أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وسيم وني - المساعدات الإنسانية بين القانون الدولي وممارسات الاحتلال غزة نموذجًا..















المزيد.....

المساعدات الإنسانية بين القانون الدولي وممارسات الاحتلال غزة نموذجًا..


وسيم وني
كاتب

(Wassim Wanni)


الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 12:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم: د. وسيم وني / عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين

في مشهد يجسد عمق المأساة التي يعانيها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، لم تأتِ الكارثة فقط من السماء، بل امتدت إلى الأرض، حيث تحوّلت المساعدات الإنسانية إلى مصائد للموت ، فقد نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية شهادات صادمة لجنود الاحتلال، أقرّوا خلالها بتنفيذ أوامر مباشرة بإطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين أثناء انتظارهم للحصول على الغذاء في شمال القطاع.

تُشكّل هذه الشهادات المروعة، والتي وُصفت بأنها "إدانة ذاتية غير مسبوقة"، تطورًا بالغ الأهمية والخطورة، ليس فقط على المستوى الإنساني، بل على المستوى السياسي والقانوني أيضًا، إذ لم تعد الصورة قابلة للتأويل أو الغموض نحن الآن أمام سياسة مكتملة الأركان، تستخدم التجويع كوسيلة حرب، وتحوّل نقاط الإغاثة إلى ساحات إعدام جماعي بأبشع صور الإجرام على مر العصور.

"أُمرنا بإطلاق النار"... عندما يصبح الجوع هدفًا عسكريًا"

أُمرنا بإطلاق النار على كل من يقترب من الشاحنات"، هذه العبارة التي وردت على لسان أحد الجنود لا تحتمل اللبس فيها فهي تشكل اعتراف علني بالمجزرة وفق ما نقلته الصحيفة، لم يكن إطلاق النار ردًا على خطر، بل تنفيذًا لتوجيهات عسكرية مسبقة، ما يكشف أن ما جرى لم يكن "تجاوزًا فرديًا"، بل سلوكًا مؤسسيًا ينبع من رأس الهرم العسكري الاسرائيلي الذي يمارس الإبادة الجماعية في غزة .

المدنيون الجوعى الذين أنهكتهم آلة القتل اندفعوا صوب شاحنات الإغاثة بحثًا عن كسرة خبز وُوجهوا بالرصاص الحي والرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون ولم تفرق آلة القتل بين كبير أو صغير وحتى بين رجل أوإمرأة ، هذه الوقائع إذا ما تمت مقارنتها بالمعايير القانونية الدولية، تصنّف دون تردد على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تُمارس ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل.


المنظور القانوني: الإدانة واضحة
وفق القانون الدولي:
• يُعد القتل العمد للمدنيين جريمة حرب بموجب المادة (8) من نظام روما الأساسي.
• تعتبر اتفاقية جنيف الرابعة في مادتها (147) أن القتل المتعمد انتهاك جسيم يستوجب الملاحقة.
• كما تحظر المادة (54) من البروتوكول الإضافي الأول استخدام التجويع كسلاح.

كل ما نراه اليوم في غزة هو تجسيد لهذه الجرائم مجتمعة، فالمساعدات، التي من المفترض أن تكون طوق نجاة لأبناء شعبنا الفلسطيني، أصبحت تستخدم كشرك قاتل، وتحوّل المدني الجائع إلى "هدف مشروع" في عُرف وعقيدة جيش الاحتلال.


"غزة خارج القانون": اعتراف عنصري بنظام فصل دموي

إحدى الشهادات التي نشرتها الصحيفة نُقلت عن جندي يقول: "غزة مكان بقواعد مختلفة، لا تطبّق فيها قوانين الحرب". هذا التصريح لا يمكن عزله عن السياق العام لعقيدة وممارسات الاحتلال، الذي يُمارس فصلًا عنصريًا ممنهجًا، ويُجرد شعبنا الفلسطيني من أي حماية قانونية، في خرق فاضح للمادة (7) من نظام روما الأساسي.

كما أن وصف المدنيين بأنهم "قوة مهاجمة" يُذكّر بممارسات مرعبة من تاريخ الإبادة الجماعية في البوسنة ورواندا، حيث كان الضحايا يُجرّدون من إنسانيتهم أولًا، ثم يُستباح دمهم باسم "الردع" و"الأمن".

غياب التناسب وتعميم القتل

تؤكد الشهادات استخدام أسلحة ثقيلة ضد المدنيين المتجمهرين، في انتهاك واضح لمبدأ التناسب الذي يشكّل حجر الزاوية في القانون الدولي الإنساني. لا يمكن لعاقل أن يقبل بأن إطلاق النار العشوائي على الجوعى يمكن تبريره تحت أي مسمى، وهو ما يجعل هذه الوقائع جرائم لا تسقط بالتقادم.


من الإفلات إلى المطالبة بالمحاسبة

الخطير في هذه الاعترافات، كما نشرت الصحيفة، أن الجنود لم يواجهوا أي مساءلة داخلية، ما يعكس موافقة ضمنية وربما دعمًا علنيًا من قياداتهم ، هذه الثقافة المتجذرة في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، تشكّل بيئة خصبة لاستمرار الجرائم، في ظل صمت دولي يُعبّرعن انهيار أخلاقي وسياسي لنظام العدالة الدولي وخاصة عندما يتعلق الأمر بشعبنا الفلسطيني.


