أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - يامنة كريمي - تاريخ المرأة على مقاس الفكر الأبوي، إلى متى؟















المزيد.....

تاريخ المرأة على مقاس الفكر الأبوي، إلى متى؟


يامنة كريمي
كاتبة وباحثة

(Yamna Karimi)


الحوار المتمدن-العدد: 5795 - 2018 / 2 / 22 - 02:46
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تاريخ المرأة على مقاس الفكر الأبوي
إلى متى؟
يامنة كريمي

من باب المستحيلات أن يطلع أي باحث (ة) على الكتابات الإسلامية بما فيها التاريخية في موضوع المرأة، دون أن يصادف ما يشبه تلك المقدمة الغزلية او الطللية التي كانت تتصدر القصائد الشعرية عصر ما قبل الإسلام "الجاهلية". فكل المناهضين لإنسانية المرأة وكرامتها يفتتحون خطاباتهم عن المرأة بما يلي: (كانت المرأة في "الجاهلية" لا تتمتع بأي حقوق بل كانت تدخل ضمن ممتلكات الزوج تورث ضمن تركته. وكانت كسقط المتاع لدى البابليين والآشوريين والفراعنة واليونانيين والهنود والصينيين و...، وجاء الإسلام وكرمها ورفعها إلى مستوى الإنسانية. وخصها بسورة كاملة من كبار سور القرآن سماها "النساء". ومتعها بكل حقوقها بما فيها التعلم والإرث. وهي مكفية المؤونة والحاجة، ونفقتها على الرجل سواء كان أبا أو أخا أو عما أو زوجا، وما عليها إلا أن تقر في بيتها وتخضع لبعلها...)
لا ننكر أن مجيء الإسلام قد شكل ثورة على مجموعة من مظاهر الظلم في المجتمع العربي القرشي/ الأبوي بما في دلك وضعية المرأة التي كانت مزرية في بعض القبائل وخاصة في الوسط الشعبي أو الفئة الفقيرة كما سنأتي على توضيحه. أما كلام السلف المتشدد عن تكريم المرأة المسلمة كما ورد أعلاه وكما يجتر بعضه مجموعة من المحسوبين على تيار التجديد مثل الترويج لكون المرأة لم تكن ترث قبل الإسلام أو أنها لم تكن تعمل وتساهم في تكاليف العيش داخل الأسرة...، فهو ادعاء لا يمت للحقيقة التاريخية والموضوعية بصلة. كما أن أدلة هذا التيار في الموضوع كلها واهية لا تصمد أمام الحقائق التاريخية. وقد تم تخصيص هذا المقال من أجل مناقشة تلك الادعاءات وذلك كما يلي:
1- "الإسلام كرم المرأة ورفعها إلى مستوى الإنسانية وخصها بسورة كاملة من كبار سور القرآن سماها النساء".
إن اعتقاد معظم السلف ومن يحذوا حذوهم، أن وجود سورة تحمل اسم النساء في القرآن هي تكريم للمرأة، إن دل على شيء إنما يدل على أن هؤلاء قد غابت عنهم حقائق كثيرة عن عملية جمع الوحي الإسلامي وتصنيفه إلى سور وطريقة تسمية تلك السور القرآنية. كما أن اعتبار السابقين لتسمية سورة من سور القرآن بالنساء بأنها تكريم للمرأة ليس له سوى معنى واحد ووحيد هو أن الكفار والعنكبوت والرعد والأنعام والفيل... لا يقلون تكريما عن النساء لوجود سور قرآنية تحمل أسماءهم. ولن يفوتنا تنبيه القائلين بأن تسمية سورة قرآنية بالنساء هو تكريم للمرأة، أن سورة النساء هي السورة التي وردت فيها عبارة "اضربوهن" والتي لضيق آفاق من تولوا الشأن الإسلامي على مدى 15 قرنا فإن تأويل العبارة أضر بالمرأة وبالإسلام معا.
2- دعوى أن" المرأة كانت لا ترث وكانت تورث"
هذه الظاهرة وإن عرفت سابقا فإنها لم تكن عامة كما يذهب لدلك معظم السلف. لقد كانت سائدة عند بعض القبائل فقط وقبائل أخرى كانت ترث فيها المرأة بشهادة ما لا يحصى من المؤرخين من ضمنهم الدكتور جواد علي الذي قال: (هناك روايات يفهم منها ان من الجاهليات من ورثن ازواجهن وذوي قرباهن، وان عادة حرمان النساء الارث لم تكن عامة عند جميع القبائل. ولا بد أن السيدة خديجة قد ورثت أموالها الطائلة من زوجيها الذين توفيا قبل أن يتزوجها النبي...وهناك رواية تذكر ان اول من جعل للبنات نصيباً في الارث من الجاهليين هو " ذو المجاسد" ورّث ماله لولده في الجاهلية فجعل للذكر مثل حظ الانثيين، فوافق حكمه حكم الاسلام...). ونفس القاعدة تنطبق على كونها تورث، ففعلا كانت هناك من النساء من يورثن. وذلك شأن النساء من الطبقات الشعبية الفقيرة أو سبايا الحرب. أما نساء الأسر الغنية والقوية فلا تنطبق عليهن هذه الظاهرة. وأحيانا حتى سبايا الحرب كن يفتدين أنفسهن إذا أتيحت لهن تلك الفرصة، مما يثبت تمتعهن بذمة مالية. وما قلناه عن إرث المرأة وتوريثها ينطبق على ظاهرة الوأد.
3- أما قولهم: "كانت المرأة في "الجاهلية" لا تتمتع بأي حقوق بل كانت تدخل ضمن ممتلكات الزوج تورث ضمن تركته كون المرأة لم يكن لها أي حق على زوجها وأنها كانت تدخل ضمن ممتلكاته"
فهذا الادعاء يصدق عليه ما قيل في مشكل إرث المرأة، أي أن عدم تمتع المرأة بأي حقوق عند مجيء الإسلام لم تكن ظاهرة عامة، لوجود عدة شواهد تاريخية تنص على أن بعض نساء النخبة في "الجاهلية" كن لا يتزوجن إلا بإرادتهن بل منهن من كان امر طلاقهن بأيديهن. ومنهن من كانت تخطب لنفسها الرجل الذي تختاره مثل حالة السيدة خديجة وطلبها الزواج من النبي وتحملها مسؤولية الإنفاق. إضافة إلى أن وجود أكثر من نوع واحد للزواج قبل الإسلام لدليل قاطع على أن المرأة لم تكن في الغالب الأعم على تلك الصورة النمطية التي يقدمها لنا الإخباريون والتقليديون.
4- دعوى أن: " المرأة مكفية المؤونة والحاجة، ونفقتها على الرجل سواء كان أبا أو أخا أو عما أو زوجا..."
إن القول بأن المرأة مكفية المؤونة يعتبر أكبر افتراء على الله وعلى التاريخ. فالمرأة على مر العصور قد اشتغلت وتعبت واجتهدت من أجل الإنفاق على أسرتها أو المساهمة في ذلك. وبالنسبة لنساء الجزيرة العربية كغيرهم من نساء العالم، قد مارسن جميع المهن والحرف بداية ببناء البيوت وصناعة الأواني والملابس والأفرشة .... وعملن بالرعي والزراعة جنبا إلى جنب مع الرجل. ومع مرور الزمن وظهور سوق العمل أصبحت المرأة تقدم خدماتها مقابل أجر. فمارست بمكة سقاية الحجاج وخدمتهم. وكانت من النساء الماشطة والمرضعة والخاطبة والمعالجة وكذلك التاجرة والصانعة. وشاركت النساء في الحروب لا كمشجعات ومساعدات فقط ولكن كمحاربات. ومنهن كما جاء عند الواقدي أسماء بنت أبي بكر وخولة بنت الأزور ونسيبة بنت كعب.... كما اشتهرت النساء قبل الإسلام برجاحة العقل والفطنة مما جعلهن يمارسن الكهانة والعرافة والطب. كما برعت النساء قديما في قرض الشعر من أمثال الخنساء... وكدليل على المكانة الرفيعة التي كانت تشغلها المرأة في معظم المجتمعات العربية قبل الإسلام أن الولد كان ينسب لأمه وكان التفاخر بالأمهات والأخوال.

والخلاصة هي أن معظم ما ينسب لماضي المرأة المسلمة هو مجرد مغالطات تاريخية لأن واقع المرأة سابقا لم يكن موحدا ومطلقا وإنما كان مختلفا ومتنوعا بتنوع السياقات السوسيو-اقتصادية والفكرية. وعليه، فتاريخ المرأة الإسلامية لم يكن بتلك النمطية والتعميم التي جاءت عند التيار السلفي. إضافة إلى أن ما حصلت عليه المرأة من حقوق بعد مجيء الإسلام، وعلى أهميتها، لا تشكل السقف الذي لا يمكن تجاوزه فيما يتعلق بالحقوق خاصة بعد مرور 15 قرنا وما رافق ذلك من تغير في السياقات الاجتماعية والاقتصادية. وبالتالي فالنص أعلاه ليس سوى نموذجا بسيطا لغلو الخطاب الفقهي الذي يعمل بكل ما أوتي من قوة وجهد من أجل ألا يعي العامة من المسلمين بالواقع المرير الذي تعيشه المرأة المسلمة، من حيث إنها تقوم بمهام وواجبات تفوق في الغالب الأعم ما يقوم به المرء، لكنها لا تتساوى معه في الحقوق والكرامة.



#يامنة_كريمي (هاشتاغ)       Yamna_Karimi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعصيب لا يصح مع وجود الولد ذكرا كان أم أنثى
- الإعاقة السمعية والبورن آوت Burn-out
- في التفاعل مع احتجاجات الريف ج 2
- النموذج رقم 1 للتفاعل الرسمي مع احتجاجات الحسيمة/المغرب
- الكتب السماوية بين التحريف والحفظ (3)
- الكتب السماوية بين التحريف والحفظ (2)
- الكتب السماوية بين التحريف والحفظ
- حور عين، مقاربات للحد من الشبهات
- حور عين: التأسيس النظري واتساع الأفق الفكري
- الاختمار بين الحقيقة والنفاق الجزء 2
- الاختمار بين الحقيقة والنفاق الجزء 1
- المجتمع المتدهور وليد -الفقه- المتحجر(2)
- المجتمع المتدهور وليد -الفقه- المتحجر
- الغائب أو المُغيَّب في (وليس الذكر كالأنثى)
- المساواة المطلوبة بين الجنسين بالمغرب
- هذا جوابنا والله شاهد على صدقه
- إخفاء الحقيقة التاريخية للمرأة الأمازيغية شكل من أشكال طمس ا ...
- إخفاء الحقيقة التاريخية للمرأة الأمازيغية شكل من أشكال طمس ا ...
- إخفاء الحقيقة التاريخية للمرأة الأمازيغية شكل من أشكال طمس ا ...
- أي سياق لتعيين وزيرات بالإمارات؟


المزيد.....




- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...
- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - يامنة كريمي - تاريخ المرأة على مقاس الفكر الأبوي، إلى متى؟