أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر31















المزيد.....

من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر31


عبدالرحيم قروي

الحوار المتمدن-العدد: 7895 - 2024 / 2 / 22 - 04:52
المحور: الارشيف الماركسي
    


أصول الفلسفة الماركسية
الجزء الأول
تأليف جورج بوليتزر، جي بيس وموريس كافين
الحلقة الواحدة والثلاثون

ب) – حَياة المجتمع الرّوحيَّة انعكَاس لواقِع المجْتمع المَوضُوعي
ليست إرادة الناس هي التي تحدد، بصورة اعتباطية، العلاقات الاجتماعية، كما قلنا. بل أن وعي الناس يحدده واقع المجتمع المادي الذي هم أعضاء فيه.
غير أن هذا المجتمع ـ وسنعود لتفصيل ذلك في الجزء الرابع من هذا الكتاب ـ لم تولده معجزة. بل هو مجموعة العلاقات التي تكونت لتؤمن للناس نضالا ينتصر على الطبيعة، وهي علاقات يحددها، بالضرورة، مستوى قوى الإنتاج التي يملكها الناس والتي يجب عليهم التلاؤم معها. (لا يمكن أن تكون العلاقات بين الناس منذ عشرة آلاف سنة هي نفس العلاقات التي أوجدتها الصناعة الحديثة الكبرى).
حتى إذا ما أردنا أن ندرك كيف تكون الأفكار الاجتماعية انعكاسا للمجتمع وجب علينا النظر إلى هذا المجموع المعقد.
يدلل التاريخ على أنه كان للناس، في عصور مختلفة، أفكار ورغبات مختلفة فما ذلك إلا لأن الناس كانوا في هذه العصور المختلفة يناضلون ضد الطبيعة بصور مختلفة من أجل معيشتهم، ولهذا ارتدت علاقاتهم الاقتصادية طابعا مختلفا. فلقد جاء زمن كان الناس فيه يناضلون ضد الطبيعة مشتركين على أساس الشيوعية البدائية، فكانت ملكيتهم نفسها، في ذلك الوقت، شيوعية، ولهذا لم يكونوا يميزون بين "ما يخصني" و "ما يخصك" فكان وعيهم شيوعيا. ثم جاء زمن تسرب فيه التمييز بين "ما يخصني" و "ما يخصك" إلى الإنتاج، فاتخذت الملكية من ثمَّ طابعاً خاصاً فردياً. ولهذا تسرب الشعور بالملكية الفردية إلى وعي الناس. وأخيرا أقبل الزمن ـ وهو زماننا ـ الذي اتخذ فيه الإنتاج طابعاً اجتماعياً جديداً. ولهذا لم تعتم الملكية بدورها، أن اتخذت طابعاً اجتماعياً وأخذت الاشتراكية تتسرب شيئاً فشيئا إلى وعي الناس .
ندرك الآن خطأ النزعة المادية الساذجة، فهي تلاحظ أن ليس هناك فكر بدون دماغ فتستنتج من ذلك أن الأفكار الاجتماعية تقوم على أساس عضوي صرف. فإذا ما غيرنا جسم الإنسان غيرنا بذلك أفكاره السياسية!
تلاحظ النزعة المادية الفلسفية، بحق، أن الدماغ هو عضو التفكير. وأن هذا الدماغ نفسه مرتبط بالظروف الموضوعية التي تعمل على وجود الناس: فهو دماغ كائن اجتماعي. أو كما كتب ماركس يقول: "الإنسان في واقعه هو مجموع العلاقات الاجتماعية ". ينعكس إذن في دماغ المفكر "مجموع العلاقات الاجتماعية" (أما أن الإنسان يجهل ذلك أو أن أحد فلاسفة الجامعات لم يفكر به فهذا لا يغير من الأمر شيئا).
والدين أصدق مثال على أن الأفكار انعكاس للواقع.
يقول المثاليون، على غرار اللاهوتيين، أن كل إنسان يجد من تلقاء نفسه في داخله فكرة الله، وأن هذه الفكرة موجودة منذ بداية الإنسانية، وأنها سوف تستمر باستمرارها.
والواقع أن فكرة الله هي ثمرة وضع الناس الموضوعي في المجتمع القديم.
ويقول انجلز أن الدين يولد من نظريات الإنسان المحدودة، وهذه النظريات محدودة بعجز الناس البدائيين المطلق تقريبا أمام الطبيعة المعادية التي كانوا لا يفهمونها. وهي محدودة من ناحية ثانية بتعلقهم الأعمى بالمجتمع الذي لا يفهمونه والذي كان يبدو لهم أنه تعبير عن إرادة سامية. وهكذا كانت الآلهة، وهي الكائنات المهمة الجبارة المسيطرة على الطبيعة والمجتمع، انعكاساً ذاتياً لعجز الناس الموضوعي أمام الطبيعة والمجتمع.
وكان على تقدم العلوم الطبيعية والاجتماعية أن يظهر طابع المعتقدات الدينية الوهمي (الاعتقاد بوجود آلهة متعددة ثم الاعتقاد بوجود آله واحد). ومع ذلك فطالما استمر استغلال الإنسان للانسان استمرت الظروف الموضوعية التي تحمل على الاعتقاد بوجود كائن فوق البشر يوزع السعادة والشقاء على الناس. أو كما يقولون: "الإنسان يرجو ويأمل والله يحكم ويقرر".
ولهذا كان الفلاح في روسيا القديمة، وقد أرهقه الفقر وفقد كل أمل بالمستقبل، يستسلم للإرادة الآلهية. ولقد جاءت الثورة الاشتراكية فوضعت في يد المجتمع السيطرة على قوى الإنتاج ومكنته، في نفس الوقت، من إدارة المجتمع بصورة علمية، كما زادت في سيطرته على الطبيعة. فوجدت عندئذ الظروف الموضوعية لتنمحى من وعي الناس الأفكار الدينية التي ولدتها ظروف موضوعية أخرى.
وكذلك فأن الأفكار الأخلاقية هي انعكاس للعلاقات الاجتماعية الموضوعية وللتطبيق العملي الاجتماعي. يرى المثاليون في الأخلاق مجموعة من المبادىء الخالدة المستقلة عن الظروف الخارجية فهي تأتينا من عند الله أو يفرضها علينا "الضمير" المعصوم عن الخطأ. ولكن يكفي أن نعلم أن الوصية القائلة "لن تقتل قط" لم توجد وتصبح ذات مغزى ألا بعد أن ظهرت الملكية الخاصة.
وسوف تفقد فكرة السرقة، في المجتمع الشيوعي، كل أساس واقعي لأن أزدياد الخيرات سيبلغ حداً تزول معه الحاجة إلى السرقة. فكيف نتحدث إذن عن أخلاق خالدة؟ تتغير الأخلاق مع المجتمع وبواسطته. ولما كان المجتمع يتطور بواسطة نضال الطبقات فأن هناك نضالاً آخر بين أخلاق الطبقة المسيطرة وأخلاق الطبقة المستغلة (بالفتح)، يسيطر على الأخلاق الأولى روح محافظ أو رجعي، ويسيطر على الأخرى روح ثوري. ولما كانت الطبقة المسيطرة تملك، خلال سنوات طويلة، الوسائل القوية لفرض أفكارها فأن ملايين الناس تقبل أخلاق الطبقة المسيطرة على أنها الأخلاق الوحيدة. ويذهب ضحية هذا الوهم أعضاء الطبقة المسيطرة أنفسهم.
ولنضرب لذلك مثلا: قامت البرجوازية الفرنسية الثائرة في القرن الثامن عشر بهجومها ضد الإقطاع باسم الحرية والعقل والعدالة الخالدة. فكانت تجعل من مصالح، كطبقة ثورية، مصالح الإنسانية عامة. وكانت مخلصة في ذلك.
غير أن انتصار الثورة البرجوازية جعل للكلمات معناها الحقيقي والتاريخي. فدللت على أن هذه الأفكار الأخلاقية الشاملة هي التعبير عن المصالح الخاصة بطبقة معينة: الحرية؟ أجل حرية البرجوازية بأن تنتج وتتاجر من أجل أرباحها الطبقية، وأن تحتفظ لنفسها بالسلطة السياسية الخ..
وكانت تأبى هذه البرجوازية، التي قامت بالثورة تحت شعار الحرية، على البروليتاريا حرية تأليف النقابات والنضال عن طريق الاضراب. الخ. فشنقت "بابوف" باسم الأخلاق الخالدة لأنه أراد إلغاء الملكية البرجوازية. ولهذا قال انجلز:
"نعلم اليوم أن حكم العقل هذا لم يكن سوى حكم البرجوازية فكرياً، وأن العدالة الخالدة كما أعلن عنها آنئذ قد تحققت تماماً في العدالة البرجوازية .
فهل يعني هذا أنه لن يكون هناك قط أخلاق شاملة؟ كلا. فلسوف تصبح الأخلاق عامة بين الناس حين تتحقق، بصورة موضوعية، الظروف الاجتماعية التي تجعل هذه الأخلاق فعالة ـ أي حين يلغي انتشار الشيوعية العالمي كل تعارض للمصالح بين الناس، كما يلغي جميع الطبقات.
يفتح نضال البروليتاريا الثوري ضد البرجوازية (وضد أخلاقها الشاملة المزعومة) الطريق أمام انتصار أخلاق شاملة إنسانية وليس انتصار فلسفة المثاليين المشوشة. أفلا يمكننا، اليوم، أن نتوصل لهذه الأخلاق الشاملة؟ كلا. فلقد تحققت مبادئها التي تدعو للتعاون الأخوي، لأول مرة منذ المجتمع الرأسمالي، في أخلاق الطبقة الثورية الا وهي البروليتاريا. ولا سيما في البلاد التي انتصرت فيها الثورة الاشتراكية. فبينما أقامت البرجوازية، في قضائها على الإقطاع، استغلالا مكان آخر فلقد قضت البروليتاريا، بقضائها على الرأسمالية، على كل استغلال للإنسان بواسطة الإنسان.
لأن القضاء على التناقضات الطبقية يمهد السبيل لازدهار الأخلاق الشيوعية الشاملة التي تكون أخلاق طبقة البروليتاريا الثورية أول صورة لها .
نرى أن تعارض الأفكار الأخلاقية عبر التاريخ، وبصورة عامة، تعارض الأفكار، يعكس تعارض المصالح في الطبقات الاجتماعية المتناحرة. ولهذا يمكننا أن نفهم سبب تطور الأفكار الاجتماعية. فإذا انتقلت البرجوازية، مثلا، في فرنسا، خلال مئة وستين عاما، من النزعة الشمولية الأخلاقية القائلة بأن الناس جميعا أخوة إلى النزعة العنصرية الفاشية القائمة على كراهية اليهود واضطهاد العمال الأفريقيين الشماليين، فأن ذلك يفسره تطور هذه الطبقة المادي. فهي كانت تعتقد، حين كانت ثورية كانت ثورية، أنها تستطيع التكلم باسم جميع الناس. حتى إذا ما هددها الخطر بررت سيطرتها وادعت صفاء دمها، وهكذا كان يفعل الإقطاعيون!
يتبع



#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر30
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر29
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر28
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر27
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر26
- قليلا من التواضع يارفاق احتراما لمشاعر شعوبنا
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر25
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر24
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر23
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر22
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر21
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر20
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر19
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر18
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر17
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر16
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر15
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر14 ...
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر13
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر12


المزيد.....




- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس ...
- مباشر: التعريف بأهم قضايا الطبقة العاملة وقرائة أولية لفعالي ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس
- الغد الاشتراكي العدد 38
- نداء المشاركة بتظاهرات فاتح ماي بالدارالبيضاء
- الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا ...
- الشرطة تشتبك مع المتظاهرين لمنعهم من دخول ساحة -تقسيم- في إس ...
- اشتباكات بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب في ميدان تقسم بإس ...
- في يوم العمال العالمي تيسير خالد : يدعو الى استنهاض دور الحر ...
- رغم تحصين المتظاهرين الأبواب.. شاهد كيف دخلت شرطة نيويورك مب ...


المزيد.....

- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى
- تحديث.تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ
- تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر31