|
مع الكاتب والمفكر الأرمني السوري آرا سوڤاليان
عطا درغام
الحوار المتمدن-العدد: 7877 - 2024 / 2 / 4 - 23:40
المحور:
مقابلات و حوارات
مع الكاتب والمفكر الأرمني السوري آرا سوڤاليان الأستاذ آرا سوڤاليان كاتب وباحث ،ومن أشد المدافعين عن القضية الأرمنية ،وهو أرمني سوري يعيش في دولة قطر ،ولقاء معه حول القضية الأرمنية والأرمن في قطر. ــــ كيف يمكن الدعوة لفتح الأبواب أمام حوار تركي أرمني جديد يقود إلى وضع حد لهذه المأساة»...؟ ــــ الحد الأدنى الذي سينال موافقة الأرمن أن تكون هذه الدعوة موجهة من قبل الشرعية الدولية "الأمم المتحدة" لماذا اعتبرت الحكومات التركية السابقة التعامل مع الملف الأرمني حتى الأمس القريب « تابو» محظورًا وغير قابل للنقاش...؟ ــــ تركيا تحاول اللحاق بالركب المتقدم ،وتحاول التمدد والتوسع والظهور بمظهر الدول العظمى ،فهي مثلاً تحاول التوسط لحلّ مشكلة أوكرانيا...وفي الحقيقة فإن اقتصادها متهالك وعملتها تفقد قيمتها الشرائية يومًا بعد يوم، وكل حكومات تركيا السابقة تتعامل مع القضية الأرمنية كتابو محظور لأن الاعتراف ولو كان في الحدود الدنيا سيكلف تركيا تنازلات فهي، ليست في معرض التفكير بالتنازل عن أراضٍ محتلة ،ولا بدفع أي تعويضات لضحايا الإبادة التي نفذها الأتراك بحق الأرمن ؛لأن ذلك إن حدث فهو سيحدّ من نظرتها التوسعية ومساعيها في التطور والتعملق ،حتى ولو كان وهميًا ،ولأنه لا توجد مواد أولية لإنجاز هذا المنتج (الاعتراف بالإبادة) فمن الأفضل التنكر للقصة كلها وكأنها لم تحدث . لماذا استهدف الأتراك إبادة عرق الأرمن..؟ ــــ تم توريط السلطنة العثمانية للدخول كطرف في الحرب العالمية الأولى، ورفض النواب الأرمن في مجلس" المبعوثان" هذا التورّط وحذّروا منه على مبدأ "رحم الله امرءًا عرف قدر نفسه" ،فالجيش مهلهل وفاسد من الرأس إلى الجذور والجنود يُساقون الى الحرب بالسوط والضرب، وحالات الفرار لا تحصى بسبب انعدام الروح الوطنية في كل القوميات التي تهيمن على شعوبها السلطنة العثمانية حتى في الأتراك، والحرب العالمية تحتاج لمصانع سلاح وهي غير متوفرة في السلطنة، وظنّ إمبراطور ألمانيا العظمى "ڤيلهالم الثاني" أن كل العالم الاسلامي يُدين بالطاعة والولاء للسلطان العثماني، الذي إن أعلن الجهاد المقدس فسينقلب كل مسلمي العالم على فرنسا وبريطانيا، وتم إعلان الجهاد المقدس ولكن الانقلاب المأمول لم يحدث بالمطلق. كانت هناك جيوش متطوّعة من مسلمي الهند وباكستان وكل البلاد التي تنوء تحت الاحتلال العثماني والأرمن منهم ومعظم أبناء الوطن العربي والمساندين للعثمانيين في شرق أوروبا وكل المستعمرات الفرنسية في أفريقيا ،وكل هؤلاء تم تطويعهم في جيوش الحلفاء، وتم تدريبهم على القتال وتسليحهم ،فحاربوا تحت قيادة الحلفاء وتوقع :فيلهالم الثاني" أن إعلان الجهاد المقدس سيؤدي بهؤلاء للتمرد على فرنسا وبريطانيا ولكن لم يتمرّد ولا حتى جندي واحد. وكان أسياد المال في العالم كله، وهم حكام العالم الفعليون يستخدمون الذهب والماس والفضة والبانكنوت العائد لهم في إدارة الحرب من برلين وتمويل جيوش القيصر لأنهم بالأساس هم من دفع بالقيصر إلى إعلان الحرب طمعًا في المجال الحيوي الذي يمتد من حدود ألمانيا وحتى موسكو ،وكانوا يحشدون الماسونيين في كل جنبات الأرض لتنفيذ خططهم وأوامرهم...