أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - رد الى: د. جواد بشارة - جواد البشيتي










رد الى: د. جواد بشارة - جواد البشيتي

- رد الى: د. جواد بشارة
العدد: 413134
جواد البشيتي 2012 / 9 / 11 - 18:30
التحكم: الكاتب-ة


د. جواد بشارة
تحية
ماركس لم يَخْلط بين فكرة -الخَلْق-، أيْ خَلْق الله (أو أشباهه في الفلسفة) للكون وبين فكرة -الصُّنْع-، أيْ صُنْع (الإنسان) للأشياء، كصُنْع النَّجار لطاولةٍ؛ والأمر الذي استأثر بالاهتمام الفلسفي لماركس إنَّما هو الإجابة المادية المتماسِكة عن سؤال -المادة ـ الفكر-.
و-الخَلْق- في الأديان جميعاً هو دُون فكرة خَلْق -المادة من العدم-؛ فلا أنتَ، ولا أنا، ولا غيرنا، يمكنه أنْ يتحدَّث عن خَلْق -المادة- من -العدم- قَبْل أنْ يجيب عن سؤاليِّ -ما هي المادة؟-، و-ما هو العدم؟-.
والفكرة التي أعتقدها إنَّما هي الآتية: -المادة لا تأتي إلاَّ من مادة؛ والمادة مهما كانت لا يُخالطها، ولا يمكن أنْ يخالطها، شيءٌ ليس من جنسها، أيْ لا يمكن أنْ يخالطها عنصر روحاني (ولو كانت طاولة صنعها نجَّار)-.
أنتَ تقول (وأنا أؤيِّدك في قولكَ) إنَّ الكون، بالمعنى الذي ذَكَرْت، لم يُخْلَق من العدم، ولن يفنى.
وأنا أقول إنَّ المادة لا تُخْلَق (من العدم) ولا تفنى.
وإنِّي لأعترض على عبارتُكَ -جسد الكون-؛ فأنتَ بهذه العبارة إنَّما تمهِّد لخلق إلهٍ هو نسخة من -إله هيجل-؛ فالكون، على ما تريد أنْ تقول، إنَّما هو -جسد-؛ وهذا الجسد ينطوي على -إله-، أو -عقل-، يَحْكُم الجسد (المادي الذي لم يُخْلَق من العدم، ولا يفنى).
إلهُكَ هذا هو أسمى وأرقى من آلهة أخرى؛ لكن لا لزوم، ولا داعٍ، له.
-مستحيلات ثلاثة- أقول بها، وهي: -استحالة خَلْق (أو أنْ تأتي) المادة من العَدَم-، و-استحالة خلقها بالوعي-، و-استحالة بقاء الشيء (أيُّ شيء) على ما هو عليه-.
-المستحيل الأوَّل- ليس بالأمْر الذي يَسْهُل على المُؤمِن به (أو عليَّ، بصفة كوني من المؤمنين به) جَعْل غيره مُؤمِناً به؛ وهذا الاستصعاب له أسبابه التي في مقدَّمها، وأهمها، على ما أرى، أنَّ مفهوميِّ، أو مقولتيِّ، -المادة- و-العَدَم- ليسا واضِحَيْن (فيزيائياً وفلسفياً) بما يكفي لجَعْلِ -الآخر-، وما أكثر -صُوَرِه-، مُؤمِناً بـ -استحالة خَلْق المادة من العَدَم-.
إنَّكَ، وإذا ما كنتَ -مادِّيَّاً-، لا تستطيع أنْ تُقْنِع -الآخر- بـ -استحالة خَلْق المادة من العَدَم- قَبْل أنْ تجيبه عن سؤاليْن: -ما هو هذا الذي لا يُمْكِن خَلْقه من العَدَم؟-، و-ما هو هذا الذي لا يُمْكِن خَلْق المادة منه؟-.
من -الملاحَظَة-، ومن -التجربة العملية- أيضاً، توصَّل الإنسان إلى -الفكرتين المثاليتين الكبيرتين-: -فكرة خَلْق المادة من العَدَم-، و-فكرة خَلْقها بالوعي-.
لقد لاحَظَ البشر أنَّ كلَّ شيءٍ -ينشأ-، أيْ له -لحظة نشوء-، وأنَّ كل ما ينشأ -يزول- حتماً، أي أنَّ لكل شيء -لحظة زوالٍ- أيضاً.
لا ريب في صِحَّة هذه -الملاحَظَة-؛ لكنْ لا ريب، أيضاً، في خطأ الاستنتاج الذي توصَّلوا إليه من تلك -المُقدِّمة الصحيحة-.
البشر فَهِموا -العالَم المادي- على أنَّه -شيءٌ كسائر الأشياء-، فقالوا، من ثمَّ، بـ -نشوئه (وزواله)-؛ فإذا كان لكل شيء -لحظة نشوء- و-لحظة زوال-، فلا بدَّ لهذا -الشيء-، المسمَّى -العالَم المادي-، أو -المادة-، من أنْ يكون له هو أيضاً -لحظة نشوء- و-لحظة زوال-.
