أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عادل الامين - نظرية المعرفة في الفكرة الجمهورية السودانية















المزيد.....

نظرية المعرفة في الفكرة الجمهورية السودانية


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 5666 - 2017 / 10 / 11 - 11:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


قائمة على النص القراني من سورة الروم قال الله تعالى ((وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) صدق الله العظيم
إن البيئة التي نعيش فيها إذن إنما هي بيئة روحية، ذات مظهر مادي.. و هذه الحقيقة ستحدث ثورة في مناهج التعليم الحاضرة، التي ظهر قصورها، و إليها يرجع فساد الحكم، و قصور الحكام، و المحكومين .. ما هي الروح؟؟ هي الجسد الحى الذي لا يموت!! و في المرحلة ،قبل ظهور الجسد الحي، الذي لا يموت، فان الروح هي الطرف اللطيف من الجسد الحاضر - الروح هي العقل المتخلص من أوهام الحواس، ومن أوهام العقل البدائي الساذج .. الروح هي العقل المتحرر من سلطان الرغبة - الهوى .. ونحن لا نصل إلى الروح إلا بالإيمان، و بتهذيب الفكر، ومن أجل ذلك قال النبي الكريم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به..)) و ما جاء به هو الشريعة، والطريقة، والحقيقة .. هذا شرط أول الطريق..
"15"
يسمي كارل ماركس اشتراكيته: الاشتراكية العلمية .. في حين يسمي اشتراكية روبرت أوين: الاشتراكية المثالية.. و الناس يتحدثون، في الوقت الحاضر، عن العلمية بتأثر كبير برأى كارل ماركس عن اشتراكيته، ولكنهم غير دقيقين في هذه التسمية .. اشتراكية ماركس علمانية، و ليست علمية .. و كذلك كل ما يتحدث عنه الناس الآن، إنما هو علماني، وليس علميا .. الفرق بين العلمية، والعلمانية، أن العلمانية علم ناقص .. و تجيء العبارة عنه في القرآن: ((وعد الله ، لا يخلف الله وعده، و لكن اكثر الناس لا يعلمون * يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا، وهم، عن الآخرة، هم غافلون!!)) سماه، ونفي عنه، أنه علم .. قال ((لا يعلمون)) ثم قال ((يعلمون ظاهرا)) .. وهذا الظاهر إنما هو المادة كما تتبادر إلى حواسنا .. العلمانية تتعلق بالحياة الدنيا - الحياة السفلى - حياة الحيوان، وتغفل عن الحياة الأخرى .. الحياة العليا، وهي حياة الإنسان .. كارل ماركس ينكر الغيب، و ينكر الحياة الأخرى، وتتعلق اشتراكيته بالسعي في الحياة الدنيا، وفي، ظاهرها، و من ثم فهو علماني، و ليس عالما .. العالم هو الذي ينسق بين الحياة الدنيا، و الحياة الأخرى، على غرار العبارة النبوية: ((الدنيا مطية الآخرة)) .. العالم ذكي، والعلماني شاطر.. و الفرق بين الذكي والشاطر أن الذكي يملك ميزان القيمة، و يقيم الوزن بالقسط .. و الشاطر لا يملك هذا الميزان، فهو يخبط كحاطب ليل .. الذكي يعرف الوسائل و الغايات، و ينسق بينها، فلا يصرف، في سبيل الوسيلة، من الجهد، ما ينبغي أن يصرف في تحصيل الغاية .. والشاطر قد يفني حياته في سبيل الوسيلة، لأنه لا يملك التمييز الدقيق بين الوسائل، والغايات.. الدنيا وسيلة الآخرة، فيجب أن تنظم بذكاء، و بعلمية لتتأدى إلى الغاية المرجوة منها.. و لا يستطيع ذلك العلمانيون وإنما يستطيعه العلماء..

