أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر27















المزيد.....

من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر27


عبدالرحيم قروي

الحوار المتمدن-العدد: 7891 - 2024 / 2 / 18 - 02:51
المحور: الارشيف الماركسي
    


أصول الفلسفة الماركسية
الجزء الأول
تأليف جورج بوليتزر، جي بيس وموريس كافين
الحلقة السابعة والعشرون

ميزة النّزعَة الماديّة الماركسيَّة
مَعرفة العَالَم ممكنة
------------------------------------------------
1 – الملجأ الأخير للنزعة المثالية
2 – النظرية الماركسية
أ) أثر الناحية العلمية
ب) تشويه الفكرة الماركسية عن الناحية العلمية
3 – الحقيقة النسبية والحقيقة المطلقة
4 – اتحاد النظرية بالناحية العملية
------------------------------------------------
1 – المَلجَأ الأخِير للنّزعَةِ المثاليَّة
رأينا في الدرس السابق أن ظهور النزعة المثالية الذاتية عند باركلي في القرن الثامن عشر يُفسَّر بضرورة إنقاذ النزعة المثالية الموضوعية للدين بطريق غير مباشر. غير أن فلسفة باركلي كانت عاجزة عن أن تفسر تقدم العلوم الذي حدث في عصرها. مثال ذلك الرياضيات. فقد تجاهلتها فلسفة باركلي وأعلنت أنها عبث لا طائل وراءه. ولقد رأينا أن الفلاسفة المثاليين أمثال باركلي يتحاشون الخوض في المسائل العلمية. غير أن هذا لا يكفي. فلقد بلغ من تطور العلوم، منذ القرن الثامن عشر، ولا سيما بعد أن وضع نيوتن النظرية الميكانيكية العامة عن الكون، أن أصبح وضع باركلي لا يمكن الدفاع عنه، فاضطرت النزعة المثالية إلى أن تبحث لها عن وضع للتراجع فكان لابد من إتاحة الفرصة للدين أن يستمر وأن يستفيد من الشك، وذلك حسب ادعاء الفلسفة الجديدة في قولها: "تدعي النزعة المادية أن المادة هي الأولى ولا علم لنا بذلك".
وهكذا تحاول هذه الفلسفة أن تبدو " كطريق ثالثة" بين النزعة المثالية الذاتية وبين النزعة المادية، فهي ترفض أن تتخذ موقفا معينا بصدد مشكلة الفلسفة الأساسية بقولها أنه لا يمكن اتخاذ موقف معين، فتدعي أنها تتخذ موقفاً "نقدياً" لا موقفاً "عقيدياً".
كانت النزعة المثالية الموضوعية تعلق المادة بفكر عام شامل، بينما كانت النزعة المثالية الذاتية تذيب المادة في وعينا. غير أن النزعة المثالية الموضوعية قد قضت عليها علوم الطبيعة بينما قضت الفيزيولوجيا والعلوم الاجتماعية على النزعة المثالية الذاتية، ثم تأتي فلسفتنا الجديدة التي تقول: "من أين لكم أن تعرفوا أن العلم يجعلنا نعرف الواقع كما هو؟"
لا شك أن العلوم موجودة. ولكن كي نعرف ما إذا كان الواقع الموضوعي هو في مبدئه مادة أو فكر، يجب أن نعرف أولاً ما إذا كان ذهننا يمكنه معرفة الواقع الموضوعي في ذاته. وهكذا لا تعلق هذه "الفلسفة الثالثة" المادة بالفكر وهي لا تذيب المادة في الوعي بل هي تفكر كما لو كان كل منهما غريباً عن الآخر، كما لو كانت المادة لا يمكن للفكر أو المعرفة تمثلها، كما لو كانت معرفتنا عاجزة أيضاً عن أن تسبر غور الطبيعة وإمكانيات فكرنا.
وتسمى هذه النزعة، التي تدعي أنه لا يمكن الإجابة على السؤال الأساسي للفلسفة لأننا عاجزون ـ وسنظل كذلك دائما ـ عن معرفة مبادىء الأشياء الأولية، تسمى هذه النزعة "باللاأدرية" (agnosticisme) (وتتألف هذه الكلمة من كلمتين يونانيتين تعنيان " العجز عن المعرفة").
رائد هذه الفلسفة في القرن الثامن عشر هو دافيدهيوم الأيقوسي. وممثلها الرئيسي هو عمانويل كنت الألماني (1724 ـ 1804) وقد عاش في أيام الثورة الفرنسية وتحدثنا عنه سابقا .