وكانت تكاليف الحرب الأولى أرقامًا خيالية خاصة ،وأن العالم كان يتعامل بالذهب. ودخل القيصر الروسي بجيشه إلى صاريقاميش، وخرج الجيش الثاني بقيادة أنور باشا لمقابلته وكان الجيش العثماني غير جاهز وقائده انقلابي عديم الخبرة، والجنود بلا أحذية ولا زحّافات ثلج ولا بطّانيات ولا معاطف ،فضاع نصف الجيش في الخيم وبدون قتال .ففي الصباح كانت كتائب السخرة تسحب الجنود المتجمدين في الخيم إلى قبور جماعية، وكانت حصة الجندي في اليوم الواحد رغيف وستة حبات زيتون، في حين جمع القيصر جيوشه من كل الشعوب الذين كانوا تحت علم القيصرية، ومنهم التتر والتركمان والأذر والچورچيون والبيلاروس والأوكران ومنهم الأرمن الروس وهؤلاء لا ينتمون إلى السلطنة العثمانية، ويحملون الجنسيات الروسية وبيوتهم ونساؤهم وأطفالهم في الجانب الروسي ،ويأتمرون بأوامر القيصر والكوژاك وهؤلاء مزودون بمعاطف الفراء والزحّافات وكانوا يطلقون النار في وضع القفز بالزحّافات والدوران، وانهزم الجيش العثماني الثاني وتمت إبادته، واستطاعت جماعة من الجنود الأرمن العثمانيين إنقاذ وزير الدفاع أنور باشا من الأسر واعترف هو بذلك في مذكراته. ويبدو أن أنور باشا ،وعند التحقيق معه عن سبب الهزيمة قال :"تعرضنا لخيانة فادحة من الأرمن"، ولم يقل أنه خرج للحرب بدون تجهيز الجيش وبدون ملابس ولا مؤونة ولا زحّافات ولا دفء وبعزائم خائرة ومعنويات سيئة، وبأعداد قياسية من مجندي الفرار أو الهروب الجماعي، وأرسل حزب الاتحاد والترقي مندوبين إلى الأحزاب الأرمنية والنوادي والكنائس يطلبون فيها من الأرمن اشياء كثيرة أهمها: أولاً: تأليب الأرمن الروس ليقتلوا قيصرهم ويحاربوا مع الدولة العثمانية ضد روسيا ثانياً: تشكيل طابور خامس يخترق خطوط العدو ،وينفذ إلى المؤخرة ويمارس عمليات تفجير وتطويق وقتل ضد الروس. وكان جواب الطلب الأول: لا ينصاع الأرمن الروس لرغبات الأرمن العثمانيين، وليس للأرمن العثمانيين أي سلطة على ارمن روسيا. أما جواب الطلب الثاني فكان سؤال هو التالي: من من؟؟؟ سيتم تشكيل هذا الطابور!!!...وكان الجواب من شبابكم شباب الأرمن...فقالوا للمندوبين: كل شبابنا عندكم في خدمة العلم بسبب النفير العام، وليس في البيوت إلا العجائز والنساء والأطفال وهؤلاء لا يمكنهم عمل طابور لا خامس ولا سادس. وفي اليوم التالي: لم يبق أحد إلّا وضرب بيوت الأرمن بالحجارة والكل يردد (أرمن كاوور...أي الأرمن كفّار) و (أرمن خاين...أي الأرمن خونة)، وزحفت كتائب الملائكة من الأكراد ونُهبت بيوت الأرمن وسبت نساؤهم وأطفالهم ولم يفطن أحد ليسأل أنور باشا: هل اخترق الأرمن العثمانيون ظهوركم واجتازوا الجيش الثاني وانضموا إلى القيصر وحاربوا معه ضدكم؟ ويبدوا أنه حتى ولو تم طرح هذا السؤال فإن لا أحد يرغب الاستماع إلى الجواب. وكانت الإبادة قدر لا بد منه خاصة ،وأن الأرمن اكتشفوا أنه تم تجريد شبابهم من السلاح ،وقُتلوا ودفنوا في مقابر جماعية، وفي محاولة يائسة هرب بعض الشباب الأرمن من الموت وشكّلوا جماعات من الفدائيين لم تكن فاعلة ولا مؤثرة بسبب قلة العدد وندرة السلاح...وأبرق الأتراك لحلفائهم الألمان، وأبلغوهم بأن الأرمن قاموا بثورة...وبدأ حكام الأرض بإكتشاف الحقيقة وأدركوا أنهم اعتمدوا على من لا يُعتمد عليهم، وأن المركب بدأ بالغرق ومعه أطنان الذهب والفضة والأحجار الكريمة وأوراق البنكنوت التي وضعت كلها تحت إمرة دول المحور ،وأهمهم ألمانيا والسلطنة العثمانية، وكانت ثورة الأرمن خطرة جداً لأنها داخل السلطنة وليست كثورة الشريف حسين التي كانت في الحجاز. وأمر المراهنون الماسون ويهود الأشكيناز وأصحاب صناديق روتشيلد على كل ثرواتهم، وكلّفوا أعوانهم يهود الدونما طلعت وأنور وجمال باشا السفاح عبر محفل سالونيك بتنفيذ الإبادة ضد الأرمن. وتابع القيصر زحفه، ووصل إلى ڤان وكانت مدينة أرض محروقة وجثث المدافعين الأرمن قد وصلت إلى مستوٍ أعلى من الستائر الدفاعية، وصل القيصر ولكن بعد فوات الأوان، وتابع حتى مدينة سامسون على سواحل البحر الأسود، وتم تهديده وطلب منه التوقف ،ولكنه رفض وقال سأتوقف في إستنبول...فدبروا له انقلاب في موسكو، وكان يترك هناك زوجته وأولاده الخمسة، فعاد إلى موسكو وتم قتله وقتل أفراد عائلته كلهم، أما تتمة القصة فلقد تم حل الجيش الأرمني الفتي وتم تقويض استقلال جمهورية أرمينيا الأولى 1918 – 1920 وزج بكل قادته في السجن فماتوا، ووهب الشيوعيون 120 الف كم مربع من الأراضي الأرمنية المحررة غلى تركيا، وتنكّر الأتراك لمعاهدة "سيڤر" وخارطة "وودرو ويلسون" التي ترسم حدود أرمينيا الغربية، ونام الجميع تحت ظلال الستار الحديدي السوڤياتي وتحمّل الشعب الأرمني الكارثة وتم قتل 75% من الشعب الأرمني فيم تتفق ؟ وفيم تختلف الحالتين ( الهولوكست اليهودي والچينوسيد الأرمني)؟ ــــ أنا لا أجد نقاط اختلاف بين الحالتين بل نقاط اتفاق ــــ ففي الحالتين ينهض مجنون يأخذه جنون العظمة ويتحوّل إلى ديكتاتور يرتكب مجازر بحق العباد، وتزيد فرص النجاح في مسعاه لأنه لم ولن يلقى مساءلة من أحد ، ولا بد أن أهم نقاط التوافق أن وقود الهولوكوست من اليهود ووقود الچنوسيد من الأرمن كانوا يموتون دون أن يدركوا السبب الموجب لقتلهم. فهتلر المجنون كان يعتبر أن هزيمة الرايخ سببها يهود ألمانيا الذين تمّ اعتقالهم، والذين ورّطوا القيصر بالحرب ثم سحبوا البساط من تحت قدمية وصار المارك الألماني لا يساوي قيمة الورق الذي يتكوّن منه، واستمر في الهولوكوست حتى أيامه الأخيرة، مع أنه كان يدرك أن يهود ألمانيا الذين تم اعتقالهم وعُرضوا على أفران الغاز لا علاقة لهم لا بالعير ولا بالنفير، ولو أن الفرصة سنحت لهم لهربوا إلى أميركا ولم يخطر في بالهم أن هتلر سينتقم منهم بعد عشرين سنة من انهيار ألمانيا القيصرية...أما اليهود الفاعلين والمؤثرين، والذين يريدهم هتلر فلقد حزموا حقائبهم وصناديق ذهبهم وشحنوها إلى نيويورك وشكلوا من هناك ألف ذراع فولاذية ومستعمرة ماسونية بذهب أثريائهم، لا يقوى على معاكستها أحد. كيف تري مستقبل القضية الأرمنية بعد مرور كل هذه السنوات...؟ أراه بعبارات بليغة وردت في متن اللغة العربية وهي "لا يضيع حق وراؤه مُطالب" "ولو أنها دامت لغيركم ما وصلت إليكم" " وبين غمضة عين وانتباهتها***يبدل الله من حالٍ الى حالِ" بم تفسر نشاط أرمن الشتات في القضية الأرمنية أكثر من الأرمن الذين يعيشون في أرمينيا...؟ أرمن أرمينيا الشرقية أو الأرمن السوفيات عاشوا أكثر من سبعين سنة في ظل الستار الحديدي وعانوا الترويع والنفي إلى سيبيريا وساخالين، ونجح السوڤيات في كبح طموحاتهم وأمانيهم، ودفعوا ما دفعوا من اجل الاستقلال ،وخاب أملهم بعد أن وهب البلاشفة كل أرمينيا الغربية للأتراك، وتم زجّ أبنائهم في الخطوط الأمامية في كل معارك الاتحاد السوڤياتي، ودفعوا من دماء أبنائهم أكثر من حصتهم بكثير. وبعد الاستقلال فُرضت عليهم حرب أرتساخ الأولى ،ولقنوا الأذريين دروساً معتبرة ولكنهم لم يتمكنوا من استرداد متر واحد من أراضي أرمينيا الغربية الضائعة ،ولا استطاعوا استعادة أرتساخ بكاملها ولا ناخيتشفان الذين سلخهما ستالين من جسد أرمينيا ووهبهم للأذر...وكالغريق الذي يرفع رأسه ليستنشق القليل من الهواء، تم ضرب رأس أرمينيا بهراوة حديدية في حرب أرتساخ الثانية ،فلقد اتحد العالم كله ضد الأرمن (أذربيجان وتركيا وإسرائيل وأفغانستان ودواعش سوريا والعراق وروسيا التي حجبت عن الأرمن شفرة إطلاق الصواريخ حتى الدفاعية ،وزودت الأذر بها وباعتهم سلاح حديث، وأميركا التي دارت ظهرها للأرمن)، واضطرّوا إلى عمل توسعة في مقابر الشهداء لتتسع إلى 6000 شهيد جديد، نحن نجد لهم الأعذار، فلقد فعلوا منذ الإبادة وحتى اليوم أقصى ما يمكنهم، ويجب أن يلتقطوا أنفاسهم لا أن يقع عليهم اللوم...أما أرمن الشتات فهم شتات ،وليس بيدهم أن يفعلوا شيء فالأمور كلها محسومة ويبدو أن لأسياد العالم طرق في تنفيذ إرادتهم وهم المسيطر الوحيد على كل الأرض وما يحيط بها...ومقارعتهم توصل إلى نفس النتائج التي وصل إليها الأرمن من بداية مصائبهم وحتى اليوم. ما تعليقك علي الأحداث في كارباغ؟ وهل تؤيد ما انتهت إليه الأحداث في كاراباغ..؟ لنفترض وجود شارع كبير في مكان ما من الأرض وله رصيفين، رصيف على اليمين ورصيف على اليسار، ويحتشد كل أرمن العالم على الرصيف اليمين وكل شعوب الأرض الآخرين على الرصيف اليسار، ويصرخ الأرمن من على الرصيف اليمين: أرتساخ لنا اسألوا السيد المسيح والحوارييّن...من أرتساخ نشرنا الديانة المسيحية في أرجاء المنطقة وجعلنا من الچورچيين مسيحيين ،وأيضاً جعلنا من الروس مسيحيين، وكنا أول المسيحيين وقبل روما عاصمة المسيحيين. ــــ ويأتينا الصراخ من الرصيف الثاني ...