ولسوف أُوْرِد مثالاً بسيطاً، أُوْضِح فيه -الصَّواب- و-الخطأ- في تلك -الملاحَظَة-.
هذه -قطعة من الجليد- تحوَّلت إلى -ماء-.
في هذا المثال، نرى -نشوءاً-، ونرى -زوالاً-؛ فـ -الماء- نشأ، و-الجليد- زال. لقد كان للماء -لحظة نشوء-؛ وهي عينها -لحظة زوال- الجليد.
وهذا هو -كلُّ الصَّواب- المرئي (حتى الآن) في هذا المثال البسيط.
لكنْ، ثمَّة جوانب من المثال نفسه لم يتوسَّعوا، ولم يتعمَّقوا، في رؤيتها؛ مع أنَّها الأكثر أهميةً.
الماء -نشأ-؛ فهل نشأ من -لا شيء-، أو من -العَدَم-؟
الجليد -زال (في اللحظة نفسها)-؛ فهل زال بما يَجْعَل زواله يَعْدِل -العَدَم- معنىً؟
-نشوء- الماء (في هذا المثال البسيط) إنَّما يعني، فحسب، -التحوُّل-، أيْ -تحوُّل الجليد إلى ماء-؛ و-زوال- الجليد إنَّما يعني -تحوُّله إلى ماء-.
إنَّ -التحوُّل- من شيءٍ إلى شيءٍ هو، فحسب، معنى -النشوء- و-الزوال- معاً؛ فأين هو هذا الشيء الذي -نشأ- و-زال- بما يُخالِف هذا المعنى (أيْ معنى -التحوُّل-)؟!
وفي هذا -النشوء ـ الزوال-، يكمن -شيء ثالث-، ليس بـ -شيء-؛ وهذا -الشيء الثالث (ثالث الشيئين، في مثالنا، وهما الجليد والماء)- هو -ثابِت التغيُّر-؛ هو -الثابِت في هذا التحوُّل-؛ هو الذي -لم ينشأ، ولم يَزْلْ-.
إنَّه -المادة-، التي، وفي هذا المثال، رأيناها في شكلين، هما -الجليد- و-الماء-.
و-جزيء الماء- نفسه يمكن أنْ يزول؛ ومعنى -زواله- إنَّما هو أنْ تَحِلَّ محله -ذرَّاتٍ ثلاث (ذرَّتا هيدروجين، وذرَّة أوكسجين) في حالة انفصال-.
وفي هذا -التحوُّل (من -اتِّحاد- الذرَّات الثلاث إلى -انفصالها-)-، بقي -الثالث-، وهو -المادة-، لا يَعْرِف نشوءاً، ولا يَعْرِف زوالاً.
-المادة- لا تَعْدِل أيَّ شيء؛ لا تَعْدِل أيَّ جسمٍ أو جسيمٍ؛ إنَّها لا تَعْدِل لا -الجليد-، ولا -الماء-؛ لا -جزيء الماء-، ولا -ذرَّات الهيدروجين والأوكسجين-؛ لا -الذرَّة-، ولا -البروتون-، ولا -النيوترون-، ولا -الإلكترون-، ولا -الكوارك-، ولا -النيوترينو-، ولا -الفوتون-.
لكنَّها، أيْ -المادة-، هي جوهر كل تلك الأشياء، كل تلك الأجسام والجسيمات؛ هي -المشترَك بينها جميعاً-؛ فلا شيء، لا جسم، ولا جسيم، يمكن أنْ يُوْجَد، أو يظهر إلى الوجود، إلاَّ بصفة كونه -شكلاً (من أشكال لا عدَّ لها، ولا حصر)- لـ -المادة-.
كان يكفي أنْ يَفْهَموا -المادة (أو -العالَم المادي-)- على أنَّها -شيءٌ بعينه-، كالجليد أو الماء أو الإلكترون أو الكوارك..، حتى يقولوا بـ -نشوئها- و-زوالها-، وحتى يقولوا بـ -اللحظتين-: -لحظة نشوء المادة- و-لحظة زوالها-.
وبعدما اتَّخذوا من ذلك -مُسلَّمة-، قالوا بـ -العَدَم-؛ فإذا كان لـ -المادة- لحظة نشوء، فلا يُمْكِنها أنْ تنشأ، من ثمَّ، إلاَّ من -العَدَم-!
ومن -التجربة العملية-، وصَلوا إلى -الضلع الثالث- في -مُثَلَّث الخَلْق-؛ فالضلع الأوَّل كان -المادة المخلوقة (من العَدَم)-، والضلع الثاني كان -العَدَم الذي منه خُلِقَت المادة-.
ولقد وصَلوا إليه من طريق -التجربة الإنسانية في الخَلْق والإنشاء-؛ فـ -المنزل-، مثلاً، وقَبْل أنْ يصبح حقيقة واقعة، كان على هَيْئَتيِّ -إرادة- و-فكرة-؛ فأنتَ، مثلاً، -أردتَّ- إنشاء (أو خَلْق) منزلٍ لكَ؛ ثمَّ -فكَّرتَ- في هيئته، ومُكوِّناته، وكيف يكون؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ -أصل- المنزل كان -إرادة- و-فكرةً-.
وتعميماً، قالوا إنَّ -أصل- العالَم المادي كان هو أيضاً -إرادةً-، هي إرادة الخالق، و-فكرةً-، هي فكرته.
البشر يَخْتَرِعون أشياء (أيْ يخلقونها). وإنَّ أحداً لا يُنْكِر أنَّ -المُخْتَرَع (من الأشياء)- كان (قَبْل أنْ يَظْهَر إلى الوجود) فكرة (أيْ -صورة ذهنية-) في رأس الإنسان (المُخْتَرِع). وإنَّ أحداً لا يُنْكِر، أيضاً، أنَّ -الاختراع- كان كامناً في -إرادة- المُخْتَرِع؛ فالإنسان -يريد- أوَّلاً -إيجاد- الشيء؛ ثمَّ يُوْجِده (أيْ يتوفَّر على إيجاده وإنشائه وخلقه).
من هذه -التجربة العملية- توصَّلوا إلى أنَّ الشيء المُخْتَرَع هو -النتيجة (المادِّيَّة)- لـ -سبب مثالي-، هو -الفكرة- و-الإرادة-، أيْ فكرة وإرادة الكائن (أو الإنسان) الذي اخْتَرَع.
هذا هو -النِّصْف الأوَّل- من -تصوُّرهم-؛ ولا ريب في صِحَّته؛ لكنَّهم ضَرَبوا صَفْحاً عن -النِّصْف الآخر-؛ وكان ينبغي لهم أنْ يَنْظروا إلى هذا -السبب المثالي (الذاتي)- على أنَّه -نتيجة-، وأنْ يبحثوا عن -سببها المادي- الذي ليس ببعيدٍ عن أبصارهم وبصائرهم.
في -الإرادة-، نقول على سبيل المثال، لقد اخترع الإنسان -آلة للكشف عن الألغام المزروعة المضادة للأفراد- إذ -أراد- ذلك؛ فلتتأمَّلوا هذا المثال جيِّداً.
إنَّ أحداً لا يُمْكِنه إنكار أنَّ -الإرادة-، أيْ إرادة اختراع هذه الآلة، قد سبقت وجود الآلة؛ لكنْ أمعنوا النَّظر في هذه -الإرادة-.
قَبْل اختراع -اللغم- هل كان ممكناً أنْ تُوْجَد هذه -الإرادة- عند البشر؟!
وهل كان ممكناً أنْ تُوْجَد قَبْل اشتداد وتعاظُم خطر -الألغام المضادة للأفراد-؟!
هذا -الواقع المادي (الموضوعي)-، بضغوطه المتعاظمة، وبما يُولِّده من حاجات تشتد وتعنف، هو أصل ومنشأ تلك -الإرادة-؛ هو الذي جَعَل البشر -يريدون- اختراع تلك الآلة؛ فـ -الحاجات (المادية) هي أُمُّ هذا الاختراع-؛ و-الحاجة (المادية)- أنتجت -الإرادة- التي أنتجت تلك -الآلة-.
و-الفكرة-، أيْ فكرة الشيء المُخْتَرَع، والتي نُظِرَ إليها على أنَّها -السبب المثالي (الذاتي)- للاختراع، هي، أيضاً، مُنْتَج لـ -الواقع المادي (الموضوعي)-؛ فمهما بَحَثْتُم ونَقَّبْتُم في -رأس- الإنسان فلن تعثروا على -فكرة (أو صورة ذهنية)- لا أصل لها في -الواقع المادي (الموضوعي)-؛ فالفكرة إمَّا أنَّها -تُماثِل (أو تُشابِه)- شيئاً موجوداً (من قَبْل) في هذا الواقع، وإمَّا أنَّها -مُركَّبة (بقوَّة الخيال)-؛ لكنَّ كل جزء من هذا -المُركَّب (الفكري)- يُمثِّل شيئاً موجوداً في -الواقع المادي-.
إنَّكَ، ومن مصادِر شتَّى في -الواقع المادي (الموضوعي)- كوَّنْتَ -فكرة- المنزل الذي أردت إنشاءه؛ فهذه الفكرة، والتي نَظَرْتَ إليها على أنَّها -السبب المثالي (الذاتي)- لوجود المنزل إنَّما هي مُنْتَج لـ -واقِع مادي (موضوعي) ما-.


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - مختارات من بحوث المجاز والاستعارة ج1 / كاظم حسن سعيد
- مقالتي الألف .. الدم في خدمة الخرافة / جعفر المظفر
- فلسطين والعالم - حين تتحد جبهة المظلومين - / عدنان الصباح
- سيناريو عرس النار طلال حسن / طلال حسن عبد الرحمن
- الصحافه المدنيه / عماد الشمري
- حول الصراع العربي الاسرائيلي و مراجعات في صفحات التاريخ 4-3 / عبير سويكت


المزيد..... - جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - رد الى: د. جواد بشارة - جواد البشيتي