دعوة مفتوحة للمحكمة الجنائية الدولية

أمام هذه الأدلة الصريحة، لم يعد هناك مجال للتأجيل أو التردد فالمطلوب اليوم من المحكمة الجنائية الدولية:
• فتح تحقيق فوري وشامل استنادًا إلى الشهادات المنشورة.
• إصدار مذكرات توقيف دولية بحق المسؤولين عن السياسات العسكرية في غزة.
• تفعيل الولاية القضائية العالمية في الدول التي تتيح ذلك.
• ورفض ازدواجية المعايير في التعامل مع جرائم الحرب.
إن عدم محاسبة الجناة في غزة لا يعني فقط تواطؤًا دوليًا، بل إنه يشكّل تهديدًا وجوديًا لفكرة العدالة كما عرفناها بعد الحرب العالمية الثانية.

حين يتحوّل الخبز إلى هدف عسكري
في غزة اليوم، تُسلّح إسرائيل الطعام، وتُجرّم الحياة، وإن لم يتحرك العالم الآن، فلن تكون غزة آخر الأماكن التي تتحوّل فيها المساعدات إلى مقابر مفتوحة.

وأختتم مادتي بأن ما ورد في الشهادات الصادرة عن جنود من جيش الاحتلال لا يُعد مجرد روايات شخصية أو سلوكيات معزولة، بل يمثل اعترافًا موثقًا بسلوك ممنهج ينطوي على انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ، هذه الأفعال من استهداف المدنيين العزّل خلال تسلّم المساعدات، إلى استخدام القوة المفرطة، إلى سياسات التجويع الممنهج تشكّل عناصر مكتملة الأركان لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي واتفاقيات جنيف.
أمام هذا الواقع، لا يجوز أن يبقى المجتمع الدولي في موقع المتفرج. فالصمت لا يبرر فقط استمرار الانتهاكات، بل يمنحها شرعية ضمنية، وعلى المحكمة الجنائية الدولية، ومعها مؤسسات العدالة الدولية، أن تمارس اختصاصها دون تردد، وأن تعيد الاعتبار لمبدأ عدم الإفلات من العقاب، الذي يُعد حجر الزاوية في النظام القانوني الدولي.
ومن هذا المنبر نناشد المحكمة الجنائية الدولية، ومجلس حقوق الإنسان، وكافة الهيئات القضائية المختصة، بضرورة فتح تحقيق دولي مستقل وعاجل في هذه الجرائم الموثقة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمساءلة المسؤولين عنها سواء من أصدروا الأوامر أو من نفذوها وفقًا لأحكام القانون الدولي.
كما وندعو الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي إلى تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية، وعدم التذرع بالاعتبارات السياسية على حساب العدالة الإنسانية.
إن غزة، اليوم، لا تطالب فقط بالنجدة الإنسانية، بل بالمحاسبة القانونية على الإبادة الجماعية بحق شعبنا الفلسطيني فالتاريخ لا يُكتَب بالبيانات، بل بالأحكام القضائية العادلة التي تُنصف الضحايا وتُرسي معايير الردع وتوقف جرائم الاحتلال.



#وسيم_وني (هاشتاغ)       Wassim_Wanni#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في يوم الأسير الفلسطيني لابد للقيد أن ينكسر مهما طال أمد الا ...
- اسرائيل الكيان الخارج عن القانون
- إنهاء الأونروا تمهيد لتصفية القضية والعمل بصفقة القرن مع عود ...
- هل تشهد المنطقة بداية النهاية للحرب؟..
- عداد الموت والدمار في غزة لا يتوقف مع استمرار المجازر اليومي ...
- الفلسطيني يتحدى آلة الموت الإسرائيلية ويتمسك بأرضه..
- أطفال فلسطين ضحية آلة القتل الإسرائيلية ...
- مجزرة الخيام هولوكوست فلسطين.
- عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة بين المساومة الإسرائيلية ...
- قرار مجلس الأمن هل سيلتزم الاحتلال بهذا القرار ويوقف الإبادة ...
- العميل الصامت... في عصر الذكاء الاصطناعي...
- تصفية -الأونروا - الشاهد على النكبة الفلسطينية والبحث عن بدا ...
- مائة يوم من المجازر الإسرائيلية ومازال نزيف الدم الفلسطيني م ...
- الإبادة الجماعية بحق شعبنا الفلسطيني لن تكسر صموده
- مستشفى المعمداني في غزة عُمدت بدماء شعبنا الفلسطيني
- القدس والأقصى في دائرة الخطر
- وسائل التواصل الاجتماعي ...عندما تُستخدم في التضليل الإعلامي
- سياسية القتل والإجرام الإسرائيلية تثبت فشلها من جديد ..
- انتهاكات وجرائم المستوطنين لن تزيد شعبنا إلا إصراراً على الت ...
- المواقف.. تكشف خبايا المشاعر وتُسقط الأقنعة


المزيد.....




- سوريا.. ضجة شعار شركة مشروبات روحية وقربه من الشعار الجديد ل ...
- مصدر يكشف لـCNN الجدول الزمني لمقترح وقف إطلاق النار بين إسر ...
- المحكمة العليا البريطانية تؤيد حظر منظمة -فلسطين أكشن-
- ما رسالة إثيوبيا من دعوة مصر والسودان لحفل افتتاح سد النهضة؟ ...
- قتلى ومفقودون جراء سيول مفاجئة في تكساس الأميركية
- هل باتت الأزمة بين إسرائيل وحماس من الماضي؟
- ترامب وزيلينسكي يبحثان الدفاعات الجوية لأوكرانيا وسط تصعيد ر ...
- هل انتهت حقبة العمل عن بعد؟
- موسم اصطياف جديد مهدد في اليونان بسبب حرائق الغابات
- فيديو.. سحابة سامة قرب مدريد وتحذير من مغادرة المنازل


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وسيم وني - المساعدات الإنسانية بين القانون الدولي وممارسات الاحتلال غزة نموذجًا..