محمد جاسم اللبان - عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: سياسة الحزب الشيوعي العراقي في ميدان التحالفات .


محمد جاسم اللبان
الحوار المتمدن - العدد: 5777 - 2018 / 2 / 4 - 19:54
المحور: مقابلات و حوارات     

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة، وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى، ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء، تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -217- سيكون مع الأستاذ محمد جاسم اللبان - عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي  -  حول: سياسة الحزب الشيوعي العراقي في ميدان التحالفات .


تولي الأحزاب الشيوعية أهمية إستثنائية للعلاقة مع الجماهير، لاسيما الكادحة والمحرومة منها ، فهي مبرر وجودها ، وهدف نشاطها وعملها في مختلف المجالات ولإنها تمثل مصالحها الطبقية والإجتماعية ، وكل طموحاتها في العيش الرغيد والحياة الحرة الكريمة.
فهي إذن ليست أرقاما تضاف الى قوائم الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية للبلد المعني ، بل هي أحزاب للتغيير الإجتماعي، ولهذا جوبهت من قبل الطبقات الإستغلالية وسلطاتها الحاكمة بالعنف والملاحقة والتصفيات الجسدية، وبالإفتراءات الأيديولوجية والسياسية ، في محاولات بائسة لوأدها في مهدها ، قبل ان تنمو أشجارها وتصبح غابة يصعب إجتثاثها.

ومن أجل هذه الأهداف النبيلة، التي نذرت نفسها لتطبيقها على ارض الواقع تقوم وبالإستناد الى النظرية الماركسية ، والمنهج الديالكتيكي بتحليل الأوضاع السياسية والإقتصادية- الإجتماعية وموازين القوى السائدة في المجتمع وبالتالي تشخيص طبيعة المرحلة التاريخية ، وما تتطلبه من تحشيد وتعبئة للقوى والفئات والطبقات الإجتماعية التي تقترب منها في الفكر والممارسة ، وعبر تحالفات وإئتلافات تستند في الأساس الى برامج سياسية تلبي مصالح جماهيرها ، وتصون حقوقهم المشروعة .
ولعل الحزب الشيوعي العراقي ، هو أحد الأمثلة المتميزة في تجسيد هذا النموذج من أحزاب شغيلة اليد والفكر، وفي إقران القول بالعمل. ولهذا أرتبطت الإنجازات والمكاسب التي حققها الشعب العراقي بنضاله المديد، وتضحياته الجسيمة، إرتباطا وثيقا بنضال الحزب الشيوعي وبالتضحيات الغالية التي قدمها طيلة تاريخه المجيد.

لقد أولى الحزب الشيوعي العراقي ، قضية التحالفات الوطنية والإجتماعية إهتماما خاصا ، وإعتبرها ركنا أساسيا في سياسته العامة ومواقفه ، إدراكا منه لطبيعة المرحلة التاريخية ، وعدم قدرة أي حزب مهما كان كبيرا ، ولا أي طبقة إجتماعية لوحدها إنجاز أهدافها ، وبالتالي ضرورة تجميع وتحشيد كل القوى المؤمنة بهذه الأهداف وبمصالح الشعب والوطن في إطار سياسي وتنظيمي ، يعمل لإنجازالمهمات الوطنية والديمقراطية.
لم تكن هذه المهمة الكبيرة سهلة أبدا في ظل الأجواء المعادية للشيوعية والحكومات الرجعية والدكتاتورية الحاكمة في العراق. كما كانت الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية العراقية مترددة أو رافضة للتعاون أو التحالف مع الحزب الشيوعي العراقي ، بسبب الدعايات المغرضة ضد الشيوعيين ، ودفاعا عن مصالحها الطبقية ، فضلا عن تعقيدات الحياة السياسية في العراق وصعوباتها الجمّة.
بيد إن الشيوعيين العراقيين لم ييأسوا ولم يبخلوا بأي جهد أونشاط للوصول الى غايتهم ، ونجحوا في إقامة العديد من ألتحالفات والإئتلافات ، لم يحقق البعض منها الأهداف المرسومة في برنامجها التحالفي، نتيجة المواقف السلبية للأطراف الأخرى ، والتي أدت في المطاف الأخير الى إنفراطها، وإتخاذ مواقف عدائية أحيانا بل إجرامية ضد الشيوعيين كما حصل في التحالف مع البعث!

بعد الغزو وألإحتلال الأمريكيين للعراق، بذريعة إسقاط النظام الدكتاتوري ، وكنا قد عارضناهما وأدناهما بشدة ، بل نصحنا المعارضةالعراقية مرات عديدة، بعدم المراهنة على الأجنبي في إسقاط نظام " صدام حسين " لأن ذلك سيؤدي الى دمار العراق فوق دماره وخرابه الشاملين، ودعوناها إلى إقامة جبهة وطنية واسعة تضم أحزاب المعارضة والقوى الوطنية في القوات المسلحة من ضباط ومراتب للإطاحة به ، والسير قدما لبناء نظام ديمقراطي حقيقي ، يضمن مصالح جميع العراقيين بصرف النظر عن أديانهم وطوائفهم وقومياتهم وعشائرهم ، ولكن إصرار الآخرين غلى إيكال مهمة إسقاط الكتاتور الى الأمريكيين وحلفائهم ، أفشل هذا المشروع الوطني الديمقراطي .
وقد شارك الحزب في العملية السياسية ، ومن ثم في مجلس الحكم ، من أجل ألاّ ينفرد الأمريكيون والمراهنون عليهم في تقرير مصير العراق وشعبه ، ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه. كما شارك في كل الإنتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات لنفس الغرض ، ودخل في تحالفات إنتخابية كانت نسبة النجاح فيها متفاوتة.

إستعدادا للإنتخابات القادمة وتنفيذا لقرارات المؤتمر الوطني العاشرلحزبنا الشيوعي العراقي بضرورة الإنفتاح على كل القوى الوطنية والمعتدلة في المجتمع العراقي ، لتغيير موازين القوى السياسية السائدة ،وإحتكار السلطة من قبل الكتل المتنفذة والفاسدة ، المصرة على نهبها للمال العام وتخريب البلد ، وعلى تأبيد بقائها في الحكم دون وازع من ضمير أو شرف ، وذلك عبر بناء تحالف واسع عابر للطائفية ، مدني ديمقراطي يؤمن بالعدالة الإجتماعية ، فإنبثق تحالف " تقدم " أولا ، وكان الحزب حريصا الى أبعد الحدود على تماسكه وتطويره بإستمرار لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن ، وتشتت قواه مع الأسف الشديد بالضد من رغبة وطموح الحزب الشيوعي العراقي.
ثم جرى الإتفاق على إقامة تحالف " سائرون " الذي ضم سبعة أحزاب رئيسيه، بعد أن نجح المتنفذون في إعادة إنتاج المفوضية " المستقلة "للإنتخابات على أساس المحاصصة’ ، وتكريس قانون الإنتخابات الجائر وتشكيل قوائمهم الإنتخابية على وفق المحاصصة الطائقية- الأثنية للإستمرار في جر العراق الى الحضيض .

ضم تحالف " سائرون " الحزب الشيوعي العراقي/حزب إستقامة الوطني المدعوم من التيار الصدري ويرأسه د. حسن العاقولي / حزب الشباب للتغيير برئاسة عدنان العزاوي/ حزب الدولة العادلة برئاسة قحطان الجبوري/ حزب الإصلاح والترقي برئاسة مضر شوكت/ حزب التجمع الجمهوري برئاسة سعد عاصم الجنابي/ حزب نداء الرافدين برئاسة عبد الخضر طاهر ، كما يضم شخصيات وطنية ديمقراطية وأكاديمية، وهي القائمة الرئيسية العابرة للطوائف ( مع قائمتين صغيرتين ) وهذا ما يجسده البرنامج السياسي الإنتخابي لتحالف " سائرون " الذي إستلهم أغلب مواد وبرنامج " تقدم " الإنتخابي .
أما التحالفات والأحزاب المجازة الأخرى ( 27 تحالفا/206 أحزاب ) فتنقسم الى طائفية وقومية وعشائرية بإمتياز وإن إدعت خلاف ذلك !

كان التحالف مع التيار الصدري وبقية الأحزاب متوقعا بسبب ألإشتراك سوية في الحراك الجماهيري طيلة السنتين والنصف الماضية ، والتقارب الذي حصل بين قواعد هذه الأحزاب ، وتبني شعارات إصلاح العملية السياسية ومحاربة الفساد ، وتوفير الخدمات ،ورفض الطائفية السياسية ، والعمل من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية ، وإنقاذ العراق من المحنة التي يعيشها .
لقد كان الشيوعيون صادقين دائما في تعاملهم مع الآخرين ، وأوفياء للوعود ، طالما كانت في مصلحة الشعب والوطن ، مع إصرارهم للإحتفاظ بإستقلالهم الفكري والسياسي والتنظيمي في أي تحالف يكونون طرفا فيه. كما إنهم يعملون بكل طاقاتهم لتعزيزتحالفاتهم وتوسيعها ، وتعبئة الجماهير لدعمها وإسنادها .

إنها فرصة لكسر إحتكار السلطة ، وإيصال عدد من المدنيين والديمقراطيين والوطنيين الى البرلمان والحكومة ومجالس المحافظات ، لخدمة أبناء الشعب وإصلاح العملية السياسية .
وفي الختام الدعوة موجهة لكل من يعز عليه العراق شعبا ووطنا للتصويت الى التحالف ( سائرون ) العابر للطوائف، والقادر فعلا على تغيير ألوان اللوحة السياسية الشديدة السواد ، ولو بصورة جزئية في هذه المرحلة .