وقّعت إدارة أوباما الاتفاق النووي عام 2015، لم يكن الهدف نزع الخطر الإيراني بل تقنينه. وحين انسحب ترامب منه عام 2018، لم يكن الدافع وقف البرنامج فعليًا، بل خلق ذريعة لتصعيد الضغط الاقتصادي واستعراض القوة. وفي كلتا الحالتين، بقيت إيران ضمن هامش التهديد المقبول أميركيًا، الذي لا يبرّر الحرب الشاملة، ولا يسمح بالتهدئة الكاملة.
من هنا يتضح أن واشنطن لا تمانع، بل ربما تحتاج، إلى بقاء إيران التي تقع في فضاء جيوسياسي خطير كقوة إقليمية مقلقة. فإيران اليوم ليست فقط "عدوًا" يتم قصفه عند الحاجة، بل هي "فزاعة استراتيجية" تبرر كل تموقع عسكري، وكل صفقة تسليح، وكل ضغط يُمارس على دول الخليج لتقديم التنازلات، سواء في مسار التطبيع مع اسرائيل أو إعادة صياغة علاقاتها الأمنية.
وترامب، في هذا السياق، ليس حالة شاذة بل تجسيد فجّ للوظيفة التي تمارسها السياسة الأميركية في المنطقة. هو يلبس الاستراتيجية عباءة الخطاب الشعبوي، فيحوّل الضربات المحدودة إلى نصر إعلامي، ويبيع الردع الفارغ كمنجز أمني. وبينما يدّعي أنه يردع إيران، يواصل تكريس معادلة الردع المتبادل التي تُبقي واشنطن ضامنة وحيدة لأمن الخليج، ولو كان ذلك على حساب الحقيقة والواقع الميداني.
في المحصلة، لم تكن الضربات الأميركية الأخيرة أكثر من فصل جديد في استراتيجية إدارة الصراع، لا حسمه. وكل تصريح انتصاري يصدر عن ترامب أو غيره، ليس سوى غطاء لتكريس نمط من الهيمنة لا يُبقي دول الخليج في مواجهة التهديد، بل في مواجهة حتمية مع هشاشة خياراتها الاستراتيجية. وبينما تُصوّر إيران كعدو خارجي، يبدو أن العدو الحقيقي هو الفراغ الذي تُبقيه واشنطن مفتوحًا، وتدير من خلاله مصالحها ببراغماتية صارخة.



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتفاق وقف اطلاق النار بين ايران واسرائيل: هدنة الضرورة التي ...
- بين تفادي مواجهة واشنطن وتصعيد الصراع مع إسرائيل: قراءة في ا ...
- الهجوم الاسرائيلي على إيران: استنزاف استراتيجي يهدد استقرار ...
- جريمة -جيت- اخر فصل من فصول الانهيار الأخلاقي للجيش الإسرائي ...
- إسرائيل في مواجهة الرأي العام العالمي: الى اين تمضي واي مصير ...
- منع الوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله: تأكيد على التمسك ...
- مؤتمر حل الدولتين: استراتيجية هجومية لاقامة الدولة الفلسطيني ...
- -أمريكا اولا- : هل اماتت التحالفات التقليدية؟ وهل تراجعت قيم ...
- هل اولى مخرجات زيارة ترامب للرياض اكدت على الانزياح الاسترات ...
- الاتفاق الأمريكي - الحوثي: هل هو تحول استراتيجي أم تغيير في ...
- التصعيد الإسرائيلي في سوريا: بين الخوف من فقدان احتكار الدور ...
- بعد ان اصبح للرئيس ابو مازن نائبا: هل تستطيع السعودية ان تفر ...
- الحل وطبيعة السلطة الفلسطينية القادمة
- ماذا وراء الاصرار الامريكي على منع ايران من امتلاك سلاح نووي ...
- صفعة ترامب على خد بيبي وانفتاح المستقبل على كل الاحتمالات
- ترامب الذي يصعد مع حلفائه كيف سيكون مع خصومه؟؟
- على ضوء تصور معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي لنموذج الدو ...
- اسرائيل مطلقة اليدين ..... تنفذ مخططاتها دون اعتبار لاي طرف ...
- تنفيذ خطة اعمار غزة بين رؤية ترامب للعالم الجديد وبين الشروط ...
- نجاح قمة القاهرة مرهون بوعي القدرة على التأثير، وعدم اضعاف ا ...


المزيد.....




- طعن وإشعال نار وصراخ أطفال.. إليكم ما حدث بجريمة مروعة ارتكب ...
- بريطانيا تعيد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بعد قطيعة دامت 1 ...
- بريطانيا تعيد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا في أول زيارة منذ ...
- بريطانيا تعيد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا والشرع يلتقي وزي ...
- 24 قتيلا وعدد من المفقودين جراء فيضانات تكساس الأميركية
- مناقشات مكثفة في إسرائيل قبل ساعات من توجّه نتنياهو إلى واشن ...
- جنوب لبنان.. قتيل وجرحى إثر قصف إسرائيلي استهدف سيارة
- بالفيديو.. استعراض مسلح وسط بيروت يثير الجدل
- ترامب وميلانيا والقاذفة السوداء.. فيديو التحية يشعل -إكس-
- حزب الله يوافق على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - لماذا يصر ترامب على تسويق ضرباته لمنشآت ايران النووية على انها دمرت البرنامج النووي الايراني؟؟