ولقد اتخذ، في فرنسا، في القرن التاسع عشر، أوجوست كومت (1798 ـ 1857 ) موقفاً مشابهاً، وكذلك عدد من المؤلفين الذين تمتزج عندهم اللاأدرية بصورة النزعة المثالية الأخرى.
(لا نجد في الحقيقة عند هؤلاء المؤلفين النزعات الفلسفية في حالتها الصرفة كما نجدها عند مؤسسي المذاهب بل نجد عندهم مزيجاً غير مستقر).
هذا وقد قامت فلسفة كنت بدورها في الحركة العمالية لأن أعداء الماركسية قد اعتمدوا عليها لمحاولة القيام "بإعادة النظر" في الماركسية.
فلنر إذن "حجج" اللاأدرية. كتب هميوم يقول:
"يمكن أن نعتبر أن من البديهي أن الناس يميلون بغريزتهم "الطبيعية... إلى الاعتماد على حواسهم، وأننا نفترض، في أي نقاش، وجود عالم خارجي لا يتعلق وجوده بإرادتنا بل هو موجود حتى ولو فنينا مع جميع الكائنات ذات الحساسية".
وهكذا نرى أنه حتى هيوم يعترف بأن النزعة المادية مما يقول به الرأي العام. ولكن تزعزع هذا الرأي الأساسي الشامل أشد الفلسفات سطحية، تلك التي تعلمنا أن لا شيء يتمثله الذهن سوى الصورة أو الأدراك. فتبدو الطاولة التي نراها أصغر إذا ابتعدنا عنها، بيد أن الطاولة الحقيقية التي توجد مستقلة عنا لا تتغير. وهكذا لم يدرك ذهننا سوى صورة الطاولة .
ها نحن أولاء إذن أمام صيحة على طريقة باركلي: فلنذكر مثال الشمس "المسطحة الحمراء" (الدرس السابق) مع فارق واحد وهو أن باركلي كان ينكر وجود المادة المستقل. فهيوم لا ينكر ذلك بل هو يقول بوجود "طاولة حقيقية" توجد مستقلة عنا لا تتغير بينما تتغير احساساتنا، غير أننا لن نعرف قط ما هي هذه الطاولة لأننا لا نعرف منها سوى الصور النسبية التي تنقلها إلينا حواسنا. أما الطاولة نفسها فهي لا يمكن معرفتها.
وهكذا يميز هيوم في الواقع بين مستويين: من ناحية الطاولة كما نراها، الطاولة بالنسبة إلينا التي تبدو في وعينا على شكل صورة وهي طاولة ذاتية، ومن الناحية الثانية، الطاولة الحقيقية، الطاولة في ذاتها، التي هي خارج وعينا، وهي طاولة موضوعية تكون الواقع ولكنها لا يمكن معرفتها. الخلاصة اننا لن نعرف قط سوى مظاهر الأشياء وسوف نجهل كينونتها، ولهذا لا نستطيع تحديد موقفنا من النزعة المثالية والنزعة والمادية. ذلك لأن المثالي والمادي اللذين يتناقشان باستمرار حول ماهية الأشياء في ذاتها، أهي مادة أم فكر، يشبهان رجلين يمشيان على الثلج وقد وضع أحدهما على أنفه نظارات زرقاء بين وضع الاخر نظارات وردية وقد أخذا في النقاش لمعرفة لون الثلج، فالمادي يرى الأهمية في الناحية المادية للأشياء بينما يرى المثالي الأهمية في الناحية الفكرية. أما تحديد ماهية الأشياء في ذاتها فهي خدعة باطلة، لأن كلا منهما "سجين نظرته" وهكذا تقدر أهمية هذه الفلسفة بالنسبة للذين يدعون "البقاء على الحياد" والمحافظة على "التحفظ العلمي".
وسوف يتدخل "كنت" بصدد العلم معتمداً على أفكار هيوم. ولقد اشتهر عن "كنت" أنه فيلسوف صعب جداً . ونحن نلقى في الواقع، أفكار "كنت" في كل مكان. ولا سيما الفكرة القائلة بوجود "سر" للأشياء، وأنه يستحيل علينا اكتناء هذا السر. هذا الحياد الخاطىء الذي فرض على المدرسة البرجوازية كما لو كان من الممكن الأخذ بالقسطاس المبين بين الحقيقة والخطأ، بين العلم والجهل، وهذه هي الفكرة القائلة بأنه لا يجب أن يشتد الإنسان في تأكيده، وأن الحق في كل مكان، وأن "لكل إنسان وجهة نظره" الخ...
كل ذلك نموذج صرف للأفكار التي يمكن أن تضلل الجماهير.
