أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أفنان القاسم - اديب ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الأدب العربي لم يرق إلى المعلقات وألف ليلة وليلة / أفنان القاسم - أرشيف التعليقات - البرابرة - أفنان القاسم










البرابرة - أفنان القاسم

- البرابرة
العدد: 431926
أفنان القاسم 2012 / 11 / 14 - 19:48
التحكم: الكاتب-ة

(9)
كَبِرْتِ دون إرادتي يا ابنتي
وإرادةِ البرابرة
لم تتمردي لتكبري
لكنكِ كَبِرْتِ
لم تحرقي الدُمى لتكبري
لكنكِ كَبِرْتِ
لم تتعلمي العشق لتكبري
لكنكِ كَبِرْتِ
الأوتوسترادات ملأى بالسياراتِ الذاهبةِ إلى باريس
ولا تكبرُ صفوفُهَا
أبوابُ باريسَ مفتوحةٌ دوما
هل نسافرُ في رحلةٍ للعمرِ تمضي بحديقةِ اللكسمبورغ؟
لم تبحثي عني وأنت في الحيِّ اللاتيني
العيونُ البربريةُ لم تعد تخيفكِ
عيونُ الماءِ في النوافير لم تزل تخيفني
لن أجلسَ على مَقْعَدٍ قربها
سأصعد شارع سان ميشيل لأني لم أزل أحبُّكِ
العيونُ البربريةُ لم تعد تستفزُّكِ
اللوحاتُ في قاعاتِ السوربون لا أحد ينظر إليها
ومنَ الكتبِ تتصاعدُ رائحةُ الحرائقِ التي أشعلها هيغو في القصص
رائحةٌ تذكرني بوادِ الباذان
يوم كنا نحرق قرب مائه أعشابَ الحيرة
حيرةُ ابنٍ كان
واليومَ
حيرةُ أبٍ يجهلُ كيفَ يسيطرُ عليها
ومنَ الكتبِ تتصاعدُ رائحةٌ أخرى
بربرية
رائحةُ كلِّ ملوكِ فرنسا
بينما مراهقٌ أعمى يمارسُ العادةَ السرية
على مقربةٍ منكِ
ويرى فخذَ ماري-أنطوانيت
العارية
الخالقة
الملهمة
المدمرة
كان بربريًا دون أن يعلم
الرجال هم هكذا قبل أن يصبحوا رجالا
الغثيانُ له طعمٌ آخر
طعمُ التوتِ المدمى
والنبيذِ الحامزِ بعدَ قبلةٍ مغتصبة
لا تقولي عني شيئًا لجان-بول سارتر
فهو لا يعرفني
اجعليني شكوى دائمة
لتفهمي
كلَّ أسبابي
لماذا لم أكن أبًا ككلِّ الآباء
لما تكون الكتبُ كلَّ أبنائي؟
اصنعي مني قلمًا بربريا
فأنجحُ في وصفِ كلِّ شهواتِكِ القادمة
التي لن أعرفها كلَّها أبدا
كلَّ فساتينِكِ
كلَّ جواربِكِ
كلَّ مناديلِكِ التي من ورق والأخرى المضمخةِ بالعطر
كلَّ معاطفِكِ
تلك التي يتنافس عليها الجانحون في عربات المترو
هل تذكرين ذلك البربريَّ الأسودَ الذي تبعكِ حتى أعتابِ القمرِ هو وفينوسُ جانحةٌ مثلُهُ وهددكِ بسكينٍ كان الدمُ سيقطر منه لو لم تخلعي معطفَكِ الجديدَ وتعطيه إياه؟
كان يريد أن يُدفئ إفريقياهُ السوداءَ فاعذريه
وأن يجعل منك نَجمةً في سمائها
يا نَجمتي الدائمة الضوء يا ابنتي
يتعذر عليّ البكاءُ في حضنكِ
لأني أريد أن أكون أبًا بربريَ القلب
أبًا ليس عاديا
لن أتركَكِ تقعين في شباكِ مجنونٍ كلُّ باريسَ في رأسِهِ علبةُ ليل
لن أجعلَ منه زكامَكِ
فالشتاءُ طويلٌ تحت قناطرِ السين
لن أقاومَ سطوتَهُ على جحيمي من أجلك
فأدرأَ عنكِ الخطرَ المحدقَ بالظباء
البرية
هناك على أكفِّ ساحاتِ وطنٍ ضائع
كلُّ شيءٍ فيه متعةٌ للبربرية
كلُّ شيء
كلُّ شيء
كلُّ شيءٍ فيه إشارةٌ ليست مفهمومةً نحو السماء
ربما كانت حركةً من حركاتكِ
عندما تغضبين مني
ولا أعرفُ لماذا

(10)
هذه إصبعُكِ يا ابنتي
لما كنتِ صغيرة
وهذه ساعدُكِ
وهذه ساقُكِ
وهذه قدمُكِ دون جورب
في لوحةِ الموت
دفنتُكِ في ذاكرتي
فلا تحزني عليكِ
واغفري لي هذا الفعلَ البربريّ
أنا لا أحتملُ عنفَ الصورِ البريئة
جحيمَها الدائم
وردَها الذي لا يذبل
صراخَها في الليل
من الخطأِ ألا أكونَ كالغير
ألا أجمعَ الصورَ في ألبوم الأيام
فيقضي الزمنُ على البراءة
وعلى غيرِ البراءة
ويجعلُ من الذاتِ ذاكرةً للغبار
هذه أشلاؤكِ يا ابنتي
لما كنتِ صغيرة
في مزهريةِ الأحزان
لن أتركَهَا وحيدة
لأني سأكون مرة واحدة في العمر أبًا مسئولا
يأكلُ الشوكولاطة معها
ثم يبتسم
ويغمضُ عينيه
لن أفكرَ في إعلاناتِ المترو بعدها
لن أفكرَ في وطنٍ ضاع
لن أفكرَ في بلدٍ كانَ أو سيكون
بلدٍ خراء
لن ألهثَ
أَحِنُّ إلى قهوةِ أمي
لن أعويَ
أنا عربي
لن أَعْبُرَ كما عَبَرَ غيري في الكلام
كلُّ هذا متعةٌ للبرابرة
وأنا لم أكن يومًا بربريا
أنا السأم
وطعمُ التوتِ المدمى
والنبيذُ الحامزُ بعدَ قبلةٍ مغتصبة
أنا التقزز
أنا الغثيان


منتصف الليل 2008.06.11

* من ديوان يحمل نفس العنوان



للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
أفنان القاسم - اديب ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الأدب العربي لم يرق إلى المعلقات وألف ليلة وليلة / أفنان القاسم




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - الطواحين* / إشبيليا الجبوري
- أرزة بجذور سومرية / هدى زوين
- زمن أستعارة وجوه.. / القاص والكاتب/ عبد الجبار الحمدي
- سحابة سفر / هدى زوين
- لماذا ليلى...؟ / رفل الجميلي
- شعلة النوروز / علي موللا نعسان


المزيد..... - تقارير: ليفربول يتفق مع فاينورد للتعاقد مع بديل يورغن كلوب
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- آخر جيل الكبار من قراء المقام العراقي.. حسين الأعظمي من المص ...


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أفنان القاسم - اديب ومفكر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الأدب العربي لم يرق إلى المعلقات وألف ليلة وليلة / أفنان القاسم - أرشيف التعليقات - البرابرة - أفنان القاسم