أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مجدى سامى زكى - حديث عن السعداء بالعبودية















المزيد.....


حديث عن السعداء بالعبودية


مجدى سامى زكى

الحوار المتمدن-العدد: 7904 - 2024 / 3 / 2 - 22:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


أرسلت للمرحوم الدكتور شوقى كراس - أستاذ أمريكى - من أصول مصرية وصعيدى كمان (أى كان يحتفظ بلهجة الصعايدة ) هذا المقال فنشره فى مجلة الأقباط عدد سبتمبر - ديسمبر 1998
--
سؤلين : الأول : لماذا أرسل لحضراتكم مقالا عن الأقباط ؟
الأجابة : السعادة بالعبودية لم تعد تقتصر على الأقباط ، بل أمتدت لجميع المصريين . عددهم تجاوز مائة مليون رغم ذلك يعيشون فى خضوع وخنوع تحت وطأة ظروف صعبة للغاية عرضها أ. محمد حسين يونس كثيرا فى الحوار المتمدن . أنظر مثلا : عندما باع عواد أرضة + أصبحت الحياة صعبة في بلدى .... هذه الحالة ليست موجودة فقط فى الدكتاتوريات ( ماعدا أستثناءات قليلة : أنظرفى ايران ثورة البنات ضد فرض الحجاب عليهن ومقتل نحو 500 فتاه ) ..بل أمتدت أيضا إلى الديموقراطيات (أنظر المعاناة فى فرنسا عند المزارعين ، فى المستشفيات ، فى المدارس الحكومية..)
السؤال الثانى : كيف وجدت حلا لكتابة المقال ؟
حاول جيرانى بل المتخصصين فى الكومبيوتر حل المشكلة ولكن بدون جدوى . فارسلت نسخة من المقال للصديق العزيز القدير مدحت قلادة فقام بمساعدتى . فهو أجدر منى بالشكر والعرفان.
ملحوظة أشار أ مجدى خليل للمقال فى الرابط التالى :
من هو الطائفى ومن هو الوطنى؟
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=185853
_وهناك من الأقلية ممن يستعذب المذلة وينبهر بجلاده ويبرر كل محنة تحل به بأنها نعمة وبركة من العناية الإلهية .
-------------------------------------------------------------

إليكم نص المقال مع خالص التحية .

------------------------------------------


نشر الأستاذ رجب البنا مقالاً بعنوان

حديث صريح جداً عن أقباط المهجر) في مجلة أكتوبر بتاريخ ١٩٩٧/٨/٢٤ م نقل فيه صوراً من المعارضة القبطية)

فى المهجر مع الرد عليها.

ويبدو أن الأستاذ رجب البنا يتعاطف مع القضية القبطية على نحو ما وكأنه يحذر - من طرف خفى وتحت ستار - ناقل الكفر ليس كافر – الدولة من مغبة الاستمرار في سياستها العنصرية نحو أقباط مصر على أثر ذلك قام الاستاذ حليم فريد تادرس مستشار الفلسفة بمركز تطوير المناهج بنشر ( رسالة عن الأقباط ) في أكتوبر ١٩٩٧/٨/٤ مهاجماً لما يسميه القلة القليلة (النطاطة) من أقباط المهجر التي تروج ( نقود مزيفة).

(بعقل مأفون )

عارضاً لواقعتين تدل على العلاقة الطيبة بين الأقباط والمسلمين وعلى أن مصر شعباً ودولة وحكومة لا تفرق بين مواطنيها على أساس ديني . تخص أقباطها أحياناً بما لا تخص به مسلميها.

ويرى أن القول بغير ذلك (علامة على اضطراب في ميزان الصحة العقلية

مستعيناً في هذا التفسير بالبابا شنودة و د. مصطفى زيور ، ويصف هموم ومشاكل الأقباط

. على أنها مجرد ( افتراءات ) صادرة عن بعض أقباط المهجر على مصر.

واسمحوا لى فورا بأن أضبط الأستاذ حليم بالجبن ففى الصفحة التالية مباشرة لمقال الأستاذ رجب البنا والتى يتحدث فيها عن أقباط المهجرنشر الأستاذ أنيس منصور مقالا بعنوان (ذكريات طفولتى وشبابى) يتذكر فيها زملائه من أطفال الديانات الأخرى (أى غير المسلمين ) فيقول :
"... إننا نسمع كثيراً حكايات ونوادر عن أبناء الديانات الأخرى .. كيف أنهم وراء النعومة ثعابين .. ووراء السكون سكاكين .. وكنا نسمع ذلك وتصدقه .. ولو أن أحدهم جازف بمثل هذا القول في العالم الغربي لقامت الدنيا ولم تقعد ولثارت زوبعة عاصفة من الغضب وارتفعت أصوات الاحتجاج والاستفسار . ونشطت الأقلام بالدراسة والبحث والنقد والتحليل في التربة والبيئة والمناخ الذي يسمح بالتفرقة بين أبناء الديانات المختلفة ولكن هذه العبارة المسمومة تمر على مستشار الفلسفة بمركز تطوير المناهج مرور الكرام . فلم يحتج ولم يستنكر ولم تصدر عنه صرخة ألم أو حتى مجرد إحساس بالأسف لوصف أبناء الديانات الأخرى بل وهو منهم بأنهم (... وراء النعومة ثعابين .... ووراء السكون سكاكين ... )

وإنما احتج واستنكر ورفع قلمه على الأصوات الحرة من أقباط المهجر التي تطالب بالكلمة ، والكلمة وحدها بالمساواة التامة بين الأقباط والمسلمين في الحقوق والواجبات .

وأسمحوا لي أيضاً قبل مناقشة الأستاذ حليم تادرس أن أقول له أنه يجهل أدب الحوار وأنه لم يفهم شيئاً من محاورات أفلاطون التي كان يجادل فيها سقراط ألد خصومه بالحجة والفكرة الحسنة ، فلم يلعن ولم يهدد أو يتوعد أو يشهر سيفه (حتى رفعه برتراند راسل فوق مصاف الأنبياء)

ولم تصدر عنه طول حياته عبارة نابية واحدة كتلك التى إسستخدمها مستشار الفلسفة والمربى الفاضل فى مقاله.

الوقائع : هموم ومشاكل الأقباط

الأستاذ تادرس لم يرى ولم يسمع شيئاً عن هموم ومشاكل الأقباط في الماضى والحاضر، وعن مظاهر التمييز العنصرية على جميع المستويات وفي أبسط أمور الحياة اليومية .


الأستاذ تادرس لم يقرأ أمهات كتب التراث من أمثال بن عبد الحكم والقلقشندى والمقريزي وبن تغري بردی وابن أياس وغيرهم والتي تشهد بأن تاريخ الدولة في مصر هو تاريخ قهر الأقباط (المصريين) ولم يتصفح كتيب (حاضر) الثقافة في مصر) (بدون دار نشر (۱۹۹۰) وهو من أهم المؤلفات – للأستاذ بيومى قنديل وهو يشير إلى عمليات الإبادة الجماعية التي شنها الخلفاء العرب ضد الثوار المصريين الأقباط . وكيف قضى المأمون على ثورة البشموريين – آخر ثورة قبطية في ۸۳۰م (التي انضم إليها عرب متمصرين) - انظر أيضاً دراسات أحمد صادق مسعد ، والبحث الجرئ هوامش الفتح العربي لمصر للأستاذة سناء المصرى - سيناء للنشر – ١٩٩٦ .

ولا يزال أجمل شوارع القاهرة (في مصر الجديدة والعديد من مدارسها يحمل اسم الخليفة المأمون . فهل رأيتم اسم هتلر في قلب باريس أو حتى في أصغر حارة سد ؟! والأستاذ تادرس مشغول جداً بالفلسفة فلم يسمع شيئاً عن مذابح الأقباط وحرق منازلهم التي وقعت في الزاوية الحمراء (يونيو

۱۹۸۱)

دير ياسين الأقباط والتي وصل فيها توحش الجماعات المتأسلمة إلى درجة رمى الأطفال الرضع من الشبابيك كما أشارت إلى ذلك في حينه جريدة اللموند الفرنسية – وتدمير كفر دميان فبراير ١٩٩٦ في محافظة الشرقية التي يفخر الأستاذ تادرس بالإنتماء إليها ولم ينزعج الاستاذ تادرس (كما انزعج من مقالات أقباط المهجر) . عندما تكرم محافظ الشرقية يصرف إعانة قدرها ٢٥ جنيها ( سبعة دولارات ونصف ) للأسر المنكوبة .

ومن مذابح الأقباط نذكر على
سبيل المثال لا الحصر:
مذبحة الاسكندرية (١٢ مايو 1990)
منشية ناصر (٤ أكتوبر ١٩٩٤)
مذبحة ديروط
مذبحة الدير المحرق (۱۱ مارس 1994 )
مذبحة مير بالقوصية (٤ أكتوبر 1994 )
. مذبحة عزبة الأقباط بالبداري ( ۲۵ فبراير 1996 )

ولم يصل إلى علم الأستاذ تادرس خبر الجزية والأتاوات التى يفرضها العربان على أقباط الصعيد وكلاهما وصمة عار المقصود بها الإذلال
( أنظر فى كافة أنواع الإذلال : ابن قيم الجوزية - أحكام أهل الذمة ، دار العلم للملايين)

. وأن يعيش غير المصرى من قوة عمل المصرى كما لاحظ بحق د. هيثم مناع .

والأستاد تادرس ولع بمراسلة الصحف ( التى تنشر له فى بريد القراء ) ولكنه لا يحب قرأتها ولذلك فهو لم تصله معلومة إعدام 40 قبطيا رفضوا دفع الأتاواة للارهابيين التي نشرتها الأهالي في 9 ابريل۱۹۹۷ ..الأستاذ تادرس لا يعرف أن الحرية الدينية فى مصر المحروسة وبلاد النفط السعيدة تعنى حرية الانتقال من المسيحية للإسلام وليس العكس ولم يدرس أحكام الشريعة الإسلامية التي تقضى بإعدام المرتد بل تحكم بإعدام كل من يفتى بغير ذلك لأنه مسقط للحد ومن يسقط الحد يعد كافراً عقوبته الموت .. ولمزيد من التخويف أفتى أحدهم ( بحق أي مسلم في إقامة الحد) . والمصريون جميعاً أقباط ومسلمون ثائرون وغاضبون وساخطون على الخط الهمايوني ماعدا الأستاذ تادرس يدفن رأسه في الرمال حتى لا يرى سخرية العالم كله على هذا (التشريع) الشاذ النشاز الذي يجعل بناء الملاهى وعلب الليل أيسر جداً من ترميم أبسط كنيسة قبطية والذي يستلزم ترخيصاً من رئيس الجمهورية لتصليح دورة مياة كنيسة ! ووظيفة الأستاذ تادرس المدنية لا تجعله يهتم كثيراً بأخبار العسكر. ومن ثم بالأنتصار العظيم للجيش المصرى عندما (أعلنت ساعة الصفر يوم ٥ ديسمبر 1996 ) فأقتحمت قوات الجيش المصرى المكونة من ٣٠٠ جندى وضابط تحملهم 5 عربات مدرعة ومدمرة وبلدزور ضخم مزرعة ومركز للمعوقين بجوار دير الأنبا بشوى والمملوكة لبطريركية الأقباط الارثوذكس . وفور اقتحام القوات قامت بتقيد حركة الأقباط العاملين وتم وضعهم تحت الحراسة المشددة بواقع 5 جنود لكل فرد . ثم قامت باقى القوات بتمير كافة المنشئات والمزرعة تدميرا كاملا ( أنظر أيضا فى اشتراك ضباط الشرطة المتطرفين فى عمليات أرهابية ، مقال الأستاذة صفاء عبد الفتاح - جريدة الدستور 7 مايو 1997) .

والاستاذ تادرس لا يضيع وقته مثلنا أمام القناة الفضائية ولذا لم يشاهد مسلسل ( لن أعيش فى جلباب أبى ) ولا مسلسل (من لا يحب فاطمة ؟) الذى يبشر بإعتناق المرأة الغربية للأسلام .واصبح المخرجين يدسون بلا مبرر - عمال على بطال - الأسلام فى أعمالهم لضمان نجاحها وشعبيتها وأشترك كبار الممثلين والممثلات الذين نحبهم ونحترمهم فى هذه الأعمال وكأن غير المسلمين خارج الجماعة الأنسانية وفاتهم أن التعددية فى الدين والعقيدة والآراء السياسية ..ألخ شيئ جميل كما تتعدد الزهور فى الحديقة الواحدة.

وأصبح المهاجرين (أقباط ومسلمين ) يشاهدون هذه الأعمال وهم يحسون بالخجل الشديد لما وصل إليه الوجدان المصرى من يؤس . فقد أصبح الوجدان المصرى يستورد كل شئ من الخارج حتى الخيال والأحلام . وتحول المشاهد العادي في مصر إلى عقلية خرافية ساذجة وأصبحت أعز وألذ أمانيه أن تسرح بمخيلته بحدوتة حلوة عن فتاة شقراء حسناء طبعاً أمريكية أو أوروبية تنهار أمام ( النمر الأسود) القادم من الشرق المؤمن وتقع صريعة الإسلام !

وأنا أعيش في فرنسا منذ أكثر من ثلاثين عاماً ولم أشاهد ولن أشاهدعلى شاشة التليفزيون الفرنسى فى أى مسلسل أو غيره قصة فتاة شرقية مسلمة (أو يهودية ) تحولت إلى الكاثوليكية .

العلاقة الطيبة بين الأقباط والمسلمين
الاستاذ تادرس عرض واقعتين تدل على العلاقة الطيبة بين الأقباط والمسلمين . ولا نزاع في ذلك ، فكل منا يعرف عشرات القصص عن التعاطف والتألف والتكاتف بين أبناء الشعب الواحد في السراء والضراء ، مثلاً أخبرني صديقي رجل الأعمال القبطي بفرنسا أنه عندما توفى والده في بورسعيد كان شريك والده المسلم هو الذي يتقبل العزاء وعندما مر موكب الجنازة وفى مقدمته الصلبان فى شوارع بورسعيد كان مشايخ المسلمين فى

المقاهي يقفون تحية وإجلالاً للفقيد .
ولكن ليس هذا هو السؤال المطروح فالخصومة ليست بيننا وبين المسلمين وإنما هي بيننا وبين التأسلم والدولة التي تشجع على هذا التأسلم الإرهابي بسياستها العنصرية، فالدولة ليست رخوة كما قيل عنها، فهي ليست كذلك إلا في حالة الإعتداء على الضعفاء (الأطفال ، ختان البنات مثلاً النساء الأقليات ...) . ولكنها في الواقع قوية كالفولاذ، وهي أقوى دولة بوليسية في العالم عند أدنى مساس لرموز السلطة . ولذلك فهى مسؤله تماما عن كل إمتهان لحقوق الأنسان .
الأستاذ الدكتور أحمد فتحى سرور :
ويذكر الأستاذ تادرس أن الدكتور أحمد فتحى سرور عندما كان وزيراً للتعليم شرفه بإستقباله في مكتبه ومد خدمته بعد المعاش وترقيته ، وأقر وأعترف بأنه كانت تربطني صلة حميمة بالأستاذ القدير د.سرور أستاذي في حقوق القاهرة وأنه كان يعطيني الدرجات النهائية لأكون أول الدفعة وكان يخصني برعايته في باريس ولكن ماذا فعلت به الدولة عندما نجحت في احتوائه ؟ عندما تولى د. سرور وزارة التعليم أطلق العنان لأسلمة المناهج الدراسية فكان أول شئ يتعلمه طفل الحضانة في المجتمع المصرى المتعدد الأديان (أنا مسلم) بدلاً من (أنا مصرى) من المستحيل في فرنسا الذي يمثل الأسلام فيها المرتبة الثانية تلقين أطفال المدارس ( أنا كاثوليكى ) .
أنظر أيضاً في ازدياد الجرعات القرآنية فى كتب اللغة العربية واستبعاد الآخر المسيحى. د .إلهام عبد الحميد ود. كمال حامد مغيث :التعليم الشامل وحقوق الأنسان فى مصر ، الصادر عن مركز الدراسات والمعلومات لحقوق الأنسان ۱۹۹۷ وقد قبل الدكتور سرور رئاسة مجلس الشعب الذي لم ينجح فيه قبطى واحد بسبب منشورات مرشحي الحزب الوطني العنصرية ( لا ولاية لكافر ! ولا ولاية لغير المسلم على المسلم) واصدر مجلس الشعب تحت رئاسته قانون الحسبة مما يعد تنازلاً للسلفية وإحياء سافر لمحاكم التفتيش وكان المجلس تحت رئاسته أيضا يسارع بإصدار القوانين سيئة السمعة مثل قانون الصحافة المرفوض بإجماع الصحفيين بينما يتباطئ في الاعتراف للمرأة المصرية بحقها في إعطاء الجنسية المصرية لأولادها عند الزواج بأجنبى أسوة بالرجل عند الزواج بأجنبية ضاربا عرض الحائط بالنصوص الدستورية الصريحة التي تسوى بين الرجل وامرأة ومتجاهلاً للحجج القانونية القوية التى التي أبداها د. فؤاد عبد المنعم رياض
(أنظر اليسار . يوليو۱۹۹۷ )
وكلنا شاهدنا د .سرور وهو يلقى على البرلمان الدولي المنعقد في القاهرة فى سبتمبر ۱۹۹۷ خطبة عصماء يلقن فيها العالم كله درساً بليغاً في حقوق الانسان دون أن تفلت منه ضحكة واحدة . في الوقت الذي تسحق فيه الدولة حقوق الانسان في مصر وتبطش بمظاهرات الفلاحين المهددين بالطرد والتشرد ، ثم استقبل د سرور وفداً برلمانياً اسرائيلياً ووجه لهم اللوم الشديد على سياسة اسرائيل العنصرية في حين أنه إذا كان مسموحاً لمحطات التليفزيون المحلية (ومنها المصرية ) والعالمية دخول اسرائيل وتصوير كل صغيرة وكبيرة عن الحوادث الاجرامية التي تفضح عنصرية اسرائيل كله فإن الأبواب مغلقة في مصر أمام وكالات الأنباء العالمية التي منعت منعاً باتاً من دخول كفر دميان لتصوير أحداث العدوان والتدمير الشامل .

ولم ينتقل أى عضو من أعضاء الحكومة الموقرة لزيارة الكفر الحزين ومواساة ضحاياه ويذكر الأستاذ جان بيير برونسل هجوز
Jean – Piere Péroncel Hugoz
انه عندما كان مراسلاً لجريدة اللوموند في القاهرة أخبره أحد أصدقائه المسلمين بوقوع مذبحة للأقباط في الزاوية الحمراء فسارع إليها الصحفى الفرنسي ولكن منعته من الدخول قوات الأمن المركزي التي حاصرت المكان وتركت الجماعات المتأسلمة تبطش بالأقباط أيام عديدة دون أن تحميهم أو تساعدهم ودون أن تسمح بأي مساعدة خارجية لهم وتم احتجاز برونسل هجوز في قسم البوليس التابع للزاوية الحمراء فكانت فرصته الذهبية لكى يشاهد بنفسه الضحايا الغارقين في دمائهم والتي تم حملهم إلى القسم وقد سجل كل ذلك للتاريخ في صفحات مؤثرة جداً في كتابه طوافه محمد

Le Radeau de Mahomet ، 1983
والذى ترجم إلى لغات عدة .

المؤسسة الكهنوتية :
ولأن الأستاذ تادرس يعرف أن ورقته لا تجيب على السؤال المطروح فإنه يحتمى بالمؤسسة الكهنوتية ويبدى إعجابه الشديد بالبابا شنودة ولكن أين كان وماذا فعل عندما كان (بابا العرب) كما يسميه فضيلة المفتى منفياً في الأديرة في الوقت الذي بذلت فيه الهيئات القبطية في المهجر كل مالديها من جهد لإطلاق سراحه حتى تبنته منظمة العفو الدولية كسجين ضمير؟

الاتهام بالجنون :
ولأن المربي الفاضل ومستشار الفلسفة تعوزه الحجة فهو يتهم بعض أقباط للمهجر في صحتهم العقلية مستخدماً مصطلحات أعنى النظم الشمولية الاستبدادية التي كانت تلاحق المعارضين والمخالفين في الرأي وتودعهم في المصحات النفسية .فأقباط المهجر المدافعين عن أبسط مبادئ الحرية والعدل والمساواة هم إذا مجانين ولا شك أن جريدة وطنى المحرومة من ( الشرعية ) حتى الأن مصابة بداء الجنون .ويشترك معنا في هذا الداء كل منظمات حقوق الانسان المحلية والدولية التي تساند الأقليات المظلومة و (حواء المضطهدة ) كذلك المحررين في روزاليوسف والأهالي واليسار والدستور والمجتمع المدنى وحقوق الناس .. ولا ينجو من هذا المرض اللعين كل كبار مفكري مصر المسلمين من أمثال د.فؤاد زكريا ، الأديبة بهيجة حسين ، د. رفعت السعيد ، د.سعد الدين ابراهيم ، د أحمد محمد صالح ، د. أحمد صبحى منصور ، النقابي عطية الصيرفي ، د. هالة مصطفى ، الأستاذ أمير سالم المحامي ، الاستاذة سناء المصرى والأستاذ ابراهيم عيسى وغيرهم من الذين تصدوا لظاهرة العنف أو تناولوا بالدراسة الهموم القبطية . وخذ عندك الشهيد د . فرج فودة كان لابد من القبض عليه فوراً وإبداعه إحدى المستشفيات للكشف عن قواه العقلية بعد أن عبر عن شعوره
(بالإكتئاب والخجل)

لما يصيب الأقباط من ظلم فادح ، ولا شك أن الشعور بالإكتئاب هو مرض نفسي خطير و (علامة على اضطراب في ميزان الصحة العقلية الاجتماعية) ! خصوصاً بعد مقاله العظيم ( حديث صريح هذه المرة ) الذي يختمه بهذه العبارات الخالدة الجديرة بالنقش بالأبر على ماقى البصر : أقول قولي هذا وأنا أضع يدى على قلبي ليس خوفاً على نفسى ، فالجميع يعرف أنني لا أخاف ولكن خوفاً على أولادي ، لا داعى بأن يطمئنني البعض منكم لأنى مسلم فبئس الإطمئنان إذا أتى بسبب العقيدة ورتع فى مقابله الهوان...لأخ فى الوطن بسبب العقيدة أيضا. أسفى على الوطن الذى سيحمى ياسر لأنه مسلم وسيظلم جرجس لأنه مسيحى .الأهالى 9 أكتوبر 1991

أخلاق العبيد :
ولكن ما الذي يدفع الاستاذ حليم فريد تادرس إلى إخفاء الجرح وإنكاره والكذب على نفسه وعلينا ؟ فلنعيد قراءة الكتب التى تناولت العنف وردود فعل المقهورين...
المقهور له أساليبه وحيله عندما يعجز عن مقاومة من هو أقوى منه .مثلا المقهور يحمى نفسه بالمذلة والغاء الذات .العالم الفرنسى ايف ألن ميشو
Yves Alain Michaud
الأستاذ بجامعة مونبليه ومن كبار المتخصصين في مسألة العنف السياسي يقول أن من حيل الضعيف أن يتحول إلى كوسة إذ لكي تعاقب شخصا أو تبطش به لابد أن يكون لهذا الشخص إرادة وكرامه و أن يكون مهيئاً أي قادرا لأن يتحكم في سلوكه وأن يوجهه وفقا لإحتالات الجزاء . ولكن كيف يمكن للطاغية أن يضطهد كمية من اللحم والشحم تحولت مع الزمن إلى كوسة .يضاف إلى ذلك أن المغلوب يغلب الغالب ، عندما يفقد كل إحساس بالألم . وقد رصد د رفعت السعيد هذه الظاهرة في كتابه تأملات في الناصرية طبعة ثانية ۱۹۷۹) عن ذكرياته فى المعتقل وعن إمكانيات تحمل ( عشرات العصى واللكمات والرفسات ) فيقول الضربات الأولى موجعة ثم بعد ذلك لا تشعر بشئ ، ويمكنك أن تتلقى من الضربات ما يكفى لأنهاك ضاربيك والجسد الإنساني ذا قدرة غريبة على الأحتمال.

والمقهور قد لا يفقد فقط الاحساس بالألم بل فوق ذلك وزيادة في الاحتياط يسكب على نفسه كمية هائلة من الزفت والقطران حتى لا يمسه أحد بسوء

عندما كتب سولجنتسين (جائزة نوبل ) عن الجولاج أي معسكرات الإعتقال الستالينية ذكر أن أحد المسجونين كان يحمى نفسه بالأضراب عن الأستحمام فلا يجرؤ أحد على الأقتراب منه لضربه ، ولا يفوتنا التنويه بسندروم استوكلهم الذي أكتشفه علماء النفس، ومعناه أن الضحية تنبهر من الجلاد وتحس نحوه بإعجاب وأفتتنان غريب وتسبح بحمده وسماحته وقد لوحظ ذلك عند بعض اليهود فى معسكرات النازية ولدى بعض الرهائن المخطوفين في عمليات خطف الطائرات - ولعل أقصي ما يحلم به الغزاة والبغاة والطغاة هو أن يتحول المواطنين تحت تأثير الاضطهادات اليومية إلى عبيد ، وعبيد العبيد، والأدهى من ذلك سعداء بالعبودية ، يبررون كل محنة وكارثة تحل عليهم بأنها نعمة وبركة من العناية الإلهية ثم انظر على سبيل المقارنة إلى ظاهرة المحجبات السعيدات بالحجاب الذي يحجب من الفتنة ! ثم اقراء د.ع ع (تراث العبيد في حكم مصر المعاصرة) (المكتب العربي للمعارف (۱۹۹۵)
والواضح أن الاستاذ حليم فريد تادرس قد فقد الاحساس بالألم وأنه سعيد بالذمية الصريحة والمستترة وبخانة الديانة في البطاقة الشخصية وإغتصاب الأوقاف القبطية وقمع الحضارة واللغة القبطية (أي المصرية ) وحرمان القبطى من الزواج من مسلمة، وطفشان د. مجدى يعقوب وأمثاله لانجلترا .... الخ . فاتركوا الاستاذ تادرس يهنأ بسعادته . أما نحن فسوف نقاوم ونناضل بكل مالدينا من قوة وعزم وإصرار وتصميم من أجل حقوق الانسان وسوف نظل نترحم على روح الشهيد فرج فودة ونتآسى مع كفاح الشيخ الجليل خليل عبد الكريم (عملاق مصر وأبو المصريين جميعاً) . ونتألم مع د نصر حامد أبو زيد ونتضامن مع د. سيد القمني وأمثاله من الباحثين البواسل ، وسوف تنهمر من عيوننا أنهار من الدموع سوف تطفئ نيران الجحيم .
مقال منشور فى مجلة : الأقباط عدد سبتمبر - ديسمبر 1998



#مجدى_سامى_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البشع الحقيقى هو من يحول خده الأيسر
- Sir د. مجدى يعقوب ينصحك لا تحزن
- هل الشريعة الأسلامية صالحة لكل زمان ومكان
- مذكرات شيطان سابق
- الحضارة الأسلامية أكبر كذبة عرفتها البشرية
- روسيا واوربا والعالم.
- مذبحة السياح فى الأقصر ومذبحة الأقباط فى الكشح
- الشيخ متولى الشعراوى أمام الدعاة 2
- الشيخ متولى الشعراوى أمام الدعاة 1
- جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر
- همس الوجد .فيلم فرنسى عن السينما المصرية
- صعيدى مصرى أصبح أسطورة عالمية
- البلدى ..والأمريكانى
- سيدة العالم دولة روسيا
- يسقط الحجاب
- حامد عبد الصمد وثقافة السطو
- معاناة مصريون فى هولندا بسبب شيخ أزهرى
- سيطرة الأخوان على الأزهر وموضوع آخر
- الأزهر وتجارة العبيد فى مصر
- صيدلى مسلم يصفع قبطية فى رمضان


المزيد.....




- Lenovo تطلق حاسبا متطورا يعمل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي
- رؤية للمستقبل البعيد للأرض
- درون روسي -يصطاد- الدرونات الأوكرانية بالشباك (فيديو)
- صحيفة أمريكية تشيد بفاعلية درونات -لانسيت- الروسية
- الصين تستعد لحرب مع الولايات المتحدة
- كيف سيؤثر إمداد كييف بصواريخ ATACMS في مسار العملية العسكرية ...
- ماهي مشكلة الناتو الحقيقية؟
- هل تغرب الشمس ببطء عن القوة الأمريكية؟
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /30.04.2024/ ...
- كيف تواجه روسيا أزمة النقص المزمن في عدد السكان؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مجدى سامى زكى - حديث عن السعداء بالعبودية