"16"
الحضارة الغربية الحاضرة بشقيها - الاشتراكي والرأسمالي - إنما هي حضارة مادية – قيمة الإنسان فيها مهدرة، وقيمة الحطام مرتفعة.. هي حضارة، و ليست مدنية.. هي حضارة التكنولوجيا الهائلة، والآلات الرهيبة، ولكن الإنسان فيها ليس سيد الآلة .. لقد نمت التكنولوجيا الثروة بصورة خيالية، و لكن، لغياب القيمة، لم يكن هناك عدل في توزيع الثروة، و إنما انحصـرت في أيدي القلة، وأصبح الفقر نصيب الكثرة، فذهل الغني، بالغنى، عن إنسانيته، كما شُغل الفقير، بالفقر، عن إنسانيته، فانهزم الإنسان، في هذه الحضارة المادية، الآلية الهائلة، المذهلة.. لقد وصلت هذه الحضارة إلى نهاية تطورها، ووقف طلائعها في نهاية الطريق المقفول - طريق المادية الخالية من الروحية.. ولابد للبشرية التي سارت في هذا الطريق العلماني حتى بلغت نهايته من أن تعود لتدخل من جديد، في الطريق العلمي ..
"17"
من الأمم الإسلامية أمم متقدمة، بمقاس الوقت الحاضر، فدخلت خلف طلائع الحضارة الغربية في هذا الطريق العلماني، و قطعت فيه شوطا، به اعتبرت متقدمة، في الوقت الحاضر.. و من الأمم الإسلامية أمم متخلفة، بمقاس الوقت الحاضر، فلم تصل حتى إلى مفترق الطريقين - الطريق العلمي والطريق العلماني - هي بذلك اعتبرت متخلفة .. أما نحن السودانيين، فإننا، بفضل الله علينا، نقف اليوم في مفترق الطريقين .. لقد دخل بعضنا في طريق الحضارة الغربية الحاضرة، تبعا لطلائـع هذه الحضارة، و لكنه لم يوغل، و لم يبعد عن مفترق الطريقين .. أما الشعب فانه بفضل الله علينا، وعلى الناس، يقف عند مفترق الطريقين، تماما، محتفظا بأصائل طبائعه التي قد قدها الله تعالى له من شريحة الدين.. أما نحن الجمهوريين، فبفضل الله علينا، و على الناس، قد امتد بصرنا حتى رأينا قافلة البشرية الحاضرة، و هي تقف حائرة، عند نهاية طريق العلمانية المسدود، وأصبح واضحا عندنا، أن علينا لأن ندخل بشعبنا طريق العلمية حتى نكون للبشرية - قل للإنسانية - طليعة جديدة .. طريق العلمية طريق مفتوح على الإطلاق، و سير الإنسانية فيه سير سرمدي .. فهو يحقق فيه، كل حين، قدرا من إنسانيته، ومن كرامته، ومن عزه، ومن كماله.. و ليست لكمال الإنسان نهاية، لأن نهايته عند الله ((وأن إلى ربك المنتهى)) ولا منتهى لكمال الله تبارك و تعالي.
"18"
إن العلمية لا تستغني عن العلمانية، وإنما تضعها في موضعها، و هو موضع الوسيلة من الغاية، على غرار ((لدنيا مطية الآخرة)) .. فمن استغنى بالدنيا عن الآخرة، فقد ضل ضلالا بعيدا .. ومن حاول أن يطلب الآخرة بدون الدنيا فقد ضل .. والقصد القويم هو أن تأخذ من دنياك زاد الراكب، إلى أخراك .. هذا هو المقصود بقولنا إن العلمية لا تستغني عن العلمانية .. الحضارة العلمانية، المادية الآلية، الحاضرة، حضارة عملاقة، و لكنها بلا روح، فهي تحتاج إلى مدنية جديدة تنفخ فيها هذا الروح، وتوجهها الوجهة الجديدة، التي تجعلها مطية للإنسان بها يحقق إنسانيته، وكماله.. وهذا ما علينا أن نقدمه نحن من الاسلام.. إن الطريق العلمي الجديد الذي على الشعب السوداني أن يدخله منذ اليوم، هاديه كتاب الأجيال - القرآن - و دليله محمد، النبي الأمي، الذي جسد القرآن، في اللحم و الدم .. فمعرفة الأكوان - العلمانية - ومعرفة الله - العلمية - يجب التنسيق بينهما بعلم، لان الأكوان إنما هي مطية الإنسان، في سيره إلى الله .. يقول تعالي: ((سنريهم آياتنا في الآفاق، و في أنفسهم، حتى يتبين لهم: أنه الحق.. أو لم يكف بربك ، انه على كل شيء شهيد؟؟)). ويقول: ((خلقت الأكوان للإنسان، وخلقت الإنسان لي)). و هذا هو معنى قوله تعالي: ((ما وسعني أرضي، ولا سمائي، وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن!!)).
"19"
علينا أن نعلم أنفسنا! و أن نعلم شعبنا، وأن نعيد تعليم المتعلمين منا، من جديد، فنخرجهم من الطريق العلماني، إلى الطريق العلمي.. إن علينا لأن ننشئ التربية، و التعليم .. فأما التربية فببعث سنة النبي فينا معاشة .. و هي معنى "العدل": العدل بين العبد و الرب، و العدل بين العبد ونفسه، والعدل بين العبد وأهله، والعدل بين العبد والناس، والعدل بين الناس.. و هذا كله وارد في الكتب الجمهورية – "طريق محمد" و "أدب السالك في طريق محمد" و"الرسالة الثانية من الإسلام" و"رسالة الصلاة" و"تعلموا كيف تصلون" الخ، الخ .. وسيكون مجال التربية التعليم الرسمي، في المدارس، والمنابر الحرة، في كل ميادين القرى، المدن، ومنابر المساجد، و منابر المدارس، والمعاهد، والجامعات، و كل مجاميع الشعب .. و أما التعليم الرسمي سيكون مجاله المدارس، و المعاهد، والجامعات، هو تعليم يقوم على العلم المادي التجريبي، حتى يتقن المواطن، والمواطنة، المقدرة على تصميم الآلة، وصنعها، واستعمالها، و صيانتها، لكي يكون نافعا لمجتمعه بتسخير العالم المادي لخدمته .. لقد قلنا إن العلم المادي، و العلم الروحي، قد اتفقا على وحدة الوجود، و ذلك يعني أن بيئتنا التي ظللنا نحاول التعرف عليها في الآماد السحيقة بوسيلة العلم المادي، والعلم الروحي، قد ظهرت لنا على حقيقتها، بفضل الله علينا، ثم بفضل هذين العلمين.. إن علينا لان نعيد توجيه برامج تعليمنا حتى يجد الفرد منا المقدرة على المواءمة بين حياته وبيئته هذه الجديدة، ولما كانت هذه البيئة الجديدة، إنما هي بيئة روحية، ذات مظهر مادي، كما سبق أن قررنا، أصبح على الحى أن يعلم مظهرها ومخبرها - خصائصها و كنهها - وهذا ما يوجب تعلم العلم المادي، التجريبي، والعلم الروحي، كليهما، لكي يتم تواؤم الحى مع بيئته هذه القديمة، الجديدة..
****
المفكر السوداني الراحل محمود محمد طه (كتاب ديباجة الدستور 1984)



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في السودان... انتهى الدرس يا غبي
- مقالات سودانية:(1) في ذكرى الحسين عليه السلام..
- ما على النظام وما على المعارضة وما على الشعب
- حتى تكتمل الصورة
- الحراك الشمالي السوداني:اقليم كوش
- السودان والامارات بين عصرين
- عودة الاخ دينق
- سيرة مدينة: جونقا وعودة التتار -الامريكيين-
- قصة امريكية
- السودان في جحر الضب الخرب
- ايام زمان...هل يرجعن ؟؟!!
- العنكبوت الحكيم
- اليمن ومقاربات حول القرار 2216
- الارهاب ونزعة التطهير في الانسان
- اصلاح الامم المتحدة
- الجندي الحافي...فصل من رواية
- ازمة الفدرالية المزمنة في السودان !!!
- السودان موسم الهجرة الى الديمقراطية
- إسرائيل والبنك الدولي وأساطير الأولين
- اليمن والخليج وسودانيو-ديمقراطية وست منستر-..!!


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عادل الامين - نظرية المعرفة في الفكرة الجمهورية السودانية