أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - أجمد هيكل - التعدد أصل العلاقات الإنسانية














المزيد.....

التعدد أصل العلاقات الإنسانية


أجمد هيكل

الحوار المتمدن-العدد: 7833 - 2023 / 12 / 22 - 02:22
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


مصطلحات "الإخلاص الزوجيّ" و"الحب المقدس" هي محض أوهام صنعها البشر وتراكمت بفعل تأثير الثقافة السائدة والفكر الموجه. ففي الحقيقة، لا توجد قداسة للمشاعر؛ المشاعر متغيرة والحب قد تشوبه لحظات وأوقات تحيله إلى الفتور والملل. فهذه نظرة مثاليَّة لطبيعة العلاقة الزوجية، والمنطقيّ أن تتخلل علاقاتنا الإنسانية نزوات ورغبات شتى حتي لو كانت طارئة ومؤقتة وعابرة. أما الكذبة الكبرى فهي أن هناك حبا خالدا إلى آخر العمر وأن النفس لا تهوى إلا حبيبا واحدا وأنها لا يمكن أن تجمع بين أكثر من حبيب. فالطبيعة البشرية تميل إلى التعدد في الحب والعلاقات الإنسانية والعاطفية. فالمرأة قد تنسى رجلا أحبته لعيوب اكتشفتها فيه بعد ذلك، وقد تحب رجلا آخر غيره وتنفصل، وقد يبقى كلا الزوجين محافظين على علاقتهما مع وجود الفتور بسبب وجود الأبناء. فتنشأ نزوات من كلا الطرفين ويبحث كل منهما عما يفقده في شريكه. وفي خضم تقلبات الحياة قد تُنْسِي امرأة رجلا حبه لامرأة حالية، وقد يجمع بين الاثنين، والعكس صحيح، فقد تصادق المرأة رجلا آخر غير زوجها.
وسبب ذلك معروف، وأظن أنه من البديهيات، فشخصية كلا الزوجين أو الشريكين وطباعهما تتغير مع الأيام، وهو ما يجعل علاقتهما شبه مهددة بكتابة الفصل الأخير فيها، لتغير الثقافة والقناعات الشخصية واختلاف خبرات كل منهما، بالإضافة إلى خوض كلٍّ لتجارِبَ مختلفة عن الآخر، مما يشكل لديهما تصورات مختلفة ورؤى متباينة.
أما مسألة تعلق الرجل والمرأة كليهما بشريكه تعلقا دائما أبديا، وأن الرابطة بينهما ميثاق غليظ لا ينفك وعروة وثقى لا تنحل، وأنهما لا يمكن أن يخوضا أي تجارب عاطفية أخري سواء مع الزواج أو خارجه.. فهي ليست إلا دعايات النظام العبودي العالمي التي يبثها بإصرار واضح عبر الأفلام والمسلسلات وترسخها أقلام الكتاب وتدافع عنها كتب المفكرين الذين يدافعون عن نظام مثلِ هذا.
إن الرجل لا يملك مشاعر المرأة وروحها فضلا عن أن يملكها كجسد وكيان ومادة، كما أن المرأة لا تملك زوجها كروح وجسد ومشاعر. إن حياة كل منهما حتى فيما يتعلق بالمشاعر والعاطفة لها خصوصية، وليست مستباحة بشكل مطلق.
فمن قال إن ارتباطنا بإنسان وارتضاءنا العيش معه يعني التنازل عن أخص خصوصيات حياتنا الشخصية وعلى كل مستوياتها وأن يصبح كلانا نهبا مباحا للآخر؟!
إن دخول كلا الطرفين في حياة بعضهما لا يعني إلغاء المساحة الشخصية لكليهما، بل يجب أن يحترم كل طرف منهما اختيارات الطرف الآخر و ألا تستحيل دوافع الحب إلى كتلة من مشاعر الغيرة والتحسس إزاء أي مشاعر إنسانية راقية قد يبديها أيٌّ منهما لشخص آخر. فالنفس تهوى كل جميل، وتنحاز إلى ما يحيي فيها هذا المعني ويشد عليه.
وأكبر معاندة لنظام الطبيعة ابتدعها الإنسان هي إنشاؤه لهذه القوانين التي جعل بها مشاعر الحب لعنة تصيب صاحبها وتطارده للأبد، فإذا أحب لم يملك فكاكا من حبيبه، وإذا دخل في عاطفة مشبوبة مشحونة بأحاسيس ملتهبة، كانت قدرا محتوما وصورة وحيدة للإعجاب والوله.

نعم، إن الأصل - وفقَ نظام الزواج الحديث - أن يحب الرجل امرأة واحدة وأن تألف النفس نفسا أخرى مثلها، لكن حتى هذا الأصل هو نظام اجتماعيّ استحدثته البشرية مع تطور وسائل الإنتاج.
فوفقا للفلسفة المادية أو المادية الجدلية، لقد جاءت المادة قبل الفكر. وذلك خلافا لما كان شائعا سابقا، وفق فلسفة هيجل، من أن الفكر يسبق المادة. لكن اتضح وفق قوانين الاشتراكية العلمية وإسهامات عدد من الفلاسفة المحدثين أن أفكارنا وقوانيننا ونظمنا الفكرية والاجتماعية والسياسية هي محصلة الواقع المادي والديالكتيك أي الصراع بين المتناقضات .
إذا كان ذلك كذلك، فإن كل أفكارنا وأحاسيسنا ومشاعرنا هي نتاج هذه المنظومات الكبرى التي تتحكم في حياتنا ومن ثم تصوغها وتشكلها وفق ما تريد.
وبرغم استقرار نظام الزواج الحديث الذي يقصر العلاقة العاطفية والجنسية على رجل وامرأة، والذي استمر لآلاف السنين، فإن ذلك لم يكن ليحول دون اتخاذ البشر عديدا من الأشكال المختلفة للعلاقات الإنسانية. فقد عرف البشر في ظل هذه المنظومة الأسرية تعدد الزوجات، والمساكنة والعلاقات المفتوحة غير المقيدة بقيد. وكلها أشكال من التمرد على الشكل الواحد للعلاقات العاطفية التي حددتها الإنسانية كشكل وحيد مسموح معترف به للعلاقات الإنسانية.
وقد يري البعض في ذلك شذوذا أو انحرافا عن الطبيعة البشرية. والحقيقة أن ذلك غير صحيح، فالتعدد هو أصل العلاقات منذ فجر التاريخ، وما طرأ عليها من تغير استحالت معه إلى نظام الزواج الثنائي، هو بفعل تغير وسائل وقوى الإنتاج واستئثار الذكر بفائض الثروة. مما دفعه إلى التحكم في سلوك المرأة، وتقييد علاقاتها بما يحفظ النسل والذرية لصالحه.

لكن هذا الأمر لم يسر عليه كما سرى على المرأة، فالرجل ظل يعدد جنسيا برغم ظهور نظام الزواج الحديث أو الثنائي. وبرغم أن تعدد الزوجات يعد من رواسب المشاع القديم، فإنه كان من مصلحة الرجل بعكس تعدد الأزواج الذي كان مؤذنا بزوال ثروته وتفتيتها، الأمر الذي تعارض مع إرادة الاستحواذ والتملك التي بشرت بها تلك الفترة، وقامت عليها مؤسسة الأسرة كنظام اجتماعيّ عبوديّ.



#أجمد_هيكل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحرر المرأة والمجتمع الذكوريّ
- محطات فكرية سلبية في تراثنا
- هل يمكن تحجيم الشهوة ؟
- شعر العاميَّة وتدنِّى الذائقة الفنية
- العلاقة بين تراجع دور التعليم والثقافة وانتشار الفكر الأصولى ...
- المعتزلة وأزمة العقل المسلم مع التنوير
- الثقافة الذكورية وجسد المرأة
- جمود الحركة الإسلامية نذير بزوالها
- عرىّ الجسد.. بين النظرة الجمالية والشهوانية
- هل الأسرة التقليدية هي أفضل أشكال الروابط الاجتماعية ؟
- عن الأسرة والتحولات الاجتماعية مرة أخري
- كيف نشأت العائلة ؟
- الحرية بين الإسلام والثقافة الغربية
- الصراع بين الدين والعلم من جديد
- ماذا بعد الكورونا ؟
- العالم بعد كورونا


المزيد.....




- قطب صناعة السينما هارفي وينستاين يعود إلى المحكمة بعد إلغاء ...
- -نظام الملالي- والمرأة.. موجة قمع جديدة ضد النساء في إيران
- 1 May 2024
- لبنان.. تقارير تشير إلى اغتصاب 30 طفلا من قبل -تيك توكر- شهي ...
- جندي إسرائيلي سابق يكسر الصمت: استهدفنا النساء والأطفال في غ ...
- “فرح العيال”.. استقبل ترددات قنوات الاطفال 2024 Kids Channel ...
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل بالجزائر 2024 ...
- هل هناك مستقبل لمساحات العمل المخصصة للنساء فقط؟
- لأنها من أقارب ديكتاتور أحد الدول.. حرمان امرأة من الحصول عل ...
- الحكومة الأسترالية تخصص أموالاً لمساعدة النساء المعنفات والأ ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - أجمد هيكل - التعدد أصل العلاقات الإنسانية