اصمتوا أنتم كاذبون ! ويصرخ أصحاب الرصيف اليمين اسألوا الكنائس والأديرة في أرتساخ فلقد بنيناها وحملنا حجارتها على ضهورنا منذ بدايات المسيحية ــــ فيأتيهم الجواب لا أبداً هذه أرض أذرية ،وهذه كنائس أذرية وأديرة أذرية وأنتم كذّابون! ــــ فيقول أصحاب الرصيف اليمين...أذربيجان لم تكن معروفة قبل الاتحاد السوڤياتي وعمرها الآن لا يزيد عن المائة سنة، وعمر أميركا لا يزيد عن الخمسمائة سنة وتركيا مثلها، وعمر إسرائيل لا يزيد عن الـ 75 سنة...والآذريون جاءوا كالجراد من صحارى منغوليا وذبحوا الأرمن وأخذوا أرضهم والأتراك قبلهم وفعلوا مثلهم. ـــــ ويأتينا الصراخ من الرصيف الثاني ...اصمتوا أنتم كاذبون ! ــــ ويصرخ أصحاب الرصيف اليمين لينين وستالين هما أصحاب نظرية التمازج الاقليمي بين شعوب الاتحاد السوڤياتي وستالين بالذات هو الذي قطع أرتساخ وناخيتشفان ووهبهما لأذربيجان بعد إبادة سكان الإقليمين، والآن تم شحن أصنام لينين وستالين بالرافعات وأخذت الى المزابل، وتم تفكيك قبر لينين النجس بعد أن كانت لا تتم حفلات الزفاف للشباب إلّا في ظلاله وفي مباركة قبره، فلمذا تتساوى قرارات ستالين ولينين مع المزابل ويتم البصق عليها كلها، ويتم بالمقابل تقديس قرار ستالين المتعلق بارتساخ وناخيتشفان ؟؟؟ ــــ ويأتينا الصراخ من الرصيف الثاني ...اصمتوا أنتم كاذبون ! وبالتالي فلا يمكن إجراء مناقشة حول الموضوع إذا كان جواب العالم كله صراخ من الرصيف الثاني ...اصمتوا أنتم كاذبون ! بالطبع أنا لست راضٍ عن ما وصلت إليه الأمور في أرتساخ ،ولكن من هذا الذي سيهتم لرأيي لطالما أن هناك أنابيب غاز ونفط تذهب من أذربيجان وتجتاز كل أرمينيا وتصعد شمالاً لتدخل إلى الأراضي الچورچية ومنها الى تركيا دون المرور بأرمينيا ولا حتى بشبر واحد...بالطبع سنكون كذّابين وعلى طول الخط. ما مدي مسئولية نظام أردوغان عن سفك الدم السوري..؟ وهل تري فيه تكرار للجرائم العثمانية..؟ ابنتي الكبيرة وهي تدرس الرياضيات العالية هنا في قطر وتأمل بأن يتم إيفادها إلى أميركا لمتابعة تحصيلها العلمي هناك بسبب تفوقها الاستثاني...لديها الجواب على هذا السؤال : لقد كانت بعمر السنتين وربما أقل...جاءت إلى سريري وصارت تقفز وطلبت منها التوقف فلم تتوقف فوقعت وارتطم رأسها بظهر السرير، فبكت واحتضنتها وصرت أضرب ظهر السرير بيدي اليمين، فتوقفت عن البكاء ونظرت بإتجاهي نظرة فيها كل الاستغراب وأشارت بيدها لتفهمني شيء فهمته بسهولة ،فلقد كانت تحاول أن تقول: لماذا تضرب السرير وانا الذي ضربته وليس هو! دعني أخبرك بسر يا صديقي (لقد قتل السوريون بعضهم)...أما الجرائم العثمانية فهي لا تتكرر وبحقوق ملكية لهم وحدهم ولا تخصّ غيرهم. هل تري أن انشغال العالم بالصراع في أوكرانيا أضر بالقضية الأرمنية، وصرف أنظار العالم عن الاعتراف بالإبادة الأرمنية.؟ لا أبداً وبالنسبة لي فلقد شبعنا اعترافات...وكل هذه الاعترافات لم تفيدنا بشيء، ولم تحرك ساكنًا ولن توصلنا إلى حقوقنا، تذكّر موقف المحتشدين على الرصيف اليساري، ولكن أقول أنني لم أتوقع أن يحدث ما حدث على الإطلاق ؛فالشعبان الروسي والأوكراني حاربوا في معركة الوجود معًا والأرمن حاربوا معهم ،وامتزجت دماؤهم جميعًا من موسكو إلى ستالينجراد وحتى برلين عندما زرع أحد الرقباء الأرمن علم الاتحاد السوڤياتي على قبة الرايخستاچ، وبالتالي، فإن الذي حدث هو عار يُطال كل الأطراف المتقاتلة التي لم تهتد الى حلّ أقل همجية من الحل الذي اختارته. هل يمكن للأرمن اللجوء للمحكمة الدولية من أجل الاعتراف بالحق بالمجازر التي ارُتكبت بحق الأرمن..؟ أعتقد أن الأمر وارد ولكن مستبعد، لأن المحكمة الدولية أداة من أدوات اسياد العالم، وهي لا تملك أن تنفذ أحكامها، وبالتالي فإن الفائدة المرجوة معنوية وغير حقيقية، فمصيبتنا تحتاج للحل وليس للحلول المعنوية خاصة وأن هذا الحلّ المعنوي مكلف للغاية. فيجب على الجهة المدّعية دفع التكاليف كلها مقدمًا والآن دعني أهمس في أذنك: ما الفائدة من محكمة لا يتم تنفيذ أحكامها؟ الجواب: مفيدة بقدر فائدة بطاقة الڤيتو التي ترفع في مجلس الأمن. ماذا يعني الاعتراف التركي بالإبادة الأرمنية..؟ هو المقدمة لأمور ستأتي بعد هذا الاعتراف فنحن بالنسبة لنا نعرف ما حدث لشعبنا من ظلم لا تحتمله الجبال أما الطرف الآخر فعليه أن يسير في طريقين: الأول السعي للرفق بضمائر الشعب التركي، تلك الضمائر التي لا تزال تلحّ على أصحابها بأن هناك جرائم مروّعه ارتكبها الأتراك بحق شعب مسالم هو صاحب الأرض الأصلي قبل الغزو والاحتلال، لم يتمَّ التكفير عنها، والكل يدرك (والكل هم من المثقفين والاطباء وأساتذة الحامعات وبمعنى أدق مجموعة تينير أكتشام)، الكل يدرك أن هذا الأمر حجر عثرة يؤدي إلى إختفاء الدرجة الأولى من سلم التطوّر والتحضر الذي يسعى الأتراك جاهدين إلى صعوده للوصول إلى صفوف العالم المتقدم، والكل يعلمون أن هذا الصعود غير ممكن بعد تغييب الدرجة الأولى من هذا السلّم. أما الطريق الثاني فهو طريق النعامة التي تدفن رأسها في الرمل...فتعتقد أنها تخلصت من كل متاعبها ! هل مايحدث في كارباخ من استهداف للأرمن هو استكمال لإبادة الأرمن..؟ نعم فهناك مواقف يندى لها الجبين ،فلقد وقع في يدي ڤيديو فيه شاب أذري يحاول ذبح كهل أرمني ،ولكن هذا الفيديو مقطوع ولم نعرف النتيجة، وهناك حالات كثيرة من الاضهاد الذي وقع على كبار السن في أرتساخ ،وهؤلاء لم يتمكنوا من مغادرة أرتساخ ومنهم من رفض أصلًا ترك أرضه، بالإضافة إلى تدنيس المقابر واقتلاع الشواهد وتكسير الصلبان وعلى مبدأ جئناكم بالذبح، هذه المقولة التي لا بد أن تمجّها البشرية في يوم من الأيام ،وقد ابتلى بها الأرمن منذ الأزل ولغاية اليوم. في الذكري ال107 للإبادة الأرمنية..ماذا تقول للشعب الأرمني...وأيضا للضمير العالمي..؟ صمدت القسطنطينية وحجارتها حتى اليوم وتشرد شعبها في أرجاء الكون ولم يعد إمبراطورها ولكنها لازالت باقية وحجارتها باقية وآجيا صوفيا تشهد على ذلك وكل العالم يدرك الحقيقة ولكنه يملك ألسنة خرساء، أما ما أقوله للضمير العالمي فلقد سبقني غليه سيامانتو إذ قال " أيها الضمير العالمي تعال لأبصق في جبهتك" ــــ هل هناك تواصل بين الأرمن في قطر ؟ وماذا عن أنشطتهم؟ ــــ نعم هناك تواصل بينهم رغم قلة عددهم، أما عن أنشطتهم فهي ثقافية وكالعادة يستأجرون أكبر قاعة حفلات في أفخم الفنادق ويحييون الحفلات في جوّ أرمني تعوّدوا عليه في البلدان التي جاءوا منها ــــ هل يجد الأرمن حرية في ممارسة شعائرهم وأعيادهم في قطر؟ إلى أبعد حد فأنا أتحدث عن ما رأيته هنا في قطر...لدينا مجمع أديان فيه الكثير من الكنائس ورجال الدين ومن كل الطوائف (أرمن وروم كاثوليك وارثوذوكس وبروتيستانت وأقباط ولدينا رجال دين فيليبينيين ورجال دين سُمر من أفريقيا ولغة التفاهم المشتركة للجميع هي الإنجليزية) وكلّهم جاءوا من شتى أرجاء العالم ،وفي المجمع صالات للحفلات وتيراس ضخم تتم فيه الصلاة في العراء ،وللإنسان مطلق الحرية في ممارسة شعائره وتقدم له الحماية التامة وكل الأماكن مكيّفة ومخدّمة بطريقة حضارية لم أرها في أماكن أخرى.
#عطا_درغام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع السفير الأرميني الدكتور أرشاك بولاديان
-
عيوب التأليف المسرحي
-
تشريح العقل الإسرائيلي- السيد يسين
-
صحافة الحزب الوطني1907- 1912(دراسة تاريخية)
-
دراسات في تاريخ العرب الحديث للدكتورأحمد عزت عبد الكريم
-
دراسات في المسرحية اليونانية
-
دور العرب في تكوين الفكر الأوربي للدكتور عبد الرحمن بدوي
-
ظافر الحداد المصري
-
صفحات مصرية
-
صناع السينما:نجوم الزمن الجميل
-
شعر ابن الفارض في ضوء النقد الحديث
-
الفيلم المصري الواقع والآفاق لوليد سيف
-
روضة المدارس
-
سينما المشااعر الجميلة
-
دراسات في الرواية الإنجليزية
-
دراسات في الأدب الصومالي
-
روافد القوة الناعة المصرية- البحيرة في القرن العشرين
-
من رائدات المسرح المصري
-
دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي
-
الشعر في ظلال المناذرة والغساسنة للدكتور عمر شرف الدين
المزيد.....
-
اكتشاف جمجمة فيل ضخمة مدفونة بحديقة منزل.. إلى أي عصر تعود؟
...
-
ماذا نعرف عن التعيينات الجديدة في الحكومة السورية الانتقالية
...
-
البشر وحيوانات الكسلان العملاقة عاشوا معا لآلاف السنين.. اكت
...
-
تركيا تخطط لاستئناف عمل قنصليتها في حلب السورية قريبا
-
السعودية.. تنفيذ حكم القتل في مواطنين أدينا بالخيانة والإرها
...
-
قائد الإدارة السورية أحمد الشرع يستقبل وزير الخارجية التركي
...
-
خبير: الشعور بالوحدة الشكوى الأكثر شيوعا في ألمانيا
-
بوتين: لو لم نطلق العملية العسكرية في أوكرانيا لأجرمنا بحق ر
...
-
مشاهد تكدس الجرحى بممرات مستشفى كمال عدوان جراء قصف الاحتلال
...
-
قاضية أميركية: مجموعة -إن إس أو- الإسرائيلية مسؤولة عن اخترا
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|