أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - غزة على أعتاب تهدئة... وفلسطين في مهبّ صفقة كبرى














المزيد.....

غزة على أعتاب تهدئة... وفلسطين في مهبّ صفقة كبرى


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 13:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما يلوح اليوم ليس نهاية الصراع، بل نهاية شكلٍ من أشكاله. قد تتوقف الطائرات عن القصف، لكن الحصار سيستمر. وقد تُفتح المعابر، لكن المشروع السياسي يتجه نحو إغلاق القضية لا حلها. الفلسطينيون أمام مرحلة جديدة من تصغير المسألة الوطنية إلى نزاع حدودي في الضفة، أو حتى نزاع بلدي على "صلاحيات"، فيما تُبتلع الأراضي ويُعاد تشكيل وعي الأجيال، ما يجعل المعركة المقبلة لا فقط على الأرض، بل على السردية، وعلى مستقبل الهوية، وعلى إعادة تعريف "القضية الفلسطينية" في عقول العرب والعالم.

ملامح "تهدئة" مفروضة بالحديد والنار

رغم هول المأساة واستمرار المجزرة الهمجية التي تطحن غزة منذ أكثر من عشرين شهراً، يلوح في الأفق ما يشبه بوادر التهدئة، أو على الأقل الانتقال إلى مرحلة جديدة من الصراع، أقل دموية لكنها أكثر خطورة على مستقبل القضية الفلسطينية.
فهل هناك ما يبرر بعض التفاؤل؟
وهل هذه المرحلة القادمة ستكون نهاية للإبادة، أم مقدمة لتهجير ناعم وتصفية سياسية محسوبة؟
وهل ما تزال هناك قدرة لدى قوى المقاومة، وعلى رأسها إيران، للعب أدوارها؟
وماذا عن العرب، هل ما زالوا على عهدهم بفلسطين، أم أن السلام الإبراهيمي أصبح الخيار الوحيد على الطاولة؟

أولاً، دواعي التفاؤل المشروط

نعم هناك مؤشرات تدفع إلى الاعتقاد بأن الحرب قد تكون اقتربت من نهايتها، ولكن هذا التفاؤل نسبي، هشّ، ومشروط:
* انتهاء الأهداف المعلنة للجيش الإسرائيلي، أو بالأحرى وصوله إلى سقف ما يمكن تحقيقه بالقوة. فمع سيطرة شبه كاملة على القطاع، ومع خسائر بشرية متزايدة في صفوف جنوده، باتت القيادة العسكرية تميل إلى التهدئة بدل الإطالة.

* تحول في الحسابات الأمريكية، حيث باتت واشنطن تنظر إلى غزة بوصفها جزءاً من معادلة إقليمية كبرى، تطبيع، استقرار، صفقات اقتصادية، واحتواء إيران. لم تعد الأولوية لرهائن أو معابر، بل لرسم خريطة جديدة للمنطقة.

* الضغط الشعبي داخل إسرائيل، لم يعد من عائلات الرهائن فقط، بل من عائلات الجنود والضباط الذين يسقطون تباعاً، في حرب بلا نهاية ولا أفق.

* أزمة نتنياهو الشخصية والسياسية، الذي يبحث عن مخرج مشرّف من المأزق، يجنّبه المحاكمة أو الإطاحة، ويضمن له موقعاً سياسياً قوياً في أية انتخابات مبكرة.

* دور ترامب المتزايد، حيث تحوّل إلى مايسترو فعلي للعبة الإقليمية، يقدم الحماية لنتنياهو مقابل تمرير "الصفقة الشاملة"، التي تشمل هدنة، إعادة تأهيل السلطة، وتطبيع عربي بلا ثمن فلسطيني.

كل هذه العوامل تدفع نحو صفقة أو تهدئة، لكن تنفيذها يمرّ عبر ألغام كثيفة: تناقضات داخل حكومة الاحتلال، جنون المستوطنين والوزراء الفاشيين، معضلة الرهائن، والمعارضة المتزايدة لأي تنازل، حتى ولو شكلي، للمقاومة الفلسطينية.

ثانياً، هل يمكن أن تستمر الإبادة إلى أجل غير مسمى؟

نعم، وإن كان ذلك بصيغة جديدة. الإبادة الجماعية المباشرة قد تتراجع، لكن سياسات الخنق والتجويع والتدمير الممنهج قد تستمر، وتُفضي تدريجياً إلى تهجير قسري غير معلن. فإسرائيل وإن فشلت حتى الآن في فرض التهجير الجماعي، إلا أن الضغط المتواصل، مع الانهيار الإنساني المستمر، يفتح الباب أمام "النزوح الاختياري"، الذي سيكون عمليًّا تهجيرًا ناعمًا مدروسًا

ثالثًا، إيران ما زالت في الساحة... ولكن بترتيبات جديدة

الهجمة الأمريكية - الإسرائيلية على إيران أنهت دعمها للمقاومة، أو ربما أعادت ضبط إيقاعه، لا ندري. ولكن ما نعلمه هو أن القدرات العسكرية للمقاومة في غزة لا تزال قائمة، ما يشير إلى منظومات التصنيع المحلية المتطورة.


رابعاً، التطبيع دون فلسطين... واقع لا افتراض

مبادرة السلام العربية أصبحت حبراً على ورق. التطبيع، أو "السلام الإبراهيمي"، لم يعد مشروطًا بدولة فلسطينية مستقلة. فالعواصم العربية الكبرى باتت تتحدث عن "فرص اقتصادية"، "تحالفات أمنية"، "شراكات استراتيجية"، فيما تتقلص القضية الفلسطينية إلى مجرد ملف إنساني أو أمني.

السلطة الفلسطينية، بدلاً من أن تكون رأس الحربة في رفض هذه التوجهات، يُعاد تأهيلها اليوم لتلعب دوراً وظيفيًاأمنيًا في خدمة "مرحلة ما بعد غزة"، بلا رؤية وطنية أو مشروع سياسي.

نهاية فصل لا نهاية قضية

ما يلوح اليوم ليس نهاية الصراع، بل نهاية شكلٍ من أشكاله. قد تتوقف الطائرات عن القصف، لكن الحصار سيستمر. وقد تُفتح المعابر، لكن المشروع السياسي سيتجه نحو إغلاق القضية لا حلها. الفلسطينيون أمام مرحلة جديدة من تصغير المسألة الوطنية إلى نزاع حدودي في الضفة، أو حتى نزاع بلدي على "صلاحيات"، فيما تُبتلع الأراضي ويُعاد تشكيل وعي الأجيال.

المعركة المقبلة ليست فقط على الأرض، بل على السردية، وعلى مستقبل الهوية، وعلى إعادة تعريف "القضية الفلسطينية" في عقول العرب والعالم.

غزة اليوم تنزف، لكن لا تزال تقاوم. أما فلسطين، فعليها أن تستعد لمعركة أشد تعقيداً، وأطول نفسًا، قد لا يكون فيها دخان القصف، لكن نارها تكمن في اغتيال الرواية، وسرقة التاريخ، وتحويل النضال إلى مجرد فصل عاطفي من الماضي.
يبدو لي أن المصير الحقيقي لفلسطين مرهون بالوعي، وبقدرة شعبها وأمتها على إدراك أن أخطر ما يتهددهم اليوم، ليس فقط القصف أو الجوع، بل صفقة كبرى تبتلع الجغرافيا والتاريخ معاً، وتقدّم التطبيع بديلاً عن التحرير.

هل الفلسطينيون مستعدون لصراع الرواية؟
هل سيتملكون رؤية تتجاوز اللحظة الدامية نحو مشروع وطني جامع؟
الأسئلة مفتوحة، والإجابة... بيد الشعوب.

غزة تنزف، لكنها لا تقاوم. أما فلسطين، فعليها أن تستعد لمعركة أشد تعقيداً، وأطول نفساً، قد لا يكون فيها دخان القصف، لكن نارها تكمن في اغتيال الرواية، وسرقة التاريخ، وتحويل النضال التحرري إلى مجرد فصل عاطفي من الماضي.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع ملفّق وعنصري
- المطالبة بفرض العقوبات على النظام ووقف المساعدات
- المواجهة التاريخية بين مشروعين
- الرد الإيراني على العدوان الأميركي
- إيران، من دولة محاصرة إلى نظام مخترق
- المواجهة الغربية الإيرانية: رهانات تغيير نموذج الحكم، وعوامل ...
- اسرائيل تعتدي على إيران بالوكالة
- مسار الصراع بين مشروعين
- من تحييد مصر إلى العدوان على إيران: معركة اقتلاع روح المقاوم ...
- المغزى السياسي والاستراتيجي من المواجهة العسكرية بين إيران و ...
- الكيان الصهيوني يتفكّك: فما هي الأسباب البنيوية والعوامل الم ...
- تشوّه البنية الكولونيالية وتحوّلاتها الاقتصادية والسياسية
- أمريكا هي الطاعون
- المسؤولية الشعبية في الصراع الفلسطيني الصهيوني وضرورات قلب ا ...
- قيس سعيّد وسياسة اللّيل
- دولة السبعين عامًا: بيروقراطية المصالح وصراع الطبقات في تونس ...
- مفهوم -الكتلة التاريخية- بين أنطونيو غرامشي والتلقي العربي: ...
- في جوهر سؤال محمد لخضر الزغلامي: نحو نظرية عملية لتنظيم الطب ...
- أوروبا المتأرجحة بين العجز والمراوغة، ما الذي غيّر موقفها من ...
- النهضة أسقطتها جرائمها


المزيد.....




- رد حازم من ترامب على احتمال إعادة تفعيل إيران لبرنامجها النو ...
- ترامب يرجح التوصل إلى اتفاق بشأن غزة الأسبوع المقبل
- ترامب يعرب عن استيائه بعد مكالمة مع بوتين
- القسام تؤكد قتل جنود إسرائيليين في عملية بخان يونس
- ترامب: إيران لم توافق على التفتيش والتخلي عن تخصيب اليورانيو ...
- تغير المناخ يضاعف موجات الحر.. كيف تتأثر أفريقيا؟
- العمود الزلق.. تقليد إنكليزي سنوي غريب يتحدّى الشجاعة ويُشعل ...
- الإمارات.. مستشار رئاسي يبين ما تحتاجه المنطقة بتدوينة -المن ...
- بعد رد حماس.. ترامب -متفائل- بشأن وقف إطلاق النار في غزة الأ ...
- -لا أعرف من يمكن الوثوق به-، دروز سوريا قلقون من التهميش ما ...


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - غزة على أعتاب تهدئة... وفلسطين في مهبّ صفقة كبرى