أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالغفار محمد سعيد - القونات ، احدى تجليات سيادة ثقافة الطفيليين















المزيد.....

القونات ، احدى تجليات سيادة ثقافة الطفيليين


عبدالغفار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7755 - 2023 / 10 / 5 - 16:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


القونة او القون تسمية تطلق على مغنيات ومغنيين ، لنوع معين من الغناء يسمى الزنق،لا يحتوى على الشعر الغنائى الذى عرفت به الاغنية السودانية قديمها وحديثها بما فيها اغانى البنات، فهو فى الاساس يعتمد على ترديد كلمات غالبا ماتصنف (نابية) فى المجتمع السودانى وموضوع الاغانى هو التنافس بين المغنيات و الحسد و التفاخر بالقدره على انتزاع رجال النسوة الاخريات ،واطلاق الاوصاف البشعة على المغنية او المرأة المنافسة، وغالبا ما تؤلف القونة نفسها الكلام الركيك الذى يسمونه غناء، و تعتمد القونة غالبا على رقصها المثير فى جزب الانتباه والاعجاب، و رقص مجموعتها من الجنسين والتي تلتف حولها. الشيء الملاحظ هو ان اغلب القونات من الأميات أو ذات التعليم المحدود. اما القون الرجل فهو تقريبا يردد نفس الكلام الذى تردده القونة المرأة.
غالبا ما يتم التعاقد مع القونة لاحياء حفلات الحناء ، واحيانا حفلات الزواج ، ومعظم جمهور هذا النوع من الغناء هم من المراهقين من الجنسين. ولم يخضع حتى الآن هذا النوع من الغناء الذى ساد فى الفترة الاخيرة لدراسة اجتماعية تسبر اغواره ، وتبين اسباب انتشاره الكبير .
ان ظاهرة القونات ليست بظاهرة جديدة فى المجتمع السودانى ، لكنها كانت قبل عشرين عاما تعبر عن ثقافة قاع المجتمع ، حيث توجد الدعاره كمهنة ، وحيث يوجد عالم المثليين ،لقد كانت ظاهرة توجد فى الخفاء. ولكنها اتخذت أبعاد جديدة تماما فى السنوات العشرين الأخيرة. ذلك ان الدمار الاقتصادى الذى حدث نتاج سياسات حكومة البشير ،وسيادة ثقافة السلطة المتمثلة فى التدين الشكلى و الخداع الاجتماعى ، والكذب و الخداع باسم الدين، و الحروب التى اشعلتها السلطة فى دارفور وجنوب كردفان وادت لنزوح اعداد كبيرة من المواطنين و استقر ارهم في اطراف المدن، انهيار الطبقة الوسطى، والفساد وتفشى سرقة المال العام و تفشى ظاهرة الطلاق ، نتاج الضائقة المعيشية، ادى كل ذلك الى خلل اجتماعى كبير، تسبب فى انهيار منتظومة القيم الاجتماعية.
هذه الظروف هيئت الوضع لصعود صاروخى للقونات من قاع المجتمع الى أعلى الطبقات الإجتماعية ، حيث صار غنائهم هو السائد تعبيرا عن خلل كبير فى القيم و الزائقة و الثقافة الاجتماعية ، فصارت القونات هن من يحين الكثير من المناسبات فى البيوت السودانية على اختلاف مستوياتها الاجتماعية والمادية .
وعلى الرغم من ان القونات نتاج لثقافة النظام السابق السائدة ونتاج سياساته الاقتصادية ، فلقد واجههن النظام بحملات العنف عبر شرطة النظام العام التى فرضت عليهن الاتاوات وعرضتهن للسجن والاهانة فى اوقات كثيرة خاصة فى نهاية التسعينيات.
إن ظاهرة القونات هى إحدى أشكال التحولات التى شهدها ويشهدها المجتمع السودانى ، نتاج سيادة ثقافة الطفيليين خاصة وان أجهزة الإعلام الرسمية بدلا عن القيام بدورها فى محاولة ترقية الزوق العام تصالحت مع الظاهرة ، مما يدل على ان القائمين على امر الاعلا م لا ينفصلون عن الثقافة السائدة كما يدل ذلك على عدم وجود تخطيط إعلامى فى السودان قبل وبعد الثورة.

اسباب ظاهرة القونات:

الانهيارالاقتصادى وتفاقم الحالة الاقتصادية الذى حدث نتاج سياسات حكومة المشير البشير والذى استمر عقب ثورة ديسمبر ، 2018.
ولقد كشفت الحكومة الانتقالية عن حجم الفساد والتخريب الاقتصادي الكبير و المريع الذي تركته الحكومة السابقة
وتتلخص اسباب انهيار منظومة القيم فى الاتى:
1 – الانهيار الاقتصادى ، والذى ادى الى تفكك الاسر
2 - غياب العدالة بكل أنواعها، طوال فترة حكم البشير
3 - التراجع الحاد فى الكثير من القيم مثل قيمة العلم وقيمة العمل وقيمة الجمال وقيمة الأمانة.
4 - سيادة الاقتصاد الطفيلى والشركات والبنوك التى تمول من المال العام وكالات التصدير والاستيراد التى تعمل فى مصلحة اعضاء المؤتمر الوطنى.
5 - غياب دور الأسرة خاصة فى الاهتمام بالقيم الروحية والخلقية وانشغالها بالكسب المادى من أجل تلبية حاجات أفرادها، وكذلك غياب التخطيط الحكومى فى تنمية الشباب روحيا وفكريا.
6 - غياب الرقابة والشفافية والتخطيط والتعليم والإعلام والقدوة والمشروعات القومية وغياب أشياء كثيرة كان من المفترض أن تسهم فى إعادة بناء وجدان الناس وتنمية أذواقهم ومشاعرهم وإحساسهم بأنفسهم وبواقعهم.

أسباب كثيرة هدمت الاسس التى قامت عليها القيم السودانية ، حيث عمل نظام البشير من خلال شعبة القبائل في جهاز الامن على إشعال الفتن القبلية و تقويض التماسك الاجتماعي ، حتى كادت ان تعيد السودان الى عهد النفوذ القبلي و تقسم الشعب و تعزل شرائح المجتمع السودانى وتجعل كل شريحة منها وكأنها عالم فى ذاتها.
نشرت جريدة الاندبندنت اللندنية بتاريخ الجمعة 26 مارس 2021 عن إحصائيات صدرت من السلطة القضائية في السودان كشفت أرقاماً صادمة عن الطلاق في السودان ، حيث كشفت الاحصائية عن وقوع 7 حالات طلاق في الساعة الواحدة، ليرتفع بذلك عدد الحالات في عام واحد إلى أكثر من 60 ألف حالة، وسجلت ولاية الخرطوم وحدها بحسب الإحصائية 22 ألف حالة في 2020، ولم يقتصر ارتفاع الحالات على العاصمة فقط بل سجل عدد من الولايات أعداداً هائلة تفوق كل واحدة على حدة الخمسة آلاف حالة.
بذلك تم تحطيم و تفكيك العائلة ، وهى الحاضن الأساس و المدرسة الأولى ، فقد أصبحت في وقتنا الحالي فاقدة لكل أهلية ورمزية. صورة سيئة الإخراج للأسرة داخل المجتمع، تفكك مادي ومعنوي، كما شهدنا تحطم لصورة الأب التاريخية، فلم يعد الأب الشخص القوي والملهم لصغاره، بل قل احترامهم له وأصبح الأبناء خارج السيطرة الأبوية ليكون الشارع هو الحاضن والمربي وتكون دروس الرذيلة، الغش والانتهازية أولى الدروس التي يتلقاها الفرد لنحصل على نتيجة وخيمة وكارثية ويتحول قانون الغابة هو السائد، البقاء للأقوى وأي قوة، قوة تحطيم الأفضل، قوة تمجيد السارق والفاسد على حساب المتفوق والمثقف الذي أصبح بلا قيمة ولم يعد يحمل صفة النبوة. إنما الأمم أخلاق، إن ذهبت ذهبوا، يوم بعد يوم يزداد الوضع قتامة وبشاعة، وأصبحنا تعايش انقلاب قيمي وأخلاقي، ولقد ساهم تدهور التعليم نتاج الثورة التعليمية التي تعمدها من خلالها النظام الساقط تحطيم التعليم مساهمة فعالة في التدهور الاجتماعي، بالإضافة لابتعاد الفرد عن المصادر التي تدعوه إلى الاستقامة وتحدد له سبل الرقي الفكري والأخلاقي. لكن للأسف كان للعولمة دور بارز في تحطيم الدين الذى يدعو لمكارم الاخلاق والفكر الفلسفي الذى يغنى الروح ويرقى السلوك لصالح مناهج جديدة غالبا ما ترتبط باللبرالية الجديدة و التي تدعو للفردية و تخاطب غريزة الفرد.
الحل:
حلول لمشكلة الضائقه المعيشية ، اصلاح التعليم ، أن يعمل الإعلام الحكومة وفق تخطيط من اجل رفع الوعى العام و رفع الزوق العام عن طريق تسليط الضوء على الغناء و الموسيقى ذات المحتوى الجمالى.
فتح المجال لنشوء المنظمات المدنية الطوعية التي تستوعب وتفجر طاقات الشباب الابداعية. بناء دور للرياضة و الموسيقى و المسرح.



#عبدالغفار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهى أهم مهام المرحلة
- الانقلابيون يطبخون المؤامرات ، و التروس (الثوار)، ومعهم كل ا ...
- محاولة للانقلاب الكامل على الثورة
- بيان من حركة 27 نوفمبر : الصراع بين الماضى و المستقبل
- فوضى الدعم السريع ، الاعتقال ، التعذيب والقتل خارج نطاق القا ...
- ليخرج الملايين في 19 ديسمبر وبعدها من أجل اسقاط عساكر اللجنة ...
- بيان بمناسبة الذكرى الأولى لاعتصام القيادة العامة
- بيان من حركة 27 نوفمبر بمناسبة ذكرى عيد استقلال السودان ال64 ...
- غياب المشروع الوطنى و الازمة المستحكمة ، التنمية السياسية و ...
- بيان من حركة 27 نووفمبر بمناسبة تواصل انتفاضة الشعب السودانى ...
- غياب المشروع الوطنى و الازمة المستحكمة ، التنمية السياسية و ...
- غياب المشروع الوطنى و الازمة المستحكمة ، التنمية السياسية و ...
- بيان من حركة 27 نوفمبر بمناسبة الذكرى الثانية للعصيان المدنى
- غياب المشروع الوطنى و الازمة المستحكمة ، التنمية السياسية وا ...
- غياب المشروع الوطنى و الازمة المستحكمة ، التنمية السياسية و ...
- غياب المشروع الوطنى و الازمة المستحكمة ، التنمية السياسية و ...
- غياب المشروع الوطنى و الازمة المستحكمة ، التنمية السياسية و ...
- غياب المشروع الوطنى و الازمة المستحكمة، التنمية السياسية وال ...
- رسالة مفتوحة الى المبدع ابوعركى البخيت : أحد عشر كوكبا ، ولل ...
- غياب المشروع الوطنى و الازمة المستحكمة ، التنمية السياسية و ...


المزيد.....




- صراخ ومحاولات هرب.. شاهد لحظة اندلاع معركة بأسلحة نارية وسط ...
- -رؤية السعودية 2030 ليست وجهة نهائية-.. أبرز ما قاله محمد بن ...
- ساويرس يُعلق على وصف رئيس مصري راحل بـ-الساذج-: حسن النية أل ...
- هل ينجح العراق في إنجاز طريق التنمية بعد سنوات من التعثر؟
- الحرب على غزة| وفد حماس يعود من القاهرة إلى الدوحة للتباحث ب ...
- نور وماء.. مهرجان بريكسن في منطقة جبال الألب يسلط الضوء على ...
- الحوثي يعلن استهداف سفينتين ومدمرتين أميركيتين في البحر الأح ...
- السودان: واشنطن تدعو الإمارات ودولا أخرى لوقف الدعم عن طرفي ...
- Lenovo تطلق حاسبا متطورا يعمل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي
- رؤية للمستقبل البعيد للأرض


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالغفار محمد سعيد - القونات ، احدى تجليات سيادة ثقافة الطفيليين