يعتمد "كنت" إذن على التمييز بين الشيء في ذاته الذي لا تمكن معرفته، وبين الشيء بالنسبة إلينا في ظاهره الذي يتولد عن الأثر الذي يحدثه الشيء في ذاته على أعضاء حواسنا، فنحن لسنا في الأشياء ولن نكون فيها قط. هذا من ناحية ومن ناحية ثانية تتعدد الظواهر وتختلط وتتناقض. ولهذا فلسوف تكون مهمة العلم هي تنظيم هذه الظواهر وتكوين لوحة منسجمة ترضي حاجتنا إلى المنطق. فكيف سيحدث ذلك؟ يقول "كنت" أن الذهن الإنساني هو الذي يفسر معطيات الحواس حسب متطلباته الخاصة، وليس العلم سوى ثمرة هذا التفسير. وهكذا تكون قوانين العلم ـ التي هي عبارة عن العلاقات بين الظواهر ـ ثمرة الذهن الإنساني فقط. فهي بدلا من أن تعكس قوانين المادة الحقيقية فأنها تعكس "قوانين" الذهن الإنساني ومتطلباته، وهي بدلاً من أن تمثل الحقيقة الموضوعية فأنها لا تمثل سوى حقيقة ذاتية. وهي لا تتعلق، حقاً، بزيد أو عمر من الناس ولكنها تظل مع ذلك، عند "كنت" متعلقة بالذهن الإنساني (كما لو كان يمكن أن يكون هناك ذهن الهي يرى العالم بطريقة أخرى).
ما هي نتيجة هذه النظرية؟ يطفو العلم على سطح الأشياء ويجري تطور العلوم الوهمي على ستار يكمن وراءه سر مطلق خالد لا يُسبر غوره. ولهذا لا يجب أن ننسب للعلم أية حقيقة مطلقة. فهو ليس سوى تفسير. وهكذا تفضي فلسفة "كنت" الى الشك والجمود حتى في ميدان البحث العلمي النظري.
يفضي الأمر باللاأدريين إلى عدم التمييز بين أخطاء العلم في الماضي وحقائق العلم اليوم. فهم يقولون: "أن ما هو حقيقة اليوم سيصبح خطأ غداً" ثم يخلصون إلى القول بأن العلم اذا أخطأ مرة لا يمكننا معرفة متى لن يخطىء. فهم يخلطون بين ذهن العالم النقدي المنهجي في مختبره وبين ذهن الشك الشامل. فهم يرون أن المعرفة تقيم حاجزاً بيننا وبين العالم. ومن هنا كانت الأقوال التي لا تنتهي والتي نشرتها الجامعة البرجوازية حول قيمة العلم وإفلاس العلم الخ... فإذا كان العلم لا يبحث الا في المظاهر فأنه في النهاية ليس سوى مظهر علم ومظهر معرفة.
قلنا أن اللاأدرية اتخذت أشكالاً متشابهة يجب علينا معرفتها. فهذه نزعة أوجوست كومت تؤكد أنه يجب على العلم أن يكتفي بادراك العلاقات بين الوقائع دون البحث عن سبب هذه العلاقات، يجب عليه أن يحرم على نفسه البحث عن "سبب" الأشياء وأن لا يسعى للوصول إلى المطلق، لأن كل بحث من هذا النوع وكل نظرية تفسيرية للظواهر توضح جوهرها يرفضها أوجوست كومت لأنها "ميتافيزيقية" مستخدماً هذه الكلمة استخداماً غير شرعي. تلك هي عقيدة الجامعة البرجوازية الرسمية فيما يتعلق بالعلم.
أما النزعة "الأسمانية" (Nominalisme) التي قال بها، مثلا، هنري بونكاريه فهي ترى أن العلم ليس سوى "لغة" وطريقة لصوغ ما ندركه من الظواهر، وهي ليست قط تفسيرا نهائيا للواقع. حتى أن هنري بونكاريه يشك من جديد بالاكتشاف الكبير القائل بدوران الأرض حول الشمس، ولا يرى في نظرية كوبرنيك سوى "لغة". لا تعطي هذه الفلسفات فكرة خاطئة عن العلم فقط بل تدفع به في طرق يصبح فيها مجدباً، فهي تحرمه من جرأة العلم في عصر النهضة، وتعمل على جعل العلم مسالما. ولقد كان لجميع هذه النزعات، منذ مئة عام خلف كثير في فرنسا وفي ألمانيا وفي انجلترا وفي أميركا، ونجحت نجاحا باهرا في ميدان العلوم الاجتماعية.
ولنوجز القول الآن في اللا أدرية:
1ـ لا تجابه اللا أدرية العلم وجها لوجه، لأن ذلك لم يعد ممكناً أيام "كنت" و "كومت". كما أنها لا تنكر وجود الواقع الموضوعي، فهي أمام العلم، إذن، مادية، ولكنها تسرع إلى القول بأن العلم ليس كل المعرفة. يسعى اللاأدري إذن إلى التقليل من رصيد العلم. وإلى إخفاء محتواه المادي وقيمته كمعرفة، وإلى الهروب من المادة مع القول بها بصورة لا تجلب المضايقات. يعني ذلك أنها تسعى إلى مصادرته لخدمة النزعة المثالية. ولسوف يُستخدم العلم للتغني بفضائل "الذهن الإنساني". وهذه النزعة المادية، باختصار هي نزعة مخجلة.
وإذا حاول أنصار "كنت" المحدثون في المانيا أحياء أفكار "كنت" من جديد، أو حاول اللاأدريون في انجلترا أحياء أفكار "هيوم" من جديد، فأن ذلك، من الناحية العلمية، تقهقر بالنسبة لدحض هذه الأفكار نظرياً وعلمياً منذ أمد طويل. كما أن ذلك، من الناحية العلمية، طريقة مخجلة لقبول النزعة المادية خفية ونكرانها جهاراً .
2ـ يتفق هذا الموقف "المتوسط" مع حاجات البرجوازية التي لم يكن يمكنها، في عصر ازدهار الرأسمالية، الاستغناء عن تطور العلوم في خدمة الإنتاج والتي كانت تبحث، في نفس الوقت، عن حل وسط مع الأفكار الإقطاعية ومع الدين لأنها بحاجة إلى توطيد سلطانها، كما كان الحال في فرنسا أيام "كومت"، أو لأنها لم تكن قد تحررت من النظام الإقطاعي، كما كان الحال في ألمانيا أيام "كنت".
3ـ ليست اللاأدرية موقفا وسطا الا في الظاهر. فماذا يعني رفض المطلق، مثلاً، في السياسة عند "كومت" من الناحية العملية؟ نجد الجواب على ذلك في قوله المأثور: "لا بعث ولا ثورة"
وهذا قول برجوازي رائع. وإذا كانت اللاأدرية تكتفي بنزعة مادية مخجلة، لا تجرأ على النضال جهاراً مدعية أنه لا يمكن تحديد موقف معين، فأنها بذلك لا تترك المجال على السواء بين الخصمين بل تتركه للأقوى.
فمن هو الأقوى من الناحية العملية؟ لا شك أنها النزعة المثالية كما دلل على ذلك، لينين في "ما العمل؟" لأن النزعة المثالية أقدم، كفلسفة رسمية، ولأنها تغري العقول، نظرياً، بالسهولة.
أما النزعة المادية، فهي، على العكس، ليست رسمية، وهي صعبة لأنها عملية كما أنها غير معتادة. يشبه "تجرد" اللاأدرية إذن "عدم التدخل" عند "ليون بلوم" بين الجمهورية الأسبانية والتدخل الفاشيستي. ويعلم "كنت" جيداً أنه إذا تركنا الناس بدون جواب نظري له قيمته فأنهم سوف يسعون نحو الذين يدعون تقديم الجواب، وهم من المثاليين واللاهوتيين، لأن الناس بحاجة لليقين الفلسفي، "فالحياد" اللاأدري ليس إذن سوى رياء.
وسوف نرى، فوق كل ذلك، أن اللاأدرية لها أصول مثالية على المستوى النظري.
4ـ تؤدي اللاأدرية، أخيرا رأسا إلى التصوف ونزعة "الإيمانية" (fideisme) وهي عقيدة رجعية تقول بوجود نوع آخر من "المعرفة" يسمو على العقل، ألا وهو الأيمان.
ترفض اللاأدرية جميع محاولات العقائد الدينية للتدليل العقلاني، تلك المحاولات التي قامت بها النزعة المثالية الموضوعية لأنها تعتقد أن معرفة مباديء العالم، سواء كان الله أو المادة، غير ممكنة بواسطة العقل والفلسفة.
والخلاصة أننا لما كنا نجهل الأشياء ولما كان الإنسان محاطا بسر لا يُسبر غوره فلا مانع من أن نصل للحقيقة المثلى بواسطة طرق غير عقلانية أو صوفية. كما أنه لا مانع من أن نتيح للايمان الفرصة وأن نعتقد بأن التصوف هو المعرفة الحقة .
لا تقول اللاأدرية، كما تقول النزعة المثالية الدينية، "الدين هو الحقيقة بصورة فلسفية". بل هي تقول: "ربما لم يكن الدين خطأ، ربما كانت الحقيقة في الدين" وهكذا نرى الفرق، وهو فرق يكفي ليثير عليها صواعق الكنيسة من الناحية النظرية ومساعدتها من الناحية العملية.
نزعة الايمانية المعاصر لا ترفض العلم البتة. وهي لا ترفض سوى "مزاعمه المبالغة" وهو ادعاؤه اكتشاف الحقيقة الموضوعية. وإذا كانت هناك حقيقة موضوعية (كما يعتقد الماديون)، وإذا كانت العلوم الطبيعية، وهي تعكس العالم الخارجي في "التجربة" الإنسانية، الوحيدة التي تستطيع أن تمدنا بالحقيقة الموضوعية لوجب علينا رفض كل نزعة إلى الايمان بصورة مطلقة .
فإذا كانت اللاأدرية تجعل من العلم حقيقة ذاتية فأنها بذلك تترك للايمان الحقيقة الموضوعية. ولقد قال لينين: "إذا كشفتم الغطاء عن اللاأدري الفيتم المثالي". ولما كانت اللاأدرية تبدأ بالنزعة المثالية الذاتية فأنها تفضي إلى النزعة المثالية الموضوعية. لهذا فأن كل ما يتطلبه اللاهوت هو أن نتيح له الفرصة ليجرب حظه. وإذا كانت اللاأدرية والنزعة الموضوعية تحدان من أفق العلماء وتحرمان عليهم كل تعميم نظري واسع النطاق فأنهما تسلمانهم للأختلاقات الخيالية التي يعدها اللاهوت من أجلهم، ويخاطبهم البابا بقوله:
"أنكم ترون أن العلم عاجز. والايمان وحده يتيح لنا كشف سر الكون". غير أن النظرية الماركسية عن المعرفة ومنهج النزعة المادية الجدلية، يمكنهما أن ينقذا العلم من هذا "العجز" الذي وضعته فيه النزعة الموضوعية.
يتبع



#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر26
- قليلا من التواضع يارفاق احتراما لمشاعر شعوبنا
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر25
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر24
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر23
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر22
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر21
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر20
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر19
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر18
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر17
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر16
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر15
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر14 ...
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر13
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر12
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر11
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-اصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر10
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-يوليتزر9
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر8


المزيد.....




- لا لاتفاق العار، لا للمس بمكاسبنا في حرية الإضراب والتقاعد و ...
- مئات المتظاهرين في تل أبيب يطالبون بصفقة لتبادل الأسرى
- ‏ -الفوضويون- ينفذون أعمال شغب في مونتريال والشرطة تتصدى بال ...
- مدججين بمعدات مكافحة الشغب.. الشرطة الأمريكية تواجه وتعتقل م ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-صريخ- روبرت دي نيرو في متظاهرين ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس ...
- مباشر: التعريف بأهم قضايا الطبقة العاملة وقرائة أولية لفعالي ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس
- الغد الاشتراكي العدد 38
- نداء المشاركة بتظاهرات فاتح ماي بالدارالبيضاء


المزيد.....

- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى
- تحديث.تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ
- تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر27