أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - المقالة التوضيحية ـ الجزء الثاني والأخير - جواد البشيتي










المقالة التوضيحية ـ الجزء الثاني والأخير - جواد البشيتي

- المقالة التوضيحية ـ الجزء الثاني والأخير
العدد: 415427
جواد البشيتي 2012 / 9 / 20 - 08:20
التحكم: الكاتب-ة


القرد توجَّه فحسب نحو برميل الماء، وشرع يغرف منه الماء، ليطفئ النار، وصولاً إلى الموزة.

لم يذهب القرد إلى البركة ليغرف من مياهها؛ لأنَّ نشاطه الذِّهني لا يَعْرِف -التجريد-؛ وفي مثالنا هذا، لا يَعْرف القرد -الماء العام-، أيْ -المُشْتَرَك من الصفات والسمات والخواص بين ماء البرميل وماء البركة.

وهذا إنَّما يَدُلُّ على أنَّ -اللغة- و-المنطق- شيئان متلازمان، متَّحِدان اتِّحاداً لا انفصام فيه؛ فلا -لغة- بلا -منطق-، ولا -منطق- بلا -لغة-.

الإنسان فحسب (وبصفة كونه كائناً اجتماعياً خَلَقَه -العمل-) يستطيع وعي وإدراك الخواص المشترَكة (ومنها خاصية إطفاء النار) بين ماء البرميل والنهر والبئر والبحر..؛ ويستطيع، من ثمَّ، خَلْق -الماء العام-، أيْ -فكرة (أو مفهوم)- الماء.

ليس -الدماغ البشري-، وعلى أهميته، هو الذي يُنْتِج -الإنسان- و-الوعي- و-اللغة-؛ وإنَّما -العمل-، الذي مهما بدا بعضه فردي الطابع لا يمكن إلاَّ أنْ يكون اجتماعي الطابع؛ ولو قُيِّض لطفل بشري أنْ يعيش وسط جماعة من الذئاب (مثلاً) لَمَا أصبح -إنساناً-، ولَمَا تكوَّن لديه، وظَهَر فيه، شيء من -الوعي الإنساني-؛ فهذا الوعي كالعمل لا يكون، ولا يمكن أنْ يكون، إلاَّ اجتماعي الطابع.

قُلْنا إنَّ -اللغة- و-المنطق- شيئان مندمجان متداخلان، لا يمكن فَصْل أحدهما عن الآخر؛ لكن، ما هو -المنطق-؟

من طريق -التجربة- و-الخطأ-، تعلَّم البشر (أو اكتسبوا) مهارات مختلفة (متنوعة) تعيَّن عليهم نقلها من جيل إلى جيل (وهذا النقل مشروط بوجود لغة).

ومن التجربة العملية، ليس إلاَّ، تَعلَّم الإنسان أمراً في منتهى الأهمية، وهو أنَّه لا يمكنه فعل أي شيء يرغب في فعله، أيْ لكونه يرغب، فحسب، في فعله؛ فثمَّة قوانين مادية موضوعية ينبغي للإنسان موافَقَة فكره معها إذا ما أراد لفعله النجاح.

الإنسان، في سعيه المعرفي، إنَّما يستهدف الوصول إلى -الحقيقة-، أيْ إلى فهم الأمور فهماً يمْكن، عبر الممارسة والتجربة العملية، إقامة الدليل على صحَّته.

وتوصُّلا إلى -الحقيقة- لا بدَّ من إنشاء وتطوير منهج، يتأكَّد، عبر الممارسة والتجربة العملية، أنَّ أخْذَنا به يُوْصلنا إلى -الحقيقة-، التي ليس من ميزان نزنها به سوى ميزان الممارسة والتجربة العملية.

وهذا المنهج هو ما تواضع الفلاسفة على تسميته -المنطق-، متوفِّرين على إنشاء وتطوير قواعد ومبادئ له.

و-الفكر-، أو -التفكير-، ينبغي له أنْ يراعي، تلك القواعد والمبادئ، وأنْ يستمسك بها ويتقيَّد، إذا ما أراد صاحبه الوصول إلى -الحقيقة-؛ فمِنْ أين جاء -المنطق-، بقواعده ومبادئه، إلى رأس الإنسان؟

لم يجئ إلاَّ من مَصْدَرٍ واحد هو -التجربة العملية (الممارسة)- للإنسان في سياق صراعه ضدَّ الطبيعة؛ فـ -النجاح- و-الفشل- في التجارب العملية للإنسان هما ما فرضا عليه أنْ يكون -منطقيا في تفكيره-. -والمنطقية في التفكير- لم تنشأ لدى البشر إلا بصفة كونها -شرط بقاء-.

إنَّ -العمل- هو وحده الطريق إلى إنشاء وتطوير -البيئة الاصطناعية (أو -الطبيعة الثانية)-؛ وفي هذه البيئة، وبها، يَظْهَر -الإنسان-، و-الوعي-، و-المنطق-، و-اللغة-، ويشرع الإنسان ينفصل ويستقل عن -المملكة الحيوانية-، ويتحرَّر من سطوة قوى الطبيعة الغاشمة العمياء، ويتطوَّر في استقلال نسبي، لكنْ متزايد، عن قانون -الاصطفاء (الانتخاب) الطبيعي-؛ فتعرُّضه للبرد الشديد (مثلاً) لا يُنمِّي فيه الشَّعْر الحيواني؛ لأنَّه يقي نفسه شرور هذا البرد بثياب يصنعها.

الإنسان، في أوَّل ظهوره على سطح الأرض، وَجَد نفسه وجهاً لوجه أمام الطبيعة وقواها العاتية، يَسْتَهْلِك مِمَّا تُنْتِج من تلقاء نفسها، متوفِّراً (مع أفراد الجماعة التي إليها ينتمي) على جَمْع الثمار مثلاً.

لكنَّه ما أنْ أمسكَ بيده بأداة العمل البدائية حتى شرع يُغيِّر بيئته الطبيعية، مؤسِّساً، من ثمَّ، لبيئته الاصطناعية (والتي نراها الآن على هيئة مُدُن وقرى ومنازل وشبكة مواصلات ووسائل نَقْل وسدود ومصانع ومنتجات وآلات وأجهزة ومعدات وشبكة كهرباء ونظام للرَّيِّ..).

الإنسان يخضع، أوَّلاً، لتأثير الوسط الطبيعي؛ ثم يقوم هو نفسه بتغيير الوسط؛ ثمَّ يتغيَّر هو نفسه؛ فالإنسان يتغيَّر بالوسط (الطبيعي) الذي غيَّره.

و-البيئة الاصطناعية-، بكل مكوِّناتها وعناصرها، هي ثمرة التفاعُل بين -الذَّات- و-الموضوع-. وفي المقارَنة بين -البيئة الطبيعية (أيْ الطبيعة)- و-البيئة الاصطناعية-، نرى أنَّ ثمَّة أشياء في الطبيعة لا يمكن أنْ يخلقها البشر (فهل يستطيع البشر خَلْق شمسٍ مثلاً؟!) وأنَّ مكوِّنات وعناصر -البيئة الاصطناعية- لا يمكن أنْ تخلقها الطبيعة (فهل تستطيع الطبيعة خَلْق -سيَّارة- مثلاً؟!).

وفي الصِّلة بين -البيئة الاصطناعية- و-الوعي (الإنساني)-، نرى أنَّ هذه البيئة (أو الطبيعة الثانية) لا تُوْجَد، ولا يمكنها أنْ تُوْجَد، من دون -الوعي-، الذي هو أيضاً لا يُوْجَد، ولا يمكن أنْ يُوْجَد، من دون -الطبيعة الثانية-؛ فهل وُجِد وعيٌ إنساني قبل (ومن دون) وجود -البيئة الاصطناعية-، ولو في هيئتها الأولى البدائية؟!

إنَّ -الذِّهن- هو -حيِّز معنوي (ذاتي) تَشْغُله الأفكار والأحاسيس-؛ ويمكننا تسميته -الواقع الذاتي-؛ وإنَّ كل ما يُوْجَد في خارج هذا -الحيِّز-، أيْ في خارج -الذِّهن-، يجب أنْ يكون، في الوقت نفسه، مستقلاًّ عنه؛ وهذا الموجود في خارج الذِّهن (وفي استقلال عنه من ثمَّ) هو وحده ما يُمْكِننا إدراكه بالحواس؛ فـ -المادي- من الواقع هو وحده المُدْرك، أو القابل للإدراك، حسِّيَّاً.

و-المادة-، في خاصية جوهرية لها، لا تتأثَّر، ولا يمكنها أنْ تتأثَّر، إلاَّ بـ -جنسها-، أيْ بـ -مادة-؛ فـ -الفكرة-، وغيرها مِمَّا يشتمل عليه الذِّهن، لا تؤثِّر بـ -المادة- إلاَّ بواسطة -مادة-؛ فـ -الذَّات- لا تؤثِّر بـ -الموضوع- إلاَّ بواسطة قوى ووسائل وأدوات مادية. إنَّ أيَّ فكرة في رأسكَ لن تؤثِّر أبداً في العالم المادي إلاَّ بواسطة مادة، بواسطة قوى مادية، بواسطة -يدكَ- مثلاً.

إنَّ -مادة (شجرة ما مثلاً)- تؤثِّر بـ -مادة (خاصَّة)- هي -الدماغ-، فتَظْهَر في المادة المتأثِّرة أفكار وأحاسيس؛ وهذه الأفكار والأحاسيس لا يمكنها أبداً أنْ تؤثِّر بـ -المادة الأولى (أيْ الشجرة)- إلاَّ بواسطة -مادة (اليد مثلاً)-؛ و-المادة الأولى- يمكن أنْ تكون على هيئة -كلمة- نُطِقَت، فسُمِعَت، فأنْتَجَت في سامعها إحساساً ما (إحساس بالغضب مثلاً). وهي، أيْ تلك -الكلمة المسموعة- تُنْتِج تغييراً ما في الواقع المادي الداخلي للسامع، فيَظْهَر، من ثمَّ، الإحساس (بالغضب مثلاً).

ضَعْ يدكَ في نارٍ، فتحترق يدكَ، وتشعر بالألم؛ وهذا -تأثير مادي مباشِر-؛ والآن افْتَرِض أنَّ أحداً من الناطقين بـ -لغتكَ-، أو بـ -لغة- تفهمها، قد -شتمكَ- قائلاً -أنتَ كلب-، فهذا هو -التأثير المادي (الصوتي، أو الصوتي ـ المرئي) الرمزي-؛ إنَّكَ -تغضب-، و-تشتمه-، وقد -تضربه-، فـ -رموز المادة، أو الرموز المادية، أو المادة الرمزية- تؤثِّر هي أيضاً؛ وهذه -الرموز- هي -اللغة-.

لقد وُلِدَت -اللغة- على هيئة -أصوات-، أو -كلمات صوتية-؛ وقد خالطتها -إشارات (يدوية)-؛ وكان -اللسان- عضو اللغة، أو أداة (وسيلة) الاتِّصال (تبادل الأفكار والمشاعر) بين أفراد الجماعة البشرية؛ ثمَّ انضمَّت -اليد-، بـ -الإبهام- و-السبابة- و-الوسطى-، إلى -اللسان-، فتحوَّل -المنطوق- من الكلمات إلى -مرسوم- و-مكتوب-؛ لكنَّ -المكتوب-، أيْ -الكتابة- و-الأبجدية-، تَفَوَّق كثيراً على -المرسوم-، أيْ -اللغة التصويرية-، ومَثَّل -التفكير في درجته العليا-.

حتى -الجسم كله- أصبح -لغةً (لغة الجسد)-؛ فإنَّ كثيراً من المعاني نَقِف عليها في إيماءات وأوضاع الجسم، وتعابير الوجه اللاإرادية.


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - رحيل الكاتب سامي مايكل: الأدبُ وسيلةٌ للنضالِ والتواصلِ والت ... / مولود بن زادي
- ممارسات العقل الإنساني ما بين العقل الأداتي والنقدي والتواصل ... / حسام الدين فياض
- هل تحترم الأحزاب الديمقراطية والتقدمية واليسارية والعمالية ا ... / محمد الحنفي
- هل حان وقت الهدنة في غزة؟ / مازن الشيخ
- محمود درويش وميلاد الكلمات / رضي السمّاك
- -أنا- الإنسان: ثنائية معقدة / حميد كشكولي


المزيد..... - سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- “رسميا” موعد مباراة نهائي دوري أبطال أفريقيا 2024 والقنوات ا ...
- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - المقالة التوضيحية ـ الجزء الثاني والأخير - جواد البشيتي